الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه يستطيع بغيره، فأشبه المستطيع بالراحلة، وعن محمد رحمه الله أنه لا يجب لأنه غير قادر على الأداء بنفسه، بخلاف الأعمى لأنه لو هدي يؤدي بنفسه فأشبه الضال عنه،
ولا بد من القدرة على الزاد والراحلة، وهو قدر ما يكتري به شق محمل، أو رأس زاملة، وقدر النفقة ذاهبا وجائيا؛ «لأنه عليه الصلاة والسلام سئل عن السبيل إليه، فقال: الزاد والراحلة» .
ــ
[البناية]
محبوساً آيساً من الخلاص، وتجب في أموالهم دون أبدانهم.
وفي الوبري: لو أحج صاحب العلة غيره ثم زالت يقع تطوعاً، وإن أحج غيره ثم عجز، ومات، لا يجزئه عن حجة الإسلام، ولو حج الفقير [.....] ماشياً سقط عنه حجة الإسلام، حتى لو استغنى بعد ذلك لا يلزمه ثانيا، ولو أحج غيره لا يسقط عنه، وعند الشافعي رضي الله عنه لا يجوز، وعن أحمد روايتان.
م: (لأنه يستطيع بغيره، فأشبه المستطيع بالراحلة) ش: أي لأن المقعد يستطيع أن يؤدي أفعال الحج، بأن يحمله شخص فيؤدي المناسك به، فيصير حينئذ كالمستطيع بالراحلة.
م: (وعن محمد رحمه الله أنه لا يجب لأنه غير قادر على الأداء بنفسه، بخلاف الأعمى لأنه) ش: أي لأن الأعمى م: (لو هدي) ش: على صيغة المجهول، أي لو أرشد م:(يؤدي بنفسه فأشبه الضال عنه) ش: أي فأشبه الأعمى الضال، أي التائه عن الطريق والتهدي إلى المشاعر والمواقيت والمطاف، فإنه يجب الحج عليه؛ لأنه قادر لسلامته لكنه يحتاج إلى مرشد، وكذلك الأعمى حاصله لا يسقط عنه، كما لا يسقط عن الضال.
[الاستطاعة من شروط وجوب الحج]
[ما تتحقق به الاستطاعة في الحج]
م: (ولا بد من القدرة على الزاد والراحلة) ش: هذا شرح قوله في أول الكتاب إذا قدر على الزاد والراحلة، ثم فسر الزاد، والراحلة بقوله: م: (وهو قدر ما يكتري به شق محمل) ش: بفتح الميم الأولى، وكسر الثانية، أي جانبيه؛ لأن له جانبين، ويكفي للراكب أحد جانبيه م:(أو رأس زاملة) ش: الزاملة البعير الذي يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه، ومن زمل الشيء إذا حمله، يقال لها: بالفارسية - شبد ماري -.
م: (وقدر النفقة) ش: أي ولا بد من قدر النفقة حال كونه م: (ذاهبا وجائيا) ش: يعني ذاهباً إلى مكة وجائياً إلى وطنه حال كونه م: (راكباً) ش: وفي " شرح الطحاوي "، و " روضة الناطفي "، وذاهبا وجائياً وراكباً لا ماشيا بنفقة وسط بلا إسراف ولا تقتير م:(لأنه عليه الصلاة والسلام) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم م: «سئل عن السبيل إليه، فقال: الزاد والراحلة» ش: هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن ابن عمر رضي الله عنهما، روى
وإن أمكنه أن يكتري عقبة فلا شيء عليه، لأنهما إذا كانا يتعاقبان لم توجد الراحلة في جميع السفر. ويشترط أن يكون فاضلا عن المسكن.
ــ
[البناية]
حديثه الترمذي، وابن ماجه عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي عن ابن عمر قال:«قام رجل فقال: يا رسول الله من الحاج، فقال: " الشعث التفل "، فقام آخر: فقال: أي الحج أفضل؟ فقال: " العج والثج " فقام آخر فقال: ما السبيل يا رسول الله؟. قال: " الزاد والراحلة» ، قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه انتهى.
قال في " الإمام ": وقال النسائي: متروك، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة: ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك الحديث، وعن ابن عباس رضي الله عنهما روى حديثه ابن ماجه من حديث عكرمة عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «الزاد والراحلة، يعني قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [البقرة: 97] » .
