الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ مَا يُوجِبُ القَصَاصَ فِيمَا دُونَ النفسِ
مَنْ أُخِذَ بِغَيرِهِ في نَفْسٍ أُخِذَ بهِ فِيمَا دُونِهَا وَمَنْ لَا فَلَا وَهُوَ في نَوْعَينِ أَطرَافٌ وَجُرُوحٌ، وَيَجِبُ، بِأرْبَعَةِ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: العَقدُ المَحضُ.
الثَّانِي: إمكَانُ الاستِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ، بِأَنْ يَكُونَ انقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ أَوْ يَنْتَهِي إلَى حَدٍّ، كَمَارِنِ الأَنْفِ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ فَلَا قِصَاصَ في جَائِفَةٍ أَوْ كَسْرِ عَظْمِ غَيرِ أَسْنَانٍ وَلَا إنْ قَطَعَ القَصَبَةَ أَوْ بَعْضَ سَاعِدٍ أَوْ سَاقٍ أَوْ عَضُدٍ أَوْ وركٍ وَأَمَّا الأَمْنُ من حَيفٍ فَشَرط لِجَوَازِهِ فَيَقْتَصُّ مِنْ مَنْكِبٍ مَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً فَإِنْ خِيفَ فَلَهُ أَنْ يَقتَصَّ مِنْ مِرْفَقِهِ وَمَنْ أَوْضَحَ أَوْ شَجَّ إنسَانًا دُونَ مُوضِحَةٍ، أَوْ لَطَمَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُ عَينِهِ أَوْ شَمِّهِ أَوْ سَمعِهِ؛ فَعَلَ به كَمَا (1) فَعَلَ فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلا فَعَلَ بِهِ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيرِ جِنَايَةٍ عَلَى حَدَقَةٍ أَوْ أَنْفٍ فَإِنْ لَمْ يُمكِنْ إلا بِهَا سَقَطَ إلَى الدِّيَةِ وَمِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ مِرْفَقٍ فَأَرَادَ (2) انقَطعَ مِنْ كُوعٍ مُنِعَ.
الثَّالِثُ: المُسَاوَاةُ في الاسْمِ وَالْمَوْضِعِ فَيُؤخَذُ كُلٌّ مِنْ أَنْفٍ وَذَكَرٍ مَخْتُونٍ أَوْ لَا وَأُصْبُعٍ وَكَفٍّ وَمِرْفَقٍ وَيُمْنَى وَيُسرَى مِنْ عَينٍ وَأُذُنٍ مَثقُوبَةٍ أَوْ لَا، وَيَدٍ وَرِجلٍ وَخُصْيَةٍ وَأَليَةٍ وَشُفْرٍ أُبِينَ وَعُلْيَا وَسُفلَى مِنْ سِنٍّ (3)
(1) في (ب): "فعل كما".
(2)
في (ب): "وأراد".
(3)
زاد في (ب): "وشفر أبين وعليا وسفلى من ثقة ويمنى ويسرى وعليا وسفلى من سن".
مَرْبُوطَةٍ أَوْ لَا وَجَفْنٌ بِمِثلِهِ، وَلَوْ قَطَعَ صَحِيحٌ أُنْمُلَةَ عُلْيَا مِنْ شَخْصٍ وَوُسْطَى من أُصْبُعٍ نَظِيرَتِهَا مِنْ آخَرَ لَيسَ لَهُ عُليَا خُيِّرَ رَب الوُسْطَى بَينَ أَخذِ عَقلِهَا الآنَ وَلَا قِصاصَ لَهُ بَعْدُ، وَصَبرٍ حَتَّى تَذْهَبَ عُليَا قَاطِعٍ بِقَوَدٍ أَوْ غَيرِهِ ثُمَّ يَقْتَصُّ وَلَا أَرْشَ لَهُ الآنَ بِخِلَافِ غَضبِ مَالٍ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَيُؤْخَذُ بَدَلُهُ فَإِذَا رُدَّ رَدَّ الْبَدَلِ، وَيُؤْخَذُ زَائِدٌ بمِثلِهِ مَوضِعًا وخِلقَةً، وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا لَا أَصلِيٌّ بِزَائِدٍ أَوْ عَكسُهُ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَيهِ لأَن الدِّمَاءَ لَا تُسْتَبَاحُ بِالاستِبَاحَةِ وَلَا شَيءٌ بِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ فَعَلا فَقَطَعَ يَسَارَ جَانٍ مَنْ لَهُ قَوَدٌ في يَمِينِهِ بتَرَاضِيهِمَا أَوْ قَال أَخْرِجْ يَمِينَكَ فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ عَمدًا أَوْ غَلَطًا أَوْ ظَنَّ أَنَّها تُجْزِئُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا فَعَلَى الْمُقتَصِّ الْقَوَدُ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا اليَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجزِئُ وَإِنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا فَعَلَيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ المُقتَصُّ مَجْنُونًا وَالجَانِي عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا.
