الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث
1905 -
عن ابن عباس:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ
…
} الآية؛ وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته؛ فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا؛ فنُسِخَ ذلك؛ وقال: {الطلاق مرتان
…
} الآية.
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المروزي: حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه؛ حيث أخرج المصنف به متنًا آخر برقم (1822). وقد خرجت هذا في "الإرواء"(2080)، وذكرت له شاهدًا مرسلًا صحيح الإسناد.
وروي موصولًا عن عائشة؛ وصححه الحاكم ورده الذهبي.
1906 -
عن ابن عباس قال:
طَلَّقَ عبدُ يزيد أبو رُكَانةَ وإخوتِهِ أمَّ ركانة، ونكح امرأة من مُزَيْنَةَ، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة -لشعرة أخذتها من رأسها-؛ ففرِّقْ بيني وبينه! فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم حَمِيَّةٌ، فدعا بركانة وإخوتِه، ثم قال لجلسائه:
"أترون فلانًا يشبه منه كذا وكذا -من عبد يزيد-، وفلانًا منه كذا
وكذا؟ ". قالوا: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد: "طلِّقْها"، ففعل. ثم قال:
"راجع امرأتك أمَّ ركانة وإخوته". فقال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول الله! قال:
"قد علمت؛ راجعها"، وتلا:{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} .
(قلت: حديث حسن في الباب، وصححه الحاكم، وردَّه الذهبي قائلًا:"الخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإسلام"، وقال:"المعروف أن صاحب القصة ركانة".
قلت: كذلك رواه محمد بن إسحاق: ثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس
…
مختصرًا. أخرجه أحمد، وصححه هو، والحاكم والذهبي وابن القيم، وقال ابن تيمية:"إسناده جيد"، وقوّاه الحافظ، وهو عندي حسن لغيره، كما سيأتي في حديث آخر برقم (1938)).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني بعض بني أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم عن عكرمة، مولى ابن عباس عن ابن عباس.
قال أبو داود: "وحديث نافع بن عُجَيْرٍ وعبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده: أن ركانة طلق امرأته، فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم أصح؛ لأن ولد الرجل وأهله أعلم به: أن ركانة طلق امرأته البتة، فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم واحدة".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري، فهو صحيح؛ لولا أن بعض بني أبي رافع لم يسم، ولكنه قد توبع على موضع الشاهد منه كما يأتي.
والحديث في "مصنف عبد الرزاق"(11334)
…
إسنادًا ومتنًا.
وهو عند البيهقي (7/ 339) من طريق المؤلف.
ثم رواه عبد الرزاق
…
بسنده المذكور عن ابن عباس قال:
طلق رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم امرأته ثلاثًا، فأمره (الأصل: فقال) النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها، فقال: إني طلقتها
…
إلخ؛ وزاد: الآية. قال: فارتجعها.
وهذا قد تابعه عليه داود بن الحصين عن عكرمة
…
به نحوه، وقد سقت لفظه وخرجته وتكلمت على إسناده في "الإرواء"(2063)، ويتلخص منه أن الحديث حسن على الأقل بمجموع الطريقين.
ويزيده قوةً حديثُ أبي الصهباء الآتي بعدُ.
واعلم أن الحديث الذي علقه المصنف هنا عن نافع بن عجير؛ قد وصله بعد ثلاثة أبواب، وصرح هناك -كما صرح هنا- بأنه أصح من حديث ابن جريج هذا عن بعض بني أبي رافع.
وكان يكون الأمر كما قال؛ إذا افترض أن حديث ابن جريج لا شاهد له. أما والأمر بخلافه -للمتابعة التي سبقت الإشارة إليها-؛ وفيها ما في حديث ابن جريج: أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا؛ خلافًا لحديث نافع بن عجير الذي فيه أنه طلقها البتة؛ أي: واحدة.