وأخرجه الدارقطني من طريق أخرى عن ابن عباس قال: «قيل: يا رسول الله الحج كل عام؟ قال: " لا " قيل: فما السبيل إليه؟ قال: " الزاد والراحلة» وعن أنس روى حديثه الحاكم في " مستدركه " عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس «في قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [البقرة: 97] (آل عمران: 97) ، قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال: " الزاد والراحلة» قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وعن عائشة رضي الله عنها روى حديثها الدارقطني، قالت: «سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [البقرة: 97]
…
الآية، قال: " السبيل: الزاد والراحلة» .
وعن جابر روى حديثه الدارقطني أيضاً، من حديث عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله بلفظ حديث عائشة رضي الله عنهم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه روى حديثه الدارقطني أيضاً من رواية إبراهيم عن حماد بن أبي سليمان، قال: إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود بنحوه، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص بنحوه.
م: (وإن أمكنه أن يكتري عقبة فلا شيء عليه) ش: أي إن أمكن من يريد الحج أن يكتري عقبة، أي ركوبة، وأكثر العقبة أن يكتري رجلان بعيراً واحداً يتعاقبان عليه في الركوب يركب كل واحد مرحلة ويمشي مرحلة، قوله: فلا شيء عليه، أي فلا حج عليه.
م: (لأنهما) ش: أي لأن الرجلين اللذين يريدان الحج م: (إذا كانا يتعاقبان لم توجد الراحلة في جميع السفر) ش: والشرط أن تكون الراحلة في جميع السفر م: (ويشترط أن يكون فاضلا عن المسكن) ش: هذا بيان لقوله في أول الكتاب: إذا قدروا على الزاد والراحلة، فاضلاً عن المسكن، أي يشترط أن يكون ما قدروا به من الزاد والراحلة فاضلاً عن مسكنه الذي يسكن فيه.
وعما لا بد منه كالخادم، وأثاث البيت، وثيابه؛ لأن هذه الأشياء مشغولة بالحاجة الأصلية، ويشترط أن يكون فاضلا عن نفقة عياله إلى حين عوده
ــ
[البناية]
وقال الأكمل: وهو هناك منصوب على الحال من الزاد والراحلة، انتهى.
قلت: أخذ الأكمل هذا من كلام صاحب " النهاية "، ولكن ما كمل كلامه، فإنه قال هناك في أول الكلام: فاضلاً عن المسكن حال من الزاد والراحلة سواء، وكان حقه أن يقال: فاضلين لكن أفرده على تأويل كل واحد منهما، انتهى. قلت: الأحسن أن يكون فاضلاً هناك منصوباً على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره إذا قدروا على الزاد والراحلة أن يكون بطريق الملك أو الاستئجار على وجه يفضل قدر ذلك الملك، والاستئجار عن حاجته الأصلية، فإن المال المشغول بالحاجة الأصلية في حكم العدم، فلا يكون به مستطيعاً.
وفي " التحفة ": وهذا إذا قدر عليهما، أي على الزاد، والراحلة بطريق الملك لا بطريق الإباحة والعارية، سواء كانت الإباحة من جهته لا منة له، كالوالدين، والمولودين، أو من جهة المنة كالأجانب، وبه قال أحمد، وقال الشافعي رضي الله عنه إن كانت من جهة لا منة له يجب عليه، وإن كان من جهة الأجنبي فله فيه قولان، أما لو وهبه إنسان مالاً ليحج به لا يجب عليه القبول عندنا، وبه قال أحمد والشافعي فيه قولان في " الإيضاح ": ذكر ابن شجاع إذا كان له داراً لا يسكنها، وعبد لا يستخدمه، وما أشبه ذلك يجب عليه أن يبيعه ويحج به ويحرم عليه الزكاة إذا بلغ نصاباً، انتهى.
قلت: فكذلك قيد بقوله: فاضلاً عن المسكن.
