الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ التَّعْزِيرُ
وَهُوَ التَّأْدِيبُ وَيَجِبُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ.
وَيَتَّجِهُ: لَا يُعَزَّرُ حَاكِمٌ مَنْ قَلَّدَ غَيرَ مَذْهَبِهِ فِيمَا لَا يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمٌ لانْتِفَاءِ الْمَعْصِيَةِ أَوْ مُعْتَقِدِ حِلٍّ فَأَخطَأَ لَا إنْ تَرَدَّدَ إذْ لَا يَجُوزُ الإِقْدَامُ عَلَى الفِعْلِ إِذَنْ (1).
كَمُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ وَامْرَأَةٍ لامْرَأَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا وَجِنَايَةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا وَقَذفِ غَيرِ (2) وَلَدِهِ بِغَيرِ زِنًا وَلَعْنِهِ، وَلَيسَ لِمَنْ لَعَنَ رَدُّهَا وَكَدُعَاءٍ عَلَيهِ وَشَتْمِهِ بِغَيرِ فِرْيَةٍ وَكَذَا اللهُ أَكْبَرُ عَلَيكَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَفِي الرَّوْضَةِ إذَا زَنَى ابْنُ عَشَرٍ وَبِنْتُ تِسْعٍ؛ عُزِّرَا، وَقَال الشَّيخُ: غَيرَ المُكَلَّفِ كَالْمُمَيِّزِ يُعَاقَبُ عَلَى الْفَاحِشَةِ تَعْزِيرًا بَلِيغًا وَكَذَا الْمَجْنُونُ يُضرَبُ عَلَى مَا فَعَلَ لِيَنْزَجِرَ وَإِنْ ضَرَبَ صَبِيٌّ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونٌ مَجْنُونًا أَوْ بَهِيمَةٌ بَهِيمَةً؛ اُقتُصَّ لِلْمَظلُوم مِنْ الظَّالِمِ لاشْتِفَاءِ الْمَظْلُومِ وَقَال جَمَاعَةٌ مَا أَوْجَبَ حَدًّا عَلَى مُكَلَّفٍ عُزَّرَ بِهِ الْمُمَيِّزُ كَالقَذْفِ، وَقَال الْقَاضِي: لَا تَعْزِيرَ بِشَتْمِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ لَكِنْ بِطَلَبِ (3) وَالِدِهِ وَإنْ تَشَاتَمَ اثْنَانِ عُزِّرَا وَقَال جَمْعٌ مَنْ شَتَمَ مَنْ شَتَمَهُ، أَوْ دَعَا عَلَى مَنْ دَعَا عَلَيهِ بِمِثلِهِ فَلَا تَعْزِيرَ وَإِقَامَةُ التَّعْزِيرِ حَقٌّ لله فَلَا يَسقُطُ بِإِسْقَاطٍ،
(1) الاتجاه ساقط من (ج).
(2)
في (ج): "في غير".
(3)
في (ج): "يضرب بطلب والد".
وَلَا يَحْتَاجُ لِمُطَالبَةٍ؛ فَيُعَزَّرُ مَنْ سَبَّ صحَابِيًّا وَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يُطَالِبْ وَيُعَزَّرُ بِعِشْرِينَ سَوْطًا بِشُرْبِ مُسْكِرٍ نَهَارَ رَمَضَانَ مَعَ الْحَدِّ وَبِمِائَةٍ بِوَطْءِ أَمَةِ امْرَأَتِهِ الَّتِي أَحَلَّتهَا لَهُ، وَإلَّا حُدَّ وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ فِيهِمَا وَلَا يَسْقُطُ حَدٌّ بِإِبَاحَةٍ فِي غَيرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبِمِائَةٍ إلَّا سَوْطًا بِوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُشتَرَكَةِ وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ (1) وَلَا يُزَادُ فِي جَلْدٍ عَلَى عَشْرٍ فِي غَيرِ مَا مَرَّ وَلِلْحَاكِمِ نَقْصُهُ عَنْ عَشْرٍ وَيَكُونُ التَّعْزِيرُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ وَالصَّفْعِ وَالتَّوْبِيخِ وَالْعَزْلِ عَنْ الْولَايَةِ، وَبِإِقَامَتِهِ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَبِالنِّيلِ مِنْ عِرْضِهِ كَيَا ظَالِمُ يَا مُعْتَدِي وَلَا بَأْسَ بِتَسْويدِ وَجْهِهِ، وَنِدَاءٍ عَلَيهِ بِذَنْبِهِ، وَيُطَافُ بِهِ مَعَ ضَرْبِهِ، وَيَجُوزُ صَلْبُهُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ أَكْلٍ وَوُضُوءٍ، وَيُصَلِّي بِالإِيمَاءِ وَلَا يُعِيدُ وَحَرُمَ تَعْزِيرٌ بِحَلْقِ لِحْيَةٍ وَقَطْعِ طَرَفٍ وَجُرْحٍ وَكَذَا بِأَخذِ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ خِلَافًا لِلشَّيخ وَمَنْ قَال لِذِمِّيٍّ يَا حَاجُّ أَوْ لَعَنَهُ بِغَيرِ مُوجِبٍ أُدِّبَ خَفِيفًا وَقَال الشَّيخُ (2) فِيمَنْ اتَّخَذَ الطَوَافَ بِالصَّخْرَةِ دِينًا أَوْ قَال: إِنْذِرُوا لِي لِتُقْضَى حَاجَتُكُمْ وَاسْتَغِيثُوا بِي إِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَكَذَا مَنْ تَكَرَّرَ شُرْبُهُ الْخَمْرَ مَا لَمْ يَنْتَهِ بِدُونِهِ وَجَوَّزَ ابْنُ عَقِيلِ قَتْلَ مُسْلِمٍ جَاسُوسٍ لِلْكُفَّارِ، وَفِي الْفُنُونِ لِلسُّلْطَانِ سُلُوكُ السِّيَاسَةِ وَهُوَ الْحَزْمُ عِنْدَنَا، وَلَا تَقِفُ السِّيَاسَةُ (3) عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ وَمَنْ عُرِفَ بِأَذَى النَّاسِ حَتَّى بِعَينِهِ حُبِسَ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَتُوبَ وَنَفَقَتُهُ مِنْ بَيتِ الْمَالِ الْمُنَقحُ لَا يُبْعَدُ أَنْ يُقْتَلَ الْعَائِنُ إذَا كَانَ يَقْتُلُ بِعَينِهِ غَالِبًا، وَأَمَّا (4) مَا أَتْلَفَهُ فَيَغْرَمُهُ اِنْتَهَى.
