الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ حَدُّ الزِنَا
وَهُوَ فِعْلُ الْفَاحِشَةِ في قُبُلٍ أَوْ دُبُر وَهُوَ أكبَرُ الذنوبِ بَعْدَ شِرْكٍ وَقَتلٍ، قَال أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ بَعْدَ القَتلِ ذَنْبًا أَعْظَمُ مِن الزِّنَا. وَيَتَفَاوَتُ فَزِنًا بذَاتِ زَوجٍ أَوْ مَحرَم أعْظَمُ من زِنًا بِمَن لَا زَوْج لَهَا أوْ أَجْنَبِيةٍ فَإنْ كَانَ زَوْجُهَا جَارًا انْضَمَّ لَهُ سُوءُ الجِوَارِ أَوْ قريبًا انْضَمَّ لَهُ قَطِيعَةُ الرَّحِمٍ.
وَيَتَّجهُ: وَأَفْظَعُهُ اللِّوَاط لِقَوْلِ كَثيرٍ بِقَتْلِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَنَقَلَ ابن القَيِّمِ قَال الأَصْحَابُ لَوْ رَأَى الإمَامُ تحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذَلِكَ، وهُوَ مَرْويٌّ عَنْ الصِّدِّيقِ وَجَمَاعَةٍ مِن الصَّحَابَةِ فَإذَا زَنَى مُحْصَنٌ وَجَبَ رَجْمُهُ حَتَّى يَمُوتَ بِحِجَارَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ فَلا يَنبَغِي أَن يُثْخَنَ بصَخْرةٍ كَبيرةٍ، وَلَا أَنْ يُطُيلَ (1) عَلَيهِ بِحَصَيَاتٍ صَغِيرةٍ وَلَا يُجْلَدُ قَبْلَهُ وَلَا يُنْفَى وَالمُحْصَنُ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ كِتَابيَّةً في قُبُلِهَا وَلَوْ في حَيضٍ أوْ صَوْمٍ أَوْ إحرامٍ وَنَحْوهِ وَهُمَا مُكَلَّفَانِ حُّرَّانِ، ولَوْ ذِمِّيَّينِ أَوْ مُسْتَأمنَينِ بِنِكَاحٍ يُقَرَّانِ عَلَيهِ لَو أَسْلَمَا لَكِن لَا حَدَّ عَلَى مُسْتأَمنٍ نصًّا وَلا يَسقُطُ إحْصَانٌ بإِسلَامٍ.
وَيتَّجِهُ: ويسقُطُ بِرِقٍ مُدَّتُهُ.
وَتَصيرُ هِيَ أَيضًا مُحْصَنَةً وَلا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ فَقْدِ شَيءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَثبُتُ بِقَوْلهِ وَطِئْتُهَا أَوْ جَامَعتُهَا وَنحْوهِ أَوْ دَخَلتُ بِهَا.
(1) في (ب): "يطول".
وَيَتَّجِهُ: أَوْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِهِ وأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ مُقِرٌّ بِهِ قُبِلَ.
وَلَا يَثبُتُ بِوَلَدِهِ مَعَ إنْكَارِ وَطْئِهَا وَإِنْ زَنَى حُرٌّ غَيرُ مُحْصَنٍ جُلِدَ مِائَةً وَغُرِّبَ عَامًا وَلَوْ أُنْثَى بِمَحْرَمٍ بَاذِلٍ نَفْسَهُ وُجُوبًا وَعَلَيهَا أُجْرَتُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مِنْهَا (1) فَمِنْ بَيتِ الْمَالِ فَإِنْ أَبَى أَوْ تَعَذرَ فَوَحْدَهَا إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ لِحَيثُ عَيَّنَهُ حَاكِمٌ وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ وَمُغَرَّبٌ إلَى غَيرِ وَطَنِهِمَا ويتَدَاخَلُ تَغْرِيبٌ كَحَدٍّ وَإنْ زَنَى قِنٌّ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ جَلْدِ خَمْسِينَ وَلَا يُغَرَّبُ وَلَا يُعَيَّرُ وَإنْ زَنَى بَعْدَ عِتْقٍ وَقَبْلَ عِلمٍ بِهِ حُدَّ كَحُرِّ وَيُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ مُبَعَّضٌ بِحِسَابِهِ فَإِنْ كَانَ كَسرٌ كَمَنْ ثُلُثُهُ حُرٌّ؛ فَحَدُّهُ سِتٌّ وَسِتُّونَ وَثُلُثَا جَلْدَةٍ فَيَنْبَغِي سُقُوطُ الْكَسْرِ وَإنْ زَنَى مُحْصَنٌ بِبِكْرٍ أَوْ حُرٌّ بِقِنٍّ فَلِكُلٍّ حَدُّهُ وَزَانٍ بِذَاتِ مَحْرَمٍ كَبِغَيرِهَا وَعَنْهُ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ وَلُوطِيٌّ فَاعِلٌ وَمَفْعُولٌ بِهِ كَزَانٍ وَمَمْلُوكُهُ كَأَجْنَبِيٍّ وَدُبُرُ أَجْنَبِيةٍ كَلِوَاطٍ وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً عُزِّرَ وَقُتِلَت، لَكِنْ بِشَهَادَةِ رَجُلَينِ عَلَى فِعْلِهِ وَيَكْفِي (2) إقْرَارُهُ مَرَّةً إنْ مَلَكَهَا ويحْرُمُ أَكلُهَا فَيَضمَنُهَا.
