الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ قِتَالُ أَهْلُ البَغْيِ
وَهُمْ الْخَارِجُونَ عَلَى إمَامٍ وَلَوْ غَيرَ عَدْلٍ بِتَأْويلٍ سَائِغٍ، وَلَهُمْ شَوْكَةٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُطَاعٌ فَإِنْ اخْتَلَّ شرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَقُطَّاعٌ.
وَنَصْبُ (1) الإِمَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
وَيتَّجِهُ: لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُ الإِمَامِ وَأَنَّهُ لَوْ تَغَلَّبَ كُلُّ سُلْطَانٍ عَلَى نَاحِيَةٍ كَزَمَانِنَا فَحُكْمُهُ فِيَها (2) كَالإِمَامِ.
وَيَثْبُتُ نَصْبُ الإِمَامِ بِإِجْمَاعٍ وَنَصٍّ وَاجْتِهَادٍ وَقَهْرٍ وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ وَإِنَّمَا يُنَصَّبُ قُرَشِيٌّ حُرٌّ ذَكَرٌ عَدْلٌ نَاطِقٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَالِمٌ بِالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ كُفُؤٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَلَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ وَيُجْبَرُ مُتَعَيِّنٌ لَهَا وَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَهُمْ عَزْلُهُ إنْ سَأَلَهَا وَإِلَّا فَلَا وَيَحْرُمُ قِتَالُهُ وَإِنْ تَنَازَعَهَا كُفُؤَانِ أُقْرِعَ وَإِنْ بُويِعَا فَالإِمَامُ الأَوَّلُ وَمَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ بَطَلَ الْعَقْدُ وَيَلْزَمُ الإِمَامَ حِفْظُ الدِّينِ وَتَنْفِيذُ الأَحْكَامِ وَحِفْظُ الرَّعِيَّةِ وَإِنْصَافُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَتَحْصِينُ الثُّغُورِ وَجِهَادُ مَنْ عَانَدَ الإِسْلَامَ وَجِبَايَةُ الْفَيءِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَتَقْدِيرُ الْعَطَاءِ لِمُسْتَحِقِّهِ فِي بَيتِ الْمَالِ بِلَا سرَفٍ وَاسْتِكفَاءُ الأُمَنَاءِ وَتَقْلِيدُ النُّصَحَاءِ فِيمَا يُفَوِّضُهُ إلَيهِمْ مِنْ الأَعْمَالِ وَأَنْ يُبَاشرَ بِنَفْسِهِ مُشَارَفَةَ الأُمُورِ وَتَصَفُّحَ
(1) زاد في (ب): "فقطاع طريق ونصب".
(2)
قوله: "فيها" سقطت من (ب، ج).
الأَحْوَالِ وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى التَّفْويضِ فَقَدْ يَخُونُ الأَمِينُ وَيَغُشُّ النَّاصِحُ فَإِذَا قَامَ بِحُقُوقِ الأُمَّةِ وَجَبَ لَهُ عَلَيهِمْ الطَاعَةَ وَالنُّصْرَةَ إِجْمَاعًا وَيَحْرُمَ الخُروَجُ عَلَيهِ وَلَو غَيرَ عَدْلٍ خِلَافًا لابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَذَكَرَا خُرُوجَ الْحُسَينِ رضي الله عنه عَلَى يَزِيدَ.
* * *
فَصْلٌ
وَيَلْزَمُهُ مُرَاسَلَةُ بُغَاةٍ وَإزَالةُ شُبَهِهِمْ وَمَا يَدَّعُونَهُ مِنْ مَظْلَمَةٍ فَإِنْ فَاءُوا وَإلَّا لَزِمَ قَادِرًا قِتَالُهُمْ وَعَلَى رَعِيَّتِهِ مَعُونَتُهُ فَإِن اسْتَنْظَرُوهُ مُدَّةً وَرَجَا فَيئَتَهُمْ؛ أَنْظَرَهُمْ وَإنْ خَافَ مَكِيدَةً فَلَا وَلَوْ أَعْطَوْهُ مَالًا أَوْ رَهْنًا وَيَحْرُمُ قِتَالُهُمْ بِمَا يَعُمُّ إتْلَافُهُ كَمَنْجَنِيقٍ وَنَارٍ وَاسْتِعَانَةٌ بِكَافِرٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفِعْلِهِمْ إنْ لَمْ نَفْعَلْهُ وَأَخْذُ مَالِهُمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وقَتْلُ مُدَبِّرِهِمْ وَجَرِيحِهِمْ وَتَارِكِ الْقِتَالِ وَلَا قَوَدَ فِيهِ وَيُضْمَنُ وَقَتِيلُنَا شَهِيدٌ وَقَتِيلُهُمْ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيهِ وَقِيلَ لَا لِقَضِيَّةِ أَهْلِ صِفِّينَ.
