الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في الأذان قبل الفجر
190، 191 - عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بلالًا يُؤذِّنُ بليلٍ فكُلوا واشربوا حتى ينادي ابنُ أُمِّ مَكتوم" وكان رجلًا أعمى لا يُنادِي حتى يُقال له: أصبحتَ أصبحتَ. متفق عليه وفي آخره إدراج.
أولًا: حديث ابن عمر رواه البخاري (622، 623) ومسلم 2/ 768 وأحمد 2/ 57 والدارمي 1/ 270 كلهم من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا.
ورواه البخاري (617) ومسلم 1/ 768 كلاهما من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر به.
ورواه البخاري (620) من طريق مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر به مرفوعًا.
ورواه أيضًا البخاري (617) ومسلم 2/ 768 والترمذي (203) كلاهما من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم".
ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا يُنادي حتى يُقال له: أصبحتَ أصبحتَ. ولم يذكر هذه الزيادة مسلم.
وقوله: "وكان رجلًا .. " هذا مدرج وهو الذي قصده الحافظ في قوله: وفي آخره إدراج.
ثانيًا: حديث عائشة رواه البخاري (622، 623) ومسلم 2/ 768 والنسائي 2/ 10 والدارمي 1/ 270 كلهم من طريق القاسم بن محمَّد عن عائشة به مرفوعًا.
* * *
192 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما إن بلالًا أَذَّنَ قَبْلَ الفجرِ، فأمرَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يَرْجِعَ، فينادي: ألا إنَّ العبدَ نامَ. رواه أبو داود وضعفه.
رواه أبو داود (532) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب- المعنى- قالا: ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالًا .. فذكر الحديث.
قلت: هو معلول، وقد تفرد به حماد بن سلمة.
فقد قال أبو داود 1/ 202: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة. اهـ.
وقال البيهقي 1/ 383: هذا حديث تفرد بوصله حماد عن أيوب عن ابن عمر. اهـ.
وقال الترمذي 1/ 263: هذا الحديث غير محفوظ، والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم". اهـ.
وقال أيضًا الترمذي 1/ 264: قال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم -هو غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد. اهـ.
وقد تابع حماد بن سلمة عن أيوب سعيد بن زربي لكنها متابعة مردودة.
فقد قال البيهقي 1/ 383: وروى أيضًا عن سعيد بن زربي عن أيوب إلا أن سعيدًا ضعيف، ورواية حماد منفردة، وحديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أصح منها، ومعه رواية الزهري عن سالم عن أبيه. اهـ.
لهذا قال النووي في "الخلاصة" 1/ 292: حديث ضعيف ضعفه أبو داود والبيهقي وآخرون. اهـ.
وقال ابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 308: وقد تابعه على ذلك سعيد بن زربي عن أيوب، وكان ضعيفًا قال يحيى: ليس بشيء وقال البخاري: عنده عجائب. وقال النسائي: ليس بثقه، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. اهـ.
وقال ابن الجوزي أيضًا في "التحقيق" 1/ 308 - 309: قال الحاكم: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه سمعت أبا بكر المطرز يقول: سمعت محمَّد بن يحيى يقول: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر "أن بلالًا أذن قبل طلوع الفجر" شاذ غير واقع على القلب وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر. اهـ.
وقال أيضًا ابن الجوزي: وقال أحمد بن حنبل: حدثنا شعيب بن حرب قال: قلت لمالك بن أنس: إن الصبح ينادى لها قبل الفجر؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا" قلت: أليس قد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الأذان، قال: لم يزل الأذان عندنا بليل. قال ابن بكير: قال مالك: لم يزل الصبح ينادى بها قبل الفجر، فأما غيرها من الصلاة فإنا لم نر ينادى بها إلا بعد أن يحل وقتها. اهـ.
وقال عبد الحق الأشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 304: لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة، ورواه شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: نا نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر فذكر نحوه، قال أبو داود: وقد رواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن يقال له: مسعود وذكر نحوه، جعلوا هذا الاختلاف علة في الحديث وضعفوه من أجلها. اهـ.
