الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولا يتكلم إلا بخير، ويكره له الصمت؛ لأن صوم الصمت ليس بقربة في شريعتنا لكنه يتجانب ما يكون مأثما.
ويحرم على المعتكف الوطء؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187][البقرة: الآية 187]
ــ
[البناية]
الكبير ": لا بأس أن يقص في المسجد، لأن القصص وعظ وتذكير. وقال النووي: ما قاله الشافعي محمول على الأحاديث المشهورة والمغازي والرقائق مما ليس فيه وضع ولا ما تحمله عقول العوام ولا ما يذكره أهل التواريخ والقصص من قصص الأنبياء - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وحكاياتهم أن بعض الأنبياء جرى له كذا من فتنة أو نحوها، فإن كل هذا يمنع منه انتهى.
قلت: يمنع من ذلك من كان غير معتكف، ويمنع الطرقية الذين يعملون المواعيد في المساجد ويوردون الأحاديث الموضوعة والأخبار التي ليست لها صحة، وفي " جوامع الفقه ": يكره التعليم فيه بأجر، وكذا كتابة المصحف بأجر والخياطة، وقيل: إن كان الخياط يحفظ المسجد فلا بأس بأن يخيط فيه ولا يستطرقه إلا لعذر، ويكره على سطحه ما يكره فيه.
م: (ويكره له الصمت) ش: أي ترك التحدث مع الناس، قال الإمام حميد الدين الضرير: إنما يكره الصمت إذا اعتقده قربة، أما إذا لم يعتقده قربة فلا يكره لقوله عليه الصلاة والسلام:«من صمت نجا» رواه عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما وقال الكاكي: قيل معنى الصمت النذر بأن لا يتكلم أصلا كما كان في شريعة من قبلنا وقيل: أن يسكت ولا يتكلم أصلا، قاله الإمام بدر الدين خواهر زاده.
م: (لأن صوم الصمت ليس بقربة في شريعتنا) ش: قالوا: إن صوم الصمت من فعل المجوس وروى أبو حنيفة عن أبي هريرة رضي الله عنه «أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن صوم الوصال وصوم الصمت» وعن ابن عباس رضي الله عنه «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر رجلاً نذر أن يقوم في الشمس ولا يتكلم ولا يستظل ويصوم، أن يجلس ويستظل ويتكلم» رواه البخاري. وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل» . رواه أبو داود، وفي " المغني ": الصمت عن الكلام ليس من شريعة الإسلام، وأجازه أبو ثور وابن المنذر.
م: (لكنه يتجانب ما يكون مأثما) ش: متصل بقوله: يكره له الصمت، يعني يتحدث بما شاء بعد أن لا يكون في كلامه مأثم، والمأثم بمعنى الإثم.
[ما يحرم على المعتكف]
م: (ويحرم على المعتكف الوطء؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] [البقرة: الآية 187] ) ش: قيل: كيف [.....] للمعتكف الوطء، أجيب بأنه يجوز له الخروج للحاجة، فعند ذلك أيضاً يحرم الوطء عليه لما أن اسم المعتكف لا يزول عنه بذلك الخروج، وفي " شرح النازلات " كانوا يخرجون ويقضون حاجتهم في الجماع ثم يغتسلون فيرجعون إلى
وكذا اللمس، والقبلة، لأنه من دواعيه، فيحرم عليه؛ إذ هو محظوره كما في الإحرام بخلاف الصوم، لأن الكف ركنه لا محظوره، فلم يتعد إلى دواعيه.
ــ
[البناية]
معتكفهم فنزل {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ} [البقرة: 187] .... الآية وسواء كان الوطء بالليل أو بالنهار عامداً كان أو ناسيا، وبه قال مالك وأحمد وسواء كان في المسجد أو خارجه.
وعند الشافعي رضي الله عنه: إن كان ناسياً لاعتكافه أو جاهلاً بتحريمه لم تبطل على المذهب، وبه قال داود، ونقل المزني عن الشافعي أن الاعتكاف لا يفسده الوطء؛ إلا ما يوجب الحد، وقال إمام الحرمين: يقتضي هذا أن لا يفسد بالوطء في الدبر ووطء البهيمة إذ لم يوجب فيهما الحدود، وعلى إمام الحرمين فقال النووي: المذهب المشهور أن الاعتكاف يفسد بكل وطء سواء فيه المرأة أو البهيمة أو اللواط وغيره.
م: (وكذا اللمس والقبلة) ش: أي وكذا يحرم لمس زوجته وقبلته إياها، وفي بعض النسخ ويكره له المس. وقال الشافعي رضي الله عنه: إذا كان اللمس بغير شهوة لا يمنع.
وفي " خزانة الأكمل ": اللمس والقبلة إن كان معهما إنزال يفسد اعتكافه، وبدون الإنزال لا يفسد، وإن نظر فأنزل أو تفكر فأنزل أو احتلم لا يفسد. وفي " المحيط " و " البدائع " و " التحفة " و " المنافع " قالوا: يحرم عليه اللمس والقبلة إن كان معهما إنزال، ولم يشترطوا فيهما الشهوة، وفي العبد إن نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى لا يفسد بل يغتسل ويعود إلى معتكفه.
