المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والفرق بينه وبين الصلاة على أصلهما أن باب الحج أوسع - البناية شرح الهداية - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌[تعريف الصوم]

- ‌ صوم رمضان

- ‌[سبب فرضية شهر رمضان]

- ‌فصلفي رؤية الهلال

- ‌[صوم يوم الشك وحكم من رأى هلال رمضان وحده]

- ‌[الحكم لو كان بالسماء علة وشهد برؤية الهلال واحد]

- ‌[تعريف الصوم ووقته]

- ‌[الطهارة عن الحيض والنفاس من شروط الصوم]

- ‌باب ما يوجب القضاء والكفارة

- ‌[الحكم لو أكل الصائم أو شرب أو جامع ناسياً]

- ‌[احتلام الصائم]

- ‌[ما لا يفطر الصائم]

- ‌[دهن الشعر أو الشارب في الصيام]

- ‌[اكتحال الصائم]

- ‌[التقبيل والمباشرة للصائم]

- ‌[ابتلاع الصائم الشيء اليسير]

- ‌[حكم القيء بالنسبة للصائم]

- ‌[جماع الصائم عامدا]

- ‌[كفارة المفطر عمدا بجماع أو غيره]

- ‌[صفة كفارة المفطر عمدا في رمضان]

- ‌[الحقنة والقطرة للصائم]

- ‌[ذوق الطعام ومضغ العلك للصائم]

- ‌[الاكتحال والسواك للصائم]

- ‌[السواك للصائم]

- ‌[فصل أحكام المريض والمسافر في الصيام] [

- ‌المفاضلة بين صوم المريض والمسافر وفطرهما]

- ‌[موت المسافر والمريض المفطران في رمضان]

- ‌[حكم الشيخ الفاني في رمضان]

- ‌[حكم من مات وعليه قضاء رمضان فأوصى به]

- ‌[الحكم فيمن دخل في صوم التطوع أو صلاة التطوع ثم أفسده]

- ‌[الحكم لو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في نهار رمضان]

- ‌[أحكام المغمى عليه والمجنون في رمضان]

- ‌[الحكم لو أفاق المجنون في بعض رمضان]

- ‌[حكم اشتراط النية في صوم رمضان]

- ‌[حكم أصبح غير ناو للصوم فأكل]

- ‌[حكم من شك في طلوع الفجر أو غروب الشمس فأكل]

- ‌[فصل فيما يوجبه على نفسه من الصيام] [

- ‌حكم نذر صيام يوم النحر]

- ‌باب الاعتكاف

- ‌[حكم الاعتكاف] [

- ‌أركان الاعتكاف وشروطه]

- ‌[مكان الاعتكاف]

- ‌[مكان الاعتكاف بالنسبة للمرأة]

- ‌[خروج المعتكف من المسجد بدون عذر]

- ‌[ما يجوز للمعتكف]

- ‌[ما يحرم على المعتكف]

- ‌[حكم من أوجب على نفسه اعتكاف يومين أو أيام]

- ‌كتاب الحج

- ‌[حكم الحج]

- ‌[شروط وجوب الحج] [

- ‌البلوغ والحرية من شروط وجوب الحج] [

- ‌حج العبد والصبي]

- ‌[حكم حج الأعمى والمقعد]

- ‌[الاستطاعة من شروط وجوب الحج]

- ‌[ما تتحقق به الاستطاعة في الحج]

- ‌[اشتراط الزوج أو المحرم للمرأة في الحج]

- ‌[حكم بلوغ الصبي وعتق العبد بعد شروعهما في الحج]

- ‌[فصل المواقيت المكانية للحج] [

- ‌دخول الآفاقي مكة بدون إحرام]

- ‌باب الإحرام

- ‌[تعريف الإحرام وسننه]

- ‌[حكم التلبية للمحرم ولفظها]

- ‌[رفع الصوت بالتلبية]

- ‌[محظورات الإحرام]

- ‌[ما يباح للمحرم]

- ‌[آداب دخول مكة]

- ‌[طواف القدوم]

- ‌[حكم طواف القدوم]

- ‌[السعي بين الصفا والمروة]

- ‌[حكم السعي بين الصفا والمروة وكيفيته]

- ‌[خطب الإمام في الحج] [

- ‌النفر إلى منى والمبيت بها ليلة التاسع]

- ‌[الدفع من منى إلى عرفة]

- ‌[الجمع بين الصلاتين بعرفة وخطبة الإمام بها]

- ‌[حدود عرفة]

- ‌[آداب وسنن الوقوف بعرفة]

- ‌[الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس]