وَيَتَّجِهُ: صِحَّتُهُ مَعَ مَشَقَّةٍ.
وَيُكرَهُ قَصْدُ رَحِمِهِ الْبَاغِي بِقَتلٍ وَتُبَاحُ اسْتِعَانَةٌ عَلَيهِمْ بِسِلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَخَيلِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ لِضَرُورَةٍ فَقَطْ وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ أُنْثَى حُبِسَ حَتَّى لَا شَوْكَةَ وَلَا حَرْبَ وَإِذَا انْقَضَتْ فَمَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ مَالُهُ بِيَدِ غَيرِهِ أَخَذَهُ وَلَا يَضْمَنُ باغٍ مَا أَتْلَفُهُ (1) حَال حَرْبٍ كأَهْلِ عَدْلٍ وَيَضمَنَا مَا أَتْلَفَا فِي غَيرِ حَرْبٍ وَمَا أَخَذُوا حَال امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ وَخَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ، اُعْتُدَّ بِهِ وَيُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ دَفْعِ زَكَاةٍ إلَيهِمْ لَا خَرَاجٍ وَجِزْيَةً إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُمْ فِي شَهَادَتِهِمْ وَإمْضَاءِ حُكمِ حَاكِمْهُمْ كَأَهْلِ عَدْلٍ لَا إنْ كَانُوا أَهْلَ بِدَعٍ وَإنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ؛ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، وَصَارُوا كَأَهْلِ حَرْبٍ لَا إنْ ادَّعَوْا شُبْهَة كوُجُوبِ إجَابَتِهِمْ وَيَضْمَنُونَ مَا
(1) في (ب): "ولا يضمن بغاة ما أتلفوه".
أَتلَفُوهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ وَإنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَأَمَّنُوهُمْ فكَعَدَمِهِ إلَّا أَنَّهُمْ فِي أَمَانٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بُغَاةٍ (1).
* * *
(1) في (ب): "إلى البغاة".
فَصْلٌ
وَإِنْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الإِمَامِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ وَتَجْرِي الأَحْكَامُ عَلَيهِم كَأَهْلِ الْعَدْلِ.
وَيَتَّجِهُ: هَذَا إنْ لَمْ يَمْتَنِعُوا مِنْ الْتِزَامِ الشَّرَائِعِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وإلَّا وَجَبَ جِهَادُهُمْ قَال الشَّيخُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَاتَلَ الصِّدِّيقُ مَانِعِي الزَّكَاةِ (1).
وَإنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ إِمَامٍ أَوْ عَدْلٍ، أَوْ عَرَّضُوا بِهِ عُزِّرُوا وَمَنْ كَفَّرَ أَهْلَ الْحَقِّ وَالصَّحَابَةِ وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِتَأْويلٍ فَخَوَارِجٌ بُغَاةٌ فَسَقَةٌ، وَعَنْهُ كُفَّارٌ الْمُنَقِّحُ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَفِي الْمُغْنِي يُخَرَّجُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ مُحَرَّمٍ اُسْتُحِلَّ بِتَأْويلٍ وَفِي نِهَايَةِ الْمُبتَدِئِ مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا مُسْتَحِلًا كَفَرَ، وَإلَّا فَسَقَ، وَالْمُرَادُ وَلَا تَأْويلَ، وَلِذَا لَمْ يَحْكُمْ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِكُفْرِ ابْنِ مُلْجِمٍ، قَاتِلِ عَليٍّ وَلَا بِكُفْرِ مَادِحِهِ عَلَى قَتلِهِ وَإنْ اقْتَتَلَت طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ رِيَاسَةٍ فَظَالِمَتَانِ تَضمَنُ كُلٌّ مَا أَتلَفَتْ عَلَى الأُخْرَى وَضَمِنَتَا سَوَاءٌ مَا جُهِلَ مُتلِفُهُ كَمَا لَوْ قُتِلَ دَاخِلٌ بَينَهُمَا لِصُلْحٍ؛ وَجُهِلَ قَاتِلُهُ مِنْ طَائِفَةٍ (2) وَجُهِلَ ضَمِنَتهُ وَحْدَهَا (3).
* * *
(1) الاتجاه ساقط من (ج).
(2)
زاد في (ب): "وجهل قاتله وإن علم قاتله من طائفة".
(3)
من قوله: "كما لو قتل
…
وحدها" سقطت من (ج).