الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن اكتحل لم يفطر لأنه ليس بين العين والدماغ منفذ والدمع يترشح كالعرق والداخل من المسام لا ينافي
ــ
[البناية]
ومن التابعين الشعبي وعروة والقاسم وعطاء بن يسار وزيد بن أسلم وعكرمة وأبو العالية وإبراهيم النخعي، ومن الأئمة سفيان الثوري ومالك وأبو حنيفة والشافعي رحمه الله. وقال ابن عبد البر: الأحاديث متدافعة متناقضة في إفساد صوم من احتجم فأقل أحوالها أن يسقط الاحتجاج بها، والأصل بأن الصائم لا يقضي فإنه قال وصح النسخ فيها.
قلت: لأن قوله صلى الله عليه وسلم «أفطر الحاجم والمحجوم» كان في ثمان عشرة من رمضان عام الفتح، والفتح كان في السنة الثامنة واحتجامه صلى الله عليه وسلم كان في السنة العاشرة ذكره جماعة.
[اكتحال الصائم]
م: (وإن اكتحل لم يفطر) ش: هذا على إطلاقه قول عطاء والحسن وإبراهيم النخعي والأوزاعي والشافعي وأبي ثور ومذهب أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهم، وإن لم يصل إلى جوفه لم يبطل بلا خلاف، وإن وصل [....] أو طاهراً يفسد صومه عند مالك وأحمد وهو قول ابن أبي ليلى وسليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة وإسحاق.
وفي " شرح مختصر الطحاوي " لا بأس بالكحل سواء وجد طعمه أو لم يوجد، وكذا في " المحيط " كما لو أخذ حنطة في فيه فوجد مرارته في حلقه، أو ماء فوجد عذوبته أو ندواته في حلقه، وكذا لو صب لبناً في عينه أو دواء فوجد طعمه أو مرارته في حلقه لا يفسد صومه، ولو بزق بعد الاكتحال فوجد الكحل من حيث اللون، قيل يفسده ذكره في " جوامع الفقه " م:(لأنه ليس بين العين والدماغ منفذ) ش: فما وجد في حلقه من طعمه إنما [هو] أثره لا عينه.
وقال الأترازي رحمه الله: وليس بين العين والجوف منفذ فلا يصل من الكحل من العين إلى الجوف، وإنما وصل إليه أثر الكحل وهو الطعم، فقد وصل إليه من المسام فلا يعتد به كما لو اغتسل بالماء البارد فوجد برودته في الباطن، انتهى.
قلت: هذا الكلام غير سديد، والصواب ما قاله المصنف ليس بين العين والدماغ منفذ، وذكر الجوف ليس له صحة على ما لا يخفى، وقوله أيضاً، وإنما وصل إليه أثر الكحل وهو المفطر غير صحيح، والطعم الذي هو أثر الكحل كيف يوجد في الجوف ولا يوجد إلا في الحلق ينفذ إليه من الدماغ.
م: (والدمع يترشح كالعرق) ش: جواب عن سؤال مقدر، وهو أن يقال لو لم يكن بين العين والدماغ منفذ لما خرج الدمع، فأجاب بقوله والدمع يترشح أي ينزل من الدماغ شيئاً فشيئاً كما يترشح العرق من مسام الجلد م:(والداخل [من] المسام لا ينافي) ش: هو من جملة الجواب.
قال الكاكي: المسام المنافذ مأخوذ من سم الإبرة، وإن لم يسمع إلا من الأطباء.
كما لو اغتسل بالماء البارد
ــ
[البناية]
قلت: ذكره الأزهري، والمراد به مسام العرق، لأن المنافذ التي هي المخارق المعتادة م:(كما لو اغتسل بالماء البارد) ش: ذكر هذا نظير المناسبة، فإنه لا ينافي الصوم مع أنه يجد برودة الماء في باطنه.
فإن قيل هذا تعليل في مقابلة النص وهو باطل، وذلك لما روى معبد بن هودة الأنصاري «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عليكم بالإثمد المروح وقت النوم وليتقه الصائم» أجيب بأن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إلى الصوم يوم عاشوراء والاكتحال فيه، وقد أجمعت الأئمة على الاكتحال يوم عاشوراء فهو راجح على الأول، انتهى.
قلت: هذا الحديث رواه أبو داود من رواية عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هودة عن أبيه عن جده «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال ليتقه الصائم» ورواه البخاري في " تاريخه ".