- ‌[المبيت بالمزدلفة]

- ‌[جمع المغرب والعشاء بمزدلفة]

- ‌[صلاة الفجر بغلس في المزدلفة والوقوف بها]

- ‌[المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر]

- ‌[رمي الجمرات]

- ‌[عدد الجمرات وصفاتها]

- ‌[كيفية رمي الجمرات ومقداره]

- ‌[ذبح الهدي والحلق والتقصير للحاج]

- ‌[التحلل الأصغر والأكبر للحاج]

- ‌ طواف الزيارة

- ‌[فصل في بيان مسائل شتى من أفعال الحج]

- ‌باب القران

- ‌[تعريف القران]

- ‌[المفاضلة بين القران والتمتع والإفراد]

- ‌صفة القران

- ‌[طواف وسعي القارن]

- ‌ دم القران

- ‌[صيام القارن]

- ‌باب التمتع

- ‌[تعريف التمتع]

- ‌[المفاضلة بين التمتع والإفراد]

- ‌[معنى التمتع وصفته]

- ‌[سوق الهدي وإشعاره وتقليده]

- ‌[ما يلزم المتمتع من الدم والصيام]

- ‌ليس لأهل مكة تمتع، ولا قران

- ‌[الحكم لو لم يسق المتمتع الهدي حتى عاد لبلده]

- ‌[الحكم لو قدم الكوفي بعمرة في أشهر الحج وفرغ منها ثم أقام بمكة أو البصرة]

- ‌[الحكم لو حاضت المرأة عند الإحرام]

- ‌[من اتخذ مكة دارا هل يلزمه طواف الصدر]

- ‌[باب الجنايات في الحج]

- ‌[استعمال المحرم الطيب أو الخضاب]

- ‌[تغطية الرأس ولبس المخيط للمحرم]

- ‌[حلق المحرم شعر رأسه أو لحيته ونحوها]

- ‌[فصل في النظر والمباشرة للمحرم]

- ‌[بطلان الحج بالجماع قبل الوقوف بعرفة]

- ‌[كفارة من أفسد حجه بالجماع]

- ‌[حكم من جامع بعد الوقوف بعرفة]

- ‌[حكم من جامع في العمرة قبل تمامها]

- ‌[حكم من جامع ناسيا في الحج]

- ‌[فصل فيمن طاف طواف القدوم محدثا]

- ‌[فصل صيد البر محرم على المحرم] [

- ‌المقصود بصيد البر والبحر وحكم قتل الفواسق]

- ‌[جزاء الصيد ومقداره]

- ‌[قتل المحرم للبعوض والنمل]

- ‌[قطع حشيش الحرم وشجره]

- ‌[باب مجاوزة الميقات بغير إحرام]

- ‌[الحكم لو جاوز الكوفي ذات عرق بلا إحرام]

- ‌ دخل مكة بغير إحرام، ثم خرج من عامه ذلك إلى الوقت، وأحرم بحجة

- ‌[دخول البستاني مكة بغير إحرام]

- ‌[جاوز الوقت فأحرم بعمرة وأفدسدها]

- ‌ خرج المكي يريد الحج، فأحرم ولم يعد إلى الحرم ووقف بعرفة

- ‌المتمتع إذا فرغ من عمرته ثم خرج من الحرم، فأحرم ووقف بعرفة

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌ أحرم بالحج ثم أحرم يوم النحر بحجة أخرى

- ‌ فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى

- ‌ أهل بحج ثم أحرم بعمرة

- ‌رفض العمرة

- ‌[باب الإحصار]

- ‌[ما يتحقق به الإحصار]

- ‌ أحصر المحرم بعدو أو أصابه مرض فمنعه من المضي

- ‌[ما يفعل المحصر لو كان قارنا]

- ‌[مكان ووقت ذبح دم الإحصار]

- ‌[ما يلزم المحصر بالعمرة]

- ‌[مكان ذبح الهدي للمحصر]

- ‌[حكم من وقف بعرفة ثم أحصر]

- ‌[أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف]

- ‌باب الفوات

- ‌[حكم من أحرم بالحج وفاته الوقوف بعرفة]

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌[شروط جواز الحج عن الغير]

- ‌[الإنابة في حج النفل]

- ‌[أمره رجلان بأن يحج لكل واحد منهما حجة فأهل بحجة عنهما]

- ‌[دم الإحصار يلزم الأصيل أم النائب في الحج]

- ‌[دم الجماع يلزم الأصيل أم النائب في الحج]

- ‌[الوصية بالحج]

- ‌[الحاج عن الغير إذا نوى الإقامة بمكة لحاجة نفسه]