م: (وعما لا بد منه) ش: أي يشترط أيضاً أن يكون الزاد والراحلة فاضلتين عما لا بد منه م: (كالخادم، وأثاث البيت) ش: قال الجوهري: الأثاث متاع البيت كالفرش والبسط وآلات الطبخ ونحو ذلك م: (وثيابه) ش: أي الثياب التي يلبسها هو م: (لأن هذه الأشياء مشغولة بالحاجة الأصلية) ش: والمشغول بالحاجة الأصلية في حكم العدم، وذكر في " فتاوى قاضي خان " فاضلاً عن فرسه وسلاحه، وقال بعض العلماء: إن كان الرجل تاجراً يملك ما لو وقع منه الزاد والراحلة لذهابه وإيابه ونفقة أولاده وعياله من وقت خروجه إلى وقت رجوعه ويبقى بعد رجوعه رأس مال التجارة التي كان يتجر بها كان عليه الحج وإلا فلا.
وإن كان حراثاً يملك ما يكفي الزاد والراحلة وتبقى له آلات الحراثين من البقر ونحو ذلك كان عليه الحج، وإلا فلا، هذا كله إذا كان آفاقياً، وأما إن كان مكياً، أو ساكناً بقرب مكة كان عليه الحج، وإن كان فقيرا لا يملك الزاد، والراحلة.
م: (ويشترط أن يكون فاضلا عن نفقة عياله) ش: هذا أيضاً بيان لقوله في أول الكتاب، وعن نفقة عياله م:(إلى حين عوده) ش: العيال جمع عيل، كجياد وجيد، كذا في " المغرب "، وذكره
لأن النفقة حق مستحق للمرأة. وحق العبد مقدم على حق الشرع بأمره. وليس من شرط الوجوب على أهل مكة ومن حولهم الراحلة؛ لأنهم لا تلحقهم مشقة زائدة في الأداء فأشبه السعي إلى الجمعة، ولا بد من أمن الطريق؛ لأن الاستطاعة لا تثبت دونه. ثم قيل: هو شرط الوجوب
ــ
[البناية]
في باب الواو، فيدل على أنه أجوف واوي، يقال: عيال عال عياله عالهم وأنفق عليهم، وعيال الرجل من عليه نفقته، ولكن قول المصنف رحمه الله فاضلاً عن نفقة عياله، ثم تعليله بقوله م:(لأن النفقة حق مستحق للمرأة) ش: يدل على أن المراد من عياله هو امرأته.
وأيضاً قال: م: (وحق العبد مقدم على حق الشرع بأمره) ش: يدل على ذلك، ولكن ليس المراد من العيال المرأة وحدها، وقد قال قاضي خان رحمه الله: فاضلاً عن نفقة عياله، وأولاده الصغار، وإنما كان حق المرأة مقدما على حق الشرع يعني على حق الله تعالى في أحكام الدنيا لحاجة العبد، وغنى الله عز وجل قوله: بأمره، أي بأمر الشرع، والباء تتعلق بقوله: مقدم ولم يقدر النفقة بمدة معلومة؛ لأن مدة السفر تختلف باختلاف المواضع فقدروا ذلك مطلقاً قدر مضيه وعوده.
وقال الكاكي: ثم قدر النفقة مرة شهراً، ومرة سنة على حسب اختلاف المسافة، وعن أبي يوسف: ونفقة شهر بعد عوده، قال المرغيناني: ليستريح شهراً عن التكسب، وفي " المحيط ": عن أبي عبد الله، ونفقة يوم بعد رجوعه إلى وطنه؛ لأنه يتعذر عليه التكسب في يوم قدومه، وقال الكرماني رحمه الله: ويحسب نفقة الحقارة.
م: (وليس من شرط الوجوب على أهل مكة ومن حولهم الراحلة؛ لأنهم) ش: أي لأن أهل مكة، وأهل من كانوا حولها م:(لا تلحقهم مشقة زائدة في الأداء فأشبه السعي إلى الجمعة) ش: في عدم اشتراط الراحلة م: (ولا بد من أمن الطريق؛ لأن الاستطاعة لا تثبت دونه) ش: هذا بيان قوله في صدر الكتاب، إذا كان الطريق آمناً، والمراد من أمن الطريق أن يكون الغالب فيه السلامة، ولو كان بينه وبين مكة بحر يلزمه الحج عندنا، ولا يلزمه عند أبي يوسف، والشافعي رضي الله عنه.
