الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد فإن علم الفرائض من العلوم التي رغب الشرع في دراسته وحث على تعلمه وتعليمه، فقد جاء في الحديث الشريف مرفوعا1:"تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس؛ فإني امرؤ مقبوض وسيقبض هذا العلم من بعدي حتى يتنازع الرجلان في فريضة، فلا يجدان من يفصل بينهما".
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم2: "العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة" رواه أبو داود وابن ماجه.
وقد كان أسند إليَّ قضايا الميراث في محكمة شرعية دمشق، وطلب إليَّ بعض الإخوان ممن لهم فيَّ حسن ظن أن أجمع المسائل النادرة
1 فيض القدير في شرح الجامع الصغير، جزء3 صفحة254.
2 فيض القدير في شرح الجامع الصغير، جزء4 صفحة386.
والعويصة التي تمر بي وأدونها، والبعض اقترح علي أن أصنف كتابا في هذا العلم الجليل، أكثر فيه من حل المسائل بصورة عملية واضحة؛ ليكون عونا للطالب وتذكرة للعالم. وكنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى لأني لم أكن من فرسان هذا الميدان.
إلا أنه لما كان العمل في المحكمة الشرعية جاريا بحسب المذهب الحنفي، حتى صدور قانون الأحوال الشخصية بالمرسوم ذي الرقم "59" المؤرخ في 17/ 9/ 1959 الذي عدل عن المذهب الحنفي في بعض القضايا، وأخذ فيها برأي بعض علماء المسلمين الذي رأى في العمل برأيه مصلحة رفق ويسر لهذه الأمة، وأخذ بالوصية الواجبة للأحفاد، وعدل عن مذهب الإمام محمد رضي الله عنه إلى مذهب الإمام أبي يوسف في قضايا ذوي الأرحام.
كل هذا كان المشجع لي على أن أقدم على تأليف هذا الكتاب، مبينا فيه ما كان العمل عليه سابقا وما طرأ من التعديل على تلك الأحكام في المرسوم الجديد؛ ليعلم القارئ بما كان عليه العمل أولا حتى يرجع إليه في القضايا السابقة على صدور هذا المرسوم؛ لأن القوانين لا تكون ذات أثر رجعي إلا إذا نص على ذلك فيها، ولم ينص فيه على ذلك وإنما اعتبر العمل به ابتداء من 1/ 11/ 1953، وألغي اعتبارا من التارخ المذكور قانون حقوق العائلة الصادر في 25 تشرين أول سنة 1333 وسائر القوانين والإرادات السنية والمراسيم التشريعية والقرارات التي تخالفه.
وقد نشر في الجريدة الرسمية بالعدد "63" صحيفة 6876 تاريخ 8 تشرين الأول 1953. وابتدأ العمل به بعد شهر من تاريخ نشره، أي: أصبح معمولا به من 1 تشرين الثاني 1953، فجميع القضايا السابقة على بدء العمل به خاضعة لأحكام المواريث القديمة، يقضى فيها بأرجح الأقوال من المذهب الحنفي.
وقد جعلت للناحية العملية نصيبا وافرا، فأكثرت من النماذج والتمارين عقيب كل باب.
ولم يفُتْنِي أن أشرح أحكام الوصية الواجبة الواردة في المادة 257 من المرسوم، شرحا علميا وعمليا كما سيتضح ذلك في بابه. وإن مسائل العول والرد لم يتعرض لها أكثر المؤلفين، فبينتها تبيانا واضحا وصححت مسائلها بصورة عملية سهلة المأخذ.
وإني أسأل الله تعالى العون على الكمال والصيانة من الخطأ في المقال، وأن يعصمني والمسلمين من الشيطان الرجيم، وأن يجعله نافعا للمشتغلين به في الدنيا والآخرة، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، وأسأل من وصل كتابي إليه إذا عثر على شيء زلَّ به القلم أن يصلحه ويدرأ بالحسنة السيئة؛ لأن الإنسان محل النسيان وأن الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الأشراف، وإني بالعجز معترف وبالخطأ والتقصير متصف، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، وهو حسبي ونعم الوكيل.
محمد خيري المفتي