- ‌باب الهدي

- ‌[أنواع الهدي]

- ‌ الأكل من هدي التطوع والمتعة والقران

- ‌[الصدقة من هدي التطوع والمتعة والقران]

- ‌ ذبح دم التطوع قبل يوم النحر

- ‌[مكان ووقت ذبح الهدي]

- ‌[الأفضل في ذبح البدن والبقر والغنم في الهدي]

- ‌[كيفية ذبح الهدي]

- ‌[ركوب الهدي]

- ‌[الحكم لو ساق هديا فعطب أو هلك]

- ‌[تقليد دم الإحصار والجنايات]

- ‌[مسائل منثورة في الحج]

- ‌ رمى في اليوم الثاني الجمرة الوسطى والثالثة

- ‌ جعل على نفسه أن يحج ماشيا

- ‌أفعال الحج تنتهي بطواف الزيارة

- ‌[باع جارية محرمة فهل للمشتري أن يجامعها]

الفصل: والفرق بينه وبين الصلاة على أصلهما أن باب الحج أوسع

والفرق بينه وبين الصلاة على أصلهما أن باب الحج أوسع من باب الصلاة، حتى يقام غير الذكر مقام الذكر، كتقليد البدن، فكذا غير التلبية، وغير العربية.

قال: ويتقي ما نهى الله تعالى عنه من الرفث، والفسوق، والجدال، والأصل فيه قَوْله تَعَالَى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197](197 البقرة) ، فهذا نهي بصيغة النفي، والرفث الجماع، أو الكلام الفاحش، أو ذكر الجماع بحضرة النساء، والفسوق: المعاصي، وهو في حال الإحرام أشد حرمة. والجدال: أن يجادل رفيقه، وقيل: مجادلة

ــ

[البناية]

بعينها ولا يلقه، كتكبيرات الصلاة، وأما أبو يوسف رحمه الله فقد فرق بين الإحرام والصلاة على ما هو المشهور منها، وهو أن غير الذكر يقوم مقام الذكر، وهو التقليد، فكذلك غير العربية بخلاف الصلاة.

م: (والفرق بينه) ش: أي بين الإحرام م: (وبين الصلاة على أصلهما) ش: أي على أصل أبي يوسف ومحمد م: (أن باب الحج أوسع من باب الصلاة) ش: ألا ترى أنه يصير شارعاً بسوق الهدي م: (حتى يقام غير الذكر مقام الذكر، وكتقليد البدن) ش: أو سوقهما م: (فكذا غير التلبية، وغير العربية) ش: أي فكذا غير التلبية تقوم مقامها غير العربية، كذلك إذا كان بذكر يقصد به التعظيم، ويتقي أي المحرم، أي يجتنب، وفي بعض النسخ

[محظورات الإحرام]

م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ويتقي ما نهى الله تعالى عنه من الرفث، والفسوق، والجدال، والأصل فيه) ش: أي في وجوب الاتقاء عن هذه الأشياء م: (قَوْله تَعَالَى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] ش: (البقرة: الآية 197) قرأ ابن كثير وأبو عمرو - فلا رفث ولا فسوق - بالرفع والتنوين، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر، وحمزة والكسائي - فلا رفث ولا فسوق - بالفتح بدون التنوين، وكلهم اتفقوا على فتح اللام في - ولا جدال - بدون تنوين م:(فهذا نهي بصيغة النفي) ش: وهذا أبلغ في الترك، والمعنى فلا ترفثوا ولا تجادلوا.

م: (والرفث الجماع) ش: هكذا فسره ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما وعطاء ابن أبي رباح وعطاء بن السائب ومجاهد والحسن البصري والزهري والنخعي وقتادة م: (أو الكلام الفاحش) ش: أي الرفث الكلام الفاحش، هكذا فسره أبو عبيد م:(أو ذكر الجماع بحضرة النساء) ش: أي الرفث ذكر الجماع بحضرتهن، وقيل مطلقاً.

م: (والفسوق: المعاصي) ش: وهو الخروج عن طاعة الله تعالى م: (وهو) ش: حرام مطلقاً وهي م: (في حال الإحرام أشد حرمة) ش: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36](التوبة: الآية 36) .

