الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: من طلب باجتهاده جهة الكعبة
212 -
وعن عامر بن ربيعة قال: كُنّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ مُظلِمَةٍ فأَشكلَتْ علينا القِبْلَةُ فصلَّينا فلما طَلَعتِ الشمسُ إذا نحن صلَّينا إلى غيرِ القِبلَةِ فنزلت {فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] أخرجه الترمذي وضعفه.
رواه الترمذي (345) وابن ماجه (1020) وأبو داود الطيالسي (1145) والبيهقي 2/ 11 والدارقطني 1/ 272 كلهم من طريق أشعث بن سعيد أبي الربيع السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه
…
فذكره.
قلت: أشعث بن سعيد أبو الربيع ضعيف.
قال أحمد: مضطرب الحديث ليس بذاك. اهـ.
وقال ابن معين: ليس بثقة. اهـ.
وقال أبو زرعة: يضعف في الحديث. اهـ.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر الحديث سيئ الحفظ يروي المناكير عن الثقات. اهـ.
وقال البخاري: ليس بمتروك وليس بالحافظ عندهم. اهـ.
وقال النسائي: ليس بثقة ولا يكتب حديثه. اهـ.
وبه أعله ابن الجوزي في "التحقيق"(428) وأيضًا به أعله الترمذي فقال 2/ 22: هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث، وأشعث بن سعيد السمان يضعف في الحديث. اهـ.
قلت: لم يتفرد به أشعث بل تابعه عمرو بن قيس.
فقد رواه أبو داود الطيالسي (1145) ومن طريقه رواه البيهقي 2/ 11 من طريق الأشعث أبي الربيع وعمر بن قيس قالا ثنا عاصم بن عبيد الله به، وفي آخره زاد:"مضت صلاتكم ونزلت: {فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ".
قلت: وهذه المتابعة لا بأس بها فإن عمرو بن قيس هو الملائي وهو من رجال مسلم.
لكن الحديث مداره على عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف كما سبق (1).
وبه أعله ابن القطان، فقد نقل الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 304 عنه أنه قال في كتابه: الحديث معلول بأشعث وعاصم. اهـ.
وكذلك به أعله ابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 316 فقال: وأما عاصم بن عبيد الله، فقال يحيى بن معين: ضعيف ولا يحتج بحديثه وقال ابن حبان: كان سيئ الحفظ كثير الوهم، فاحش الخطأ فترك. اهـ.
(1) راجع باب: فضل الحج والعمرة.
وبه أعله ابن كثير في "تفسيره" 2/ 159.
وقد حسن الألباني الحديث في "الإرواء" 1/ 323 وفيه نظر لما ذكرنا.
* * *
213 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرقِ والمَغرِبِ قِبْلَةٌ" رواه الترمذي وقواه البخاري.
رواه الترمذي (342 - 343) وابن ماجه (1011) كلاهما من طريق محمد بن أبي معشر حدثنا أبي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مرفوعًا.
قلت: في إسناده أبو معشر وهو ضعيف.
قال الترمذي 2/ 21: وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قبل حفظه واسمه نجيح مولى بني هاشم، قال محمد: لا أروي عنه شيئًا وقد روى عنه الناس. اهـ.
وقد ضعفه ابن المديني.
وقال أحمد: حديثه عندي مضطرب لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه أعتبر به. اهـ.
وقال ابن معين: كان أميًّا ليس بشيء. اهـ.
وقال أبو زرعة: صدوق في الحديث وليس بالقوي. اهـ.
وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ.
وقال النسائي وأبو داود: ضعيف. اهـ.
ورواه الترمذي (344) قال: حدثنا الحسن بن أبي بكر المروزي حدثنا المُعلي بن منصور حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله.
قال الترمذي 2/ 21: هذا حديث حسن صحيح، وقال أيضًا: قال محمد -يعني البخاري-: حديث عبد الله بن جعفر المخرمي عن عثمان بن محمد الأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أقوى من حديث أبي معشر. اهـ.
قلت: رجاله ثقات غير شيخ الترمذي قال عنه الحافظ: صدوق. والصواب: أنه فيه جهالة واسمه: الحسن بن بكر بن عبد الرحمن المروزي أبو علي.
