الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسب تحققه عن الصوم قال: وإذا تسحر وهو يرى
أن الفجر لم يطلع فإذا هو قد طلع، أو أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت فإذا هي لم تغرب أمسك بقية يومه قضاء لحق الوقت بالقدر الممكن، أو نفيا للتهمة، وعليه القضاء لأنه حق مضمون بالمثل، كما في المريض، والمسافر ولا كفارة عليه؛ لأن الجناية قاصرة لعدم القصد. وفيه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما تجانفنا لإثم قضاء يوم علينا يسير
ــ
[البناية]
التشبيه عاد على موضوعتها له م: (حسب تحققه عن الصوم) ش: أي مثل تحقق المانع عن الصوم أراد أن المانع من التشبيه متحقق كما أن المانع من الصوم متحقق، وذلك لأن ما كان حراماً كان ما يشبهه حراماً كعبادة الصنم فإنها حرام، والصلاة بين يديه أيضاً مكروه لمشابهته عبادة الصنم.
م: (قال: وإذا تسحر) ش: في أكثر النسخ قال: وإذا تسحر أي قال القدوري م: (وهو يرى) ش: بضم الياء وفتح الراء أي والحال أنه يظن وفي بعض النسخ وهو يظن، والمراد من الظن غلبة الظن حتى لو كان شاكاً تجب الكفارة، كذا ذكره الإمام حميد الدين الضرير وحافظ الدين النسفي في " مستصفاه ".
قال الأترازي: وذلك لا يصح على إطلاقه، لأن الرواية في أكل المتسحر الشاك بخلاف ذلك، ألا ترى إلى ما ذكره في شرح الطحاوي " رحمه الله، لو شك في طلوع الفجر فالأفضل له أن لا يتسحر فإن تسحر مع الشك لم يفسد صومه ولا قضاء عليه، لأنه في يقين من الليل وشك في النهار، والأصل أن اليقين لا يزول بالشك إلا إذا تسحر وأكبر رأيه أن الفجر طالع وقت السحر وأحب إلينا أن يقضي، ثم قال: كذا ذكر في كتاب الصوم.
[حكم من شك في طلوع الفجر أو غروب الشمس فأكل]
م: (أن الفجر لم يطلع فإذا هو قد طلع، أو أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت فإذا هي لم تغرب أمسك بقية يومه قضاء لحق الوقت بالقدر الممكن، أو نفيا) ش: أي لأجل النفي م: (للتهمة) ش: فإنه إذا أكل ولا عذر به اتهمه الناس بالفسق والتحرز عن مواضع التهمة واجب بالحديث م: (وعليه القضاء) ش: خلافاً لابن أبي ليلى وعطاء والحسن ومجاهد وإسحاق بن راهويه وداود والمزني فإن عندهم لا يجب عليه القضاء، لأن صومه لا يفسد م:(لأنه) ش: أي لأن فوت الأداء م: (حق مضمون بالمثل) ش: شرعاً فإذا فوته قضاه م: (كما في المريض، والمسافر) ش: أي كما يقضي المريض والمسافر بقدر مرضه والمسافر بقدر قدومه مصره.
م: (ولا كفارة عليه، لأن الجناية قاصرة لعدم القصد) ش: خلافاً لبعضهم حيث أوجبوا الكفارة م: (وفيه) ش: أي مثل ما قلنا م: (قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما تجانفنا لإثم قضاء يوم علينا يسير) ش: وقال الأترازي في " شرحه ": هذا ما رواه أبو عبيد في كتاب " غريب الحديث "
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
عن أبي معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عمر رضي الله عنهما أنه أفطر في رمضان وهو يرى أن الشمس قد غربت ثم نظر فإذا الشمس طالعة فقال عمر رضي الله عنه: لا نقضيه، ما تجانفنا لإثم أي مايلنا إليه ولا تعديناه ونحن نعلمه وكل مائل فهو متجانف جنف، قال تعالى:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} [البقرة: 182] أي ميلاً.
أما قوله: لا نقضيه فتأويله قال له قائل كأن الشمس طالعة وقد أثمنا فقال رداً عليه: لا أي ليس الأمر كما ظننت أي نقضي ما ليس مكان يوم ليس علينا غيره، ومثله قَوْله تَعَالَى:{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة: 1](القيامة: الآية 1)، فأراد من أنكره البعث ومثله قَوْله تَعَالَى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} [النساء: 65] وهذا الذي ذكرنا عن محمد رحمه الله هو الصحيح من الرواية عند الثقات، وما ورد في بعض نسخ الهداية " بعثناك داعياً لا راعياً " فقال: ليس بصحيح.