ولذلك قال ابن تيمية في "الفتاوى"(3/ 18) -بعد أن ساق لفظ المتابعة-:
"وهذا إسناد جيد. وله شاهد من وجه آخر، رواه أبو داود في "السنن"، ولم يذكر أبو داود هذا الطريق الجيد، فلذلك ظن أن تطليقة واحدة أصح؛ وليس الأمر كما قاله، بل الإمام أحمد رجح هذه الرواية على تلك، وهو كما قال أحمد".
قلت: وقد صحح حديث التابعة من ذكرنا آنفًا، فهو المرجِّح لحديث ابن جريج على حديث نافع بن عجير؛ لأن نافعًا مجهول الحال، ولذلك كان حديثه من حصّة الكتاب الآخر (380 و 381).
وقد خرجت الحديث من طرقه الثلاث في "الإرواء"(2063)، وتكلمت فيه على عللها، مع بيان الراجح من المرجوح منها.
1907 -
عن مجاهد قال:
كنت عند ابن عباس، فجاء رجل فقال: إنه طلَّق امرأته ثلاثًا؟ قال: فسكت حتى ظننت أنه رادُّها إليه، ثم قال:
ينطلق أحدكم فيركب الأُحْمُوقَةَ، ثم يقول: يا ابن عباس! يا ابن عباس! وإن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ له مَخْرَجًا} ، وإنَّك لم تَتَّقِ اللهَ، فلم أجِدْ لك مخرجًا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، وإن الله قال:{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن} في قُبُلِ عِدَّتهن.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر).
إسناده: حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَةَ: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب عن عبد الله ابن كثير عن مجاهد.
قال أبو داود: "روى هذا الحديثَ: حميدٌ الأعرج وغيره عن مجاهد عن ابن عباس. ورواه شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وأيوب وابن جريج جميعًا عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وابن جريج عن عبد الحميد بن رافع عن عطاء عن ابن عباس. ورواه الأعمش عن مالك ابن الحارث عن ابن عباس. وابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. كلهم
قالوا في الطلاق الثلاث: أجازها .. قال: وبانت منك
…
نحو حديث إسماعيل عن أيوب عن عبد الله بن كثير".
قال أبو داود: "وروى حماد بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس:
إذا قال: أنت طالق ثلاثًا بفم واحد؛ فهي واحدة.
ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا
…
قولَهُ؛ ولم يذكر: ابن عباس، وجعله قول عكرمة.
وصار قول ابن عباس فيما حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى
…
".
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر كما نقلته عنه في "الإرواء"، وخرجته هناك (2055).
والطرق المعلقة عند المصنف؛ قد وصلها جلها: عبد الرزاق في "المصنف"(6/ 396 - 398) وغيره، وقد خرجت بعضها في المصدر السابق (2056 و 2057).
1908 -
عن محمد بن إياس:
أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سُئِلُوا عن البِكْرِ يطلقها زوجها ثلاثًا؟ فكلهم قالوا: لا تحِلُّ له حتى تنكح زوجًا غيره.
(قلت: إسناده صحيح).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى -وهذا حديث أحمد- قالا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس.
قلت: وهذا إسناد صحيح.
والحديث أخرجه البيهقي (7/ 354) من طريق المصنف.
وأخرجه (7/ 335) من طريق مالك عن الزهري عن ابن ثوبان
…
به.
1909 -
قال أبو داود: "وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن بُكَيْرِ بن الأشَجِّ عن معاوية بن أبي عياش: أنه شهد هذه القصة حين جاء محمد ابن إياس بن البكير إلى ابن الزبير وعاصم بن عمر، فسألهما عن ذلك؟ فقالا: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة؛ فإني تركتهما عند عائشة رضي الله عنها
…
ثم ساق هذا الخبر".
(قلت: هو خبر صحيح بما قبله).
إسناده: هذا معلق كما ترى؛ وقد وصله البيهقي (7/ 335 و 355) من طريقين عن مالك
…
به.
ووصله الطحاوي أيضًا (2/ 33).