ولما ذكر الألباني في "الإرواء" 1/ 325 هذا الحديث قال رجاله كلهم ثقات غير شيخ الترمذي الحسن بن أبي بكر كذا هو في نسخ "السنن" أبي بكر حتى النسخة التي صححها أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- وهو خطأ والصواب "الحسن بن بكر" بحذف لفظ "أبي" كما في "التهذيب" و"التقريب" و"الخلاصة" وهو الحسن بن بكر بن عبد الرحمن أبو علي نزيل مكة، قال مسلمة: مجهول، لكن قد روى عنه جماعة من الثقات ذكرهم في "التهذيب" وكأنه لذلك قال في "التقريب": إنه صدوق. اهـ.
والحديث ذكره النووي في "الخلاصة" 1/ 334 في قسم الضعيف.
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر كما سيأتي.
وفي الباب عن جابر وابن عمر ومعاذ وابن عباس وأثر عن عمر بن الخطاب.
أولًا: حديث جابر رواه الحاكم 1/ 324 والبيهقي 2/ 10 والدارقطني 1/ 271 كلهم من طريق داود بن عمرو الضبي ثنا محمد بن يزيد الواسطي ثنا محمد بن سالم عن عطاء عن جابر قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير أو سير فأظل لنا غيم، فتحيرنا، فاختلفنا في القبلة، فصلى كل واحد منا على حدة، فجعل كل واحد منا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا. فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرنا بالإعادة، وقال:"قد أجزأت صلاتكم".
قال الحاكم 1/ 324: هذا حديث محتج برواته كلهم غير محمد بن سالم فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح، وقد تأملت كتاب الشيخين فلم يخرجا في هذا الباب شيئًا. اهـ.
وتعقبه الذهبي في "التلخيص" وقال: هو -يعني محمد بن سالم- أبو سهل واه. اهـ.
قلت: وقد ضعفه الدارقطني والبيهقي كما سيأتي.
وقد حسنه الألباني في "الإرواء" 1/ 324 بمجموع طرقه، وفيه نظر، لأنه رواه البيهقي 2/ 10 من طريق محمد بن يزيد الواسطي عن محمد بن عبيد الله عن عطاء به.
قلت: الحديث مداره على محمد بن سالم أبو سهل ومحمد بن عبيد الله العَرْزَمي كلاهما ضعيف وبهما أعل الحديث الدارقطني 1/ 271 والبيهقي 2/ 10.
ولما نقل ابن الجوزي في "التحقيق"(429) قول الدارقطني قال: كذا قال: "عن محمد بن سالم" وقال: غيره: عن محمد بن عبيد الله العَرْزَمي عن عطاء وهما ضعيفان، قال ابن الجوزي: أما محمد بن سالم: فكان ابن المبارك إذا مرَّ بحديثه يقول اضربوا عليه، وقال أحمد: هو شبه المتروك، وقال يحيى القطان: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث لا يساوي شيئًا، وأما العرزمي فقال أحمد: ترك الناس حديثه، وقال يحيى: لا يكتب حديث، ثم قال ابن الجوزي: على أنه حدث عنه شعبة وسفيان. اهـ.
ورواه الدارقطني 1/ 271 والبيهقي 2/ 11 من طرق عن أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري قال: وجدت في كتاب أبي ثنا عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بنحوه.
وقال البيهقي: ولم نعلم لهذا الحديث إسنادًا صحيحًا قويًّا وذلك لأن عاصم بن عبيد الله بن عمر العمري
…
ومحمد بن عبيد الله العرزمي ومحمد بن سالم الكوفي كلهم ضعفاء، والطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة وغيرها. اهـ.
وسيأتي الكلام عن حال العرزمي (1).
(1) راجع باب: إيجاب الحج بالزاد والراحلة وباب: ما جاء أن الوتر سنة.
لهذا ذكر النووي في "الخلاصة" 1/ 335 هذا الحديث في قسم الضعيف.
ثانيًا: حديث ابن عمر رواه الحاكم 1/ 323 والبيهقي 2/ 9 كلاهما من طريق أبي يوسف يعقوب بن يوسف الواسطي ثنا شعيب بن أيوب ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".
قال الحاكم 1/ 323: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإن شعيب بن أيوب ثقة وقد أسنده. اهـ.
قلت: شعيب بن أيوب بن رزيق الصرِيفيني القاضي لم يخرج له الشيخان والحديث رجاله لا بأس بهم غير أن أبا يوسف يعقوب بن يوسف الواسطي لم أجد له ترجمة.