م: (والجدال أن يجادل رفيقه) ش: وهي حالة الإحرام، أي يخاصم معه م:(وقيل: مجادلة المشركين في تقديم وقت الحج وتأخيره) ش: وقال الزمخشري: إن قريشاً كانت تخالف سائر العرب، فتقف بالمشعر الحرام، وسائر العرب يقفون بعرفة، وكانوا يقدمون الحج سنة وهو

ص: 178

المشركين في تقديم وقت الحج وتأخيره، ولا يقتل صيدا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95](95 المائدة) ، ولا يشير إليه ولا يدل عليه، لحديث «أبي قتادة رضي الله عنه أنه أصاب حمار وحش وهو حلال، وأصحابه محرمون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم صحح لأصحابه: " هل أشرتم؟ هل دللتم؟ هل أعنتم؟ " فقالوا: لا، فقال: " إذا فكلوا» .

ــ

[البناية]

النسيء فرده الله إلى وقت واحد، والوقوف إلى عرفة فأخبر الله تعالى أنه قد ارتفع الخلاف في الحج.

م: (ولا يقتل صيدا) ش: أي لا يقتل المحرم صيداً. قال الأترازي: أي لا يذبح ولا يقتل لأن القتل يستعمل في الحرام غالباً. وذبح المحرم الصيد حرام.

قلت: لا يحتاج إلى هذا التفسير، لأن القتل حرام، فإن القتل أعم، وفي القرآن أيضاً مذكور بلفظ القتل لا بلفظ الذبح، قوله: - صيدا - يراد به الصيود لا المصدر، إذ لو أريد به المصدر وهو الاصطياد لما صح إسناد الفعل إليه، والمراد صيد البر.

؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96](المائدة: الآية 96) والحرم جمع حرام يعني محرمون، والصيد هو الحيوان المتوحش الممتنع في أصل الخلقة، وصيد البحر حلال للمحرم، وهو ما كان تولده ومثواه في البحر. وصيد البر ما كان تولده ومثواه في البر، أما الذي يكون في البحر ويتولد في البر فهو من صيد البر، والذي يتولد في البحر ويكون في البر فهو من صيد البحر كالضفدع؛ لأن الأصل هو التوالد، والكينونة عارض فتعين الأصل دون العارض.

م: (ولا يشير إليه) ش: أي إلى الصيد م: (ولا يدل عليه) ش: أي على الصيد، الإشارة أن يشير إلى الصيد باليد، والدلالة أن يقول: إن في مكان كذا صيدا، والإشارة تكون في الحضور والدلالة تكون في الغيبة م: (لحديث أبي قتادة رضي الله عنه «أنه أصاب حمار وحش وهو حلال، وأصحابه محرمون، فقال النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: " هل أشرتم؟ هل دللتم؟ هل أعنتم؟ " فقالوا: لا، فقال: " إذا فكلوا.» ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي قتادة رضي الله عنه فقال: " إذا فكلوا ".

هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم «عن أبي قتادة أنهم كانوا في سفر لهم، بعضهم محرم وبعضهم ليس بمحرم، قال: فرأيت حماراً وحشياً فركبت فرسي وأخذت الرمح فاستعنتهم، فأبوا أن يعينوني، فاختلست سوطاً من بعضهم وشددت على الحمار فأصبته، فأكلوا منه، فاستبقوا قال: فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار:؟ " فقالوا لا، قال: " فكلوا ما بقي منها.» وفي لفظ مسلم والنسائي: «هل أشرتم؟ هل أعنتم "، قالوا لا، قال: " فكلوا» ". واسم أبي

ص: 179

ولأنه إزالة الأمن عن الصيد؛ لأنه أمن بتوحشه، وبعده عن الأعين.

قال: ولا يلبس قميصا ولا سراويل، ولا عمامة ولا قلنسوة

ــ

[البناية]

قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري، وجه التمسك به أنه صلى الله عليه وسلم علق الإباحة بعدم الإشارة والدلالة، فدل على أنها من محظورات الإحرام، ولهذا لو أعطاه سكيناً ليذبحه به، وليس معه سكين أو أراه موضع سكين وموضع السهم ليرميه به، كان ذلك داخلاً تحت الإعانة والإشارة وقيل الإعانة والإشارة من المحرم محرمة، فإن علم المحرم مكانه وكذا أن لو أعطاه سكيناً أو معه سكين، لإطلاق الحديث، قلنا: إذا كان عالماً بمكانه فالموجود من الحلال لغو، فلا اعتبار به، وكذا السكين والسهم، وفي " المبسوط " قال السروجي الأصح عندي أنه لا شيء على معير السكين من الضمان.

م: (ولأنه) ش: أي ولأن المذكور من الإشارة والدلالة والإعانة م: (إزالة الأمن عن الصيد؛ لأنه أمن بتوحشه، وبعده عن الأعين) ش: لأن إزالة الأمن ربما يتطرق بها إلى القتل، وفي " الذخيرة " لا ضمان على الدال سواء كان محرماً أو حلالاً في صيد الحرم.

