الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتَابُ الحُدُودُ
جَمْعُ حَدٍّ وَهُوَ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ شَرْعًا في مَعْصِيَةٍ لِيَمْنَعَ مِنْ الْوُقُوعِ في مِثلِهَا وَلَا يَجِبُ (1) إِلّا عَلَى مُكَلَّفٍ مُختَارٍ عَامِدٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ مُلتَزِمٍ كَذِمِّيٍّ لَا مُعَاهَدٍ وَمُستَأمَنٍ وَإقَامَتُهُ لإِمَامِ وَنَائِبِهِ مُطْلَقًا وَتَحْرُمُ شَفَاعَةٌ وَقَبُولُهَا في حَدٍّ لِلَّهِ بَعْدَ أنْ يَبْلُغَ الْحَاكِمَ وَلِسَيِّدٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ عَالِمٍ بِهِ وَبِشُرُوطِهِ، وَلَو فَاسِقًا أَوْ امْرَأَةً إقَامَتُهُ بِجَلْدِ خَاصَّتِهِ وَإقَامَةُ تَعْزِيرٍ عَلَى رَقِيقٍ كُلِّهِ لَهُ وَلو مُكَاتَبًا أَوْ مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا لَا مُزَوَّجَةٍ وَمَا ثَبَتَ بِعِلْمِ سَيِّدٍ لَا (2) حَاكِمٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ كَبِبَيِّنَةٍ وَلَيسَ لَهُ قَتلٌ في رِدَّةٍ وَقَطعٌ في سَرِقَةٍ وَتَجِبُ إقَامَةُ الحَدِّ وَلَوْ كَانَ مَنْ يُقِيمُهُ شَرِيكًا أَوْ عَوْنًا لِمُقَامٍ عَلَيهِ في المَعْصيَةِ وَكَذَا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَنَهيٌ عَنْ مُنْكَرٍ فَلَا يَجْمَعُ بَينَ مَعْصِيَتَينِ وَتَحْرُمُ إقَامَتُهُ بِمسْجِدٍ وَأَنْ يُقِيمَهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ بِعِلْمِهِ أَوْ وَصِي عَلَى رَقِيقِ مُوَلِّيهِ كَأَجْنَبِيٍّ وَلَا يَضْمَنُ مَنْ لَا لَهُ إقَامَتُهُ فِيمَا حَدُّهُ الإِتلَافُ مِنْ عُضْو أَوْ نَفْسٍ وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا بسَوْطٍ لَا خَلقٍ وَلَا جَدِيدٍ غَيرَ جِلْدٍ فَوْقَ القَضِيبِ وَدُونَ العَصَا بِلَا مَدٍّ وَلَا رَبْطٍ وَلَا تَجْرِيدٍ لِلْمَحْدُودِ بَلْ في قَمِيصٍ أَوْ قَمِيصَينِ وَلَا يُبَالغُ في ضَرْبٍ وَلَا يُبْدِي ضارِبٌ إبْطَهُ في رَفْعِ يَدٍ وَسُنَّ تَفْرِيقُهُ عَلَى الأَعْضَاءِ وَيُضْرَبُ مِنْ جَالِسٍ ظَهْرُهُ وَمَا قَارَبَهُ وَمَوَاضِعِ اللَّحْمِ كَالأليَتَينِ وَالْفَخِذَينِ وَيجب اتِّقَاءُ وَجْهٍ وَرَأْسٍ وَفَرْجٍ وَمَقْتَلٍ وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ إلا أَنَّهَا تُضْرَبُ جَالِسَةً وَتُشَدُّ عَلَيهَا ثِيَابُهَا وَتُمْسَكُ
(1) في (ج): "تحل".
(2)
في (ج): "أو".
