الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: التشديد في المرور بين يدي المصلي وبين سترته
229 -
وعن أبي جُهَيْم بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يَعلمُ المَارُّ بين يَدَي المُصَلِّي ماذا عليه من الإثمِ، لكان أن يقفَ أربعين خيرًا له من أن يَمُرَّ بين يديه" متفق عليه واللفظ للبخاري، ووقع في البزار من وجه آخر "أربعين خريفًا".
رواه البخاري (510) ومسلم 1/ 363 والنسائي 2/ 66 وأَبو داود (701) والترمذي (336) وابن ماجة (944 - 945) وابن خزيمة 2/ 14 والدارمي 1/ 329 والبيهقي 2/ 268 والبغوي في "شرح السنة" 2/ 454 كلهم من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي فقال أَبو جهيم:
…
فذكره.
وزاد البخاري: قال أَبو النضر: "لا أدري أقال: أربعين يوما أو شهرًا أو سنة".
أما رواية البزار "أربعين خريفًا" فقد نقل إسناده الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 79 فقال: رواه البزار في "مسنده" حدثنا أحمد بن عبدة ثنا سفيان عن سالم بن أبي النضر عن بشر بن سعيد، قال: أرسلني أَبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله عن المار بين يدي المصلي، فقال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خريفًا، خير له من أن يمر بين يديه". اهـ.
قلت: والذي يظهر أنه لم يضبط سنده ولا متنه.
أما بالنسبة لسنده فقد قال الزيلعي أيضًا في "نصب الراية" 2/ 79: إن متنه عكس متن "الصحيحين" فالمسؤول في لفظ "الصحيحين" هو أَبو الجهم، وهو الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسؤول -الراوي عند البزار- زيد بن خالد، وينسب ابن القطان وابن عبد البر الوهم لابن عيينة، قال ابن القطان في "كتابه" بعد أن ذكرهم من جهة البزار: وقد خطأ الناس ابن عيينة في ذلك، لمخالفته رواية مالك وليس خطؤه بمتعين لاحتمال أن يكون أَبو جهيم بعث بشر بن سعيد إلى زيد بن خالد، وزيد بن خالد بعثه إلى أبي جهيم بعد أن أخبره بما عنده ليتثبته فيما عنده، فأخبر كل واحد منهما بمحفوظه وشك أحدهما وجزم الآخر -بأربعين خريفًا- واجتمع ذلك كله عند أبي النضر وحدث به الإمامين: مالك وابن عيينة، فحفظ مالك حديث أبي جهيم وحفظ سفيان حديث زيد بن خالد. اهـ.
قلت: وفي هذا الجمع بُعْد ظاهر قال الحافظ ابن حجر في "الدراية" 1/ 179: وهذا اختلاف شديد على ابن عيينة، ثم ذكر جمع ابن القطان تعقبه الحافظ فقال: ولا يخفى تكلفه. اهـ.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 147: روى ابن عيينة هذا الحديث مقلوبًا عن أبي النضر عن بسر بن سعيد، جعل في موضع زيد بن خالد أبا جهيم وفي موضع أبي جهيم زيد بن خالد. اهـ.
وأما ما وقع في الحديث من عدم ضبط متنه، أن المحفوظ في الحديث عن سفيان بدون زيادة "خريفًا".
وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 585: وقد وقع في "مسند" البزار من طريق ابن عيينة التي ذكرها ابن القطان: لكان أن يقف أربعين خريفًا، أخرجه عن أحمد بن عبدة الضبي عن ابن عيينة، وقد جعل ابن القطان الجرم في طريق ابن عيينة والشك في طريق غيره دالًّا على التعدد، لكن رواه أحمد وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور، وغيرهم من الحفاظ عن ابن عيينة عن أبي المضر على الشك أيضًا. اهـ.
قال الألباني في "تمام المنة" ص 302: قوله: "أربعين خريفا" فهذه الزيادة "خريفا" خطأ من ابن عيينة فإنه رواه عن أبي النضر عن بسر بن سعيد وخالفه مالك وسفيان الثووي، فقالا: قال أَبو النضر: "لا أدري أقال: أربعين يومًا، أو شهرًا أو سنة؟ " وهو رواية الجماعة وهو رواية أحمد عن ابن عيينة أيضًا، فهي تقوي خطأ رواية البزار عنه، ثم نقل قول الحافظ في "الفتح": فيبعد أن يكون الجزم -يعني قوله: خريفًا- والشك وقعا معًا في راوٍ واحد في حال واحدة. اهـ.
قلت: ورواه ابن أبي شيبة فاقتصر على لفظ أربعين، فقد رواه 1/ 316 قال: نا وكيع بن الجراح عن سفيان عن سالم بن أبي النضر به بلفظ: "لو يعلم أحدكم ماله في الممر بين يدي أخيه وهو يصلي من الإثم، لوقف أربعين". اهـ.