م: (قال) ش: أحمد رحمه الله يضمن بالدلالة، وقال الشافعي رحمه الله: لا يضمن بالدلالة لأنه لا يلزم حفظه م: (ولا يلبس) ش: أي المحرم م: (قميصاً) ش: ولو كان من جلد م: (ولا سراويل) ش: قيل إنه عجمي نكرة مفرد غير منصرف، لأنه وافق بناؤه بناء ما لا ينصرف من العربي نحو قناديل.

قلت: هذا قول سيبويه، وقيل: إنه جمع سروالة في التقدير، وليس فيه عجمة بل هو عربي، وقيل بل هو جمع محقق. قال الشاعر:

عليه من العدم سروالة

فليس يرق المستضعف

فعلى هذا لا كلام في منع الصرف، ولو لبس السراويل عند عدم الإزار لزمه دم، إلا أن يشقها نصفين ويتزر بهما لتصير بمنزلة الإزار، ولا يشقها ولا شيء عليه.

م: (ولا عمامة ولا قلنسوة) ش: قال صاحب المطالع القلنسوة معروفة إذا فتحت القاف ضمت السين، وكان بالواو، وإن ضمت القاف كسرت السين، وكان بالباء، وهي مشتقة من قلس الشيء إذا أعطاه، النون الزائدة، قاله ابن دريد: وقال ابن الأنباري فيها تسع لغات بلا واو، قلينسه وقلنيسة وقلنسة كلها بالتصغير، وقلنساه وقلساة، وقال في " دستور اللغة " القلسوة - هلاه - يعني بالفارسية وبالعربية القبع، وطول الجوهري فيه الكلام.

حاصله أن جمعه قلانس وقلانيس وقلاسي، وأصله قلنسو، فحذف منه الواو لأنه ليس في الأسماء اسم آخره حرف علة، وقبلها ضمة، يقال قلسه يقلس وقلس يقلس، أي لبست

ص: 180

ولا قباء، ولا خفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يلبس المحرم هذه الأشياء، وقال في آخره:«ولا خفين إلا أن يجد نعلين فليقطعهما أسفل الكعبين» .

ــ

[البناية]

القلنسوة فيهما.

م: (ولا قباء) ش: أي ولا يلبس قباء، المراد به اللبس المعتاد، حتى قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يحرم لبس القباء على المحرم إلا إذا أدخل يديه في كمه، وبه قال النووي وأبو ثور والحربي من الحنابلة، وعند الشافعية والمالكية والحنابلة لا يتوقف تحريم لبسه على إدخال اليدين في كميه.

م: (ولا خفين) ش: أي ولا يلبس خفين م: (إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين) ش: وقال عطاء وأحمد بن حنبل لا يقطعهما استدلالاً «بحديث ابن عباس، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل» ولم يذكر القطع.

ولنا حديث الكتاب وهو قوله م: (لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يلبس المحرم هذه الأشياء، وقال في آخره: ولا خفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين) ش: أراد بهذه الأشياء القميص والسراويل والعمامة والقلنسوة والخفين، والحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن ابن عمر رضي الله عنهما، «قال رجل: يا رسول الله ما تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام، قال: لا يلبس القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فيلبس الخفين، وليقطع أسفل الكعبين....» الحديث.

والعمل بحديث ابن عمر رضي الله عنهما أولى من العمل بحديث ابن عباس رضي الله عنهما لأنه لم ينقل عنه صفة لبس الخفين، ونقلها ابن عمر رضي الله عنهما، ولأن من زاد حفظ ما لم يحفظه الذي اختصر، والعجب من الأخصام أنهم يحملون المطلق على المقيد ولا سيما في حادثة واحدة، وهذا لو أمن ذلك.

فإن قلت: زعمت الحنابلة أن حديث ابن عمر رضي الله عنهما منسوخ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما لأنه بعرفات، وحديث ابن عمر كان بالمدينة، وكذا ذكره الدارقطني أجيب بأن هذا جهل بأصول الفقه، لأن المطلق والمقيد لا يتناسخان عندهم، مع أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه أيوب والثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وابن جريج وهشام وشعبة كلهم من حديث عمرو بن دينار عن جابر بن زيد، ولم يقل أحد منهم بعرفات غير شعبة وانفراد الواحد عن الثقات يوجب الضرر، فيما انفرد به عندهم.