1 -
وقال قال أبو نعيم «حدثنا عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري عن أبيه عن جده وكان أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه وقال لا تكتحل وأنت صائم، اكتحل ليلاً، الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر» انتهى.
[قلت] : الإثمد بكسرة الهمزة بالفارسية ترمذ، وذكره الجوهري في باب ثمد فدل على [أن] الألف فيه زائدة، وقال الإثمد: حجر يكتحل بها. المروح بضم الميم وفتح الراء وتشديد الواو المفتوحة وبالحاء المهملة أي المطيب بالمسك كأنه جعل الرائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة. وقال الأكمل قد اجتمعت الأمة على الاكتحال يوم عاشوراء فيه نظر يحتاج إلى الدليل على هذا.
وإيراده السؤال بحديث معبد غير موجه لأن يحيى بن معين قال حديث معبد منكر لا يحتج به، وعبد الرحمن ضعيف، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يقول الأكمل هذا تعليل في مقابلة النص، وهو باطل، ثم يجيب بقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إلى الصوم يوم عاشوراء، والاكتحال فيه، ومع هذا لم يبين كيف ندب ومتى ندب.
فإن قال ندب في حديث حميد، قلنا قد سمعت حال هذا الحديث، وإن قال روى البيهقي في " شعب الإيمان " من رواية حسين بن بشر عن محمد بن الصلت عن جرير عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اكحتل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبداً» قال: قال البيهقي رحمه الله بعد أن رواه إسناده ضعيف، وجرير ضعيف والضحاك لم يلق ابن عباس. وقال الأترازي في معرض الاستدلال بأن الاكتحال لم يفطر.
ولنا ما روى أبو بكر الجصاص الرازي في " شرحه لمختصر الطحاوي " عن عبد الباقي بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
قانع عن عبد الرحمن بن أحمد عن محمد بن سليمان عن حبان بن علي عن محمد بن عبد الله ابن أبي رافع عن أبيه عن جده «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكحتل بالإثمد وهو صائم» . وقال الشيخ أبو الحسين القدوري في " شرح مختصر الكرخي ".
قلت: الذي يتصدى لشرح كتاب يذكر فيه أحاديث في معرض الاستدلال ينبغي أن لا يكتفي بهذا المقدار، لأن الخصم لا يرضى به.
أما حديث أبي رافع فقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " بإسناده نحوه وهو حديث منكر. قال البخاري: محمد بن عبد الله منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء.
وأما حديث ابن مسعود الذي ذكره فليس بصحيح من وجهين، أحدهما أن الحديث ليس لابن مسعود وإنما هو لابن عمر رواه ابن عدي في " الكامل "، قال أخبرنا أبو يعلى قال أنا عمار بن ياسر قال حدثنا سعيد بن زيد هو أخو حماد بن زيد حدثنا عمرو بن خالد القرشي عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر، وعن محمد بن علي عن ابن عمر قال «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت حفصة وقد اكتحل بالإثمد في رمضان» .
وقال ابن عدي هذه الأحاديث التي يرويها عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت ليست [هي] المحفوظة، ولا يرويها غيره أو هو المفهم فيها. وقال شيخنا زين الدين عمرو بن خالد الهمداني الواسطي، وقال أبو طاهر: وقوله القرشي (بدليله) كيلا يعرض لأنه كذاب. الثاني من الوجهين إنه حديث لا يحتج به.
فإن قلت: هذا روي عن علي بن أبي طالب أيضاً، رواه الحارث بن أبي أسامة، قال: حدثنا أبو زكريا حدثنا سعيد بن زيد، عن عمرو بن خالد، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، «عن علي بن أبي طالب، وعن حبيب بن ثابت، عن نافع عن ابن عمر قال انتظرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في رمضان، فخرج من بيت أم سلمة رضي الله عنها كحلته وملأت عينيه كحلاً» انتهى.
قلت: قد وقفت على حال عمرو بن خالد، وقال شيخنا زين الدين وهذان الحديثان ليسا صريحين في الكحل للصائم، إنما ذكر فيهما رمضان فقط، ولعله كان في رمضان.
فإن قلت: روى ابن الجوزي في كتاب " فضائل الشهور " من رواية شريح بن يونس عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل فيه صيام