الرَّابعُ: مُرَاعَاةُ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ فَلَا تُؤخَذُ كَامِلَةُ أَصَابعَ أَوْ أَظْفَارٍ بِنَاقِصَتِهَا، رَضِيَ الجَانِي أَوْ لَا بَلْ مَعَ أَظْفَارٍ مَعِيبَةٍ (1) وَلَا عَينٍ صَحِيحَيةٍ بِقَائِمَةٍ وَلَا لِسَانٍ نَاطِقٍ بأَخرَسَ وَلَا صَحِيح بأَشَلَّ مِنْ يَدٍ وَرِجلٍ وَأُصْبُعٍ وَذَكَرٍ وَلَوْ شُلَّ بَعْدُ أَوْ بِبَعْضِهِ شَلَلٌ كَأُنْمُلَةِ يَدٍ وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ أَوْ عِنِّينٍ أَوْ خُنثَى ويؤْخَذُ مَارِنُ الأَشَمِّ الصحيحِ (2)، بِمَارِنِ الأَخْشَمِ الّذِي لَا يَجِدُ رَائِحَةَ شَيءٍ وَبِالمَخْرُومِ الّذِي قُطِعَ وَتَرُ أَنفِهِ وَبِالْمُسْتَحْشِفِ الرَّدِيءِ، وَأُذُنُ سَمِيعٍ بِأذُنِ أَصَمٍّ شَلَّاءَ وَمَعِيبٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِمِثْلِهِ إنْ أُمِنَ تَلَفٌ مِنْ قَطْعِ شَلَّاءٍ وَبِصَحِيحٍ بِلَا أَرْشٍ وَيُصَدَّقُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بِيَمِينِهِ في صِحَّةِ مَا جُنِيَ عَلَيهِ.
(1) قوله: "بل مع أظفار معيبة" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "الصحيح" سقطت من (ج).
فصلٌ
وَمَنْ أَذْهَبَ بَعضَ لِسَانٍ أَوْ مَارِنٍ أَوْ شَفَةٍ أَوْ حَشَفَةٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ سِنٍّ أُقِيدَ مِنْهُ مَعَ أَمْنِ قَلعِ سِنِّهِ بِقَدْرِهِ بِنِسبَةِ الآخَرِ كَنِصفٍ (1) وَثُلُثٍ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عَوْدُهُ في مُدةٍ تَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ من عَينٍ كَسِنٍّ أَوْ مَنفَعَةٍ كَعَدْوٍ (2) فَلَوْ مَاتَ فِيهَا تَعَيَّنَت دِيَةُ الذاهِبِ وَإِنْ ادَّعَى جَانٍ عَوْدَهُ حَلَفَ رَبُّ الجِنَايَةِ وَمَتَى عَادَ بِحَالِهِ فَلَا أَرْشَ وَنَاقِصًا في قَدْرٍ أَوْ صِفَةٍ فَحُكُومَةٌ ثُمَّ إنْ كَانَ أَخَذَ دِيَةً رَدَّهَا أَوْ اقتَصَّ، فَلِجَانٍ الدِّيَةُ وَيَرُدُّهَا وَإِنْ عَادَ، وَمَنْ قَلَعَ سِنَّهُ أَوْ ظُفُرَهُ، أَوْ قَلعَ طَرَفَهُ كَمَارِنٍ وَأُذُنٍ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ؛ فَلَهُ أرْشُ نَقْصِهِ وإنْ قَلَعَهُ قَالِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَعَلَيهِ دِيَتُهُ، لَا الْقِصَاصُ وَمَنْ جَعَلَ مَكَانَ سِنٍّ قُلِعَت عَظْمًا أَوْ سِنًّا أُخْرَى وَلَوْ من آدَمِيٍّ، فَثَبَتَتْ؛ لَمْ تَسْقُطْ دِيَةُ الْمَقلُوعَةِ وَعَلَى مُبِينٍ مَا ثَبَتَ حُكُومَةَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيٍّ بِيَمِينِهِ في عَدَمِ عَوْدِهِ وَالتِحَامِهِ وَلَوْ كَانَ التِحَامُهُ مِنْ جَانٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ؟ أُقِيدَ ثَانِيًا.