وَيَتَّجِهُ: الأَصَحُّ لَا تُقتَلُ.
فَإِنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ قَتْلِهَا فَلَمْ يُثبِتْه، وَقَال الطَّحَاويُّ: الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَعَنْهُ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً حُدَّ كَلُوطِيٍّ وَمَنْ مَكَّنَتْ مِنْهَا قِرْدًا عُزِّرَتْ.
* * *
(1) في (ج): "منهما".
(2)
زاد في (ب): "فعله بها ويكفي ".
فَصْلٌ
وَشُرُوطُ حَدِّ زِنًا ثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا: تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ.
وَيَتَّجِهُ احْتمَالٌ: بِلَا حَائِلٍ.
وَلَوْ مِنْ خَصِيٍّ أَوْ جَاهِلِ العُقَوبَةِ أَو قَدْرِهَا لِعَدَمٍ في فَرْجٍ أَصْلِيٍّ مِنْ آدَميٍّ حَيٍّ، وَلَوْ دُبُرًا.
الثَّانِي: انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ فَلَا يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ في حَيضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةُ أَبَدًا بِرَضَاعٍ أَوْ غَيرِهِ أَوْ الزَّوجَةُ (1) أَوْ المُعْتَدَّةُ أَوْ الْمُرْتَدَّةُ أَوْ الْمَجُوسِيَّةُ أَوْ أَمَة لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ أَوْ لمُكَاتَبِهِ (2) أَوْ لِبَيتِ الْمَالِ فِيهَا شِرْكٌ، وَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ أَوْ في نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يُعْتَقَدُ تَحْرِيمُهُ كَنِكَاحِ بِنْتِهِ مِنْ زِنًا وَمُتْعَةٍ كَأَمْتِعِينِي نَفْسَكِ؛ فَتَقُولُ أَمْتَعْتُكَ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ.
وَيتَّجِهُ: أَوْ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا دُفْعَةً أَوْ في طُهْرٍ لِقَوْلِ كَثِيرٍ بِوُقُوعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ.
أَوْ بِشِرَاءِ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا قَبْلَهُ أَوْ عَقْدُ (3) فُضُوليٍّ وَلَوْ قَبْلَ الإِجَازَةِ أَوْ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ في مَنْزِلِهِ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ.
(1) في (ب): "المزوجة".
(2)
في (ب): "أو مكاتبه".
(3)
في (ب): "أو بعقد".
وَيَتَّجِهُ: وَبِغَيرِ فِرَاشِهِ وَمَنْزِلِهِ؛ يُحَدُّ، وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الظَّنَّ حَيثُ لَا قَرِينَةَ.
أَوْ ظَنَّ أَن لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ فِيهَا شُرَكَاءَ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ نَشْؤُهُ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ تَحْرِيمِ نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا، وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ فَإِنْ أَقَرَّت هِيَ أَنَّهُ زَنَى حُدَّتْ وَيُحَدُّ بِوَطْءٍ في نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا مَعَ عِلْمِهِ كَنِكَاحِ مُزَوَّجَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ خَامِسَةٍ أَوْ ذَاتُ مَحرَمٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ زَنَى بِحَرْبِيَّةٍ مُستَأمَنَةٍ.
وَيَتَّجِهُ: أَوْ لَا لِنَحْو أَسِيرٍ.
أَوْ بِمَنْ اسْتَأجَرَهَا لِزِنًا أَوْ غَيرِهِ أَوْ بِمَنْ لَهُ عَلَيهَا قَوَدٌ أَوْ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا أَوْ بِمَجْنُونَةٍ أَوْ صَغِيرَةِ يُوطَأُ مِثْلُهَا كَذَا قِيلَ (1)، أَوْ أَمَتَهُ المُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ لِعِتقِهَا بِمُجَرَّدِ مِلْكٍ.
وَيَتَّجِهُ: مِنْهُ فَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا لَا حَدَّ.