وقد أورد بعضهم في " شرح الهداية " أن عمر رضي الله عنه حين أفطر مع أصحابه يوماً صعد المؤذن المئذنة وقال: الشمس يا أمير المؤمنين قال: بعثناك داعياً لا راعياً للأذان وإعلام الناس ولا حافظاً للأحوال، ثم قال ما تجانفنا لإثم من الموضوعات فلا ملتفت إليه. إلى هنا كله كلام الأترازي وفيه نظر من وجوه:
الأول: تأويله في قوله لا نقضيه فيما أوله تكلف جداً، لأن ابن أبي شيبة روى في " مصنفه ": حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن ابن زيد بن وهب قال: خرج عباس من بيت حفصة رضي الله عنها وعلى السماء سحاب فنظر أن الشمس قد غابت فأفطروا ولم يلبثوا أن تجلى السحاب فإذا الشمس طالعة فقال عمر رضي الله عنه: " ما تجانفنا من إثم ".
حدثنا علي بن شهر عن الشيباني عن خالد بن سحيم عن علي بن حنظلة عن أبيه قال: شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رمضان وقرب إليه شراب فشرب بعض القوم وهم يرون الشمس قد غربت ثم ارتقى المؤذن فقال: والله يا أمير المؤمنين إن الشمس طالعة لم تغرب فقال عمر رضي الله عنه من كان أفطر فليصم يوماً مكانه ومن لم يكن أفطر فليتم حتى تغرب الشمس وادعاه من طريق آخر فزاد فيه فقال له: إنما بعثناك داعياً ولم نبعث راعياً وقد اجتهدنا وقضاء يوم يسير انتهى.
وروى محمد بن الحسن في كتاب " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه عن حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال: أفطر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأصحابه في
والمراد بالفجر الفجر الثاني، وقد بيناه في الصلاة. ثم التسحر مستحب لقوله عليه الصلاة والسلام:«تسحروا فإن في السحور بركة» والمستحب تأخيره.
ــ
[البناية]
يوم غيم ظنوا أن الشمس غابت قال: فطلعت الشمس فقال عمر رضي الله عنه ما تعرضنا لجنف نتم هذا اليوم ثم نقضي يوماً مكانه.
الثاني: أن هذا الأثر الذي ذكره عن أبي عبيد هو بالإسناد الذي رواه ابن أبي شيبة والاختلاف في المتن والأخذ بالمتن الذي رواه ابن أبي شيبة أولى وأجدر من المتن الذي رواه أبو عبيد، على ما يخفى وإن كان أبو عبيد أيضاً إماماً كبيراً، ولكن ابن أبي شيبة من مشايخ البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه وأحمد بن حنبل وآخرين وكثيرين من الأئمة وأبو عبيد لم يرو له البخاري وذكره في كتاب " القراءة خلف الإمام " وحكى عنه أيضاً في كتاب " أفعال العباد ".
الثالث: أن قوله الذي ذكرنا عن عمر رضي الله عنه هو الصحيح مجرد دعوى ولم يبرهن عليها، بل الصحيح الذي ذكره غيره وقوله أورده بعضهم في " شرح الهداية " أراد به السغناقي فإنه هو الذي ذكره في " النهاية " وتبعه الكاكي على ذلك ثم الأكمل.
الرابع: أن قوله بعثناك داعياً لا راعياً فذاك ليس بصحيح [....] يظهر لك ما ذكرنا عن ابن أبي شيبة.
الخامس: قوله في آخر كلامه من الموضوعات احتراز قوي حيث ينسب الأئمة المذكورين إلى الوضع وكأنه لم يطلع على " مصنف ابن أبي شيبة " وأوسع كلامه على عادته في غير تأمل ولا نظر كلام المصنف.
م: (والمراد بالفجر) ش: يعني في قوله أن الفجر لم يطلع م: (الفجر الثاني) ش: وهو الفجر الصادق وهو المعتبر في الصلاة والصوم لا الفجر الكاذب م: (وقد بيناه في الصلاة) ش: في باب المواقيت م: (ثم التسحر مستحب) ش: التسحر أكل السحور بفتح السين وهو ما يؤكل وقت السحر وأشار إلى استحبابه بقوله م: (لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «تسحروا فإن في السحور بركة» ش: أي في أكل السحور بركة، وقيل: المراد من البركة زيادة القوة في أداء الصوم بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: «استعينوا بقائلة النهار - أي بقيلولته - على قيام الليل. وبأكل السحور على صيام النهار» ، وجاز أن يكون بها نيل الثواب لاستنانه بسنن المرسلين وعلمه بما هو مخصوص بأهل الإسلام، فإنه عليه الصلاة والسلام قال:«فرق ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكل السحور» .