ص: 181

والكعب هنا المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك دون الناتئ فيما روى هشام عن محمد رحمه الله

قال: ولا يغطي وجهه ولا رأسه وقال الشافعي: يجوز للرجل تغطية الوجه

ــ

[البناية]

فإن قلت: ذكر الشيخ تقي الدين في شرح العمدة أن ذلك من رواية جعفر بن برقان وقد وهم في موضعين، أحدهما أنه قال نافع ويقطع الخف أسفل من الكعبين، والثاني أنه قال فيه فمن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، وليس هذا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وأخذ به الشافعي رحمه الله وابن حنبل، وأنكره مالك في الموطأ، وقال أبو عبد الله لا سبيل انفراد حديث السراويل عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو رجل من أهل البصرة لا يعرف.

قلت: غلط أي غلط من يقدح في رواية الحفاظ الذين رفعوا القطع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن قلت: قال عطاء: في قطعهما فساد، والله لا يحب المفسدين.

قلت: قد ثبت الأمر من صاحب الشرع بقطعهما، وهو [....] على الشارع بحكمه، ولأن حكم الفعل فساد، إنما يعرف من جهة الشرع، وقال: أمر به وهو لا يأمر بالفساد، والأمر بقطعهما مع ما فيه من إتلاف المالية يدل على خلاف ما قالوا، فالشافعي معنا في الخفين، ومع ابن حنبل في السراويل، ومالك وافقنا فيهما، وإذا لبس الخفين من غير قطع تلزمه الفدية. وقال ابن بطال في " شرح البخاري " والطبري في " مناسكه " أن عند أبي حنيفة رحمه الله تجب الفدية مع قطعهما.

قلت: هذا النقل عنه غير صحيح لا أصل له، ولا تجب الفدية به عندنا مع القطع، وإن وجد النعلين فلبس الخفين مقطوعين فلا شيء عليه عندنا كالمدارس ونحوه، وعند مالك وأحمد يفدى، وللشافعي قولان.

م: (والكعب هنا المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك) ش: إنما قال: هنا يعني في باب الحج، احترازاً عن الكعب المذكور في باب الوضوء، فإن الكعب هنا هو الذي نفاه بقوله - م:(دون الناتئ) ش: بالنون والتاء المثناة من فوق النتوء وهو الارتفاع م: (فيما روى هشام عن محمد رحمه الله) ش: هشام بن عبد الله الراوي، فإنه روى عن محمد في الحج أن الكعب هو الناتئ، قالوا: إن ذلك وهم من هشام في نقله عن محمد، لأن محمداً قال ذلك في مسألة الوضوء، وقد مر الكلام فيه هناك.

م: (ولا يغطي رأسه ولا وجهه) ش: وبه قال مالك وأحمد في رواية، وفي بعض النسخ ولا يغطي رأسه ولا وجهه، والأول أصوب على ما لا يخفى.

م: (وقال الشافعي: يجوز للرجل تغطية الوجه) ش: وبه قال مالك وأحمد في

ص: 182

لقوله عليه السلام: «إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها» . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تخمروا وجهه، ولا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا» قاله في محرم توفي

ــ

[البناية]

المشهور عنه م: (لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: (إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها) ش: هذا الحديث رواه الدارقطني في " سننه " عن هشام بن حسان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها قال هذه قسمة تقطع الشركة. م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تخمروا وجهه، ولا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا» قاله في محرم توفي) ش: هذا الحديث رواه مسلم والنسائي وابن ماجه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن «رجلاً أوقصته راحلته فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه طيباً ولا تخمروا رأسه ولا وجهه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً» ورواه الباقون ولم يذكروا فيها وجهاً.

فإن قلت: قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ذكر الوجه في هذا الحديث تصحيفاً من الرواة لإجماع الثقات الأثبات من أصحاب عمرو بن دينار ولا تغطوا رأسه، وهو المحفوظ.

قلت: المرجوع في ذلك إلى مسلم لا إلى الحاكم، فإنه كثير الأوهام، وأيضا في التصحيف إنما يكون في الحروف المتشابهة، وأي مشابهة بين الرأس والوجه في الحروف، ومثل هذا بعيد عن التصحيف.

فإن قلت: كيف يستدل أصحابنا بمثل هذا الحديث في مذهبنا على خلاف حكم هذا الحديث في محرم يموت حيث يصنع به ما يصنع بالحلال من تغطية رأسه ووجهه باللبس عندنا، خلافاً للشافعي رضي الله عنه، وهو يتمثل هناك بمثل هذا الحديث.

