الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
جَمْعُ جِنَايَةٍ، وَهِيَ التَّعَدِّي عَلَى الْبَدَنِ بِمَا يُوجِبُ قِصاصًا أَوْ مَالًا وَالقَتْلُ ظُلْمًا مِنْ أَعظَمِ الْكَبَائِرِ وَجَرَى فِي تَوْبَتِهِ خِلَافٌ كَبِيرٌ وَالتَّحْقيقُ أَنَّ القَتلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ للهِ وَلِلْمَقْتُولِ وَلِوَلِيِّهِ، فَحَقُّ الله يَسقُطُ بِتَوْبَتِهِ وَتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلوَليِّ، وَحَقُّ الوَلي يَسْقُطُ بِالاستِيفَاءِ أَوْ الصُّلحِ أَوْ الْعَفْو، وَيَبْقَى حَقُّ المَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللهُ عَنْهُ يَومَ القِيَامَةِ وَيُصلِحُ بَينَهُ وَبَينَهُ قَالهُ ابْنُ القَيِّمِ. وَالقَتلُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: عَمدٌ يَخْتَصُّ القَوَدُ بِهِ، وشِبْهُ عَمْدٍ وَخَطَأٌ فَالعَمدُ أَن يَقصِدَ مَنْ يَعلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، فَيَقتُلُهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوتُهُ بِهِ وَلَهُ تِسع صورٍ:
إِحدَاهَا: أَن يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي البَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ كَسِكينٍ وَمِسَلَّةٍ وَغَيرِهِ كَشَوْكَةٍ وَلَوْ صَغِيرًا كَشَرطِ حَجَّامٍ فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ وَالخُصْيَتَينِ أَوْ لَا كَفَخِذٍ وَيَدٍ فَتَطُولُ عِلَّتُهُ أَوْ يَصِيرُ مُتَأَلِّمًا حتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَمُوتَ فِي الحَالِ وَلَوْ لَم يُدَاوِ مَجرُوحٌ قَادِرٌ جُرحِهِ وَمَنْ قَطَعَ أَوْ بَطَّ سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ، فَمَاتَ فَعَلَيهِ الْقَوَدُ (1) لَا وَليُّ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ لِمَصلَحَةٍ وَلَا شَيءَ عَلَيهِ.
الثَّانِيَةُ: أَن يَضْرِبَهُ بِمُثقَلٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ عَمدٌ لَا كَهُوَ (2) وَهُوَ الخَشَبَةُ التِي يَقُومُ عَلَيهَا بَيتُ الشَّعرِ أَوْ بِمَا يَغلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ مِنْ
(1) قوله: "القود" سقطت من (ج).
(2)
في (ب): "عمود الفسطاط لا كهو وهو".
كُوذَيْنِ: وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ، وَلُتٍّ نَوعٌ (1) مِنْ السِّلَاحِ، وَدَبُّوسٍ وَسِنْدَانٍ وَحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَوْ فِي غَيرِ مَقْتَلٍ أَوْ فِي مَقْتَلٍ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْ حَال ضَعْفِ قُوَّةٍ مِنْ مَرَضٍ وَصِغَرٍ وكِبَرٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَنَحْوهِ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْ يُكَرِّرُ (2) الضَّربَ بخَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ أَوْ يُلْقِيَ عَلَيهِ حَائِطًا أَوْ سَقفًا أَوْ يُلقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ فَيَمُوتُ وَإنْ قَال لَم أَقصِدْ قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّ يُلْقِيَهُ بِزُبْيَةِ أَسَدٍ وَنَحوهِ أَوْ مَكتُوفًا بِفَضاءٍ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ فِي مَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ ويُنهِشُهُ كَلْبًا أَوْ حَيَّةً أَو يُلْسِعُهُ عَقْرَبًا مِنْ القَوَاتِلِ غَالِبًا فَيُقتَلُ بِهِ.
الرَّابِعَةُ: أَنْ يُلْقِيَهُ فِي مَاءٍ يُغرِقُهُ أَوْ نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ فَيَمُوتُ وَإِن أَمْكَنَهُ فِيهِمَا فَهَدَرٌ لَا أَنَّهُ (3) يَضمَنُهُ فِي الأَخِيرَةِ بِالدِّيَةِ خِلَافًا لَهُ.
الخَامِسَةُ: أَنْ يَخْنُقَهُ بِحَبلٍ أَوْ غَيرِهِ أَوْ يَسُدُّ فَمَهُ، وَأَنْفَهُ أَوْ بِعَصْرِ خُصْيَتَيهِ زَمَنًا يَمُوتُ فِي مِثلِهِ غَالِبًا، فَيَمُوتُ.
