الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الإِقْرَارُ بِالمُجمَلِ
وَهُوَ مَا احْتَمَلَ أَمْرَينِ فَأَكثَرَ عَلَى السَّوَاءِ ضِدُّ الْمُفَسَّرِ مَنْ قَال: لَهُ عَلَيَّ شَيءٌ، أَوْ كَذَا أَوْ كَرَّرَهمَا بِوَاوٍ أَوْ بِدُونِهَا قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِذَا فَسَّرَهُ بِشَيءٍ ثَبَتَ وإنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ وَيُقْبَلُ بِحَدِّ قَذْفٍ وَحَقِّ شُفْعَيةٍ وَبِمَا يَجِبُ رَدُّهُ كَكَلْبٍ مُبَاحٍ وَجِلْدٍ وَلَوْ لَمْ يُدْبَغْ وَبِأَقَلِّ مَالٍ لَا بِمَيْتَةٍ نَجِسَةٍ وَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَرَدِّ سَلَامٍ، وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ، وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ، وَصِلَةِ رَحِمٍ وَلَا بِغيرِ مُتَمَوِّلٍ عَادَةً كَقِشْرِ جَوْزَةٍ، وَحَنَّةِ بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ، لَمْ يُؤاخَذْ وَارِثُهُ بِشَيءٍ وإنْ خَلَّفَ تَرِكَةً أَوْ قَال مُقِرٌّ لَا عِلْمَ لِي بِمَا أَقْرَرْتَ بِهِ حَلَفَ وَلَزِمَهُ مَا يَقَعُ عَلَيهِ الاسْمُ كَالْوَصِيَّةِ بِشَيءٍ وَغَصَبْتُ مِنْهُ أَوْ غَصَبْتُهُ شَيئًا؛ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِخَمْرٍ وَنَحْوهِ لَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ وَغَصَبْتُهُ فَقَطْ يُقْبَلُ بِحَبْسِهِ وَسَجْنِهِ وَلَهُ عَلَيَّ مَالٌ أو مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ أَوْ نَفِيسٌ أَوْ عَزِيزٌ أَوْ زَادَ عِنْدَ اللهِ أَوْ عِنْدِي؛ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَبِأُمِّ وَلَدٍ وَلَهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ؛ قُبِلَ بثَلاثَةٍ فَأَكْثَرَ لَا بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيسَمْ وَنَحْوهِ وَلَهُ عَلَي حَبَّةٌ أَوْ جَوْزَةٌ وَنَحْوُهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَحْو حَبَّةِ بُرٍّ وَلَا بشَيءٍ قَدْرَ جَوْزَةٍ وَلَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ كَذَا وَكَذَا أَوْ كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ (1) بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصبِ لَزِمَهُ
(1) فِي (ب): "أو كذا وكذا كذا درهم".
دِرْهَمٌ وَإنْ قَال الكُلُّ بِالْجَرِّ أَوْ وَقَفَ لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمِ وَيُفَسِّرُهُ بِمَا شَاءَ كُلَّهُ بَعْضُ الْعَشَرَةِ وَشَطْرَهَا فَنِصْفَهَا وَلَهُ عَلَى أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِجِنْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ لَا بِنَحْو كِلَابٍ؛ قُبِلَ وَلَهُ عَلَيَّ أَلفٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ أَلْفٌ وَدِينَارٌ أَوْ أَلفٌ وَثَوْبٌ أَوْ أَلفٌ وَمُدَبَّرٌ أَوْ أَخَّرَ الأَلْفَ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ لَمْ يَعْطِفْ أَوْ عَكَسَ فَالْمُبْهَمُ مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ وَمِثلُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ أَوْ أَلفٌ إلا دِرْهَمًا أَوْ إلا دِينَارًا وَلَهُ بِنَصْبِ دِينَارِ (1) فَمِنْ كُلٍّ سِتَّةٌ، وَبِرَفْعِهِ تَلْزَمُهُ الدَّرَاهِمُ، وَدِينَارٍ، وَلَهُ فِي هَذَا شِرْكٌ أَوْ هُوَ شَرِيكِي فِيهِ، أَوْ شِرْكَةٌ بَينَنَا أَوْ لِي وَلَهُ أَوْ لَهُ فِيهِ سَهْمٌ، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ حَقِّ الشَّرِيكِ وَلَهُ عَلَيَّ فِيهِ أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ قِيلَ لَهُ فَسِّرْ وَيُقْبَلُ بِجِنَايَةٍ وَبِقَوْلِهِ نَقَدَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ اشْتَرَى رُبْعَهُ بِهِ أَوْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ لَا بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ وَلَهُ عَلَي أَكْثَرُ مِمَّا لِفُلَانٍ فَفَسَّرَهُ بِدُونِهِ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ لِحِلِّهِ وَنَحْوهِ قُبِلَ، وَلَهُ عَلَي مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيدٍ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ، ولِي عَلَيكَ أَلْفٍ فَقَال أَكْثَرُ؛ لَزِمَهُ وَيُفَسِّرُهُ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيهِ مَبْلَغًا، فَقَال لِفُلَانٍ عَلَيَّ
أَكْثَرُ مِمَّا لَكَ، وَقَال أَرَدْتُ التَّهَزُّؤَ؛ لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا يُفَسِّرُهُ.
* * *
(1) زاد فِي (ج): "علي دراهم بدينار لزمه دراهم بسعر وله اثنا عشر درهما ودينار بنصف دينار فمن كل ستة".
فَصْلٌ
مَنْ قَال لَهُ عَلَيَّ مَا بَينَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ ومِنْ دِرْهَم إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مَا بَينَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ وإنْ أَرَادَ مَجْمُوعَ الأَعْدَادِ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَلهُ مِنْ عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ أَوْ مَا بَينَ عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ؛ لَزِمَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ ولَهُ مَا بَينَ هَذَينِ الْحَائِطِينَ؛ لَمْ يَدْخُلَا وَلَهْ دِرْهَمٌ إِمَّا دِينَارٌ فَدِرْهَمٌ وَلَهُ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمٌ (1) أَوْ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ، يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَكَذَا دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ فَلَوْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِالْوَاو أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ أَوْ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأُكِيدَ الثَّانِي؛ لَمْ يُقْبَلْ فِي الأُولَى وَقُبِلَ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَهُ عَلَيَّ دِرهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ وَبَعْدَهُ دِرْهَمٌ أَوْ هَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ؛ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثةُ وَلَهُ قَفِيزُ حِنْطَةٍ بَلْ قَفِيزُ شَعِيرٍ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ، لَزِمَاهُ، وَلَهُ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ وَأَرَادَ العَطْفَ أَوْ مَعْنَى مَعَ لَزِمَاهُ وَإِلا فَدِرْهَمٌ وَإنْ فَسَّرَهُ الْمُقِرُّ بِرَأسِ مَالٍ سَلَّمَ بَاقٍ عِنْدَهُ فِي دِينَارٍ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ؛ حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيءٌ وَلَهُ دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ، وَأَرَادَ الْعَطْفَ، أَوْ مَعْنَى مَعَ، لَزِمَاهُ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِرَأسِ مَالِ سَلَمٍ فَكَمَا مَرَّ وَلَهُ دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ مَا لَمْ يُخَالِفْهُ عُرْفٌ فَيَلْزَمُهُ مُقْتَضَاهُ أَوْ يُرِدْ الْحِسَابَ، أوْ جَاهِلًا بِهِ فَيَلْزَمُهُ
(1) فِي (ج): "أو درهم لا بل درهم أو درهم لكن درهم".
