الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في الشعر في المسجد
255 -
وعنه أن عمر رضي الله عنه مر بحسَّانَ يُنشدُ في المسجدِ، فَلَحَظَ إليه، فقال: قد كنتُ أُنْشِدُ فيه، وفيه مَن هو خيرٌ منك. متفق عليه.
روى البخاري (3212) ومسلم 4/ 1933 والنسائي 2/ 48 وأبو داود (5013) وعبد الرزاق 1/ 439 والبيهقي 2/ 448 كلهم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: مرَّ عمر في المسجد وحسان ينشد، فقال: كنت أنشد فيه، وفيه من هو خيرٌ منك، ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال: أنشدك بالله، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"أجب عني، اللهم أيده بروح القدس"؟ قال: نعم.
قلت: وهذا الحديث بهذا الإسناد مرسل، لأن سعيد بن المسيب لم يدرك مرور عمر بحسان.
لكن الذي يظهر أن سعيد بن المسيب روى هذه القصة عن أبي هريرة، واختصر الإسناد.
لهذا رواه مسلم 4/ 1932 من طريق الزهري عن سعيد عن أبي هريرة بلفظ أن عمر مر بحسان وهو ينشد الشعر في المسجد، فلحظ إليه، فقال: قد كنت أنشد، وفيه من هو خيرٌ منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك بالله! أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أجب عنِّي اللهم! أيده بروح القدس"؟ قال: اللهم نعم
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 548: ورواية سعيد لهذه القصة مرسلة لأنه لم يدرك زمن المرور، ولكن يحمل على أن سعيدًا سمع ذلك من أبي هريرة بعد أو من حسان، أو وقع لحسان استشهاد أبي هريرة مرة أخرى فحضر ذلك سعيد، ويقويه حديث الباب. اهـ.
يعني ما رواه البخاري (453) ومسلم 4/ 1933 كلاهما من طريق شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع حسان بن ثابت يستشهد أبا هريرة: أنشدك الله
…
فذكره.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس وجابر بن سمرة وحكيم بن حزام ومرسل أسيد بن عبد الرحمن وأثر عن عبد الله بن مسعود.
أولًا: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه الترمذي (322) وأبو داود (1079) وابن ماجه (749) وابن خزيمة 2/ 275 والبيهقي 2/ 448 كلهم من طريق ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والاشتراء فيه، وأن يتحلق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة.
قلت: إسناده حسن.
وقال الترمذي 2/ 6: حديث حسن. اهـ.
وحمل النهي في هذا الحديث على تناشد الأشعار الجاهلية.
وبه أخذ الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 548.
وقال النووي في "المجموع" 2/ 177: حديث حسن، رواه النسائي بإسناد حسن. اهـ.
ثانيًا: حديث ثوبان رواه الطبراني في "الكبير" 2/ 103 - 104 قال: حدثنا أحمد بن النصر العسكري حدثنا عيسى بن هلال الحمصي حدثنا محمد بن حمير عن عباد بن كثير عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن جده ثوبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأيتموه ينشد شعرًا في المسجد فقولوا: فض الله فاك ثلاث مرات، ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا: لا وجدتها ثلاث مرات، ومن رأيتموه يبيع ويبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك" كذلك قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: عبد الرحمن بن ثوبان لم أجد له ترجمة، وقد نص على هذا الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 25.
وسيأتي الكلام على هذا الحديث في باب النهي عن البيع والشراء في المسجد.
ثالثًا: حديث أنس رواه البخاري (428) قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الوارث عن أبي التياح عن أنس:
…
وذكر قصة بناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال: وجعلوا عِضادته الحجارة، وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون، والنبي صلى الله عليه وسلم معهم وهو يقول.
"اللهم لا خير إلا خير الآخرة
…
فاغفر للأنصار والمهاجرة".
وقد سبق ذكر الحديث بطوله ضمن الباب السابق.
رابعًا: حديث جابر بن سمرة رواه أحمد 5/ 91 والترمذي (854) كلاهما من طريق شريك عن سماك عن جابر بن سمرة قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مئة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية فربما تبسم معهم. هذا لفظ أحمد ونحوه الترمذي ولم يذكر فيه: المسجد.
قلت: في إسناده شريك وقد توبع كما ذكر الترمذي 8/ 66.
فقد رواه مسلم 1/ 463 من طريق زهير وأبي خيثمة عن سماك بن حرب به بلفظ: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم كثيرًا، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويبتسم. هكذا وليس فيه ذكر الشعر.
خامسًا: حديث حكيم بن حزام رواه أبو داود (4490) وأحمد 3/ 434 والبيهقي 8/ 328 والحاكم 4/ 419 كلهم من طريق محمد بن عبد الله بن المهاجر الشُّعَيثي عن زفر بن وثيمة عن حكيم بن حزام قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقاد في المساجد وأن ينشد فيها الأشعار أو تقام الحدود.
قلت: سيأتي تخريجه في باب: النهي عن إقامة الحدود في المساجد.
سادسًا: مرسل أسيد بن عبد الرحمن رواه عبد الرزاق 1/ 439 عن إبراهيم بن محمد عن ابن المنكدر عن أسيد بن عبد الرحمن:
أن شاعرًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسجد فقال: أنشدك يا رسول الله! قال: "لا"، قال: بلى، فأذن لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فاخرج من المسجد"، فخرج من المسجد، قال: فأعطاه صلى الله عليه وسلم ثوبًا، وقال: هذا بدل ما مدحت به ربك.
قلت: في إسناده أُسيد بن عبد الرحمن قد يكون الخثعمي وقد يكون أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وكلاهما لا يوجد لهما رواية عن الصحابة، فكيف عن النبي صلى الله عليه وسلم فالحديث أشبه ما يكون معضلًا.
وأيضًا في إسناده إبراهيم بن محمد الذي يظهر أنه ابن المنكدر وهو متروك.
قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 295: إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى وهو متروك الحديث. اهـ وسبق الكلام عليه (1).
سابعًا: أثر عبد الله بن مسعود رواه مسدد كما في "المطالب"(363) قال: حدثنا يحيى عن شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مُضرِّب قال: قال عبد الله: إذا رأيتم الشيخ ينشد الشعر في المسجد يوم الجمعة ويذكر أيام الجاهلية، فاقرعوا رأسه بالعصا.
قلت: رجاله ثقات، وإسناده ظاهره الصحة.
وبالنسبة لعنعنة أبي إسحاق فهي مقبولة إذا روى عنه شعبة كما سبق بيانه حيث قال: كفيتكم تدليس ثلاثة وذكر منهم أبا إسحاق السبيعي.
(1) راجع باب: المني يصيب الثوب، وباب: الدعاء عند الفراغ من التلبية.