السَّادِسَةُ: أَن يَحْبِسَهُ، وَيَمنَعَهُ الطَّعَامَ، وَالشَّرَابَ فَيَمُوتُ جُوعًا، وَعَطَشًا لِزَمَنٍ يَمُوتُ فِيهِ مِن ذَلِكَ غَالِبًا بِشَرْطِ تَعَذُّرِ الطَّلَب عَلَيهِ وَإِلا فَلَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ، كَتَركِهِ شَدَّ (4) فَصدِهِ أَوْ يَمْنَعُهُ الدِّفْءَ فِي الْبَردِ المُهلِكِ.
(1) في (ج): "ما يدق به الدقاق للثياب وكل نوع".
(2)
في (ب): "بدون ذلك أو يكرر".
(3)
في (ب): "لأنَّه".
(4)
قوله: "شد" سقطت من (ج).
السَّابِعَةُ: أَنْ يَسقِيَهُ سُمًّا لَا يَعْلَمُ بِهِ أَو يَخْلِطَهُ بِطَعَامٍ، وَيُطْعِمَهُ أَوْ بِطَعَامٍ أَكَلَهُ، فَيَأْكُلُهُ جَهلًا فَيَمُوتُ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ آكِلٌ مُكلَّفٌ أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِ نَفْسِهِ، فَأَكَلَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ؛ فَهَدَرٌ.
الثَّامِنَةُ: أَنْ يَقتُلَهُ بِسِحرٍ يَقتُلُ غَالِبًا وَمَتَى ادَّعَى قَاتِلٌ بِسُمٍّ أَوْ سِحْرٍ عَدَمَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ أَو جَهْلَ مَرَضٍ لَم يُقْبَلْ.
وَيَتَّجِهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مَرَضُهُ خَفِيًّا.
التَّاسِعَةُ: أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ عَلَى شَخْصٍ بِقَتْلِ عَمْدٍ أَوْ بِرِدَّةٍ حَيثُ امتَنَعَتْ تَوبَتُهُ أَوْ أَربَعَةٌ بِزِنَا مُحْصَنٍ، فَيُقتَلُ ثُمَّ تَرْجِعُ الْبَيِّنَةُ، وَتَقُولُ: عَمَدنَا قَتلَهُ، أَوْ يَقُولُ الحَاكِمُ، أَوْ الوَليُّ عَلِمْتُ كِذْبَهُمَا، وَعَمَدتُ قَتْلَهُ؛ فَيُقَادُ بِذَلِكَ وَلَا قَوَدَ عَلَى بيِّنَةٍ، وَحَاكِمٍ مَعَ مُبَاشَرَةِ وَليٍّ، وَيَخْتَصُّ بِهِ مَعَ عَمدِ الْجَمِيعِ مُبَاشِرٌ عَالِمٌ فَوَلِيٌّ فَبَيِّنَة، وَحَاكِمٌ (1) وَمَتَى لَزِمَتْ حَاكِمًا، وَبَيِّنَةَ دِيَةٍ فَعَلَى عَدَدِهِم، وَالْحَاكِمُ كَوَاحِدٍ مِنهُم وَلَوْ قَال وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ: عَمَدْنَا وَآخَرُ أَخطَأنَا؛ فَلَا قَوَدَ وَعَلَى مَنْ قَال عَمَدْنَا، حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ المُغَلَّظَةِ والآخَرُ مِنْ المُخَفَّفَةِ وَمِنْ اثْنَينِ لَزِمَ المُقِرَّ بِعَمدِ الْقَوَدُ، وَالآخَرُ نِصفُ الدِّيَةِ وَلَوْ قَال كُل عَمَدتُ، وَأَخطَأَ شَرِيكِي فَالْقَوَدُ وَلَوْ رَجَعَ، وَلِيٌّ وَبَيِّنَة؛ ضَمِنَهُ وَلِيٌّ وَمَنْ جَعَلَ فِي حَلقِ مَنْ تَحْتَهُ حَجَرٌ، أَوْ نَحْوَهُ خِرَاطَةً وَشَدَّهَا بِعَالٍ، ثُمَّ أَزَال مَا تَحْتَهُ آخَرُ عمدًا فَمَاتَ فَإن جَهِلَهَا مُزِيلٌ، وَدَاهُ مِنْ مَالِهِ وَإِلا قُتِلَ بِهِ.
ويتَّجِهُ: لَوْ أَزَالهَا غَيرُ آدَميٍّ ضَمِنَ الأوَّل.