(1) من قوله: "فيهما ولا. . . ويلحقه نسبه" سقطت من (ج).
(2)
من قوله: "ومن قال. . . وقال الشيخ" سقطت من (ج).
(3)
من قوله: "للسلطان. . . السياسية" سقطت من (ج).
(4)
قوله: "وأما" سقطت من (ج).
قَال ابْنُ نَصْرِ اللهِ إلا أَنْ يَقَعَ الإِتلَافُ بِغَيرِ قَصدِهِ؛ فَيُتَوَجَّهُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ قَال ابْنُ الْقَيِّمِ لَا يُقْتَلُ الْعَائِنُ بِالسَّيفِ بل بِالعَينِ وَكَذَا مَنْ يُقْتَلُ بِالْحَالِ فَلِوَلِيِّهِ قَتلُهُ بِالْحَالِ (1) وَمَنْ اسْتَمْنَى مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ لِغَيرِ حَاجَةٍ؛ حَرُمَ وَعُزِّرَ وَخَوْفًا مِنَ الزِّنَا أَوْ عَلَى بَدَنِهِ؛ فَلَا شَيءَ عَلَيهِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نِكَاحٍ، وَلَوْ لأَمَةً (2) وَلَهُ أَنْ يَسْتَمْنِيَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وأَمَتِهِ وَلَوْ اضْطَرَّ إلَى جِمَاعٍ، وَلَيسَ مَنْ يُبَاحُ وَطْؤُهَا؛ حَرُمَ الْوَطْءُ.
فُرُوعٌ: لَا يَجُوزُ (3) لِلْجَذمَاءِ مُخَالطَةُ الأَصِحَّاءِ عُمُومًا، وَلَا مُخَالطَةُ صَحِيحٍ مُعَيَّنٍ إلا بِإِذْنِهِ، وَعَلَى وُلَاةِ الأُمُورِ إلْزَامُهُمْ بِذَلِكَ بِأَنْ يَسْكُنُوا فِي مَكَانٍ مُفْرَدٍ لَهُمْ، فَإِنْ امْتَنَعَ وَلِيُّ الأَمْرِ أَوْ الْمَجْذُومُ مِنْ ذَلِكَ؛ أَثِمَ، وَإِذَا أَصَرَّ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ؛ فَسَقَ، وَالْقَوَّادَةُ: الَّتِي تُفْسِدُ النِّسَاءَ وَالرِّجَال تُعَزَّرُ بَلِيغًا وَيَنْبَغِي شُهْرَةُ ذَلِكَ بِحَيثُ يَسْتَفِيضُ فِي النَّاسِ، وَقَال الشَّيخُ: لِوَلِيِّ الأَمْرِ صَرْفُ ضَرَرِهَا إمَّا بِحَبْسِهَا أَوْ بِنَقْلِهَا عَنْ الْجِيرَانِ وَقَال: سُكْنَى الْمَرْأَةِ بَينَ الرِّجَالِ، وَعَكْسُهُ يُمْنَعُ مِنْهُ لِحَقِّ (4) اللهِ وَمَنَعَ الإِمَامُ عُمَرُ الْعَزَبَ أَنْ يَسْكُنَ بَينَ الْمُتَأَهِّلِينَ وَعَكْسَهُ وَنَفَى شابًّا خَافَ الْفِتْنَةَ بِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ وَقَال يُعَزَّرُ مَنْ يَمْسِكُ الْحَبَّةَ أَوْ يَدْخُلُ النَّارَ وَنَحْوَهُ وَكَذَا مَنْ تَنَقصَ مُسْلِمًا بِكَوْنِهِ مَسْلَمَانِي مَعَ حُسْنِ إسْلَامِهِ.
* * *
(1) قوله: "فلوليه قتله بالحال" سقطت من (ج).
(2)
في (ب): "ولو أمة".
(3)
في (ج): "لا يصح".
(4)
في (ب): "يمنع لحق".