وقد وقع في رواية الكشميهني لـ "صحيح البخاري" زيادة "من الإثم" وفيه نظر.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 585: زاد الكشميهني "من الإثم" وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره، والحديث في "الموطأ" بدونها، وقال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في شيء منه، وكذا رواه الستة وأصحاب المسانيد والمستخرجات بدونها، ولم أرها في شيء من الروايات مطلقًا، لكن فِي "مصنف" ابن أبي شيبة يعني من الإثم. فيحتمل أن تكون ذكرت في أصل البخاري حاشية فظنها الكشميهني أصلًا، لأنه لم يكن من أهل العلم ولا من الحفاظ بل كان راوية
…
اهـ.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وأثر عن ابن مسعود.
أولًا: حديث أبي سعيد الخدري رواه البخاري (509) ومسلم 1/ 362 كلاهما من طريق حميد بن هلال قال: بينما أنا وصاحب لي نتذاكر حديثًا إذ قال أَبو صالح السمَّان: أنا أحدثك ما سمعت من أبي سعيد الخدري ورأي منه، قال: بينما أنا مع أبي سعيد يصلي يوم الجمعة إلى شيء يستره من الناس، إذ جاء رجل شاب من بني مُعيط، أراد أن يجتاز بين يديه، فدفع في نحره، فنظر فلم يجدد مساغًا إلا بين يدي أبي سعيد فعاد فدفع في نحره أشد من الدفعة الأولى، فمثل قائمَا فنال من أبي سعيد ثم زاحم الناس فخرج، فدخل على مروان، فشكا إليه ما لقي، قال: ودخل أَبو سعيد
على مروان فقال له مروان: ما لك ولابن أخيك؟ جاء يشكوك، فقال أَبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلّى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان".
وسيأتي بعد عدة أحاديث مزيد تخريج لهذا الحديث.
ثانيًا: حديث ابن عمر رواه مسلم 363/ 1 من طريق الضحاك بن عثمان عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه، فإن أَبى فليقاتله فإنما معه القرين".
ثالثًا: حديث أبي هريرة رواه أحمد 2/ 371 وابن ماجة (946) وابن خزيمة 2/ 14 كلهم من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب عن عمه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم أحدكم ماله في أن يمر بين يدي أخيه معترضًا في الصلاة كان لأن يقيم مئة عام خير له من الخطوة التي خطاها" هذا لفظ ابن ماجة.
وعند أحمد وابن خزيمة بلفظ: "لو يعلم أحدكم ماله في أن يمشي بين يدي أخيه معترضا وهو يناجي ربه، كان أن يقف في ذلك مئة عام أحب إليه من أن يخطو".
قلت: في إسناده عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب التيمي اختلف فيه.
قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة. اهـ.
وقال الدوري عن يحيى بن معين: ضعيف. اهـ.
وقال أَبو حاتم: صالح. اهـ.
وقال البخاري في "التاريخ الأوسط": كان ابن عيينة يضعفه. اهـ.
وقال النسائي: ليس بذاك القوي. اهـ.
وقال ابن عدي: حسن الحديث يكتب حديثه. اهـ.
قلت: وكذلك عم عبيد الله بن عبد الرحمن اسمه عبيد الله بن عبد الله بن موهب أَبو يحيى التيمي، قال أحمد: لا يعرف. اهـ.
وقال الشافعي: لا نعرفه. اهـ.
وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال. اهـ.
وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال البوصيري في تعليقه على "زوائد سنن ابن ماجة": في إسناده مقال لأن عم عبيد الله بن عبد الرحمن اسمه عبيد الله بن عبد الله، قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير، ولكن ابن حبان، خص ضعف أحاديثه بما إذا روى عنه ابنه. اهـ.
رابعًا: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 2/ 85 - 81 قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نافع ثنا أَبو عبيد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ثنا عبد الله بن وهب نا عبد الله بن عياش عن أبي رزين الغافقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذي يمر بين يدي الرجل - وهو يصلي - عمدًا، يتمنى يوم القيامة أنه شجرة يابسة".
قال الطبراني عقبه: لا يروى عن ابن عمرو إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن وهب. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 61: وفيه من لم أجد من ترجمه. اهـ. ولعله يشير إلى جهالة شيخ الطبراني وأبي رزين الغافقي.
قلت: عبد الله بن عياش هو القتباني وقد أخرج له مسلم حديثًا واحدًا.
قال أَبو داود والنسائي: ضعيف. اهـ.
وقال ابن يونس: منكر الحديث. اهـ.
وقال أَبو حاتم: ليس بالمتين صدوق يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لهيعة. اهـ.
خامسًا: أثر ابن مسعود رواه ابن أبي شيبة 1/ 316 قال: حدثنا أَبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال نا أَبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: كان ابن مسعود إذا مر أحد بين يديه وهو يصلي التزمه حتى يرده ويقول: إنه ليقطع نصف صلاة المرء مرور المرء بين يديه.
قلت: في إسناده ابن إسحاق وقد عنعن وهو من المكثرين من التدليس (1).
(1) راجع باب. ما جاء في الاستنجاء بالماء من التبرز.