وفي المرغيناني: يكره للمعتكف المباشرة الفاحشة، وإن أمن على نفسه. ولا يكره للصائم إذا أمن، وهذا يدل على أن اللمس من غير شهوة لا يحرم على المعتكف، وإن أطلقوا الحرمة في الكتب المشهورة، وعن ابن سماعة أنه ذكر عن بعض أصحابنا أن جماع الناسي لا يفسد الاعتكاف، لأنه فرع الصوم.
م: (لأنه) ش: أي لأن في اللمس والقبلة م: (من دواعيه) ش: أي من دواعي الوطء م: (فيحرم عليه إذ هو محظوره) ش: أي إذ الوطء محظور الاعتكاف م: (كما في الإحرام) ش: أي كما هو محظور في حالة الإحرام، والحظر في اللغة المنع، وكثيراً ما يراد به الحرام، يقال حظرت الشيء إذا حرمته م:(بخلاف الصوم) ش: جواب عن سؤال مقدر بأن يقال: الجماع يفسد الصوم، كما أنه يفسد الاعتكاف فأجاب بقوله - بخلاف الصوم -.
م: (لأن الكف) ش: أي عن الجماع م: (ركنه) ش: أي ركن الصوم م: (لا محظوره، فلم يتعد إلى دواعيه) ش: أي فلم يتعد حكم الحرمة من الوطء إلى دواعي الوطء، تقدير هذا الموضع أن الجماع محظور في الاعتكاف بالنص، بخلاف الصوم، فإن التقبيل واللمس لا يحرم بالصوم، لأن الجماع ليس بحرام في الصوم، لكن الكف عن الجماع ركن فيه، وحرمة الجماع
فإن جامع ليلا، أو نهارا عامدا، أو ناسيا بطل اعتكافه لأن الليل محل الاعتكاف بخلاف الصوم، وحالة العاكفين مذكرة فلا يعذر بالنسيان. ولو جامع فيما دون الفرج فأنزل، أو قبل، أو لمس فأنزل بطل اعتكافه؛ لأنه في معنى الجماع حتى يفسد به الصوم
ــ
[البناية]
إنما ثبت لفوات الركن ضرورة وجوب الكف، فلم تتعد الحرمة إلى دواعيه إلا إذا خاف الوقوع في الجماع، وفي " الأم " اعتكاف الركن هو اللبث لا الكف عن الجماع فكان الجماع من محظورات اللبث، بدليل أن الحرمة تثبت النهي.
بقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187][البقرة: 187]، وموجب النهي الحرمة أي دواعيه لأنه من توابع المحظورات كما في الإحرام. م:(فإن جامع) ش: أي المعتكف م: (ليلا، أو نهارا) ش: أي في الليل أو النهار حالة كونه م: (عامدا) ش: أي قاصداً م: (أو ناسيا) ش: أي أو جامع حال كونه ناسياً م: (بطل اعتكافه) ش: وبه قال مالك وأحمد، وسواء فيه أنزل أو لم ينزل. وقال الشافعي رضي الله عنه: إذا جامع ناسياً لا يبطل اعتكافه، روى ابن سماعة عن أصحابنا مثله.
م: (لأن الليل محل الاعتكاف بخلاف الصوم) ش: أراد بهذا بيان أن كل ما كان من محظورات الاعتكاف لا يختلف فيه حكم السهو والعمد، والليل والنهار، ولهذا إذا جامع يفسد اعتكافه سواء جامع ليلاً أو نهاراً أو ناسيا، ولكل ما كان من محظورات الصوم مختلف فيه حكم السهو والعمد، والليل والنهار، ولهذا إذا أكل أو شرب ليلاً عامدا أو ناسيا لا يضره، ولو أكل في النهار ناسيا لا يضره، وكذا لو جامع في النهار ناسيا لا يفسد صومه، وإن أفسد الاعتكاف، ولو أكل في النهار عامدا يفسد الاعتكاف بفساد صومه.
م: (وحالة العاكفين مذكرة فلا يعذر بالنسيان) ش: أشار بهذا الكلام إلى الفرق بين الصوم والاعتكاف، وهو أن المعتكف اقترن به ما يذكره وهو حالة العكوف فلا ينسى بالنسيان عادة، ولا يعذر بالنسيان، والصائم لم تقترن به حالة تذكره فيعذر بالنسيان، وهو أيضاً جواب عن سؤال مقدر، يقال: الاعتكاف فرع على الصوم، والفرع ملحق بالأصل في حكمه فلو جامع ناسياً في رمضان لم يفسد الصوم، فكيف يفسد الاعتكاف، فأجاب بقوله: وحالة العاكفين مذكرة.
م: (ولو جامع) ش: أي المعتكف م: (فيما دون الفرج) ش: مثل البطن والفخذ م: (فأنزل، أو قبل، أو لمس فأنزل بطل اعتكافه؛ لأنه في معنى الجماع حتى يفسد به الصوم) ش: لأنه إنزال بمباشرة فصار كالإنزال بالوطء من حيث قضاء الشهوة، وللشافعي فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه لا يفسد اعتكافه وإن أنزل، كما لا يفسد الإحرام بها وإن أنزل، فإنهما متقاربان في المعنى؛ لأن كل واحد منهما يدوم الليل، والنهار.