م: (والمستحب تأخيره) ش: أي تأخير السحور فيكون مستحباً في مستحب لما أن نفس
لقوله - عليه الصلاة السلام -: «ثلاث من أخلاق المرسلين: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، والسواك» .
ــ
[البناية]
السحور وهو أكل السحور مستحب وتأخيره إلى آخر الليل مستحب أيضاً فيكون مستحباً أيضاً في مستحب م: (لقوله عليه الصلاة السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الإفطار وتأخير السحور والسواك» ش: هذا الحديث أخرجه الطبراني في معجمه، حدثنا جعفر بن محمد بن حرب، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن علي بن أبي العالية، عن مورق العجلي، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الفطر وتأخير السحور، والسواك، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة» ، وذكره ابن أبي شيبة في " مصنفه " موقوفاً.
والدارقطني رواه في الأفراد من حديث حذيفة مرفوعاً بنحو حديث أبي الدرداء قال الأترازي: روي عن الحسن البصري أنه قال: «ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في الصلاة» .
ولم يتكلم أحد من الشراح في حال هذا الحديث غير أن كلاً منهم قال: لقوله صلى الله عليه وسلم: وهذا الأترازي نسبه إلى البصري وقال السغناقي بعد أن ذكر الحديث مجرداً وفي " المنافع " ذكر وضع اليمين على الشمال في الصلاة مكان السواك ولكن ما ذكر هنا موافق لما ذكر في " المبسوط ".
وروى البيهقي من رواية ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا ونؤخر سحورنا ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة» .
ورواه أيضاً هكذا من رواية ابن عمر رضي الله عنهما، وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه ثم قال: كلها ضعيفة.
1 -
فإن قلت: على تقدير صحته يدل على أن تأخير السحور واجب وإذا كان تأخيره واجباً يكون السحور أيضاً واجباً.
قلت: الحديث الذي في المتن يدل على أنه مستحب أو سنة والعمل بهذا الحديث، وفي " المحيط ": السحور مندوب إليه وفي " البدائع " سنة فإذا كان نفس السحور مستحباً أو سنة يكون تأخيره كذلك.
إلا أنه إذا شك في الفجر، ومعناه تساوي الظنين الأفضل أن يدع الأكل تحرزا عن المحرم، ولا يجب عليه ذلك، ولو أكل
ــ
[البناية]
فإن قلت: ما حد تأخيره؟ قلت: آخر الليل وعن الليث هو سدسه الآخر، وقال ابن عباس وعطاء والأوزاعي يأكل حتى يبيض الفجر. وقال السروجي: وهو قول الجمهور وقال النووي: لو شك في طلوع الفجر جاز له الأكل والشرب والجماع حتى يتحقق الفجر قال: ولم يقل أحد بتحريمه إلا مالك فإنه حرمه، وأوجب عليه القضاء، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم، قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا» . رواه البخاري، ومسلم.
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة. قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال خمسين آية» . رواه البخاري ومسلم.
1 -
فإن قيل: ما وجه تأخير السحور من أخلاق المرسلين وهو مخصوص بأهل الإسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب بأكل السحور.
أجيب بجوابين آخرين أيضاً:
أحدهما: أن يقال: لا نسلم أنه لم يكن من علتهم لجواز أن يكون ونحن لا نعلم والآخر أنه عليه الصلاة والسلام قال: ثلاث من سنن المرسلين أي ثلاث خصال لهم فلا يلزم منه أن يكون لكل واحد منهم ثلاث خصال لجواز أن يكون كل واحد منهم مخصوصاً بخصلة كما يقال للعلماء خصال حميدة في البحث، والمناظرة، والتصنيف، فلا يلزم أن تكون الكل مجتمعة في واحد ورأيت حاشية نسبت إلى شيخنا علاء الدين السيراجي رحمه الله وهي أنه قال: الأشبه في الجواب أن يقال اللام في المرسلين للجنس إذ لا عهد فيكون من أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم لأن الجنس يصدق على الواحد أو يكون ذلك من خواصهم والله أعلم.