قلت: أجيب بأن الحديث فيه دلالة على أن للإحرام تأثيراً في ترك تغطية الرأس والوجه، فإنه صلى الله عليه وسلم علل ترك التغطية بأنه يبعث ملبيا، أي محرماً.

ثم الحجة لنا في تغطية رأس المحرم ووجهه إذا مات ما روي عن عطاء أن «النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن محرم مات فقال خمروا رأسه ووجهه ولا تشبهوه باليهود» . وحديث الأعرابي الذي أوقصته راحلته تأويله أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف بطريق الوحي خصوصية ببقاء إحرامه بعد موته، وقد كان

ص: 183

ولأن المرأة لا تغطي وجهها مع أن في الكشف فتنة، فالرجل بطريق الأولى. وفائدة ما روي الفرق في تغطية الرأس.

ــ

[البناية]

رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص بعض أصحابه بأشياء.

قلت: الشراح ذكروا هذا هكذا، وقالوا: عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره، فهذا يدل بظاهره أنه مرسل، وليس كذلك، فإنه متصل أخرجه الدارقطني عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا باليهود» .

والعجب من الأترازي أنه ذكر هنا للشافعي رحمه الله في جواز تغطية الوجه ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وقصته راحلته

الحديث، وهو الحديث الذي ذكرناه عن مسلم في الاستدلال الذي استدل به المصنف، فذكره الأترازي لاستدلال الشافعي رحمه الله.

وذكر لنا حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين» .

قلت: هذا رواه أبو داود عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال الأترازي: فإذا لم يجز للمرأة تغطية وجهها، مع أن كشف وجهها موجب للفتنة فأولى أن لا يجوز للرجل تغطية الوجه، لأن الإحرام في الرجل آكد منه في المرأة انتهى. ولقد أنصف في هذا حيث قال في حيث ذكرت حديث البخاري للشافعي، وليس فيه ذكر الوجه، ولا يذكر الوجه إلا في رواية مسلم، كما ذكرنا، وترك الحديث الذي ذكره المصنف لاستدلال الشافعي رحمه الله في خلافه في وجه الرجل م:(ولأن المرأة لا تغطي وجهها مع أن في الكشف فتنة، فالرجل بالطريق الأولى) ش: يعني أن لا يغطي وجهه م: (وفائدة ما روي الفرق في تغطية الرأس) ش: أي وفائدة ما رواه الشافعي رحمه الله، وهي قوله صلى الله عليه وسلم «إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها» الفرق في تغطية الرأس، يعني يجوز للمرأة أن تغطي وجهها، ولا يجوز للرجل أن يغطي وجهه في الإحرام.

قلت: ذكر في " روضة الشافعية " يغطي أذنيه ولحيته ما دون ذقنه ولا يمسك أنفه بثوب. ولا

ص: 184

قال: ولا يمس طيبا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «الحاج الشعث التفل» ، وكذا لا يدهن

ــ

[البناية]

بأس في إمساكه بيده ولا يغطي فمه ولا العارضين. وقال أحمد: يغطي وجهه ولا يغطي أذنيه لقوله صلى الله عليه وسلم «الأذنان من الرأس» ، وبه قال مالك رضي الله عنه ولو غطى بطيب أو طائبة أو حائبة أو خشب أو حجر أو زجاج أثلل، وهو العفة أو عدل أو جوانق حنطة فلا شيء عليه وبغيره بأجر أو بغير أجر فعليه الفداء.

وفي " شرح المهذب " للنووي لو وضع على رأسه زنبيلاً أو حملاً يجوز في أصح الطريقين وعن عطاء رضي الله عنه لا بأس بالمكيل على رأسه، ويكره أن يمكن وجهه على مخدة بخلاف خديه، وله أن يضع يديه على رأسه، وكذا يد غيره وينغمس في الماء، ولو غطى رأسه بالطين فشده بالحناء فعليه الفدية، وعند الشافعي وأحمد - رحمهما الله - الحناء ليس بطيب، وفي " المجانسة " تسدل على وجهها ثوباً أن أرادت ولا من طيب.

وفي أكثر النسخ م: (قال: ولا يمس طيبا) ش: أي قال القدوري رحمه الله: والطيب ما رائحته طيبة. وفي " الحلية " الطيب ما يتطيب به، يتخذ منه الطيب كالمسك والزعفران والعنبر والصندل والورد والياسمين والكافور. وفي الريحان الفارسي قولان، وكذا المرزجوش النيلوفر والنرجس عند بعض أصحابنا، وفي تتمتهم التفاح على المحرم شيء من الرياحين. وفي " المحيط " ما له رائحة مستلذة كالزعفران والبنفسج ونحوهما والحناء طيب خلافاً للشافعي رحمه الله والوسمة ليست بطيب، وعن أبي يوسف رحمه الله هي الحناء والخطمي طيب عند أبي حنيفة رحمه الله، خلافاً لهما، وقيل الخلاف في خطمي العراق.