يَدَاهَا وَيُجْزِئُ بِسَوْطٍ مَغْصُوبٍ وَلَا تُعْتَبَرُ مُوَالاةٌ بَلْ نِيَّةٌ لِيَصِيرَ قُرْبَةً، فَيَضْرِبُهُ لِلَّهِ، وَلَمَّا (1) وَضَعَ اللهُ لَهُ ذَلِكَ فَإِن جَلْدَهُ لِلتَّشَفِّي إثْمٌ وَلَا يُعِيدُهُ وَفِي نُسَخِ الإِنْصَافِ وَالفُرُوعِ وَيُعِيدُهُ وَهُوَ أَنْسَبُ حَيثُ اُعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ وَأَشَدُّهُ جَلْدُ زِنًا (2) فَقَذْفٍ فَشُرْبٍ فَتَعْزِيرٍ وَإِنْ رَأَى إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ في حَدِّ (3) شُرْبٍ بجَرِيدٍ أَوْ بِنِعَالٍ وقَال جَمْعٌ وَبِأَيدٍ الْمُنَقِّحُ: وَهُوَ أَظْهَرُ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُؤَخَّرُ حَدٌّ لِمَرَضٍ وَلَوْ رُجِيَ زَوَالُهُ وَلَا لِنِفَاسٍ فَتُحَدُّ بِمُجَرَّدِ وَضْع خِلَافًا لَهُ وَلَا لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ ضَعْفٍ لِوُجُوبِهِ فَوْرًا فَإِنْ كَانَ جَلْدًا، أَوْ خِيفَ مِنْ السَّوْطِ لَمْ يَتَعَيَّنْ، فَيُقَامُ بِطَرَفِ ثَوْبٍ أَوْ عُثْكُولِ نَخْلٍ فِيهِ مِائَةُ شِمرَاخٍ، فَيَضْرِبُ بهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَيُؤَخَّرُ لِسُكرٍ حَتَّى يَصْحُوَ فَلَوْ خَالفَ سَقَطَ إنْ أَحَسَّ وَإِلَّا فَلَا لأنَّ كُلَّ حَدٍّ شَرْطُهُ التَّألِيمُ وَيُؤَخَّرُ قَطْعٌ خَوْفَ تَلَفٍ وَيَحْرُمُ بَعْدَ حَدٍّ حَبْسٌ وَإيذَاءٌ بِكَلَامٍ وَمَنْ مَاتَ في تَعْزِيرٍ أَوْ حَدٍّ بِقَطْعٍ أَوْ جَلْدٍ وَلَمْ يَلْزَمْ تَأخِيرُهُ فَهَدَرٌ وَمَنْ زَادَ وَلَوْ جَلْدَةً أَوْ في السَّوْطِ أَوْ اعْتَمَدَ في ضَرْبِهِ أَوْ بِسَوْطٍ لَا يَحْتَمِلُهُ فَتَلِفَ؛ ضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ وَمَنْ أُمِرَ بِزِيَادَةٍ فَزَادَ جَهلًا ضَمِنَهُ آمِرٌ وَإلَا فَضَارِبٌ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ العَادُّ فَقَطْ أَوْ أَخْطَأَ وَادَّعَى (4) ضَارِبٌ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ العَادُّ وَتَعَمُّدُ إمَامٍ لِزِيَادَةٍ (5) شِبْهِ عَمْدٍ؛ تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ وَلَا يُحْفَرُ لِمَرْجُومٍ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ ثَبَتَ (6) بِبَيِّنَةٍ وَيَجِبُ في
(1) في (ج): "قربة لله فيضربه لما وضع الله".
(2)
من قوله: "توضح العظام" إلى قوله هنا: "وأشده جلد زنا" سقطت ورقتين من الأصل (أ) وتقدم الإشارة إليها في ص 292.
(3)
زاد في (ب): "أو نائبه الضرب في حد".
(4)
في (ج): "أو ادعى".
(5)
في (ج): "الزيادة".
(6)
في (ج): "وثبت".