م: (إلا أنه إذ شك في الفجر) ش: فحينئذ ترك التسحر هو المستحب للاحتراز عن الوقوع في الحرام، ومع هذا لا يجب عليه ذلك كما يجيء الآن م:(ومعناه) ش: أي معنى الشك م: (تساوي الظنين الأفضل أن يدع الأكل تحرزا عن المحرم) ش:. قيل: هذه العبارة فيها مسامحة لأن الظن رجحان الاعتقاد فكيف يكون بقاء الليل عنده راجحاً على طلوع الفجر، وطلوع الفجر راجحاً على بقاء الليل والظن هو راجح، والمرجوح وهم، وإذ يساويان، ومراده بذلك تساوي الأمارتين، فالأفضل أن يدع الأكل، والشرب. م:(ولا يجب عليه ذلك) ش: أي ترك السحور وروى الحسن رحمه الله أنه يجب عليه ذلك احتياطاً في أمر الدين م: (ولو أكل
فصومه تام، لأن الأصل هو الليل. وعن أبي حنيفة رحمه الله: إذا كان في موضع لا يستبين الفجر، أو كانت الليلة مقمرة، أو متغيمة، أو كان ببصره علة، وهو يشك لا يأكل، ولو أكل فقد أساء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وإن كان أكبر رأيه أنه أكل، والفجر طالع، فعليه قضاؤه عملا بغالب الرأي، وفيه الاحتياط، وعلى ظاهر الرواية لا قضاء عليه؛ لأن اليقين لا يزال إلا بمثله، ولو ظهر أن الفجر طالع لا كفارة عليه
ــ
[البناية]
فصومه تام لأن الأصل هو الليل) ش: أي في رواية عن مالك يبطل صومه في الفرض إذا استبان الفجر قد طلع. م: (وعن أبي حنيفة رحمه الله: إذا كان في وضع لا يستبين الفجر، أو كانت الليلة مقمرة، أو متغيمة، أو كان ببصره علة، وهو يشك لا يأكل، ولو أكل فقد أساء) ش: رواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله م: (لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ش: قال السغناقي وتبعه الكاكي وعليه «فإن الكذب ريبة وإن الصدق طمأنينة» ولم يذكر من رواه من الصحابة ولا من خرجه من الأئمة، وأما الأترازي، والأكمل فإنهما لم يذكراه أصلاً وليس هذا من دأب الشراح وليس ذلك إلا من العجز.
قلت: هذا الحديث رواه الترمذي في كتاب الطب، والنسائي في كتاب الأشربة، عن أبي الجون السعدي، قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حفظت منه «دع ما يريبك إلا ما لا يريبك زاد الترمذي: فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة» وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ورواه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " مستدركه "، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ورواه الطبراني في الصغير بإسناده إلى عبد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الحلال بين والحرام بين، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك» . انتهى قوله ما يريبك من رابه ريباً شككه، والريبة الشك والتهمة أي دع ما يشكك ويحصل فيك الريبة وهي في الأصل قلق النفس [......] سكنت واطمأنت.
م: (وإن كان أكبر رأيه أنه أكل والفجر) ش: أي والحال أن الفجر م: (طالع، فعليه قضاؤه) ش: أي قضاء ذلك اليوم م: (عملا بغالب الرأي، وفيه الاحتياط) ش: لأن قضاء ما ليس عليه أولى من قضاء ما عليه. م: (وعلى ظاهر الرواية لا قضاء عليه) ش: وفي " الإيضاح ": هو الصحيح.
م: (لأن اليقين لا يزال إلا بمثله) ش: لأن الليل هو الأصل فلا ينقل عنه إلا بيقين، وكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله، وجعل هذا في الكتاب ظاهر الرواية م:(ولو ظهر أن الفجر طالع لا كفارة عليه) ش: أي لو ظهر طلوع الفجر فيما إذا أكل وفي أكبر رأيه أن الفجر طالع
لأنه بنى الأمر على الأصل فلا تتحقق العمدية.
ولو شك في غروب الشمس لا يحل له الفطر؛ لأن الأصل هو النهار، ولو أكل فعليه القضاء عملا بالأصل، وإن كان أكبر رأيه أنه أكل قبل الغروب فعليه القضاء رواية واحدة؛ لأن النهار هو الأصل، ولو كان شاكا فيه وتبين أنها لم تغرب، ينبغي أن تجب الكفارة؛ نظرا إلى ما هو الأصل وهو النهار
ــ
[البناية]
لا تجب عليه الكفارة م: (لأنه بنى الأمر على الأصل) ش: لأن الليل هو الأصل.
م: (فلا تتحقق العمدية) ش: أي لا يتحقق القصد على الإفطار في رمضان بظهور طلوع الفجر، فلا تجب الكفارة، وفي بعض النسخ: العمدية بفتح العين، وسكون الميم، وكسر الدال، وتشديد الياء، والأصح العمدية بضم الدال، وبه الجار والمجرور.
