الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة المشرّكة:
المسألة المشرّكة بفتح الراء المشددة، أي: المشرك فيها، وبكسرها على نسبة التشريك إليها مجازا، ويقال: المشرَّكة بالفتح والمشرِّكة بالكسر، وتسمى أيضا بالحمارية، وبالحجرية، وباليمية.
قال في الرحبية:
وإن تجد زوجا وأما ورثا
…
وإخوة للأم حازوا الثلثا
وإخوة أيضا لأم وأب
…
واستغرقوا المال بفرض النصب
فاجعلهم كلهم لأم
…
واجعل أباهم حجرا في اليم
واقسم على الإخوة ثلث التركة
…
فهذه
المسألة المشتركة
كان العمل في المحاكم الشرعية قبل صدور المرسوم رقم "59" المؤرخ في 17/ 9/ 1953 المعمول به ابتداء من 1/ 11/ 1953 على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه. ففي مثل هذه القضية يسقط العصبة أي: الأخ الشقيق، إذا استغرق أصحاب الفروض المال ولم يبق شيء للعصبة، وإليك المثال:
1-
توفي عن: زوج، وأم، وأخ لأم، وأخت لأم، وأخ شقيق، وأخ شقيق.
مثال رقم "1"
رسم يسحب اسكنر
أصل المسألة من "6" أسهم، للزوج النصف ثلاثة أسهم، وإلى الأم السدس سهم واحد، وللأخ لأم والأخت لأمالثلث سهمان بينهما للذكر مثل الأنثى، لكل منهما سهم واحد، ولم يبق شيء إلى الأخوين الشقيقين.
وكذلك إذا كان بدل الأم جدة لم يختلف التقسيم، مثال ذلك:
2-
توفي عن: زوج، وجدة، وأخ لأم، وأخ لأم، وأخ شقيق.
مثال رقم "2"
رسم يسحب اسكنر
أصل المسألة من "6" أسهم، للزوج النصف ثلاثة أسهم، وإلى الجدة السدس سهم واحد، وللأخوين لأم الثلث سهمان، لكل منهما سهم واحد، ولم يبق للأخ الشقيق شيء لأنه عصبة.
الدليل على ذلك:
احتج القائلون بعدم التشريك بوجوه، منها قوله تعالى:{فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} 1 ولا خلاف أن المراد بهذه الآية الكريمة أولاد الأم على الخصوص كما أجمع عليه المفسرون، ويدل عليه القراءة التي قرأ بها أبي وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهما.
فتشريك الأشقاء مع أولاد الأم مخالف لظاهر القرآن، ويلزم منه مخالفة الآية الأخرى، وهي قوله تعالى:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} 2. يراد بهذه الآية الشريفة سائر الإخوة والأخوات غير أولاد الأم فقط.
وكذلك قوله، عليه الصلاة والسلام:"ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" 3 ومن شرَّك لم يلحق الفرائض بأهلها.
وكذلك موافقة الأصل في العصبة وهو سقوطهم عند استغراق الفروض، فوجب أن يسقط العاصب. وكذلك بما قضاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سئل عنها في العام الأول وقضى بسقوط العاصب جريا منه رضي الله عنه على الأصل الذي قد اشتهر من زمن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت، وهو سقوط العاصب إذا استغرقت الفروض للتركة، وهو مروي عن علي، وابن عباس، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم وهو إحدى الروايتين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه وبه قال الشعبي، وابن أبي ليلى، والعنبري، وشريك، ويحيى بن آدم، ونعيم بن حماد، وأبو ثور، وابن المنذر، وداود، رحمهم الله تعالى.
ولما كان العام المقبل بعد هذه الحادثة، أتي سيدنا عمر -رضي
1 سورة النساء الآية 11.
2 سورة النساء الآية 175.
3 فيض القدير في شرح الجامع الصغير، جزء2 صفحة159.
الله عنه- بمثلها، فأراد أن يقضي فيها بما قضى به أولا، فقال له زيد بن ثابت رضي الله عنه: هب أن أباهم كان حمارا، أما زادهم الأب إلا قربا، وقيل قائل ذلك أحد الورثة، وقيل: قال بعض الإخوة: هب أن أبانا كان حجرا ملقى في اليم؛ فلذا سميت بما تقدم.