وقال عامة أصحابنا: لا يلزمه ذكره في قاضي خان وغيره، وقيل: إن كان التجارة هو الغالب يجب، وبه قال أحمد، وإسحاق، والإصطخري من أصحاب الشافعي رضي الله عنه: والصحيح أنه لا يجب بكل حال، وبه قال بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه؛ لأن كل أحد لا يقدر على ركوب البحر والفرات والدجلة، وسيحون، وجيحون أنهار، وليست ببحار، وقال بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه إن كان الرجل ممن يعتاد ركوب البحر كالملاحين وأهل الجزائر لا يمنع الوجوب، وإلا يمنع لصعوبته عليه، وفي " الحلية ": نص في " الأم " أن البحر مانع من الوجوب.
م: (ثم قيل: هو) ش: أي الأمن م: (شرط الوجوب) ش: عند البعض، وهو رواية أبي شجاع
حتى لا يجب عليه الإيصاء، وهو مروي عن أبي حنيفة رحمه الله. وقيل: هو شرط الأداء دون الوجوب، لأن النبي عليه الصلاة والسلام فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة لا غير.
ــ
[البناية]
عن أبي حنيفة أنه شرط الوجوب عند البعض، وهو رواية. وقال الشافعي، والكرخي، وأبو حفص الكبير من أصحابنا م:(حتى لا يجب عليه الإيصاء، وهو مروي عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: هذا ثمرة هذا القول، يعني لما كان أمن الطريق شرط الوجوب لا تجب عليه الوصية بالحج؛ لأنه لم يجب عليه الحج لعدم الشرط وهو الأمن.
م: (وقيل: هو) ش: أي أمن الطريق م: (شرط الأداء دون الوجوب) ش: وبه قال أحمد، وهو الصحيح م:(لأنه عليه الصلاة والسلام فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة لا غير) ش: يعني لمن يذكر أمن الطريق، فلو كان شرطاً لبينه؛ لأن تأخير البيان عن الحاجة لا يجوز. وفي " الإيضاح ": ثم الفرق بين الزاد والراحلة يتحقق، فإذا عدما لم يثبت الاستطاعة، وأما خوف الطريق فيعجزه عن الأداء بمانع ومعارض، فلا تنعدم الاستطاعة به، واعتبر هذا بالمحبوس، فإن المقيد الممنوع عن الشيء لا يكون نظير المريض لا يقدر وعلى هذا القول يجب عليه الإيصاء.
وفي " القنية " و " المجتبى ": قال الوبري: للقادر على الحج أن يمتنع من المكس الذي يؤخذ من القافلة، وبه قال الشافعي ومالك، إن كان يسيراً لزمه، وكذلك لو كان في الطريق خفارة، وقال غير الوبري: يجب الحج، وإن علم أنه يأخذ منه المكس. قال " صاحب القنية "، و " المجتبى ": وعليه الاعتماد، وفي " منية المفتي ": لو قتل بعض الحاج فهو عذر في تركه، وقال نجم الأئمة الحليمي، وأبو الليث: إن كان الغالب في الطريق السلامة تجب، وإن كان خلاف ذلك لا يجب عليه الاعتماد، ذكره في " القنية "، وفي " مناسك الكرماني " رحمه الله: إن كان الغالب الانهزام، والخوف، وقطع الطريق لا يجب.
وفي " البدائع " إن كان بينه وبين مكة بحر حاجز، ولا سفينة ثمة، أو عدو حائل لا يجب. وفي " شرح المهذب " للنووي: شرط الأمن في ثلاثة أشياء، النفس، والمال، والصبغ في حق النساء، ولا يشترط أن يكون كأمن الحضر، بل يشترط أمن يليق بالبادية، ويكره بذل المال للمرصدين في المراصد، ولا يجب الحج مع ذلك، وإن استأجروا من يحضرهم في الطريق وجهان في وجوب الحج.
ويخرج للحج بغير إذن والديه إذا كان الطريق آمناً، وفي ركوب البحر لا يخرج إلا بإذنهما، وبإذن أحدهما لا يخرج، وإذا كانا كافرين، أو أحدهما مسلم وكرها خروجه، أو الكافر منهما إن لم يخف الضياع عليه، فإن خافه لا يخرج، وعند عدم الأبوين: الإذن إلى الجدين من قبل أبويه، والجدة من قبل أمه. وسئل الكرخي عمن وجب عليه الحج إلا أنه لا يخرج إلا أن القرامطة تدل على الناس بالبادية، فقال: ما سلمت البادية عن أحد، يعني أن ذلك