(1) في (ج): "فحاكم".
وَلَوْ شَدَّ عَلَى ظَهْرِهِ قِربَةً مَنفُوخَةً، وَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ فَخَرَقَهَا آخَرُ فَغَرِقَ فَالْقَاتِلُ هُوَ الثَّانِي.
فَرعٌ: اختَارَ الشَّيخُ أَنَّ الدَّالَّ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَ وَإلا الدِّيَةُ وأَنَّ الآمِرَ لَا يَرِثُ.
* * *
فَصْلٌ وَشِبهُ الْعَمْدِ
وَيُسَمَّى: خَطَأَ العَمْدِ، وَعَمْدَ الخَطَإِ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةَ لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَلَمْ يَجرَحهُ بِهَا كَمَنْ ضَرَبَ بِسَوْطٍ أَوْ عَصا أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ أَوْ لَكَزَ أَوْ لَكَمَ غَيرَهُ فِي غَيرِ مَقتَلٍ، أَوْ أَلقَاهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ، أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَمَاتَ، أَوْ صَاحَ بِعَاقِلٍ (1) اغْتَفَلَهُ أَوْ بِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ، لَا بِمُكَلَّفٍ عَلَى سَطحٍ، فَسَقَطَ فَمَاتَ فَفِيهِ الْكَفارَةُ فِي مَالِ جَانٍ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
* * *
(1) في (ج): "بغافل".
فصلٌ
وَالْخَطَأُ ضَرْبَانِ:
ضَرْبٌ فِي الْقَصْدِ: وَهُوَ نَوعَانِ:
أَحَدُهُما: أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيدًا أَوْ مُبَاحَ الدَّمِ فَيَبِينُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، أَوْ يَفْعَلُ مَا لَهُ فِعْلُهُ فَيَقتُلُ إنْسَانًا، أَوْ يَتَعَمَّدُ الْقَتْلَ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَفِي مَالِهِ الْكَفَّارَةُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ ومَا لَيسَ لَهُ فِعْلُهُ كَأَنْ يَرْمِيَ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فَيَقْتُلَ آدَمِيًّا، فَيُقتَلُ نَصًّا خِلَافًا لَهُ.
وَيَتَّجِهُ: لَا.
وَمَنْ قَال: كُنتُ يَوْمَ قَتَلْتُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَأَمْكَنَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَقْتُلَ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ صَفِّ كُفَّارٍ مَنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا أَوْ يَرْمِيَ وُجُوبًا كُفَّارًا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ، وَيَجِبُ حَيثُ خِيفَ عَلَى المُسْلِمِينَ إنْ لَم يَرْمِهِمْ، فَيَقْصِدُهُمْ دُونَهُ فَيَقْتُلُهُ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ وَمَنْ وَقَفَ بِصَفِّهِمْ اختِيَارًا فَهَدَرٌ.
الضَّربُ الثَّانِي: فِي الفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ صَيدًا أَوْ هَدَفًا، فَيُصِيبَ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ، أَوْ يَنقَلِبَ نَحْوَ نَائِمٍ عَلَى إنْسَانٍ فَيَقْتُلُهُ (1)، فَيَمُوتُ فَالكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّامِي ذِميًّا فَأَسْلَمَ بَينَ رَمْيٍ
(1) قوله: "فيقتله" سقطت من (ج).
وَإصَابَةٍ؛ ضَمِنَ الْمَقتُولَ فِي مَالِهِ، وَمَنْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَحَفْرِ بِئْرٍ، وَنَصْبِ نَحو سِكِّينٍ، وَحَجَرٍ تَعَدِّيًا، إنْ قَصَدَ جِنَايَةَ فَشِبهُ عَمْدٍ وَإِلا فَخَطَأٌ، وَإمْسَاكُ الحَيَّةِ مُحَرَّمٌ، وَجِنَايَةٌ فَلَو قَتَلَت مُمْسِكَهَا مِنْ مُدَّعِي مَشْيَخَةٍ، فَقَاتِلٌ نَفْسَهُ فَلَا يُسَنُّ لِلإِمَام الأَعْظَمِ الصَّلَاةُ عَلَيهِ وَمَعَ ظَنِّ أَنَّهَا (1) لَا تَقتُلُ؛ شِبْهُ عَمدٍ بِمَنزِلَةِ مَنْ أكَلَ حتَّى بَشِمَ وَمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا بِبَيِّنَةٍ فَقَال شَخْصٌ: أنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا؛ فَلَا قَوَدَ وَعَلَى مُقِرٍّ الدِّيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقرَارِ الأَوَّلِ؛ قُتِلَ الأول وَلَا شَيءَ عَلَى الثَّانِي، فَإِنْ صَدَّقَهُ الوَلِيُّ (2) بَطَلَتْ دَعْوَاهُ الأُولَى.