عَشَرَةٌ، أَوْ يُرِدْ الْجَمِيعَ فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ، وَلَهُ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ عَبْدٌ عَلَيهِ عِمَامَةٌ أوْ دَابَّةٌ عَلَيهَا سَرْجٌ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمرٌ، أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيفٌ، أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ أَوْ دَابَّةٌ مُسْرَجَةٌ أَوْ سَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ، أَوْ عِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ، أَوْ دَارٌ مَفْرُوشَةٌ أَوْ زَيتٌ فِي زِقٍّ وَنَحْوهِ لَيسَ إِقرَارٌ بِالثَّانِي كَجَنِينٌ فِي جَارِيَةٍ، أَوْ دَابَّةٌ وَكَدَابَّةٍ فِي بَيتِ المَالِ وَالمِائَةُ (1) الدِّرْهَمُ الَّتِي فِي هَذَا الْكِيسِ وَيلْزَمَانِهِ إنْ لَمْ يَكُونَا فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمِائَةُ (2) لَزِمَتْهُ إن لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ شَيءٌ أَوْ تَتِمَّتُهَا وَلهُ خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ أَوْ سَيفٌ بِقِرَابِهِ إقْرَارٌ بِهِمَا وَإقْرَارُهُ بِشَجَرٍ أَوْ شَجَرَةٍ لَيسَ إقْرَارًا بِأَرْضِهَا فَلَا يَملِكُ غَرْسَ مَكَانِهَا لَوْ ذَهَبَتْ وَلَا أُجْرَةَ مَا بَقِيَتْ، وَبِأَمَةٍ لَيسَ إقْرَارًا بِحَمْلِهَا وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ يَلْزَمُهُ أَحَدُهُمَا وَيُعَيِّنُهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ شَمِلَ الأَشْجَارَ.
* * *
(1) فِي (ب): "فِي بيت والمائة".
(2)
قوله: "المائه" سقطت من (ج).
خَاتِمَةٌ
تُقْبَلُ تَوْبَةُ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، أَوْ يُعَايِنْ الْمَلَكَ أَوْ مَا دَامَ مُكَلَّفًا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ فَحُجَّةُ الأَوَّلَ حَدِيثُ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ وَالحَاكِمِ "إنَّ اللهَ تَعَالى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ"(1)، وَحُجَّةُ الثَّانِي حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي مُوسَى "سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَتَى تَنْقَطِعُ مَعْرِفَةُ العَبْدِ مِنَ النَّاسِ، قَال إِذَا عَايَنَ، يَعْنِي المَلَكُ"(2)، وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَليٍّ "لَا يَزَالُ العَبْدُ فِي مُهْلَةٍ مِنَ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يَأتِهِ مَلَكُ المْوتِ يَقْبِضُ رُوَحَهُ، فَإذَا نَزَلَ مَلَكُ المَوْتِ فَلَا تَوْبَةَ حِينَئِذٍ"(3) وَأَمَّا التَّكلِيفُ فَوَاضِحٌ، وَهُوَ قَويٌّ قَال (4) فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَالصَّوَابُ قَبُولُهَا مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى.
وَيتَّجِهُ: أَنَّ عِلْمَ (5) مَا مَرَّ لَا يَنْضَبِطُ لَنَا وَأَنَّ مَنْ تَابَ أَوْ أَسْلَمَ وَالرُّوحُ فِيهِ فَهُوَ مَقبُولٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَنْفَعْهُ بَاطِنًا وَأَنَّ مَنْ ذُبِحَ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ لَا يَنْفَعُهُ وَلَا ظَاهِرًا لِقَوْلِهِمْ هُوَ كَمَيِّتٍ؛ فَلَا حُكمَ لِكَلَامِهِ، وَرُبَّمَا يُجْزَمُ بِعَدَمِ عَقْلِهِ فِي الأُولَى وَلَوْلَا إخْبَارُ الصَّادِقِ الْعَلِيمِ أَنَّ إيمَانَ فِرْعَوْنَ إنَّمَا كَانَ وَقْتَ إدْرَاكِ الْغَرَقِ وَنُزُولِ الْمَوْتِ بِهِ لَحُكِمَ شَرْعًا بِإِسْلَامِهِ، وَلِهَذَا قَال ابْنُ حَزمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ كَرَبَتْ نَفْسُهُ مِنْ الزَّهُوقِ، فَمَاتَ
(1) مسند الإمام أحمد (رقم 6561).
(2)
سنن ابن ماجة (رقم 1520).
