الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد أخرج المصنف طرفًا منه فيما تقدم (1608).
83 - باب الإفاضة في الحج
1744 -
عن ابن عمر:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم صلى الظهر بمنى؛ يعني: راجعًا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وعلقه البخاري. وصححه ابن الجارود).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم، وعلقه البخاري. ومن عزاه للمتفق عليه؛ فقد وهم! كما بينته في "الإرواء"(1070)، والحديث مخرج هناك.
1745 -
عن أم سلمة قالت: كانت ليلتي التي يصير إليَّ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساءَ يوم النحر، فصار إليَّ، ودخل عليَّ وَهْبُ بن زَمْعَةَ، ومعه رجل من آل أبي أمية مُتقمِّصين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوهب:
"هل أفَضْتَ يا أبا عبد الله؟ ! ". قال: لا والله يا رسول الله! قال صلى الله عليه وسلم:
"انْزِعْ عنك القميصَ". قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه، ثم قال: لِمَ يا رسول الله؟ ! قال:
"إن هذا يوم رُخِّصَ لكم -إذا أنتم رميتم الجمرة- أن تَحِلُّوا -يعني-
من كل ما حُرِمْتُم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت؛ صِرْتُمْ حُرُمًا، كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، قبل أن تطوفوا به".
(قلت: إسناده حسن صحيح، وقواه أحد رواته، وهو أبو عبيدة بن عبد الله ابن زَمْعَةَ التابعي، ثم الحافظ ابن حجر. واستدركه الحاكم. وقال ابن القيم: "إن الحديث محفوظ" وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين -المعنى واحد- قالا: ثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق: ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرِّج لابن إسحاق إلا مقرونًا، وقد صرح بالتحديث.
وأبو عبيدة بن عبد الله روى عنه جمع من الثقات، وروى له مسلم في "الرضاع"(4/ 169).
على أنه لم يتفرد به، وقد قوّاه ابن القيم كما يأتي.
والحديث في "المسند"(6/ 295): ثنا محمد بن أبي عدي
…
به.
وعنه: الطبراني في "الكبير"(23/ 412)؛ وزاد أحمد: قال محمد: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس ابنة مِحْصَن -وكانت جارة لهم- قالت:
خرج من عندي عُكَّاشة بن مِحْصَنٍ في نفر من بني أسَد متقمصين عشيةَ يوم النحر، ثم رجعوا إليَّ عِشَاءً قُمُصُهُمْ على أيديهم يحملونها. قالت: فقلت: أيْ عُكَّاشة! ما لكم خرجتم متقمصين، ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها؟ ! فقال: أخبرتنا أم قيس:
كان هذا يومًا قد رُخِّصَ لنا فيه -إذا نحن رمينا الجمرة- حللنا من كل ما حُرِمنا منه؛ إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطف به؛ صرنا حرمًا لهيئتنا قبل أن نرمي الجمرة، حتى نطوف به. ولم نطف؛ فجعلنا قمصنا كما تَرَيْنَ.
وهكذا -وبهذه الزيادة-: أخرجه الحاكم (1/ 489 - 490)، وعنه البيهقي (5/ 137) من طريق أخرى عن يحيى بن معين. ثنا ابن أبي عدي
…
به.
وسقط من "المستدرك" ما بعد قوله: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس
…
فيصحح من "البيهقي"، وبسببه لم نعرف ما إذا كان الحاكم صححه -كما هي عادته-، أم سكت عنه -كما يفعل أحيانًا-؟ !
والغريب أن السقط نفسه وقع من "تلخيص المستدرك" أيضًا! وقال ابن القيم في "التهذيب"(2/ 427) -عقب الزيادة-:
"وهذا يدل على أن الحديث محفوظ؛ فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه، وعن أمه، وعن أم قيس".
وأشار الحافظ إلى تقويته بسكوته عليه في "التلخيص"(2/ 260). وهو بلا شك قوي؛ لما سبق من حال إسناده، وما يأتي له من المتابعات والشواهد.
ثم أخرجه البيهقي، وأحمد (6/ 303)، والطبراني (18/ 23 - 24) من طريقين آخرين عن ابن إسحاق: حدثني أبو عبيدة
…
به؛ وزاد أحمد: قال أبو عبيدة:
أوَلا يَشُدُّ لك هذا الأثرُ إفاضةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك قبل أن يمسي؟ !
قلت: يشير إلى حديث ابن عمر قبله. ونحوه حديث جابر الطويل المتقدم (1663).
ولابن إسحاق فيه إسناد آخر، فقال أحمد: ثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن يزيد بن رومان عن خالد مولى الزبير بن نَوْفَلٍ قال: حدثتني زينب ابنة أبي سلمة عن أمها أم سلمة
…
هذا الحديث.
ورجاله ثقات؛ غير خالد هذا، فقال الحافظ في "التعجيل":
"لا يُدْرَى من هو؟ ! ".
وللحديث شواهد تقويه من حديث عائشة وابن عباس
…
مرفوعًا نحوه؛ دون قوله: "فإذا أمسيتم
…
"؛ وقد مضى الكلام عليهما عند حديث عائشة رقم (1727).
ويشهد لسائره ما أخرجه الطحاوي (1/ 418) عن عبد الله بن لهيعة قال: ثنا أبو الأسود عن عروة عن جُدَامة بنت وهب -أخت عكاشة بن وهب-:
أن عُكَّاشة بن وهب -صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وأخًا له آخر جاءاها حين غابت الشمس يوم النحر، فألقيا قميصهما. فقالت: ما لكما؟ ! فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من لم يكن أفاض منها (وفي رواية: من عشية هذه)؛ فليلق ثيابه". وكانوا تطيَّبوا ولبسوا الثياب.
قلت: ورجاله ثقات كلهم؛ لولا سوء حفظ ابن لهيعة، ولكن لا بأس به في الشواهد.
فالحديث -بمجموع ما ذكرته من الطرق- صحيح عندي، وقد سكت عنه الحافظ في "التلخيص"(2/ 258 و 260)، وقال:
"قال البيهقي: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بهذا الحديث. وذكر ابن حزم أنه مذهب عروة بن الزبير".
قلت: وحكاه الطحاوي عن قوم من أهل العلم. والله أعلم.
1746 -
عن ابن عباس:
أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَرْمُلْ في السَّبْعِ الذي أفاض فيه.
(قلت: حديث صحيح، وكذا قال الحاكم، وزاد: "على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي، وقواه الحافظ).
إسناده: حدثنا سليمان بن داود: أخبرنا ابن وهب: حدثني ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان ابن جريج سمعه من عطاء، لكن سأذكر ما يقويه.
وسليمان: هو المَهْرِيُّ المصري.
والحديث أخرجه ابن ماجة (2/ 249)، والحاكم (1/ 475)، والبيهقي (5/ 84) من طرق أخرى عن ابن وهب
…
به. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي!
ويشهد له حديث ابن عمر
…
مرفوعًا:
"كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم؛ فإنه يسعى ثلاثة أطواف
…
" الحديث.
أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد مضى برقم (1654).