الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق: حدثني حارثة بن وهب.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق كان اختلط، لكن رواه عنه سفيان وشعبة أيضًا كما يأتي، وهما سمعا منه قبل الاختلاط.
والحديث أخرجه مسلم (2/ 147)، وابن سعد (2/ 183)، والبيهقي (3/ 134 - 135) من طريق أخرى عن زهير
…
به.
ثم أخرجه البيهقي، وكذا البخاري (3/ 400)، والنسائي (1/ 212)، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1702)، والطحاوي (1/ 243)، وأحمد (4/ 306) -عن شعبة-، والنسائي وأحمد -عن سفيان-، ومسلم والترمذي (882) -وصححه عن أبي الأحوص- كلهم عن أبي إسحاق
…
به.
78 - باب في رمي الجمار
1715 -
عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب، يُكَبِّرُ مع كل حصاة، ورجلٌ من خلفه يَسْتُرُهُ فسألت عن الرجل؟ فقالوا: الفضل بن العباس. وازدحم الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"يا أيها الناس! لا يقتل بعضكم بعضًا، وإذا رميتم الجمرة؛ فارموا بمثل حصى الخَذْفِ".
(قلت: حديث حسن).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن مهدي: حدثني علي بن مُسْهِرٍ عن يزيد بن أبي
زياد: أخبرنا سليمان بن عمرو بن الأحوص.
قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ سليمان بن عمرو بن الأحوص فيه جهالة، لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه شَبِيبُ بن غَرْقَدٍ أيضًا.
ويزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي مولاهم- سيئ الحفظ. وبه أعله المنذري.
لكن الحديث قد جاء كله أو جله مفرقًا في أحاديث:
فرمي الجمرة -وهي جمرة العقبة-؛ كما في الرواية الثانية في حديث جابر الطويل المتقدم (1663). ومثله في رواية لمسلم في حديث ابن مسعود الآتي قريبًا (1723).
وقولها: ورجل من خلفه
…
أي: رديفه؛ في حديث جابر المشار إليه آنفًا.
وفيه التكبير مع كل حصاة. ومثله في حديث عائشة الآتي قريبًا (1722).
وسائره له طريق أخرى بلفظ:
"يا أيها الناس! عليكم بالسكينة والوقار، وعليكم بمثل حصى الخذف".
أخرجه أحمد (5/ 379) من طريق ليث عن عبد الله بن شداد عن أم جندب الأزْدِية:
أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفاض قال
…
وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وليث: هو ابن سعد الإمام.
ويشهد له حديث جابر المتقدم برقم (1699).
والحديث أخرجه البيهقي (5/ 130) من طريق المصنف.
ثم أخرجه هو (5/ 128)، وابن ماجة (2/ 242 و 243)، وأحمد (3/ 503
و 5/ 379) من طرق أخرى عن يزيد بن أبي زياد
…
به نحوه.
ومن طرقه ما يأتي.
1716 -
وفي رواية عنها قالت:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند جمرة العقبة راكبًا، ورأيت بين أصابعه حجرًا؛ فرمى، ورمى الناس.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد ووهب بن بيان قالا: ثنا عَبيِدةُ عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه.
قلت: سبق الكلام عليه في الذي قبله؛ وإنما ساقه المصنف من أجل زيادة الحجر بين أصابعه صلى الله عليه وسلم. وشاهده الحديث (1710).
1717 -
وفي أخرى عنها: زاد:
ولم يَقُمْ عندها.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن إدريس: ثنا يزيد بن أبي زياد
…
بإسناده في هذا الحديث؛ زاد
…
قلت: سبق الكلام عليه قبل حديث؛ وإنما ساقه المصنف رحمه الله من أجل هذه الزيادة: ولم يقم عندها.
ويشهد لها حديث عائشة الآتي بعد أربعة أحاديث.
1718 -
عن ابن عمر:
أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة -بعد يوم النحر- ماشيًا، ذاهبًا وراجعًا، ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: "حسن صحيح").
إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد الله -يعني: ابن عمر- عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عمر المُكَبِّرِ، وهو ضعيف.
لكن تابعه أخوه عبيد الله -وهو المصغر- عند الترمذي، وصححه.
والحديث أخرجه البيهقي (5/ 131) من طريق المصنف وغيره عن القعنبي وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة"(2072)؛ فلا داعي للإعادة.
1719 -
عن جابر بن عبد الله قال:
رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يَرْمِي على راحلته يوم النحر؛ يقول:
"لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحجُّ بعد حَجَّتِي هذه".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم).
إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله يقول
…
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "المسند"(3/ 332)
…
بهذا الإسناد.
وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن ابن جريج
…
به؛ وهو مخرج في "الإرواء"(1074).
وتابعه سفيان: حدثني أبو الزبير
…
به؛ قد مضى في الكتاب برقم (1699).
1720 -
وعنه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضُحىً. فأما بعد ذلك؛ فبعد زوال الشمس.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: وحدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول
…
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.
والحديث في "المسند"(3/ 319)
…
بهذا الإسناد والمتن.