فلما قيل إلى عمر رضي الله عنه ذلك قضى بالتشريك بين الإخوة من الأم والإخوة الأشقاء كأنهم أولاد أم، بالنسبة لقسمة الثلث بينهم فقط، لا من كل الوجوه بعد أن أسقطهم في العام الماضي ووافقه على ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم عثمان وإحدى الروايتين عن زيد، وابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهم وهو قول شريح، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وابن سيرين، ومسروق، وطاوس، والثوري، ومالك، والشافعي رحمهم الله تعالى.
وقسم الثلث بين ولد الأم والإخوة والأخوات الأشقاء بينهم بالسوية، كأن الجميع أولاد أم فقط لا يفضل الذكر من الأشقاء على الأنثى منهم؛ لاشتراكهم في قرابة الأم التي ورثوا بها بالفرض، ولهذا سميت بالمشتركة أو المشركة.
وإن هذا الحكم بالتشريك اجتهاد من سيدنا عمر -رضي الله تعالى عنه- ولا تمانع بين الاجتهادين؛ لأنه لما قيل لسيدنا عمر رضي الله عنه: لِمَ لَمْ تقض في العام الماضي؟ قال: ذلك على ما قضينا، وهذا على ما نقض، إشارة منه رضي الله عنه إلى أنه لم ينقض أحد الاجتهادين بالآخر.
ما عليه العمل في المحاكم الشرعية بعد صدور المرسوم رقم "59" المؤرخ 17/ 9/ 1953، وذلك ابتداء من 1/ 11/ 1953 في المسألة المشركة:
المادة "267":
1-
لأولاد الأم فرض السدس للواحد، والثلث للاثنين فأكثر، ذكورهم وإناثهم في القسمة سواء.
2-
في الحالة الثانية إذا استغرقت الفروض التركة، وكان مع أولاد الأم أخ شقيق أو إخوة أشقاء بالانفراد أو مع أخت شقيقة أو أكثر، يقسم الثلث بين الجميع على الوجه المتقدم.
مثال رقم "1"
1-
توفي عن: زوج، وأم، وأخ لأم، وأخت لأم، وأخ شقيق، وأخت شقيقة.
رسم يسحب اسكنر
أصل المسألة من "6" أسهم وتصح من "12" سهما، منها إلى الزوج النصف "6" أسهم، وإلى الأم السدس سهمان، والباقي الثلث أربعة أسهم يقسم على أولاد الأم والإخوة الأشقاء بينهم متساويا، للذكر مثل حظ الأنثى، يعطى لكل واحد من الأخ لأم والأخت لأم سهم واحد، وإلى كل واحد من الأخ الشقيق والأخت الشقيقة سهم واحد كما هو مبين في تحليل المسألة.
مثال رقم "2"
2-
توفي عن: زوج، وجدة، وأخ لأم، وأخ لأم، وأخ شقيق.
رسم يسحب اسكنر
أصل المسألة من "6" أسهم وتصح من ثمانية عشر سهما، منها إلى الزوج النصف تسعة أسهم، وإلى الجدة السدس ثلاثة أسهم، والباقي الثلث وهو ستة أسهم يقسم بين الأخوين لأم والأخ الشقيق متساويا بينهم، لكل واحد منهم سهمان.
الدليل على ذلك:
احتج القائلون بالتشريك بوجوه منها، أنه لو كان ولد الأم بعضهم ابن عم يشارك بقرابة الأم وإن سقطت عصوبته، فبالأولى الأخ من الأبوين.
ومنها أنها فريضة جمعت ولد الأبوين وولد الأم، وهم من أهل الميراث، فإذا ورث ولد الأم ورث ولد الأبوين كما لو لم يكن فيها زوج.
ومنها أن الإرث موضوع على تقديم الأقوى على الأضعف، وأدنى أحوال الأقوى مشاركته للأضعف، فليس في أصول الميراث سقوط الأقوى بالأضعف، وولد الأب والأم أقوى من ولد الأم لمساواته له في الإدلاء بالأم وزيادة الأب، فإن لم يزده الأب قوة لم يضعفه، وأسوأ الأحوال أن يكون وجوده كعدمه، وهذا معنى ما قيل
لسيدنا عمر رضي الله عنه: هب أبانا حجرا
…
إلى آخر ما بيناه في هذا الكتاب.
ومنها ما قضاه سيدنا عمر رضي الله عنه في العام الثاني بالتشريك بعد قضائه في العام الأول بعدم التشريك، وموافقة جماعة من الصحابة رضي الله عنهم له بالتشريك، منهم عثمان رضي الله عنه وغيره، وقد بينا ذلك في أول هذا الباب، والله أعلم.