ومعاوية هذا: هو أخو النعمان بن أبي عياش الزُّرَقِيِّ المديني، كما في "الجرح والتعديل"(4/ 1 / 380)؛ ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
1910 -
عن ابن طاوس عن أبيه: أن أبا الصهباء قال لابن عباس:
أتعلم أنما كانت الثلاث تُجْعَلُ واحدةً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وثلاثًا من إمارة عمر؟
قال ابن عباس: نعم.
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وزاد مسلم في رواية: فقال عمر ابن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة؛ فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم).
إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني ابن طاوس عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي ..
والحديث أخرجه الدارقطني (ص 445)، والبيهقي (7/ 336) من طريق المصنف.
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني"(2/ 31): حدثنا رَوْحُ بن الفَرَجِ قال: ثنا أحمد بن صالح
…
به.
وهو في "مصنف عبد الرزاق"(11337).
ومن طريقه: أخرجه أحمد (1/ 314)، ومسلم (4/ 184)، والدارقطني (ص 444)، والحاكم (2/ 196) كلهم من طرق أخرى عن عبد الرزاق
…
به. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين"؛ ووافقه الذهبي. وقد وهما في قولهما:
"ولم يخرجاه"! فقد أخرجه مسلم.
وتابعه جماعة عن ابن جريج
…
به.
أخرجه مسلم والنسائي (2/ 96)، والدارقطني.
وتابعه معمر قال: أخبرني ابن طاوس
…
به: أخرجه عبد الرزاق (11336)، ومن طريقه مسلم والطحاوي والدارقطني والبيهقي؛ وزادوا:
فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة؛ فلوا أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم.
وتابعه إبراهيم بن ميسرة عن طاوس
…
به. أخرجه مسلم وابن أبي شيبة (7/ 26)، والدارقطني والبيهقي من طرق ثلاث عن حماد بن زيد عن أيوب السَّخْتِيَاني عنه
…
به.
وخالفهم أبو النعمان عن حماد بن زيد
…
به، فقال: عن غير واحد عن طاوس
…
به؛ وزاد في متنه:
قبل أن يدخل بها!
وهي زيادة منكرة، كما شرحته في "الضعيفة"(1134)؛ ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (378).
وتابعه عمرو بن دينار أن طاوسًا أخبره
…
به: أخرجه عبد الرزاق (11338) عن عمر بن حوشب عنه.
وتابعه ابن أبي مليكة قال: سأل أبو الجوزاء ابن عباس: هل علمت
…
الحديث.
أخرجه الدارقطني والحاكم، وقال:
"صحيح الإسناد"! من طريق عبد الله بن المؤمل عنه. وقال الدارقطني:
"هو ضعيف، ولم يروه عن ابن أبي مليكة غيره". وقال الذهبي في تعقبه على الحاكم:
"قلت: ابن المؤمل ضعفوه".
وروى هشام بن حُجَيْرٍ عن طاوس قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
قد كان لكم في الطلاق أناة؛ فاستعجلتم أناتكم، وقد أجزنا عليكم ما استعجلتم من ذلك.
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 259).
وإسناده إلى طاوس حسن.
ثم روى عن الحسن في الرجل يطلق امرأته ثلاثًا بكلمة واحدة، فقال: قال عمر:
لو حملناهم على كتاب الله، ثم قال: لا، بل نلزمهم ما ألزموا أنفسهم.
ورجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمر بن الخطاب.
ومن طريق أخرى عنه:
أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري: لقد هممت أن أجعل -إذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا في مجلس- أن أجعلها واحدة، ولكن أقوامًا جعلوا على أنفسهم، فأُلْزِمُ كل نفس ما ألزم نفسه! من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام؛ فهي حرام، ومن قال لامرأته: أنت بائنة؛ فهي بائنة، ومن قال: أنت طالق ثلاثًا؛ فهي ثلاث.
وإسناده إلى الحسن صحيح.
قلت: وهذه الطرق تشهد لزيادة معمر -عند مسلم وغيره- المتقدمة، وهي صريحة في أن عمر رضي الله عنه إنما نفذها عليهم ثلاثًا باجتهاد من عنده؛ وإلا لم