الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسناده: قال أبو داود: كتب إليَّ الحسين بن حُرَيْثٍ قال: أخبرنا الفضل بن موسى عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير الحكم، وهو مضعف، كما سبق؛ على اضطرابه في إسناده، فتارة أرسله -وهو الأكثر-، وتارة أسنده، وانظر الرواية المتقدمة؛ و"الإرواء".
وجملة القول: فأحاديث الباب كلها معلولة، لكن بعضها يشهد لبعض. والله أعلم.
18 - باب في الخُلْعِ
1928 -
عن ثَوْبَانَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أيُّما امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غير ما بأس؛ فحرامٌ عليها رائحةُ الجَنَّةِ".
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه أيضًا ابن الجارود وابن حبان، وقال الترمذي: "حديث حسن").
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي أسماء -وهو عمرو بن مَرْثَدٍ الرحبي-، فلم يخرج له البخاري إلا في "الأدب المفرد".
والحديث مخرج في "الإرواء"(2035).
1929 -
عن حَبِيبَةَ بنت سهل الأنصارية:
أنها كانت تحت ثابت بن قيس الشَّمَّاسِ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغَلَسِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من هذه؟ ! ". فقالت: أنا حبيبة بنت سهل. قال:
"ما شأنك؟ ! ". قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس -لزوجها-. فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"هذه حبيبة بنت سهل"؛ وذكرت ما شاء الله أن تذكر. وقالت حبيبة: يا رسول الله! كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت ابن قيس:
"خذ منها"؛ فأخذ منها، وجلست هي في أهلها.
(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهيل الأنصارية.
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كانت عمرة سمعته من حبيبة؛ فقد أشار الحافظ في ترجمتها من "التهذيب" إلى أنه اختلف عليها في إسناده.
قلت: فرواه مالك عن يحيى
…
هكذا.
وخالفه هشيم؛ فقال سعيد بن منصور (1430): حدثنا هشيم: أنا يحيى بن سعيد
…
به؛ إلا أنه قال:
أن حبيبة بنت سهل كانت تحت
…
الحديث.
فهذا مرسل.
ثم قال (1431): حدثنا سفيان عن يحيى
…
به؛ إلا أنه قال: عن عمرة قالت:
جاءت حبيبة
…
وهذا أصرح في الإرسال.
لكن للحديث شواهد يتقوى بها؛ منها: حديث عائشة بعده.
وحديث ابن عباس نحوه: عند البخاري وغيره. وكلها مخرجة في "الإرواء"(2036).
1930 -
عن عائشة:
أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شَمَّاسٍ؛ فضربها، فكسر بعضها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصبح، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ثابتًا، فقال:
"خذ بعض مالها وفارقها". فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ ! قال: "نعم". قال: فإني أصدقتها حديقتين، وهما بيدها! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"خذهما وفارقها"؛ ففعل.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن معمر: ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو: ثنا أبو عمرو السدوسي المديني عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي عمرو السدوسي المديني -وهو سعيد بن سلمة بن أبي الحسام العدوي مولاهم-، فهو من رجال مسلم، لكن فيه كلام من قبل حفظه، أشار إليه الحافظ بقوله:
"صحيح الكتاب، يخطيء من حفظه".
قلت: فإن كان حدَّث به من كتابه؛ فهو صحيح لذاته؛ وإلا فهو صحيح لشواهده، التي منها حديث حبيبة الذي قبله، وما سأذكره في الحديث بعده.
ومحمد بن معمر: هو القيسي أبو عبد الله البصري.
والحديث أخرجه البيهقي (7/ 315) من طريق عبد الله بن رجاء: أنا سعيد ابن سلمة بن أبي الحسام
…
به نحوه؛ وزاد.
فأخذ إحداهما، ففارقها، ثم تزوجها أبي بن كعب رضي الله عنه بعد ذلك، فخرج إلى الشام، فتوفيت هناك.
1931 -
عن ابن عباس:
أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عِدَّتها حيضة.
(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: "حسن غريب"، والحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز: ثنا علي بن بَحْرٍ القطان: ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس.
قال أبو داود: "وهذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مرسلًا".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح"؛ غير القطان، وهو ثقة.
إلا أن عمرو بن مسلم -وهو الجَنَدي- وإن أخرج له مسلم؛ فقد ضعفه الجمهور من قبل حفظه. وقال الحافظ:
"صدوق له أوهام".
وقد اختلف عليه في إسناده، كما أشار إلى ذلك المصنف بذكره رواية عبد الرزاق المرسلة، وهي عنده في "المصنف"(11858).
وسواءً كان الراجح في الحديث وصله أو إرساله؛ فهو صحيح لشواهده الآتية.
والحديث أخرجه الترمذي (1185)، والدارقطني (397)، والحاكم (2/ 206)، وعنه البيهقي (7/ 450) من طرق أخرى عن هشام بن يوسف
…
به.
وحسنه الترمذي.