م: (لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «الحاج الشعث التفل» ش: هذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «قام رجل فقال يا رسول الله من الحاج؟ فقال الشعث التفل» ". الشعث بفتح الشين المعجمة وكسر العين المهملة، وبالثاء المثلثة، وهو مغبر الرأس، وأصله من الشعث، وهو إنشاء الغبر وتغبره لقلة العهد، ومنه يقال رجل أشعث وامرأة شعثاء. والتفل بفتح التاء المثناة وكسر الفاء تارك الطيب، وأصله من التفل، وهو الريح الكريهة.

م: (وكذا لا يدهن) ش: أي كما لا يمس طيباً لا يدهن أيضاً، وبه قال مالك رضي الله عنه خلافاً للشافعي رحمه الله، وابن حبيب. وفي " شرح المهذب " الزيت والشيرج والسمن ونحوهما من الأدهان لا يحرم استعمالها على المحرم في بدنه إذا لم تكن مطيبة، وتحرم في الرأس، والمطيب منه يمنع في جميع البدن، واستدلوا على الإباحة بحديث فرقد السبخي

ص: 185

لما روينا.

ولا يحلق رأسه، ولا شعر بدنه؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196](196 البقرة) الآية. ولا يقص من لحيته؛ لأنه في معنى الحلق؛ ولأن فيه إزالة الشعث، وقضاء التفث،

قال: ولا يلبس ثوبا مصبوغا بورس، ولا زعفران، ولا عصفر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران، ولا ورس إلا أن يكون غسيلا

ــ

[البناية]

الزاهد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ادهن بزيت غير مقتت وهو محرم» رواه البيهقي، قال النووي رحمه الله هو ضعيف، وقال: فرقد ليس بشيء، وقال ابن حبان كانت فيه غفلة، وزاده خطأ، وكان يرفع المسند ويسند الموقوف من حيث لا يفهم، فبطل الاحتجاج به، وضعفه يحيى بن معين قوله: غير مقتت أي غير مطيب.

م: (لما روينا) ش: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «الحاج الشعث التفل»

م: (ولا يحلق رأسه، ولا شعر بدنه) ش: مثل شعر إبطه وعانته، وكذا حلق لحيته وأخذ شاربه م:(لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] (البقرة: الآية 196) فيدل بعبارته على النهي لحلق الرأس وبدلالة النهي عن حلق شعر البدن، لأن شعر الرأس استحق الأمن عن الإزالة لكونه نامياً يحصل الارتفاق بإزالته، وهذا المعنى في شعر البدن فتلحق به دلالته.

م: (ولا يقص من لحيته؛ لأن في معنى الحلق) ش: من حيث الارتفاق به م: (ولأن فيه) ش: أي في القص من اللحية م: (إزالة الشعث) ش: قد مر تفسيره عن قريب م: (وقضاء التفث) ش: بفتح التاء المثناة من فوق، والفاء وبالمثلثة، وقال المطرزي: هو الوسخ، والمراد قضاء إزالة التفث وقيل هو فسخ الإحرام وقضاؤه بحلق الرأس والاغتسال، وقال الكاكي: قضاء التفث إزالة بقص الشارب، وقلم الأظافر، ونتف الإبط والاستحداد، وبقولنا قال الشافعي وأحمد ومالك في رواية، وقال أصحاب الظاهر، لا يجب شيء في غير شعر الرأس وبه قال مالك في رواية.

م: (قال: ولا يلبس ثوبا مصبوغا بورس) ش: الورس بفتح الواو وسكون الراء وبالسين المهملة وهو نبت طيب الرائحة، وفي " القاموس ": شيء أحمر، فإنه يشبه نحو الزعفران مجلوب من اليمن، وفي " الصحاح ": الورس نبت أصفر يكون باليمن، وفي " الديوان " صبغ أصفر م:(ولا زعفران) ش: أي ولا ثوباً مصبوغاً بزعفران م: (ولا عصفر) ش: أي ولا ثوباً مصبوغاً بعصفر. قال الجوهري: العصفر صبغ ولم يزد عليه.

م: (لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «لا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران، ولا ورس إلا أن يكون غسيلاً» ش: هذا الحديث رواه الحافظ أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا ابن أبي عمران،

ص: 186