م: (ولو شك في غروب الشمس لا يحل له الفطر؛ لأن الأصل هو النهار، ولو أكل فعليه القضاء عملا بالأصل) ش: وهو النهار م: (وإن كان أكبر رأيه أنه أكل قبل الغروب فعليه القضاء رواية واحدة) ش: إنما قيد بقوله رواية واحدة احترازاً عما إذا كان أكل وفي أكبر رأيه أن الفجر طالع لأن في وجوب القضاء روايتين ولم يتعرض المصنف رحمه الله[إلى] وجوب الكفارة في هذا فقال صاحب " التحفة " ليس عليه الكفارة لاحتمال قيام الغروب فتكفي شبهة خلافاً لما قال بعض الفقهاء أنه تجب عليه الكفارة لأنه متيقن بالنهار.
م: (لأن النهار هو الأصل) ش: فيجب عليه القضاء م: (ولو كان شاكاً فيه) ش: أي في غروب الشمس م: (وتبين أنها لم تغرب) ش: أي ظهر أن الشمس لم تغرب م: (ينبغي أن تجب الكفارة) ش: إنما قال: ينبغي؛ لأن في وجوب الكفارة اختلاف المشايخ.
وفي " الخلاصة ": يلزمه القضاء بالاتفاق، وفي وجوب الكفارة اختلاف، في جامع شمس الأئمة تلزمه الكفارة وعن محمد رحمه الله: لا يكفر.
م: (نظرا إلى ما هو الأصل هو النهار) ش: يعني بالنظر إلى ما هو الأصل وبالاعتبارية. وفي " النهاية ": يشكل على هذا ما إذا شهد اثنان أن الشمس قد غابت وشهد آخران أنها لم تغب فأفطر، ثم ظهر أنها لم تغب عليه القضاء دون الكفارة بالاتفاق، مع أن تعارض الشهادتين يورث الشك لا محالة فلا تجب الكفارة هناك بالاتفاق مع أن الشك فيه موجود فكيف وجبت هنا بالشك، والجواب: أنه لم يثبت التعارض لأن الشهادة بعدم الغروب ليست بشهادة لكونها على النفي فبقيت الشهادة بالغروب خالية عن المعارضة فتقبل فلم تجب الكفارة.
وفي " المحيط " أمر إنساناً ليطالع الفجر فأخبره بالطلوع فإن كان عدلا ًلا يجوز له الأكل حراً كان أو مملوكاً، ذكراً كان أو أنثى، وإن كان صبياً عاقلاً إن غلب على ظنه لا يأكل ولو أخبره عدل بالطلوع وعدل بعدمه حرية كانا أو عبدين أو أحدهما يتحرى ويأخذ بقول عدلين
ومن أكل في رمضان ناسيا، وظن أن ذلك يفطره فأكل بعد ذلك متعمدا عليه القضاء دون الكفارة؛ لأن الاشتباه استند إلى القياس الشبهة، وإن بلغه الحديث وعلمه فكذلك فيظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنها تجب، وكذا عنهما؛ لأنه لا اشتباه فلا شبهة. وجه الأول: قيام الشبهة الحكمية بالنظر إلى القياس
ــ
[البناية]
إذا عارضه الحران العدلان والعبدان يأخذ بقولين العدلين وإن كان يأكل فأخبره عدل واحد بالطلوع فأتم الأكل، وكذا في الجماع لا كفارة عليه عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله.
ولو كان ممسكاً فأكل بعده أو استدام الجماع كفر بالإجماع، وقال شمس الأئمة: لا بأس بالتسحر باكراً لرأي إذا لم يخف على مثله وإلا فيدع الأكل والتسحر بضرب طول المسحر إن كان من جوانب البلد، أو أحد يعتمد عدالته يجوز وإن عرف فسقه لا يعتمد عليه، وإن لم يعرف حاله يحتاط واختلف في صياح الديك.
م: (ومن أكل في رمضان) ش: حال كونه م: (ناسيا، وظن أن ذلك يفطره) ش: أي والحال أنه قد ظن أن الأكل ناسياً يفطره بضم الياء وتشديد الطاء م: (فأكل بعد ذلك متعمدا) ش: أي حال كونه قاصداً الأكل م: (فعليه القضاء دون الكفارة؛ لأن الاشتباه استند إلى القياس) ش: والقياس الصحيح يقتضي أن لا يبقى الصوم بانتفاء ركنه بالأكل ناسياً، فإذا أكل بعده لم يلاق فعله الصوم فلا تجب عليه الكفارة لتحقق الشبهة وهو معنى قوله م:(الشبهة) ش: لاستنادها إلى القياس.