ثم أخرجه هو (3/ 312 و 399)، ومسلم (4/ 80)، والترمذي (894)، والنسائي (2/ 50)، والدارمي (2/ 61)، وابن ماجة (2/ 247)، والطحاوي (1/ 414)، والدارقطني (278)، وابن الجارود (474)، والبيهقي (5/ 131) من طرق أخرى عن ابن جريج
…
به. وقال الترمذي:
"حسن صحيح".
وتابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير
…
به: رواه البيهقي وأحمد (3/ 341).
1721 -
عن وَبْرَةَ قال:
سألت ابن عمر: متى أرمي الجمار؟
قال: إذا رمى إمامك؛ فارْمِ. فأعدت عليه المسألة؟ فقال:
كنا نتحيَّنُ زوال الشمس، فإذا زالت الشمس؛ رمينا.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري).
إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري: ثنا سفيان عن مِسْعَرٍ عن وَبْرَةَ.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الزهري هذا؛ فإنه لم يخرج له البخاري، وقد أخرجه عن غيره كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/ 457): حدثنا أبو نعيم: حدثنا مسعر
…
به.
وأخرجه البيهقي (5/ 148) من طريق أخرى عن أبي نعيم.
1722 -
عن عائشة قالت:
أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها لياليَ أيام التشريق؛ يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كلَّ جمرة بسبع حصيات، يكبِّر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية، فيطيل القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يَقِفُ عندها.
(قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: حين صلى الظهر .. فهو منكر؛ لأن ظاهره أنه صلى الظهر قبل طواف الإفاضة، وهو خلاف حديث جابر الطويل
المتقدم (1663)، وحديث ابن عمر الآتي (1744)؛ فإن فيهما أنه صلاها بعد الإفاضة. وقد صحح الحديثَ ابنُ الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا علي بن بحر وعبد الله بن سعيد -المعنى- قالا: ثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية ابن حبان؛ لكن في إسناده من تكلم فيه كما بينته في "الإرواء"(1082)، فإن ثبت ذلك فبها؛ وإلا فالحديث صحيح؛ لثبوته مفرقًا في أحاديث؛ دون قوله: حين صلى الظهر
…
فإنه منكر؛ لما ذكرته أعلاه، ولم أجد له شاهدًا.
اللهم إلا على رواية الدارقطني بلفظ: حتى صلى الظهر؛ فهي حينئذ مطابقة لحديث جابر، لكن هذه الرواية شاذة عندي؛ لمخالفتها لرواية الآخرين؛ فإنها عندهم باللفظ الأول. والله أعلم.
وأما الأحاديث التي تشهد لسائره؛ فحديث ابن عمر المتقدم برقم (1718)، وحديث جابر (1720)، وحديث ابن مسعود الآتي برقم (1723) بزيادة الشيخين.
ومثله حديث ابن عمر عند البخاري (3/ 460)؛ وزاد:
ثم يتقدم فيسهِّل، فيقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا، فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال، فيسهِّل ويقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا، فيدعو يرفع يديه، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها.
1723 -
عن ابن مسعود قال:
لما انتهى إلى الجمرة الكبرى؛ جعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه، ورمى الجمرة بسبع حصيات، وقال:
هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود).
إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم -المعنى- قالا: ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.
والحديث أخرجه البخاري (3/ 458)
…
بإسناد المصنف الأول.
ثم أخرجه هو، ومسلم (4/ 79)، والنسائي (2/ 50)، وابن الجارود (475)، والبيهقي (5/ 129)، وأحمد (1/ 415 و 436) من طرق أخرى عن شعبة
…
به.
وتابعه الأعمش عن إبراهيم
…
به؛ وزاد:
من بطن الوادي؛ يكبر مع كل حصاة.
أخرجه الشيخان والنسائي والبيهقي، وأحمد (1/ 456).
وتابعه جامع بن شَدَّاد أبو صخرة عن عبد الرحمن بن يزيد
…
به مع الزيادة: أخرجه الترمذي (901)، وابن ماجة (2/ 243)، وأحمد (1/ 430 و 432). وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وتابعه يزيد النخعي عن عمه عبد الرحمن بن يزيد
…
به.
أخرجه أحمد (1/ 458).
وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه
…
به؛ وزاد زيادة أخرى بلفظ: حتى إذا فرغ قال:
"اللهم! اجعله حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا".
أخرجه البيهقي وأحمد (1/ 427) عن ليث عنه.
لكن ليث -وهو ابن أبي سليم- ضعيف.
ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن عمر: عند البيهقي؛ وأعله بقوله:
"عبد الله بن حكيم ضعيف".
قلت: بل هو هالك؛ فإنه الدَّاهِرِيُّ، متهم.
ولذلك؛ فإنه لا يصلح للاستشهاد به، وقد خرجته في "الضعيفة"(1107).
1724 -
عن أبي البَدَّاح بن عاصم عن أبيه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرْخَص لرِعَاءِ الإبل في البيتوتة؛ يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغَدَ ومن بعد الغَدِ بيومين، ويرمون يوم النَّفْر.
(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي).
إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك. (ح) وحدثنا ابن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي البَدَّاح بن عاصم.
قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي البَدَّاح، وهو مشهور في التابعين، كما قال الحاكم والذهبي.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد روى عنه جماعة، وقيل: إن له صحبة، وَرَدَّهُ الحافظ.
والحديث في "الموطأ"(1/ 360).
وقد رواه جماعة من أصحاب "السنن" وغيرهم، وهو مخرج في "الإرواء"(1080).
1725 -
وفي رواية عن أبي البَدَّاح بن عدي عن أبيه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أن يرموا يومًا، ويَدَعُوا يومًا.
(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه من ذكرنا آنفًا. وأبو البداح: هو ابن عاصم بن عدي، نُسِبَ في هذه الرواية إلى جده، كما قال الحاكم والبيهقي).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن، عبد الله ومحمد ابْنَيْ أبي بكر عن أبيهما عن أبي البداح بن عدي عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد صحيح أيضًا، رجاله رجال البخاري؛ غير أبي البداح، وهو ثقة كما تقدم آنفًا.
والحديث أخرجه البيهقي (5/ 151) من طريق المصنف.
ورواه غيره من طريق أخرى عن سفيان
…
به، دون ذكر محمد بن أبي بكر في إسناده!
وذكره فيه محفوظ، كما بينته في المصدر السابق عن البيهقي.
1726 -
عن أبي مِجْلَزٍ قال:
سألت ابن عباس عن شيء من أمر الجمار؟ فقال:
ما أدري أرماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بست أو بِسَبْعٍ؟ !
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري).
إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك: ثنا خالد بن الحارث: ثنا شعبة عن قتاده قال: سمعت أبا مجلز يقول
…
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الرحمن ابن المبارك، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما تأتي الإشارة إليه قريبًا.
والحديث أخرجه النسائي (2/ 51) من طريق أخرى عن خالد
…
به.
وقال أحمد (1/ 372): ثنا روح: ثنا شعبة عن قتادة
…
به.
1727 -
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا رمى أحدكم جمرة العقبة؛ فقد حَلَّ له كل شيء إلا النساءَ".
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا الحجاج عن الزهري عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة.
قال أبو داود: "هذا حديث ضعيف؛ الحجاج لم يَرَ الزهري ولم يسمع منه".
قلت: وهو كما قال رحمه الله، ولذلك رُمِيَ الحجاج بالتدليس، وكان يخطيء أيضًا، ولذلك قال الحافظ:
"صدوق كثير الخطأ والتدليس".
وقد اضطرب في رواية هذا الحديث إسنادًا ومتنًا على وجوه، ذكرتها في "الأحاديث الضعيفة"(1013)، وباختصار في "الإرواء" (1046). وقال البيهقي عقبه:
"وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة، وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه سائر الناس عن عائشة رضي الله عنها".
قلت: حديث عمرة أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1047) مع سائر طرقه عن عائشة. ومنها طريق القاسم المتقدم في أول "المناسك" (1532). وفي بعض طرقه عنها:
طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت.
وفي أخرى من طريق سالم عن ابن عمر قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول:
إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم؛ فقد حل كل شيء؛ إلا النساء والطيب. قال سالم: وقالت عائشة رضي الله عنها: حلَّ له كل شيء إلا النساء. قال: وقالت: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يعني: لحله.
زاد الحميدي (212):
بعدما رمى الجمرة وقبل أن يزور. قال سالم: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تُتَّبَعَ.
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وهذا شاهد قوي لحديث الحجاج، وإن كان يختلف عنه في اللفظ؛ فإن هذا من فعله صلى الله عليه وسلم، وذاك من قوله.
لكن له شاهدان آخران من قوله صلى الله عليه وسلم:
أحدهما: من حديث ابن عباس
…
مرفوعًا مثله: أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات كلهم؛ إلا أنه منقطع كما بينته في "الصحيحة"(239).
والآخر: من حديث أم سليمة
…
مرفوعًا مثله أيضًا؛ وفيه زيادة سيأتي الكلام عند تخريج حديثها في "باب الإفاضة في الحج" رقم (1745).
وله شاهد آخر، يتردد النظر بين أن يكون من فعله صلى الله عليه وسلم أو قوله؛ وهو ما أخرجه الحاكم (1/ 461)، وعنه البيهقي (5/ 122) من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال:
من سنة الحج: أن يصلِّيَ الإمام الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى .. فإذا رمى الجمرة الكبرى؛ حَلَّ له كل شيء إلا النساء والطيب؛ حتى يزور البيت. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي!
وهو خطأ بين؛ فإن فيه إبراهيم بن عبد الله -وهو ابن بشار الواسطي، الراوي عن يزيد بن هارون- ترجمه الخطيب (6/ 120). ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
لكن أخرجه ابن خزيمة (2800) من غير طريقه.
فلعل قوله: والطيب .. وهم منه، كما تدل عليه سائر الأحاديث؛ فإنه موقوف على عمر، الذي ردته عائشة، فيكون قد دخل عليه حديث في حديث ويؤيده أن