حَدِّ زِنًا حُضُورُ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْمُؤمِنِينَ وَلَو وَاحِدًا وَسُنَّ حُضُورُ مَنْ شَهِدَ وَبَدْأَتُهُمْ بِرَجْمٍ وَأَنْ يَدُورَ النَّاسُ حَوْلَ مَرْجُومٍ كَالدَّائِرَةِ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ؛ لاحْتِمَالِ أَنْ يَهْرُبَ، فَيُترَكُ، فَلَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ (1) سُنَّ بُدَاءَةُ إمَامٍ أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ وَمَتَى رَجَعَ مُقِرٌّ بِهِ أَوْ بِسَرِقَةٍ أَوْ شُرْبٍ قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِهِ لَمْ يُقَم وإنْ رَجَعَ في أَثْنَاءِ حَدٍّ لِلَّهِ أَوْ هَرَبَ تُرِكَ وُجُوبًا فَإِنْ تُمِّمَ فَلَا قَوَدَ وَضَمِنَ رَاجِعٌ لَا هَارِبٌ بِالدِّيَةِ وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْفِعْلِ فَهَرَبَ لَمْ يُتْرَكْ وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ يُجَنُّ أَحْيَانًا بِزِنًا، وَلَمْ يُضِفْهُ لإِفَاقَتِهِ أَو شَهِدَ عَلَيهِ بَيِّنَةٌ بِزِنًا، وَلَمْ تُضِفْهُ لإِفَاقَتِهِ فَلَا حَدَّ وَمَنْ أَتَى حَدًّا سَتَرَ نَفْسَهُ وَلَمْ يُسَنُّ أَنْ يُقِرَّ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَمَنْ قَال لَحَاكِمٍ أَصَبْتُ حَدًّا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيءٌ وَالحَدُّ كَفارَةٌ لِذَلِكَ الذَّنْبِ.
* * *
(1) قوله: "بإقرار" سقطت من (ج).
فَصْلٌ
وَإنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ مِنْ جِنْسٍ بِأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ شَرِبَ مِرَارًا تَدَاخَلَت، فَلَا يُحَدُّ سِوَى مَرَّةٍ وَأَجْنَاسٍ وَفِيهَا قَتْلٌ اسْتَوْفَى وَحْدَهُ وَإلَّا وَجَبَ أَنْ يَبْدَأَ بِالأَخَفِّ فَالأَخَفُّ وَتُسْتَوْفَى حُقُوقُ آدَميٍّ كُلُّهَا وَيَبْدَأُ بِغَيرِ قَتْلٍ بِالأَخَفِّ فَالأَخَفُّ وُجُوبًا وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ حُدُودِ اللهِ تَعَالى وَيُبْدَأُ بِحَقِّ آدَمِيٍّ، فَلَوْ زَنَى وَشَرِبَ، وَقَذَفَ، وَقَطَعَ يَدًا؛ قُطِعَ ثُمَّ حُدَّ لِقَذفٍ فَشُرْبٍ فَزِنًا لَكِنْ لَوْ قَتَلَ وَارْتَدَّ أَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَدًا، قُتِلَ أَوْ قُطِعَ لَهُمَا وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حَتَّى يَبْرَأَ مَا قَبْلَهُ.
* * *
فَصْلٌ
وَمَنْ قَتَلَ أَوْ أَتَى حَدًّا خَارِجَ حَرَمِ مَكَّةَ ثُمَّ لَجَأَ أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدُّ إلَيهِ؛ حَرُمَ أَنْ يُؤاخَذَ فِيهِ بِقَتْلٍ وَغَيرِهِ، لَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى وَلَا يُكَلَّمُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيُقَامُ عَلَيهِ وَمَنْ فَعَلَهُ فِيهِ أُخِذَ بِهِ فِيهِ وَمَنْ قُوتِلَ فِيهِ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَط وَذَكَرَ ابنُ العَرَبِيِّ المَالِكِيِّ لَو تَغَلَّبَ فِيهِ كُفَّارٌ أَوْ بُغَاةٌ، وَجَبَ قِتَالُهُمْ فِيهِ بِالإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ (1) الشيخُ يُدْفَعُ مُتَعَدٍّ فِيهِ كَالصَّائِلِ وَلَا تَعْصِمُ الأَشهُرُ الْحُرُمُ وَسائِرُ البِقَاع شَيئًا مِنْ الْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ وَإِذَا أَتَى غَازِ حَدًّا، أَوْ قَوَدًا بِأَرْضِ العَدُوِّ أَوْ خَارِجِهَا، ثُمَّ دَخَلَ إلَيهَا؛ لَمْ يُؤْخَذْ حَتَّى يَرْجِعَ لِدَارِ الإِسْلَامِ.
* * *
(1) في (ج): "وقال".