وصححه الحاكم والذهبي كما ذكرت آنفًا. لكن زاد الدارقطني في المتن فقال: حيضة ونصفًا.
وهي زيادة شاذة؛ بل منكرة، تفرد بها أحد رواة الدارقطني ممن دون هشام بن يوسف؛ خِلافًا لكل من رواه عن هشام. وبخاصة أن رواية عبد الرزاق المرسلة خالية عن هذه الزيادة، وكذلك الشأن في الطرق الأخرى والشواهد الآتي ذكرها.
فلا تغتر بعد ذلك بقول القرطبي في "تفسيره"(3/ 145) -عقب رواية الدارقطني-:
"والراوي عن معمر هنا في الحيضة والنصف: هو الراوي عنه في الحيضة الواحدة، وهو هشام بن يوسف، خرج له البخاري وحده، فالحديث مضطرب من جهة الإسناد والمتن، فسقط الاحتجاج به في أن الخلع فسخ، وفي أن عدة المطلقة حيضة"!
فأقول: كلا؛ ويشهد له ما رواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان:
أن رُبَيِّعَ بنت مُعَوِّذِ ابن عَفْراءَ أخبرته:
أن ثابت بن قيس بن شَمَّاس ضرب امرأته، فكسر يدها -وهي جميلة بنت عبد الله بن أُبَيٍّ-، فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابت، فقال له:"خذ الذي لها عليك، وخلِّ سبيلها". قال: نعم. فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتربص حيضة واحدة فَتَلْحَقَ بأهلها.
أخرجه النسائي (2/ 109) من طريق يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني محمد ابن عبد الرحمن
…
به.
قلت: وسنده صحيح على شرط البخاري.
وتابعه أبو الأسود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذٍ
…
مختصرًا بالجملة الأخيرة منه.
أخرجه الدارقطني (397) عن ابن لهيعة: نا أبو الأسود
…
وسنده لا بأس به في المتابعات والشواهد.
وتابعه محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار عن الرُّبَيِّعِ بنت مُعَوِّذٍ
…
به مختصرًا نحوه: أخرجه الترمذي (1185)، والبيهقي (7/ 450).
وسنده صحيح. وقال الترمذي:
"حديث الربيع بنت معوذ؛ الصحيح أنها أُمِرَتْ أن تعتد بحيضة".
يعني: أن الآمر لها ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو عثمان بن عفان، كما في رواية صحيحة صريحة بذلك عند البيهقي، سأذكرها في الحديث الآتي إن شاء الله. لكن قد صرح عثمان -بعد أن أفتاها بذلك- برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها:
"وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مريم المَنَالية؛ كانت تحت ثابت ابن قيس بن شَمَّاسٍ فاختلعت منه".
أخرجه النسائي وابن ماجة (1/ 633 - 634) بإسناد حسن. وقال الحافظ (9/ 328):
"وإسناده جيد".
1932 -
عن ابن عمر قال:
عِدَّةُ المختلِعة حيضة (1).
(قلت: إسناده موقوف صحيح على شرط الشيخين).
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح على شرط الشيخين.
(1) هذا الأثر والحديث الذي قبله وقع في بعض نسخ الكتاب في آخر "باب الرجل يقول لامرأته: يا أختي! " المتقدم قبل باب! وهو خطأ، ويبدو أنه خطأ قديم؛ فإنه وقع كذلك في "مختصر المنذري"!
والحديث أخرجه البيهقي (7/ 450) عن المصنف
…
بإسناده؛ لكن بلفظ: عِدَّةُ المختلعة عِدَّةُ المطلقة.
وكذلك هو في "الموطأ"(2/ 88) لكن بأتم منه؛ ولفظه: عن نافع:
أن رُبَيِّعَ بنت مُعَوِّذِ ابن عفراء جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر، فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فلم ينكره، وقال عبد الله بن عمر: عدتها عدة المطلقة.
قلت: فرواية "الموطأ" مطابقة لرواية البيهقي عن المصنف، فقد يبدو أن روايته في الكتاب مخالفة أو شاذة، وليس كذلك؛ بل كلاهما محفوظة، ولكن على نوبتين، فما في "الموطأ" و"البيهقي" كان أول الأمر، وما رواه المصنف هو الذي استقر عليه رأيه آخر الأمر.
والدليل ما رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
أن الرُّبَيِّعَ اختلعت من زوجها، فأتى عَمُّها عثمان فقال: تعتد بحيضة، وكان ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حِيَضٍ؛ حتى قال هذا عثمان، فكان يفتي به ويقول: خَيْرُنا وأعلمُنا.
رواه ابن أبي شيبة (5/ 114)، والبيهقي (7/ 450 - 451).
وسنده صحيح على شرط الشيخين.
ورواه عبد الرزاق (11859) عن معمر عن أيوب عن نافع
…
به نحوه مختصرًا، لكن سقط من إسناده: ابن عمر، كما استظهره محققه الفاضل الشيخ الأعظمي.
***