ورواه عبد الرزاق (1888) والدارقطني 1/ 44 عن أيوب مرسلًا.
ورواه الدارقطني 1/ 245 من طريق محمَّد بن القاسم الأسدي ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بنحو حديث ابن عمر.
قلت: في إسناده محمَّد بن القاسم قال أحمد: أحاديثه موضوعه. اهـ.
وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ.
وقال الدارقطني: يكذب. اهـ.
وقال ابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 309: في إسناده الربيع بن صبيح، قال عفان: أحاديثه كلها مقلوبه، وقال يحيى: ضعيف الحديث وقال في رواية: ليس به بأس، وقال ابن حبان: كان رجلًا صالحًا، ليس الحديث من صناعته، فوقع في أحاديثه المناكير من حيث لا يشعر، وما روى عن الحسن وغيره فمقاطع. اهـ.
ورواه الدارقطني 1/ 245 من طريق أبي يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن بلالًا
…
فذكر نحوه.
قال الدارقطني: أرسله غير أبي يوسف عن سعد عن قتادة والمرسل أصح. اهـ.
وفي الباب عن ابن مسعود وسمرة بن جندب وزياد بن الحارث الصدائي وأنيسة بنت خبيب وزيد بن ثابت وعائشة.
أولًا: حديث عبد الله بن مسعود رواه البخاري (621) ومسلم 2/ 768 وأبو داود (2347) وابن ماجه (1696) وأحمد 1/ 435 كلهم من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعن أحدًا منكم أذان بلال -أو قال: نداء بلال- من سحوره فإنه يؤذن -أو قال. ينادي- بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم.
ثانيًا: حديث سمرة بن جندب رواه مسلم 2/ 769 وأحمد 5/ 13 كلاهما من طريق عبد الله بن سوادة القشيري حدثني والدي أنه سمع سمرة بن جندب يقول: سمعت محمدًا صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يغرن أحدكم نداء بلال من السحور ولا هذا البياض حتى يستطير".
ثالثًا: حديث زياد بن الحارث الصدائي رواه أبو داود (514) والترمذي (199) وأحمد 4/ 169 كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد -يعني الإفريقي- أنه سمع زياد بن نعيم الحضرمي أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي قال: لما كان أول أذان الصحيح أمرني -يعني النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت فجعلت أقول: أقيم يا رسول الله؟ فجعل يمظر إلى ناحية المشرق إلى الفجر فيقول: لا، حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز ثم انصرف إليَّ وقد تلاحق أصحابه -يعني فتوضأ- فأراد أن يقيم فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم:"إن أخا صداء هو أذن، ومن أذن فهو يقيم" قال: فأقمت.
قلت: إسناده ضعيف لأن فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.
قال أحمد: ليس بشيء، نحن لا نروي عنه شيئًا. اهـ.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي. اهـ.
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. اهـ.
ولهذا قال الترمذي 1/ 254: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن سعيد القطان وقال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي. اهـ.
وقال الترمذي أيضًا: ورأيت محمَّد بن إسماعيل يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث. اهـ.
قلت: بعد التأمل في لفظ "مقارب الحديث" تبين أن المحدثين أكثر ما يطلقونه على الراوي وهو قليل وأقل منه من يطلقه على
الحديث أو الإسناد ولعل مرادهم أن حديثه مقارب لحديث الثقات وليس هو منهم.
وأما عبد الرحمن الإفريقي فأكثر الأئمة يرون ترك حديثه.
ولهذا قال ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 1/ 282: حديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي وهو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيرهم، ورأيت محمَّد بن إسماعيل يقوي أمره ويقول: هو مقارب الحديث، وقال أحمد: ليس بشيء لا نروي عنه، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال ابن حبان. يروي الموضوعات. اهـ.
رابعًا: حديث أنيسة بنت خبيب رواه النسائي 2/ 10 وأحمد 6/ 433 وابن خزيمة 1/ 210 وابن حبان 5/ 196 والطبراني في "الكبير" 24 / رقم (482) كلهم من طريق منصور -يعني ابن زاذان- عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة بنت خبيب قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا".
قالت: وإن كانت المرأة ليبقى عليها من سحورها فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحوري.
