الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ميراث ذوي الأرحام
مدخل
…
باب ميراث ذوي الأرحام:
الأرحام: جمع رحم، قال صاحب المطالع: هي معنى من المعاني، وهو النسب والاتصال الذي يجمعه والد، فسمي المعنى باسم ذلك المحل تقريبا للأفهام، ثم يطلق على كل قرابة. ا. هـ.
وشرعا: كل قريب، وفي عرف الفرضيين: هم كل قريب ليس له فرض مقدر ولا عصوبة.
وهم أربعة أصناف، مقدم بعضها على بعض بالترتيب الآتي أدناه، وإن أكثر الصحابة -رضوان الله عليهم- كعمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي عبيدة، ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وابن عباس، وغيرهم يرون توريث ذوي الأرحام، وتابعهم على ذلك علقمة، وإبراهيم، وشريح، والحسن، وابن سيرين، وعطاء، ومجاهد، وعليه مذهب أبي حنيفة رحمه الله وأصحابه ومن تابعهم.
الدليل:
الدليل هو قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} 1 أي: بعضهم أولى بميراث بعض فيما كتب الله.
قال أهل العلم: كان التوارث في ابتداء الإسلام بالحلف، فكان الرجل يقول للرجل: دمي دمك ومالي مالك، تنصرني وأنصرك وترثني وأرثك، فيتعاقدان الحلف بينهما على ذلك فيتوارثان دون القرابة، وذلك قوله تعالى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآَتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} 2 ثم نسخ
1 سورة الأنفال الآية 75.
2 سورة النساء الآية 32.
ذلك فصار التوارث بالإسلام والهجرة، فإذا كان له ولد ولم يهاجر ورثه المهاجر دونه؛ وذلك لقوله تعالى:{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} 1.
ثم نسخ بقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} 2.
وروى الإمام أحمد رحمه الله بإسناده عن سهل بن حنيف: "أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله ولم يترك إلا خالا، فكتب فيه أبو عبيدة إلى عمر رضي الله عنهما فأجابه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه" "3 أخرجه أبو داود.
وكتب عمر إلى أبي عبيدة رضي الله عنهما بهذا جوابا حين سأله عن ميراث الخال وهو رضي الله عنه أحق بالفهم والصواب.
وفي الحديث سماه وارثا والأصل الحقيقة، وأيضا لما مات ثابت بن الدحداح قال صلى الله عليه وسلم لقيس بن عاصم:"هل تعرفون له نسبا فيكم؟ " فقال: إنه كان فينا غريبا ولا نعرف له إلا ابن أخته، وهو أبو لبابة بن عبد المنذر، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه له.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم لما استخبر عن ميراث العمة والخالة: "لا شيء لهما" فيحتمل أنه لا ميراث لهما مع ذوي الفروض والعصبات؛ ولذلك سمي الخال وارث من لا وارث له أي: لا يرث إلا عند عدم الوارث.
1 سورة الأنفال الآية 72.
2 سورة الأنفال الآية 75.
3 الجامع الصغير للسيوطي ص557 رقم 4123.
بيان أصناف ذوي الأرحام:
لقد بينا قبلا أن ذوي الأرحام أربعة أصناف، مقدم بعضها على بعض.
الصنف الأول: جزء الميت وهم: أولاد بنات الميت، وأولاد بنات ابنه وإن سفلوا، ذكورا كانوا أو إناثا.
الصنف الثاني: أصل الميت وهم: أجداده وجداته لأمه، كأبي أم الميت، وأبي أبي أمه، وكأم أبي الميت، وأم أم أبي أمه.
الصنف الثالث: من ينتمي إلى الميت وهم: أولاد الأخوات، وبنات الإخوة وإن سفلوا، من أي جهة كانوا.
الصنف الرابع: من ينتمي إلى جدي الميت أو جدتيه وهم: الأعمام لأم "إخوة أبيه من أمه"، والعمات والأخوال والخالات من أي جهة كانوا.
الحجب عند اجتماع أصناف ذوي الأرحام:
إن أقرب الأصناف الأربعة إلى الميت الصنف الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع على القول المفتى به، والذي عليه العمل في المحاكم الشرعية بالجمهورية السورية.
وإن الصنف الأول يحجب من كان من أي صنف من الأصناف الثلاثة.
ومن كان من الصنف الثاني يحجب من كان من الصنفين الثالث والرابع.
ومن كان من الصنف الثالث يحجب من كان من الصنف الرابع.
وإن توريث ذوي الأرحام الذي كانت المحاكم سائرة عليه هو مذهب الإمام محمد رحمه الله أما بعد صدور المرسوم رقم "59" المؤرخ في 17/ 9/ 1953 المعمول به في المحاكم السورية اعتبارا من
1/ 11/ 1953، فقد أوجب هذا المرسوم العمل بقول الإمام أبي يوسف، وعدل عن العمل بقول الإمام محمد، رحمهما الله تعالى.
وها إني أبين أدناه المواد القانونية من المرسوم المذكور في قضايا ذوي الأرحام، ثم بعد ذلك نبين كيفية التقسيم عند الإمام محمد وأبي يوسف -رحمهما الله- وعندما يكون خلاف في المسألة بينهما نشير إلى ذلك في آخر المسألة "التقسيم عند محمد، عند أبي يوسف" حتى إذا وجدت قضية قبل صدور المرسوم يجري تقسيمها على قول محمد، وإذا وجدت بعد المرسوم يجري تقسيمها على قول أبي يوسف، وإليك المواد القانونية.