م: (وإن بلغه الحديث) ش: وهو ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» م: (وعلمه) ش: أي وعلم معنى الحديث وهو أنه لا يفسده.
م: (فكذلك) ش: في رواية، أي فكذلك لا تجب عليه الكفارة في رواية عن أبي حنيفة، وهي رواية الحسن عنه رحمه الله م:(في ظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنها) ش: أي الكفارة م: (تجب، وكذا عنهما) ش: وكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله ومحمد أن الكفارة تجب م: (لأنه لا اشتباه) ش: أي في معنى الحديث لأنه لما علم معنى الحديث علم أن القياس متروك به فلم يشتبه عليه الحال م: (فلا شبهة) ش: أي لا يبقى شبهة، وبين الشبهة المؤثرة في إسقاط الكفارة، لأن ظنه مدفوع بالحديث.
م: (وجه الأول) ش: أي وجه المذكور الأول وهو عدم وجوب الكفارة م: (قيام الشبهة الحكمية بالنظر إلى القياس) ش: أي الشرعية وهي شبهة المحل وهو الصوم لأن الشيء لا يبقى مع فوات ركنه، فتساوى في هذا الأصل العالم وغير العالم، فلا تجب الكفارة خصوصاً إذا تأيدت تلك الشبهة باختلاف العلماء، فإن عند مالك وربيعة الرأي وابن أبي ليلى يفسد صومه
فلا ينتفي بالعلم كوطء الأب جارية ابنه، ولو احتجم وظن أن ذلك يفطره ثم أكل متعمدا، عليه القضاء والكفارة؛ لأن الظن ما استند إلى دليل شرعي إلا إذا أفتاه فقيه بالفساد؛ لأن الفتوى دليل شرعي في حقه، ولو بلغه الحديث فاعتمده، فكذلك عند محمد رحمه الله
ــ
[البناية]
بالأكل ناسياً، وهو اختيار محمد بن مقاتل الرازي من أصحابنا، واختلاف العلماء يورث الشبهة.
وقال المحبوبي: لا تلزمه الكفارة وإن كان عالماً لأن الشبهة تمكنت في المحل باعتبار انعدام ركن الصوم حقيقة، وفي مثل هذه الشبهة العالم يساوي الجاهل كالأب إذا وطئ جارية ابنه لا يلزمه الحد سواء علم حرمتها أو ظن أنها تحل له وهو معنى قوله:
م: (فلا ينتفي بالعلم كوطء الأب جارية ابنه) ش: يجوز فيما لا ينتفي التذكير باعتبار عود الضمير الذي فيه إلى القياس، ويجوز التأنيث باعتبار عوده إلى الشبهة والتحقيق في سقوط الحد عن الأب في الصورة المذكورة أن قوله عليه الصلاة والسلام:«أنت ومالك لأبيك» يقتضي أن يكون مال الابن ملكاً للأب، لكن انتفى ذلك بدليل آخر فبقيت الإضافة مورثة للشبهة وهي شبهة المحل، فاستوى فيها العلم وعدمه فلم يجب الحد لاستناد الشبهة إلى الأصل.
م: (ولو احتجم وظن أن ذلك) ش: أي الاحتجام م: (يفطره ثم أكل متعمدا) ش: أي قصداً م: (عليه القضاء والكفارة لأن الظن ما استند إلى دليل شرعي) ش: أي لأن ظن المحتجم ما استند إلى دليل شرعي حتى تسقط عنه الكفارة، فإن الحجامة كالفصد في خروج الدم من العرق والفصد لا يفسد وكذا الحجامة وقد صح في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم فدل هذا على أن الحجامة لا تفطر الصائم.
م: (إلا إذا أفتاه فقيه بالفساد) ش: استثناء من قوله والكفارة يعني لا تجب الكفارة على المحتجم إذا أكل بعدما أفتاه فقيه بفساد صومه بالحجامة. وقال الكاكي: فقيه من الحنابلة لأن عندهم يفطر الحاجم والمحجوم لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: «أفطر الحاجم والمحجوم» .
وقال المحبوبي: يشترط أن يكون المفتي ممن تؤخذ عنه الفتوى ويعتمد على فتواه في البلدة، ولا يعتبر بغيره، هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله وابن رستم عن محمد وبشر بن الوليد عن أبي يوسف رحمهم الله.