لهذا لما ذكر الألباني في "الإرواء" 1/ 326 قول الحاكم قال: شعيب لم يخرج له الشيخان شيئًا، إنما أخرج له أبو داود فقط، فالحديث صحيح فقط إن كان الراوي عنه يعقوب بن يوسف أبو يوسف الخلال الواسطي ثقة، فإني لم أجد له ترجمة فيما عندي من كتب الرجال، وقد تفرد به
…
اهـ.
ورواه الحاكم 1/ 323 والبيهقي 2/ 9 كلاهما من طريق أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، ثنا سعيد بن مسعود ثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما بين المشرق والمغرب قبلة".
قال الحاكم 1/ 323: محمد بن عبد الرحمن بن مجبر وهو ثقة، عن نافع عن ابن عمر. اهـ. ووافقه الذهبي وفيما قالا نظر، فإن محمد بن عبد الرحمن المُجبَّر، وقيل: المُجَبّر متروك الحديث كما نقل الذهبي في "الميزان".
قال يحيى: ليس بشيء. اهـ.
وقال أبو زرعة: واهٍ. اهـ.
وقال البخاري: سكتوا عنه. اهـ.
وقال الفلاس: ضعيف. اهـ.
وقال النسائي: متروك. اهـ. قال البيهقي 2/ 9: تفرد بالأول ابن مجبر وتفرد بالثاني يعقوب بن سفيان الخلال، والمشهور رواية الجماعة حماد بن سلمة وزائدة بن قدامة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر من قوله. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(528): سئل أبو زرعة عن حديث رواه يزيد بن هارون عن محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" قال أبو زرعة. هذا وهم الحديث حديث ابن عمر موقوف. اهـ.
ثالثًا: حديث معاذ رواه الطبراني في "الأوسط"(246) من طريق أحمد بن رشدين قال: حدثنا هشام بن سلام البصري قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله السكوني عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه -
قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم في سفر إلى غير القبلة، فلما قضى الصلاة وسلم، تجلَّت الشمس فقلنا: يا رسول الله، صلينا إلى غير القبلة، فقال:"قد رُفعت صلاتكم بحقها إلى الله عز وجل".
قال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم بن أبي عبلة إلا إسماعيل بن عبد الله، ولا عن إسماعيل إلا أبو داود، تفرد به هشام بن سلام. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 15: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه أبو عبلة والد إبراهيم، ذكره ابن حبان في "الثقات"، واسمه: شمر بن يقظان. اهـ.
قلت: وقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 376 ولم يورد فيه جرحًا ولا تعديلًا.
قلت: وأيضًا شيخ الطبراني أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين ضعيف.
قال: ابن عدي: كذبوه وأنكرت عليه أشياء. اهـ.
رابعًا: حديث ابن عباس رواه ابن مردويه كما ذكره ابن كثير في "تفسيره" 2/ 160 من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأخذتهم ضبابة فلم يهتدوا إلى القبلة فصلوا لغير القبلة، ثم استبان لهم بعد ما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبلة، فلما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوه فأنزل الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115].
قلت: إسناده واهٍ، لأن فيه الكلبي واسمه محمد بن السائب بن بشر وهو متهم بالكذب، وأبو صالح هو باذام مولى أم هانئ وهو أيضًا ضعيف.
خامسًا: أثر عمر بن الخطاب رواه البيهقي 2/ 9 من طريق خالد بن مخلد ثنا نافع بن أبي نعيم عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجهت قبل البيت.
قلت: إسناده ليس بذاك.
قال ابن التركماني في "الجوهر النقي مع السنن" 2/ 9. فيه ثلاثة أمور: أحدهما: أن نافع بن أبي نعيم قال أحمد: ليس بشيء في الحديث، حكاه ابن عدي في "الكامل"، وحكى عنه الساجي أنه قال: هو منكر الحديث، الثاني: أن هذا الأثر اختلف فيه على نافع، فرواه عنه ابن أبي نعيم كما مر، ورواه مالك في "الموطأ" عنه أن عمر قال، الثالث: قوله: "إذا توجهت قبل البيت" يحتمل أن يراد به طلب الجهة، فيحمل على ذلك حتى لا يخالف أول الكلام، وهو قوله: "ما بين المشرق والمغرب قبله".
قلت: وله طريق آخر عند البيهقي 2/ 9 وجعله البعض من مسند أبي هريرة.
وقد اختلف في إسناده كما بينه الدارقطني في "العلل" 2 / رقم (94).