ورواه البيهقي 1/ 382 من طريق أبي الوليد وأبي عمرو قالا: ثنا شعبة به بمثله.
قلت: رجاله رجال الشيخين.
لهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 152: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
لكن وقع في متنه قلب، فالصواب أن بلالًا هو الذي يؤذن بليل وأن ابن أم مكتوم هو الذي يؤذن عند طلوع الفجر كما سبق في الأحاديث الجياد.
لهذا قال عبد الحق الأشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 303: الصحيح المعروف "إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". اهـ.
ويظهر أنه هو المحفوظ أيضًا عن أنيسة بنت خبيب.
فقد رواه أحمد 6/ 433 والبيهقي 1/ 382 كلاهما من طريق شعبة عن خبيب ابن عبد الرحمن عن عمته قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بلال، أو إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" وكان يصعد هذا وينزل هذا فنتعلق به فنقول: كما أنت حتى نتسحر. هكذا بالشك.
رواه عن شعبة عند أحمد: عفان.
وعند البيهقي أبو داود الطيالسي وهو عند أبي داود الطيالسي في "مسنده"(2166).
ورواه أحمد 6/ 433 من طريق محمَّد بن جعفر عن شعبة به وفيه الشك بين بلال أو أم مكتوم.
والترجيح أن بلالًا هو الذي يؤذن بليل، وأن ابن أم مكتوم وهو الذي ينادي لصلاة الفجر أولى لموافقة الأحاديث الأخرى، والله أعلم.
قال البيهقي 1/ 382: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: فإن صح رواية أبي عمرو وغيره فقد يجوز أن يكون بين ابن أم مكتوم وبين بلال نوب فكان بلال إذا كانت نوبته أذن بليل وكان ابن أم مكتوم إذا كانت نوبته أذن بليل. اهـ. وسيأتي نقله بتمامه عن ابن خزيمة بعد قليل.
خامسًا: حديث زيد بن ثابت رواه البيهقي 1/ 382 من طريق الواقدي ثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود عن محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال".
قلت: إسناده ضعيف لأن فيه الواقدي وسبق الكلام عليه (1).
وبه أعله البيهقي 1/ 382 وابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 1/ 287.
سادسًا: حديث عائشة رواه ابن خزيمة 1/ 211 من طريق إبراهيم بن حمزة نا عبد العزيز -يعني: ابن محمَّد- عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال، فإن بلالًا لا يؤذن حتى يرى الفجر".
(1) راجع باب: الأكل يوم الفطر.
ومن طريقه رواه ابن حبان 5/ 196 (3465) والبيهقي 1/ 382.
قلت: إسناده لا بأس به.
ورواه أحمد 6/ 185 وابن خزيمة 1/ 212 كلاهما من طريق أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين، بلال وأبو محذورة وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد". قلت: إسناده ليس بالقوي.
قال ابن خزيمة 1/ 212: أما خبر أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة فإن فيه نظرًا لأني لا أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود فأما خبر هشام بن عروة فصحيح من جهة النقل، وليس هذا الخبر يضاد خبر سالم عن ابن عمر، وخبر القاسم عن عائشة، إذ جائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد كان جعل الأذان بالليل نوائب بين بلال وبين ابن أم مكتوم، فأمر في بعض الليالي بلالًا أن يؤذن أولًا بالليل فإذا نزل بلال صعد ابن أم مكتوم، فأذن بعده بالنهار، فإذا جاءت نوبة ابن أم مكتوم بدأ ابن أم مكتوم فأذن بليل، فإذا نزل صعد بلال فأذن بعده بالنهار، وكانت مقالة النبي صلى الله عليه وسلم أن بلالًا يؤذن بليل في الوقت الذي كانت النوبة لبلال في الأذان بليل، وكانت مقالة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل في الوقت الذي كانت النوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أم مكتوم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس في كلا الوقتين أن الأذان الأول منهما هو أذان بليل لا بنهار، وأنه لا يمنع من أراد الصوم طعامًا ولا شرابًا، وأن أذان الثاني إنما يمنع الطعام والشراب إذ هو بنهار. اهـ.