م: (لأن الفتوى دليل شرعي في حقه) ش: لأن العامي يلزمه الرجوع إلى فتوى الفقيه وقد أفتاه بما اختلف الفقهاء فيه فصار ذلك عذراً في الشبهة م: (ولو بلغه الحديث) ش: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» م: (فاعتمده) ش: أي الحديث م: (فكذلك عند محمد) ش: أي لا تجب الكفارة م: (لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم) ش: [بيان] م: (لا ينزل عن قول المفتي) ش: بيان هذا أن قول
لأن قول الرسول- عليه الصلاة والسلام لا ينزل عن قول المفتي، وعن أبي يوسف رحمه الله خلاف ذلك لأن على العامي الاقتداء بالفقهاء لعدم الاهتداء في حقه إلى معرفة الأحاديث.
وإن عرف تأويله تجب الكفارة؛ لانتفاء الشبهة، وقول الأوزاعي رحمه الله: لا يورث الشبهة، لمخالفته القياس
ــ
[البناية]
المفتي بالفطر بالحجامة يكون عذراً في سقوط الكفارة، فقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو فرق كل قول أولى بأن يكون عذراً في عدم وجوب الكفارة.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله خلاف ذلك) ش: أي خلاف المذكور عن محمد، وهو ما روى ابن سماعة وبشر عن أبي يوسف رحمه الله إذا أفطر المحتجم. الحديث عليه القضاء والكفارة م:(لأن على العامي الاقتداء بالفقهاء لعدم الاهتداء في حقه إلى معرفة الأحاديث) ش: يعني العامي إذا سمع حديثاً ليس له أن يأخذ بظاهره، لأنه لا يهتدي إلى معرفة أحواله، لأنه قد يكون منسوخاً أو متروكاً أو مصروفاً عن ظاهره.
م: (وإن عرف تأويله) ش: أي تأويل الحديث م: (تجب الكفارة لانتفاء الشبة) ش: حاصل المعنى أن العامي إذا بلغه الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» وعرف تأويله ولم يعتمده فأكل بعد ذلك عمداً تجب الكفارة لعدم الشبهة، وتأويله بما ذكر الطحاوي في " شرح الآثار " بإسناده إلى أبي الأشعث الصنعاني، قال: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» لأنهما كانا يغتابان حتى حبط أجرهما بالغيبة فصارا كالمفطرين لا أنهما أفطرا حقيقة، والمحجوم هو معقل بن سنان، قيل: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وجماعة معه وهما يغتابان آخر، فقال صلى الله عليه وسلم:«أفطر الحاجم والمحجوم» [أي فطره بما صنع به فوقع عند الراوي أنه قال: أفطر الحاجم المحجوم] بغير الواو على أن المحجوم مفعول فاعتمده، وهذه رواية، والرواية المشهورة بالواو على أن المحجوم عطف على الحاجم.
م: (وقول الأوزاعي رحمه الله: لا يورث الشبهة، لمخالفته القياس) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر بأن يقال: لا نسلم أن منشأ الشبهة ذلك وحده، بل قول الأوزاعي بذلك منشأ لها أيضاً، وقوله: إن الحجامة تفطر الصائم، وبه قال أحمد أيضاً، فأجاب بأن قول الأوزاعي لا يورث الشبهة في سقوط الكفارة لمخالفته القياس، فإن الفطر مما يدخل لا مما يخرج، لا يقال في عبارته تناقض، لأنه قال: إلا إذا أفتاه فقيه، وفتواه لا يكون إلا بقوله ثم قال، وقال الأوزاعي: لا يورث الشبهة، [وأيضاً في هذا الباب لا يكون إلا مخالفاً للقياس، فكيف تكون شبهة] من غير الأوزاعي دونه، لأنا نقول ذلك بالنسبة إلى العامي، وهذا بالنسبة إلى من عرف التأويل.
واسم الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو رضي الله عنهما من الأوزاع وهم بطن من همدان، وقال الواقدي رحمه الله: كان يسكن بيروت وأهله باليمامة ومات ببيروت سنة
ولو أكل بعد ما اغتاب متعمدا فعليه القضاء والكفارة كيفما كان؛ لأن الفطر يخالف القياس، والحديث مؤول بالإجماع وإذا جومعت النائمة، أو المجنونة وهي صائمة عليها القضاء دون الكفارة.
ــ
[البناية]
سبع وخمسين ومائة وهو يومئذ ابن اثنين وسبعين سنة.
م: (ولو أكل بعد ما اغتاب متعمدا فعليه القضاء والكفارة كيفما كان) ش: يعني سواء ظن أن الغيبة فطرته أو استفتى فقيهاً فأفتاه بفساد صومه بالغيبة أو تأول الحديث بأنها تفطره فأكل بعد ذلك عمداً يجب عليه القضاء والكفارة.