(4)
قوله: "قال" سقطت من (ج).
(5)
قوله: "علم" سقطت من (ج).
لَهُ مَيِّتٌ أَنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ قَدَرَ الْكَافِرُ عَلَى النُّطْقِ فَأَسْلَمَ؛ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنَّهُ مَتَى شَخَصَ، وَلَمْ يَبْقَ بَينَهُ وَبَينَ الْمَوْتِ إلَّا نَفَسٌ وَاحِدٌ فَمَاتَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ؛ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّهَا، وَمَنْ قَتَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ أُقِيدَ بِهِ. قَال وَعَنْ الشَّعْبِيِّ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا قَدْ ذَهَبَتْ الرُّوحُ مِنْ بَعْضِ جَسَدِهِ قَال يَضْمَنُهُ انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا فَلَا يَسَعُنَا إلَّا الْحُكْمُ شَرْعًا بِإِسْلَامِ مَنْ أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَأَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَنْ أَقَرَّ بِهَا مُخْلِصًا فِي حَيَاتِهِ وَعنْدَ مَمَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ لَنَا عَلَى بَالٍ وَتُوَفَّنَا مُسْلِمِينَ عَلَى أَحْسَنَ حَالٍ، وَأَسْمِعْنَا مِنْكَ، وَفَهِّمْنَا عَنْكَ، وَعَلِّمْنَا مِنْ عِلْمِكَ، وَحَقِّقْنَا بِنُورِ تَوْحِيدِكَ، وَأَيِّدَنَا بِرُوحِ تَأْيِيدِكَ، وَاسْلُكْ بِنَا طَرِيقَ السُّنَّةِ، وَجَنِّبْنَا طَرِيقَ الْبِدْعَةِ، وَهَبْ لَنَا فُرْقَانًا نُفَرِّقُ بِهِ بَينَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَهَبْ لَنَا الإِخْلَاصَ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيهِ غَيرُكَ، وَقَدِّسْنَا مِنْ أَوْصَافِ بَشَرِيَّاتِنَا، وَعَافِنَا مِنْ كل عِلَّةٍ وَطَهَّرْنَا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، وَأَخْرِجْ حُبِّ الرِّئَاسَةِ مِنْ قُلُوبِنَا، وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَينَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا آمِينَ.
قَال مُؤَلِّفُهُ سَامَحَهُ اللهُ تَعَالى وَغَفَرَ لَهُ وَلِوَالِدَيهِ: قَدْ (1) أَفْرَغْتُ فِي هَذَا الْجَمْعِ طَاقَتِي وَجُهْدِي، وَبَذَلْتُ فِيهِ فِكْرَتِي (2) وَقَصْدِي، وَلَمْ يَكُنْ فِي ظَنِّي أَنْ أَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ لِعِلْمِي بِالْعَجْزِ عَنْ الْخَوْضِ فِي تِلْكَ الْمَسَالِكِ وَقَدْ أَكْثرْتُ فِيهِ مِنْ التَّوْجِيهِ لِنَفْعِ الطَّالِبِ الْوَجِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ
(1) في (ب): "قال مؤلفه سامحه الله تعالى: وقد".
(2)
في (ج): "فكري".
صَوَابٍ فَمِنْ اللهِ أَوْ خَطَأٍ فَمِنِّي، وَأَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ الْعفْوَ عَنِّي، وَهَذَا أَقْوَى مَا قَدَرَ الْعَبْدُ عَلَيهِ، فَمَنْ أَتَى بِخَيرٍ مِنْهُ فَلِيَرْجِعْ إلَيهِ، فَفِي الإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله تَعَالى أُسْوَةٌ حَيثُ قَال: هَذَا رَأْيِي فَمَنْ جَاءَنَا بِخَيرِ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ، وَقَدْ فَرَغْتُ من تَسْويدِهِ بِالْجَامِع الأَزْهَرِ عَقِبَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثَانِيَ عَشَرَ شَعْبَانَ وَمِنْ تَبْيِيضِهِ عَقِبَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ بِالأَزْهَرِ ثَامِنَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ (1) وَعِشْرِينَ وَأَلْفٍ جَعَلَهُ اللهُ مُخْلَصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيم وَسَبَبًا لِلْفَوْزِ لِجَنَّاتِ النَّعِيمِ وَرَزَقَ الطَّالِبَ بِهِ النَّفْعَ العَمِيمَ إِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ جوادٌ كَرِيمٌ آمِينَ (2).