* * *
(1) في (ب): "الأجزاء كنصف".
(2)
في (ج): "كعبد".
فصلٌ
النَّوْعُ الثَّانِي: الْجُرُوحُ، وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ فِيهَا انْتِهَاؤُهَا إلَى عَظْمٍ كَجُرْحِ عَضُدٍ وَسَاعِدٍ وَفَخِذٍ وَسَاقٍ وَقَدَمٍ وَكَمُوضِحَةٍ وَلِمَجْرُوحٍ أَعْظَمَ مِنهَا كَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَمَأمُومَةٍ أن يَقْتَصَّ مُوضِحَةً وَيَأْخُذُ مَا بَينَ دِيَتِهَا وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ فَيَأْخُذُ في هَاشِمَةٍ خَمْسًا مِنْ الإِبِلِ وَفي مُنَقِّلَةٍ عَشَرًا وَمَنْ خَالفَ وَاقتَصَّ مَعَ خَوْفٍ مِنْ مَنكِبٍ أَوْ شَلَّاءَ أَوْ سَاعِدِهِ وَنَحْوهِ أَوْ مِنْ مَأمُومَةٍ أَوْ جَائِفَةٍ (1) مِثلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْرِ وَقَعَ الْمَوْقِعِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيءٌ ويعْتَبَرُ قَدْرُ جُرْحٍ بِمِسَاحَةٍ دُونَ كَثَافَةِ لَحْمٍ فَمَنْ أَوْضَحَ بَعْضَ رَأْسٍ، وَالبَعْضُ كَرَأسِهِ وأَكبَرَ أَوْضَحَهُ في كُلِّهِ، وَلَا أَرْشَ لِزَائِدٍ وَمَنْ أَوْضَحَهُ كُلَّهُ وَرَأسُهُ أَكبَرُ أَوْضَحَ قَدْرَ شَجَّتِهِ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ المُقْتَصُ وَلَوْ كَانَتْ بِقَدْرِ بَعْضِ الرَّأسِ مِنهُمَا لَمْ يَعْدِلْ عَنْ جَانِبِهَا إِلى غَيرِهِ وَيُسْتَوْفَى في جُرْحٍ وَمُوضِحَةٍ بِالمُوسَى أَوْ حَدِيَدةٍ مَاضيَةٍ بِيَدِ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ وَكَالجَرائِحِيِ، وَإنْ اشتَرَكَ عَدَدٌ في قَطعِ طَرَفٍ أَوْ جُرْحٍ مُوجِبٌ لِقَوَدٍ وَلَوْ مُوضِحَةً وَلَمْ تَتَمَيَّزْ أَفَعالُهُم كَأَنْ وَضَعُوا حَدِيدَةٍ عَلَى يَدٍ وَتَحَامَلُوا عَلَيهَا حَتَّى بَانَتْ فَعَلىَ كُلٍّ القَوَدُ وَمَعَ تَفَرُّقِ أَفَعَالِهِمْ وَقَطْعُ كُلٍّ مِنْ جَانِبٍ لَا قَوَدَ عَلَى أَحَدٍ (2).
وَيتَّجِهُ: مَا لَمْ يَتَوَاطَؤُوا.
(1) في (ب): "جائفة".
(2)
في (ب): "لم يعدل على أحد".
وَتُضْمَنُ سِرَايَةُ جِنَايَةٍ حَتَّى وَلَوْ انْدَمَلَ جُرْحٌ وَاقْتُصَّ ثُمّ انْتَقَضَ فَسَرَى بِقَوَدٍ وَدِيَةٍ في نَفْسٍ وَدُونِهَا فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَآكلَتْ أخْرَى أَوْ الْيَدُ وَسَقَطَتْ مِنْ مَفْصِلٍ فَالقَوَدُ وَفِيمَا يُشَلُّ الأَرْشُ وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ هَدَرٌ فَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا قَوَدًا فَسَرَى إلَى النَّفْسِ، فَلَا شَيءَ عَلَى قَاطِعٍ لَكِنْ لَوْ قَطَعَهُ قَهرًا مَعَ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ بِآلةٍ كَالَّةٍ أَوْ مَسمُومَةٍ وَنَحوهِ لَزِمَهُ بَقِيةُ الدِّيَةِ وَيَحرُمُ في طَرَفٍ (1).
وَيتَّجِهُ: وَجُرْحٍ.
حَتَّى يَبْرَأَ فَإنْ اقتَصَّ قَبْلُ فَسِرَايَتُهُمَا بَعْدُ هَدَرٌ.
* * *
(1) قوله: "في طرف" سقطت من (ج).