الفصل الأول من المرسوم 59 لعام 1953: تصنيف ذوي الأرحام
مادة 290: 1- ذوو الأرحام أربعة أصناف، مقدم بعضها على بعض في الإرث بحسب الترتيب التالي:
الصنف الأول: من كان من فروع الميت وهم: أولاد البنات وأولاد بنات الابن مهما نزلوا.
الصنف الثاني: من كان من أصول الميت وهم: الأجداد الرحميون والجدات غير الثابتات مهما علوا.
الصنف الثالث: من كان من فروع أبوي الميت وهم: أولاد الأخوات مطلقا، وأولاد الإخوة لأم، وبنات الإخوة لأبوين أو لأب، وفروع هؤلاء الأولاد مهما نزلوا.
الصنف الرابع: من كان من فروع أحد أجداد أو جدات الميت مهما علوا.
2-
هذا الصنف الرابع يقسم إلى مراتب صعودا، وتقسم كل مرتبة إلى طبقات نزولا:
أ- فالمرتبة من هذا الصنف الرابع هي فروع كل جد مهما نزلوا:
فالمرتبة الأولى: فروع أجداد الميت الأدنين "أبي أبيه، وأبي أمه، وأم أبيه، وأم أمه".
والمرتبة الثانية: فروع أجداد أبويه.
والمرتبة الثالثة: فروع أجداد جديه
…
وهكذا.
ب- الطبقة هي كل درجة من فروع المرتبة الواحدة.
فالأعمام لأم، والعمات، والأخوال، والخالات هم الطبقة الأولى من المرتبة الأولى، وأولاد هؤلاء وبنات الأعمام لأبوين أو لأب هم الطبقة الثانية منها، وهكذا.
الفصل الثاني: ميراث ذوي الأرحام
مادة 291: 1- الصنف الأول من ذوي الأرحام، أولاهم بالميراث أقربهم درجة إلى الميت.
2-
إن استووا في الدرجة، فولد صاحب الفرض أولى من ولد ذي الرحم.
3-
إن كانوا كلهم يدلون، أو لا يدلون بصاحب فرض اشتركوا في الإرث.
مادة 292: 1- الصنف الثاني من ذوي الأرحام، يقدم أيضا منهم الأقرب درجة ثم من يدلي بصاحب فرض كما في الصنف الأول.
2-
إذا تساووا درجة وإدلاء ينظر:
أ- إن كانوا جميعا من جانب الأب، أو من جانب الأم اشتركوا في الميراث.
ب- إن اختلف جانبهم فالثلثان لقرابة الأب، والثلث لقرابة الأم.
مادة 293: 1- الصنف الثالث من ذوي الأرحام، أولاهم بالميراث أيضا أقربهم درجة إلى الميت.
2-
إن استووا في الدرجة، قدم ولد العصبة على ولد ذي الرحم.
3-
إذا كانوا جميعا أولاد عصبات أو أولاد أرحام قدم الأقوى قرابة، فمن كان أصله لأبوين يحجب من كان أصله لأحدهما فقط، ومن كان أصله لأب يحجب من كان أصله لأم.
4-
فإن استووا في قوة القرابة أيضا، اشتركوا في الإرث.
مادة 294: 1- كل مرتبة من مراتب الصنف الرابع بجميع طبقاتها على المراتب التي فوقها بجميع طبقاتها.
2-
كل طبقة من كل مرتبة، تحجب الطبقات التي تحتها.
مادة 295: 1- الطبقة الأولى من كل مرتبة من مراتب الصنف الرابع إذا وجد فيها متعددون، وكانوا كلهم من جانب الأب فقط كالعمات، أو من جانب الأم فقط كالأخوال قدم الأقوى قرابة، فالعمة لأبوين أو لأب تحجب العم لأم، وكذا الخالة لأبوين تحجب الخال لأب، فإن كانوا متساوين في قوة القرابة اشتركوا في الإرث.
2-
إذا كان بعضهم من جانب الأب، وبعضهم من جانب الأم فالثلثان لفريق الأب والثلث لفريق الأم، ثم يوزع نصيب كل فريق بين أفراده بحسب قوة القرابة، على النحو المبين في الفقرة السابقة.
مادة 296: 1- في الطبقات النازلة من كل مرتبة من مراتب الصنف الرابع، يقدم الأقرب درجة على الأبعد، ولو كان أحدهما من جانب الأب والآخر من جانب الأم.
2-
إذا استووا في الدرجة وكانوا من جانب واحد، قدم ولد العصبة على ولد ذي الرحم، فبنت العم العصبى تحجب ابن العم لأم.
إذا كانوا جميعا أولاد عصبات، أو أولاد أرحام قدم الأقوى قرابة
فولد العمة لأبوين يحجب ولد العمة لأب، وولد العمة لأب يحجب ولد العمة لأم.
3-
إذا كانوا مع تساوي الدرجات بعضهم من جانب الأب، وبعضهم من جانب الأم، فالثلثان لفريق الأب، والثلث لفريق الأم.
ثم يوزع نصيب كل فريق بين أفراده بالطريقة المبينة في الفقرة السابقة؛ يقدم منهم ولد ولد العصبة، ثم الأقوى قرابة.
مادة 297: 1- في ميراث ذوي الأرحام مطلقا، للذكر مثل حظ الأنثيين.
2-
إذا وجد منهم واحد فقط استقل بالميراث، ذكرا كان أو أنثى.
3-
لا عبرة لتعدد جهات القرابة فيهم إلا إذا تعدد به الجانب، فكان الشخص من جانب الأب وجانب الأم معا.