أَوْ مُكْرَهًا خِلَافًا لِجَمْعٍ إلا إنْ أَدْخَلَهُ بِلَا انْتِشَارٍ وَإِنْ مَكَّنَتْ مُكَلَّفَةٌ مِنْ نَفْسِهَا مَجْنُونًا أَوْ مُمَيِّزًا.
وَيَتَّجِهُ: الأَصَحُّ (2) يَطَأُ مِثلُهُ كَعَكْسِهِ وَأَوْلَى.
أَوْ مَنْ يَجْهَلُهُ أَوْ حَربِيًّا أَوْ مُستَأمَنًا أَوْ استَدْخَلَت ذَكَرَ نَائِمٍ حُدَّتْ لَا إنْ أُكْرِهَت أَوْ مَلُوطٌ بِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِتَهدِيدٍ أَوْ مَنْعُ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ مَعَ اضطِرَارٍ.
(1) قوله: "كذا قيل" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "الأصح" سقطت من (ج).
وَيَتَّجِهُ: وَلَا حُرْمَةَ إذَنْ.
الثَّالِثُ: ثُبُوتُهُ وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ مُكَلَّفٌ وَلَوْ قِنًّا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي مَجَالِسَ، أَوْ كَذَّبَتْهُ مُزْنًى بِهَا فَيُحَدُّ هُوَ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يُصَرِّحَ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ لَا بِمَنْ زَنَى وَلَا ذِكْرِ مَكَانِهِ وَأَنْ لَا يَرْجِعَ حَتَّى يَتِمَّ الْحَدُّ فَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعٌ عَلَى إقْرَارِهِ فَأَنْكَرَ (1) أَوْ صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعٍ فَلَا حَدَّ عَلَيهِ وَلَا عَلَى شُهُودٍ وَيُسْتَحَبُّ لحَاكِمٍ التَّعْرِيضُ لِمُقِرٍّ لِيَرْجِعَ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْهَدَ عَلَيهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عُدُولٍ وَلَوْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ أَوْ صَدَّقَهُمْ بِزِنًا وَاحِدٍ وَيَصِفُونَهُ وَيَكْفِي رَأَينَا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا وَالتَّشْبِيهُ تَأْكِيدٌ، ويَجُوزُ لِلشُّهُودِ نَظَرُ ذَلِكَ لإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيهِمَا؛ لِيَحْصُلَ الرَّدْعُ وإنْ شَهِدُوا فِي مَجْلِسَينِ فَأَكْثَرَ أَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ أَوْ لَمْ يُكْمِلْهَا أَوْ كَانُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهِ لِعَمىً أَوْ فِسْقٍ أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمْ زَوْجًا حُدُّوا لِلْقَذْفِ كَمَا لَوْ بَانَ مَشْهُودٌ عَلَيهِ مَجْبُوبًا أَوْ رَتْقَاءَ لَا زَوْجٌ لَاعَنَ أَوْ كَانُوا مَسْتُورِي الْحَالِ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ وَصْفِهِ أَوْ بَانَتْ عَذْرَاءَ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَإِنْ عَيَّنَ اثْنَانِ بَيتًا (2) أَوْ بَلَدًا أَوْ يَوْمًا وَاثْنَانِ آخَرَ، فَقَذْفَةٌ وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الزِّنَا وَاحِدٌ وَإِنْ قَال اثْنَانِ زَنَا بِهَا مُطَاوعَةً وَقَال اثْنَانِ مُكْرَهَةً لَا (3) تَكْمُلُ وَعَلَى شَاهِدَي الْمُطَاوَعَةِ حَدَّانِ وَشَاهِدَي الإِكرَاهِ وَاحِدٌ (4) لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ وَإِنْ قَال اثْنَانِ
(1) زاد في (ب): "على إقراره به أربعا فأنكر".
(2)
زاد في (ب): "وأن عين اثنان زاوية من بيت صغير عرفا، واثنان أخرى منه أو قال اثنان في قميص أبيض أو قائمة، واثنان في أحمر أو نائمة كملت شهادتهم وإن كان البيت كبيرا أو عين اثنان بيتا".
(3)
في (ب): "لم".
(4)
في (ج): "حد واحد".
وَهِيَ بَيضَاءُ، وَقَال اثْنَانِ غَيرَهُ لَم تُقْبَلْ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ قَبْلَ حَدٍّ وَلَوْ بَعْدَ حُكْمٍ حُدَّ الْجَمِيعُ وَبَعْدَ حَدٍّ يُحَدُّ رَاجِعٌ فَقَطْ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ بِفُلَانَةَ، فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ أَنْ الشُّهُودَ هُمْ الزُّنَاةُ بِهَا حُدَّ الأَوَّلُونَ فَقَطْ لِلْقَذْفِ وَالزِّنَا وَإنْ حَمَلَتْ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، لَمْ تُحَدَّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
* *