* * *
(1) قوله: "أنها" سقطت من (ج).
(2)
في (ب): "الأول".
فصلٌ
وَيُقتَلُ العَدَدُ بِوَاحِدٍ إنْ صَلُحَ فِعْلُ كُلٍّ لِلْقَتْلِ بِهِ وَإلَّا وَلَا تَوَاطُأْ فَلَا وَلَا يَجِبُ مَعَ عَفوٍ أَكثَرُ مِنْ دِيَةٍ وَإِنْ جَرَحَ وَاحِدٌ جُرْحًا وَآخَرُ مِائَة فَسَوَاءٌ فِي القَتلِ وَالدِّيَةِ وَإِن جَرَحَهُ ثَلَاثَة فبَرِئَ جُرْحُ أَحَدِهِمْ، وَمَاتَ مِنْ الجُرحَينِ الآخَرَينِ (1)؛ فَلِوَليٍّ قَوَدٌ مِمَّنْ بَرِئَ جُرحُهُ بِمِثْلِهِ وَقَتَلَ الآخَرَينِ أَوْ أَحَدَهُمَا، وَأَخَذَ مِن الآخَرِ نِصفَ الدِّيَةِ وَإن ادَّعَى أَحَدُهُمْ بُرْءَ جُرْحِهِ فَكَذَّبَهُ وَلِيٌّ فَقَولُهُ بيَمِينِهِ وَإلَّا لَم يَملِك قَتلَهُ وَلَا طَلَبَهُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ بَلْ بِأَرْش الْجُرحِ أَوْ القَوَدِ (2) وَإِن شَهِدَ شَرِيكَاهُ بِبُرءِ جُرْحِهِ لَزِمَهُمَا الدِّيَةُ كَامِلَةً إن صَدَّقَهُمَا وَلِيٌّ، وَإلَّا فَثُلُثَاهَا وَإِنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ كُوعٍ ثُمَّ آخَرُ مِنْ مِرْفَقٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَرِئَ الأوَّل (3) فَالقَاتِلُ الثَّانِي وَإلَّا فَهُمَا وَإِنْ فَعَلَ وَاحِدٌ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ كَقَطعِ حَشوَتِهِ لَا خَرقِهَا أَوْ مَرِيئَهُ أَوْ وَدَجَيهِ ثُمَّ ذَبَحَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ الأَوَّلُ وَيُعَزَّرُ الثَّانِي كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَيِّتٍ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ فِيهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَإن رَمَاهُ الأوَّل مِنْ شَاهِقٍ، فَتَلَقَّاهُ الثَّانِي بِمُحَدَّدٍ، فَقَدَّهُ أَوْ شَقَّ الأوَّل بَطْنَهُ أَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ الثَّانِي؛ فَهُوَ القَاتِلُ وَعَلَى الأَوَّلِ مُوجِبُ جِرَاحَتِهِ وَمَنْ رُمِيَ فِي لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَالقَوَدُ عَلَى رَامِيهِ.
وَيَتَّجِهُ: غَيرَ سَابحٍ (4) أَوْ رَمَاهُ لِحَربِيٍّ لِقَتْلٍ فَقَتَلَهُ.
(1) في (ج): "الأخيرين".
(2)
في (ج): "والقود".
(3)
من قوله: "كاملة إن صدقهما
…
بريء" سقطت من (ج).
(4)
قوله: "غير سابح" سقطت من (ج).
وَمَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ إنْ عَلِمَ بِالْحُوتِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا أَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ غَيرِ مُسْبعٍ، فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ، فَقَتَلَتْهُ؛ فَالدِّيَةُ وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى أَنْ يُكْرَهَ عَلَيهِ فَفَعَلَ؛ فَعَلَى كُلِّ الْقَوَدُ وَعَلَى غَيرِ مُعَيَّنٍ كَهَذَا أَوْ هَذَا؛ فَلَا إكْرَاهَ وَاقْتُلْ نَفْسَكَ، وَإِلَّا قَتَلْتُكَ، إكْرَاهٌ وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَمَرَ بِهِ سُلْطَانٌ ظُلْمًا مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ فِيهِ لَزِمَ الآمِرَ فَقَطْ الْقَوَدُ وَإِنْ عَلِمَ الْمُكَلَّفُ تَحْرِيمَهُ لَزِمَهُ وَأُدِّبَ آمِرُهُ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَرَى الْقَتْلَ دُونَ مَأْمُورٍ، كَمُسْلِمٍ قَتَلَ ذِمِّيًّا، وَحُرٍّ عَبْدًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامِّيًّا وَعَكْسُهُ فَعَلَى الآمِرِ وَمَنْ دَفَعَ لِغَيرِ مُكَلَّفٍ آلَةَ قَتْلِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ فَقَتَلَ (1) لَمْ يَلْزَمْ الدَّافِعَ شَيءٌ وَإِنْ وَقَعَ هُوَ عَلَيهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ دَافِعٍ الدِّيَةُ كَذَا قِيلَ، وَمَنْ أَمَرَ بِقِنِّ (2) غَيرِهِ بِقَتْلِ قِنِّ نَفْسِهِ، أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيهِ فَلَا شَيءَ لَهُ وَاُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي.
وَيَتَّجِهُ: لَا هُزُؤًا، أَوْ مَزْحًا.
فَفَعَلَ فَهَدَرٌ وَيَأْثَمُ كَاُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ وَلَا إثْمَ هُنَا وَلَا كَفَّارَةَ (3) وَلَوْ قَالهُ قِنٌّ ضَمِنَ لِسَيِّدِهِ بِقِيمَتِهِ.
* * *
(1) قوله: "فقتل" سقطت من (ج).
(2)
في (ب): "أمر قن".
(3)
من قوله: "أو أجرحني. ولا كفارة" سقطت من (ج).
فَصْلٌ
وَمَنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لآخَرَ لِيَقْتُلَهُ، لا لِلَعِبٍ، وَنَحْوهِ فَقَتَلَهُ، فَقَطَعَ طَرَفَهُ (1)، فَمَاتَ، أَوْ فَتَحَ فَمَهُ حَتَّى سَقَاهُ سُمًّا قُتِلَ قَاتِلٌ وَحُبِسَ مُمْسِكٌ حَتَّى يَمُوتَ وَيُطْعَمُ وَيُسْقَى وَإنْ كَانَ الْمُمْسِكُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ؛ فَلَا شَيءَ عَلَيهِ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ هَارِبٍ مِنْ قَتْلٍ ظُلْمًا، فَحُبِسَ حَتَّى أَدْرَكَهُ قَاتِلُهُ أُقِيدَ مِنْهُ وَهُوَ فِي النَّفْسِ كَمُمْسِكٍ وَلَوْ قَتَلَ الْوَلِيُّ الْمُمْسِكَ (2) فَقَال الْقَاضِي عَلَيهِ الْقِصَاصُ وَخَالفَهُ الْمَجْدُ وَهُوَ حَسَنٌ (3) وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَتْلٍ لَا يُقَادُ بِهِ الْبَعْضُ لَوْ انْفَرَدَ كَحُرٍّ، وَقِنٍّ فِي قَتْلِ قِنٍّ، وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فِي قَتْلِ كَافِرٍ، وَأَبٍ أَوْ وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ وَأَجْنَبِيٍّ وَخَاطِئٍ، وَعَامِدٍ وَمُكَلَّفٍ، وَغَيرِ مُكَلَّفٍ أَوْ وَسَبُعٍ، أَوْ مَقْتُولٍ فَالْقَوَدُ عَلَى قِنٍّ وَشَرِيكِ أَبٍ وَمُسْلِمٍ (4) كَمُكْرِهِ أَبًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ وَعَلَى شَرِيكِ قِنٍّ نِصْفُ قِيمَةِ قَتِيلٍ وَعَلَى شَرِيكِ غَيرِ أَبٍ، وَقِنٍّ فِي حُرٍّ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَفِي قِنٍّ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَمَنْ جُرِحَ عَمْدًا، فَدَاوَاهُ بِسُمٍّ أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا قُتِلَا (5).
أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلِيُّهُ أَوْ الْحَاكِمُ فَمَاتَ فَلَا قَتْلَ عَلَى جَارِحِهِ، وَعَلَيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ لَكِنْ إنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ قِصَاصًا اُسْتُوْفِيَ وَإِلَّا أَخَذَ أَرْشَهُ.
(1) في (ب): "أو قطع طرفه".
(2)
في (ج): "الممسك لا يعلم أنَّه يقتله فلا شيء عليه فقال القاضي".
(3)
قوله: "وهو حسن" سقطت من (ج).
(4)
قوله: "ومسلم" سقطت من (ج).
(5)
الاتجاه ساقط من (ج).