الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسباب الإرث
السبب الأول: النكاح
…
أسباب الميراث:
الأسباب جمع سبب، وهو لغة: ما يتوصل به إلى غيره، واصطلاحا: ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته.
فأسباب الميراث ثلاثة: نكاح، ونسب، وولاء1.
السبب الأول: النكاح
هو عقد الزوجية الصحيح شرعا وإن لم يحصل وطء ولا خلوة، وقولنا: عقد الزواج الصحيح يخرج به العقد الفاسد، كما يخرج به الدخول بسبب شبهة، وكما يخرج ولد الزنا.
فمن عقد على امرأة عقدا فاسدا كأن عقد عليها بغير شهود، أو عقد عليها وفي عصمته أربع نساء غيرها، ومن دخل بامرأة بسبب شبهة، أيا كان نوع هذه الشبهة، ومن زنى بامرأة، كل أولئك لا يرثون المرأة إذا ماتت قبلهم، ولا ترثهم المرأة إذا ماتوا قبلها.
أما المزني بها والمدخول بها بسبب شبهة، فقد انعقد إجماع الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد على أن كل واحدة منهما لا ترث ولا تورث.
وأما المعقود عليها عقدا فاسدا، فما قررناه بشأنها من أنها لا ترث ولا تورث مطلقا هو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
1 قال في الرحبية:
أسباب ميراث الورى ثلاثة
كل يفيد ربه الوراثة
وهي نكاح وولاء نسب
ما بعدهن للمواريث سبب
وذهب مالك إلى أن سبب فساد العقد إما أن يكون متفقا عليه بين الأئمة الأربعة؛ كأن يعقد عليها وفي عصمته أربع نساء غيرها.
وإما أن يكون مختلفا فيه بين الأئمة الأربعة؛ كأن يعقد على امرأة بالغة عاقلة بغير ولي بل بمباشرتها هي، فإن أبا حنيفة رضي الله عنه يجوِّز ذلك.
ويرى غيره من الأئمة أن مثل هذا العقد فاسد، وعلى كل حال؛ إما أن يموت أحد الزوجين قبل أن يفسخا العقد، وإما أن يموت أحدهما بعد أن يفسخا العقد.
فإن كان سبب فساد العقد متفقا عليه بين الأئمة الأربعة فلا توارث بينهما، سواء أمات أحدهما قبل أن يفسخا العقد أم بعد أن فسخاه، فمن عقد على خامسة أو على من تبين أنها أخته من الرضاعة، أو على أخت زوجته أو خالتها أو عمتها لم يرثها إن ماتت قبله، ولم ترثه إن مات قبلها.
وإن كان سبب فساد العقد مختلفا فيه بين الأئمة الأربعة، فإن مات أحدهما قبل أن يفسخا العقد ورثه الآخر، وإن مات أحدهما بعد أن فسخا العقد لم يرثه الآخر، سواء أكان دخل بها قبل فسخ العقد أم لم يكن قد دخل بها، وسواء أمات الذي مات منهما قبل انقضاء العدة أم بعد انقضائها، فمن عقد على امرأة بالغة عاقلة بغير ولي بل بمباشرتها هي، ومن عقد زواجه بغير شهود، ثم مات أحد الزوجين قبل أن يفسخا العقد ورثه الآخر؛ لأن العقد بمباشرة المرأة البالغة العاقلة صحيح عند أبي حنيفة، والعقد بغير شهود صحيح عند مالك، وإن مات من مات منهما بعد أن فسخا العقد لم يرثه الآخر.
وقد أجمع الأئمة الأربعة على أنه يلحق بالزوجة، المطلقة رجعيا، إذا ماتت أو مات عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها منه، سواء أكان قد طلقها وهو صحيح أم كان قد طلقها وهو مريض مرض الموت،
لأن المطلقة رجعيا زوجة من جميع الوجوه، إلا أنه لا يحل لزوجها أن يباشرها قبل أن يراجعها.
أما المطلقة طلاقا بائنا؛ فإما أن يكون زوجها قد طلقها وهو صحيح، وإما أن يكون قد طلقها وهو مريض مرض الموت، وإذا كان قد طلقها وهو مريض مرض الموت؛ فإما أن يكون وقوع الطلاق برضى منها، وإما أن يكون وقوع الطلاق بغير رضاها. وعلى كل حال إما أن تموت هي قبله وإما أن يموت هو قبلها، فإن كان قد طلقها وهو صحيح أو كان قد طلقها وهو مريض مرض الموت، ولكن وقوع الطلاق حصل برضاها كأن طلبت منه الطلاق فطلقها، أو كأن يُعلِّق طلاقها على شيء تستطيع أن تتركه فتفعله وهي عالمة مختارة؛ فلا توارث بينهما في هاتين الحالتين إجماعا، سواء أماتت هي قبله أم مات هو قبلها، وإن كان قد طلقها وهو مريض مرض الموت وكان وقوع الطلاق بغير رضاها، وذلك كأن يبت طلاقها في مرض الموت بغير طلب منها، فإن ماتت هي قبله فإنه لا يرثها إجماعا؛ لأنه هو الذي فوت على نفسه الميراث، وإن مات هو قبلها فمذهب أبي حنيفة أنه إذا مات وهي في العدة ورثته، وإن مات بعد انقضاء العدة لم ترثه1.
1 جاء في المادة "116" من قانون الأحوال الشخصية رقم "59" المعمول به في المحاكم الشرعية اعتبارا من 1 تشرين ثاني 1953:
"من باشر سببا من أسباب البينونة في مرض موته، أو في حالة يغلب في مثلها الهلاك طائعا بلا رضى زوجته، ومات في ذلك المرض أو في تلك الحالة والمرأة في العدة، فإنها ترث منه بشرط أن تستمر في أهليتها للإرث من وقت الإبانة إلى الموت".
وجاء في الفقرة "2" من المادة "268" منه أيضا: "للزوجة ولو كانت مطلقة رجعيا إذا مات الزوج وهي في العدة، فرض الربع عند عدم الولد وولد الابن وإن نزل".
والثمن مع الولد أو ولد الابن وإن نزل؛ وذلك مع مراعاة حكم المادة "116" المتقدمة في طلاق المريض.