م: (لأن الفطر) ش: يعني بالغيبة م: (يخالف القياس) ش: لأن القياس يأبى ذلك م: (والحديث) ش: وهو قوله صلى الله عليه وسلم «الغيبة تفطر الصائم» كذا قاله الأترازي، وقال الكاكي: هو قوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث يفطرن الصائم وتنقض الوضوء ويهدمن العقل، الغيبة والنميمة والنظر إلى محاسن المرأة " ولنبين الآن حال هذين الحديثين م: (مؤول بالإجماع) ش: تأويله بأن المراد به ذهاب الثواب، فلم يوجد الدليل النافي للحرمة في ذاته فلا يكون شبهة، بخلاف حديث الحجامة، فإن بعض العلماء أخذ بظاهره من غير تأويل.
وذكر شيخنا زين الدين رحمه الله في " شرح الترمذي " قد اختلف العلماء في الحجامة والفصد للصائم، فذهب من الصحابة أبو موسى الأشعري وعلي بن أبي طالب، ومن العلماء عطاء والأوزاعي وابن المبارك وأحمد وإسحاق وعبد الرحمن بن مهدي وابن المنذر وابن خزيمة من الشافعية وداود الظاهري إلى أنه تفطر الصائم.
قلت: وردت أحاديث في كون الغيبة مفطرة للصائم كلها مدخولة، فإن الحديث الأول أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " من حديث يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا اغتاب الصائم فقد أفطر» " والحديث الثاني رواه ابن الجوزي عن أنس أيضاً مرفوعاً، ولفظه:«خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء الكذب والنميمة والغيبة والنظر بشهوة واليمين الكاذبة» ، ثم قال: هذا حديث موضوع.
م: (وإذا جومعت النائمة، أو المجنونة وهي صائمة عليها القضاء دون الكفارة) ش: أما صوم النائمة فظاهر، وأما صوم المجنونة فقد تكلموا في صحته، لأنها لا تجامع المجنون. وحكي عن أبي سليمان الجوزجاني أنه قال: لما قرأت هذه المسألة على محمد رحمه الله. قلت: كيف تكون المجنونة صائمة، فقال لي: دع هذه، فإنها انتشرت في الآفاق. ومن المشايخ من قال: كأنه كانت في الأصل مجبورة فظن الكاتب أنها مجنونة ولهذا قال محمد رحمه الله: دع.
وقال زفر والشافعي - رحمهما الله -: لا قضاء عليهما اعتبارا بالناسي، والعذر هنا أبلغ لعدم القصد. ولنا أن النسيان يغلب وجوده، وهذا نادر، ولا تجب الكفارة لانعدام الجناية.
ــ
[البناية]
وأكثر المشايخ: قالوا: تأويله أن العاقلة نوت الصوم ثم جنت في بعض النهار ونامت ثم جامعها ثم أفاقت بعد ذلك واستيقظت وعلمت بفعل الزوج فعليها القضاء والكفارة، كذا في " جامع الأسبيجابي والمحبوبي "، وفي " الفوائد الظهيرية " عن يحيى بن أبان أنه قال: قلت لمحمد هذه مجنونة فقال: لا بل مجبورة، أي المكرهة، فقلت: إلا تجعلها مجبورة، فقال: بلى ثم قال: وكيف وقد سارت بها الركبان؟ دعوها، وبقولنا قال مالك رحمه الله، وقال أحمد: لو جومعت المجبورة يبطل صومه وتجب الكفارة، ولو أكره بالأكل لا يبطل صومه.
م: (وقال زفر والشافعي لا قضاء عليهما) ش: أي على النائمة والمجنونة المذكورتين م: (اعتبارا بالناسي) ش: أي يعتبران اعتبار الناسي م: (والعذر هنا أبلغ) ش: أي العذر في النوم والجنون أبلغ من العذر في النسيان، لأن الناسي قاصد للأكل والنائمة والمجنونة لا قصد منهما أصلاً وهو معنى قوله: م: (لعدم القصد) ش: فيهما لأن الجماع في قصد الناسي بغفلة بخلاف النائمة والمجنونة.
م: (ولنا أن النسيان يغلب وجوده) ش: فيفضي إلى الحرج ولا يصح الجماع بالناسي م: (وهذا) ش: أي جماع النائمة والمجنونة م: (نادر) ش: فالقضاء لا يفضي إلى الحرج م: (ولا تجب الكفارة لانعدام الجناية) ش: لعدم القصد، وبقول زفر والشافعي - رحمهما الله - قال أبو حنيفة رحمه الله في رواية، وأبو ثور، وعلى هذا الخلاف إذا صب الماء [في] حلق الصائم.