* * *
(1) في (ج): "ثمان".
(2)
زاد في (ب): "آمين هذا آخر الكتاب".
نَصِيحَةٌ
عَلَيك أَيّهَا الطَّالِبُ الْمُسْتَرْشِدُ بِتَقْوَى اللهِ تَعَالى وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ وَرِضَاهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ سِرًّا وَجَهْرًا مَعَ صَفَاءِ الْقَلْبِ مِنْ كُلِّ كَدَرٍ، وَتَرْكِ حُبِّ الْعُلُوِّ وَالرِّئَاسَةِ وَكُلِّ وَصْفٍ مَذْمُومٍ وَفِعْلٍ مَلُومٍ كَغِلٍّ وَحِقْدٍ وَحَسَدٍ وَغَضَبٍ وَعُجْبٍ وَنَكَدٍ وَكِبْرٍ وَتِيهٍ وَخُيَلَاءَ وَزَهْوٍ وَهَوًى وَرِيَاءٍ (1)، وَغَرَضِ سُوءٍ، وَقَصْدٍ رَدِيءٍ وَمَكْرٍ وَخَدِيعَةِ، وَمُجَانَبَةِ كُلِّ مَكْرُوهِ للهِ سبحانه وتعالى، وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَصْحَاب الْقُبُورِ، وَلَا تُهْمِلْ النَّظَرَ فِي عَوَاقِبِ الأُمُورِ، وَلَا تَفْخَرْ بِأَعْمَالِكَ فَلَيسَ شَيءٌ (2)، وَانْدَمْ عَلَى مَا فَاتَكَ فِي الصِّبَا وَالْغَيِّ، وَإِذَا جَلَسْتَ مَجْلِسَ ذِكْرٍ أَوْ غَيرِهِ فَاجْلِسْ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَتَلَقَّى النَّاسَ بالْبِشْرِ وَالاسْتِبْشَارِ، وَحَادِثْهُمْ بِمَا يَنْفَعُ مِنْ الأَخْبَارِ، وَلَا تُجَالِسْ غَيرَ الأُمَنَاءِ الأَتْقِيَاءِ الأَخْيَارِ (3) وَأَقْبِلْ عَلَى مَنْ يُقْبِلُ عَلَيكَ، وَارْفَعْ مَنْزِلَةَ مَنْ عَظُمَ لَدَيْكَ، وَأَنْصِفْ حَيثُ يَجِبُ الإِنْصَافُ، وَاسْتَعْفِفْ حَيثُ يَجِبُ الاسْتِعْفَافُ، وَلَا تُسْرِفْ فَإِنَّ اللهَ تَعَالى لَا يُحِبُّ الإِسْرَافَ، وَإِنْ رَأَيتَ نَفْسَكَ مُقْبِلَةً عَلَى الْخَيرِ فَاشْكُرْ أَوْ مُدْبِرَةً عَنْهُ فَازْجُرْ (4) أَوْ ذُكِّرْتَ بِاللهِ فَاذْكُرْ، وَإنْ بُلِيتَ فَاصْبِرْ أَوْ جَنَيْتَ فَاسْتَغْفِرْ أَوْ هَفَوْتَ فَاعْتَذِرْ وَإذَا قُمْتَ مِنْ مَجْلِسِك فَقُلْ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيكَ (5).
(1) قوله: "ورياء" سقطت من (ج).
(2)
زاد في (ب): "فليس إليك من فعلك شيء".
(3)
من قوله: "ولا تجالس غير
…
الأخيار" ساقط من (ج).
(4)
في (ب، ج): "أو مدبرة فازجر".
(5)
من قوله: "ولا تسرف
…
وأتوب إليك" ساقط من (ج).