الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ طَرِيقُ الحُكْمِ وَصِفَتُهُ
طَرِيقُ كُلِّ شَيءٍ (1) مَا تُوُصِّلَ بِهِ إلَيهِ وَالحَكَمُ الْفَصْلُ، إذَا أُحْضِرَ إلَيهِ خَضمَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئَا وَأَنْ يَقُولَ: أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي وَمِنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى نُطْقًا؛ قُدِّمَ ثُمَّ مَنْ قُرعَ فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ ادَّعَى الآخَرُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقلُوبَةٌ بِأَن يَدَّعِيَ مَنْ عَلَيهِ الْحَقُّ عَلَى الْمُسْتَحِق لِيَأْخُذَ حَقَّهُ أَو يَسْتَخلِفَهُ وَلَا دَعْوَى حِسْبَةٍ بِحَقِّ اللهِ كَعِبَادِةِ وَحَدٍ وَعِدَّةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوهِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَبِعِتْقٍ، وَلَوْ أَنْكَرَ مَعْتُوقٌ وبِحَقٍّ غَيرِ مُعَيَّنٍ كَوَقفٍ وَوَصِيَّةٍ عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ وَبِوَكَالِةٍ وَاسْتِنَادِ وَصِيَّةٍ مِنْ غَيرِ حُضُورِ خَصْمٍ مُسَخَّرٍ لا بَيِّنَةٌ بِحَقٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَلَا يَمِينُهُ إلَّا بَعْدَهَا وَبَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ إنْ كَانَ وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَالْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ سَمَاعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ لِحِفْظِ وَقْفٍ وَغَيرِهِ بِالثَّبَاتِ بِخَصْمٍ مُسَخَّرٍ.
* * *
(1) قوله: "طريق كل شيء" سقطت من (ج).
فَصْلٌ
وَتَصِحُّ الدَّعْوَى بِالْقَلِيلِ وَلَوْ لَمْ تَتْبَعْهُ الهِمَّةُ وَيُشْتَرَطُ تَحْرِيرُهَا فَلَوْ كَانَت بِدَينٍ عَلَى مَيِّتٍ ذَكَرَ مَوْتَهُ وَحَرَّرَ الدَّينَ بِجِنْسٍ وَنَوْعٍ وَصِفَةٍ وَالتَّرِكَةِ أَوْ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيهِ مِن تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ مَا يَفِي بِدَينِهِ وكَوْنُهَا مَعْلُومَةً إلَّا فِي وَصِيَّةٍ وَإقْرَارٍ وَخُلْعٍ فَلَا يَكْفِي لِي (1) عِنْدَهُ كَذَا حَتَّى يَقُولَ: وَأَنَا مُطَالِبُهُ بِهِ، أَقَرَّ (2) لِي بِكَذَا، وَلَوْ مَجْهُولًا حَتَّى يَقُولَ وَأُطَالِبُهُ بِهِ أَوْ بمَا يُفَسِّرُهُ بِهِ مُتَعلِّقَةً بِالحَالِ، فَلَا تَصِحُّ بمُؤَجَّلٍ لإِثبَاتِهِ وَفِي التَّرْغِيبِ إلَّا إنْ خَافَ سَفَرَ الشُّهُودِ أَوْ المَدْيُونِ وَتَصِحُّ بِتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَاسْتِيلَادٍ مُنْفَكَّةً عَمَّا يُكَذِّبُهَا؛ فَلَا تَصِحُّ بِأَنَّهُ قَتَلَ أَوْ سَرَقَ مِنْ عِشْرِينَ سنَةٍ وَسنَةٍ دُونَهَا وَنَحْوهِ وَإنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ الْمُشَارَكَةَ لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ غَلِطْتُ أَوْ كَذَبْتُ في الأُولَى لَا ذِكْرُ سَبَبِ الاسْتِحْقَاقِ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ مُدَّعَى بِهِ بِالْمَجْلِسِ بِإِشَارَةٍ وإحْضَارُ عَينٍ بِالْبَلَدِ أَمْكَنَ إحْضَارُهَا لِتُعَيَّنَ وَيَجِبُ الإِحْضَارُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّ بِيَدِهِ مِثْلُهَا وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا بِيَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أَو نُكُولٍ؛ حُبِسَ حَتَّى يُحْضرَهَا أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفَهَا؛ فَيُصَدَّقُ لِلضَّرُورَةِ وَيَكْفِي ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ، أَو تَالِفَةً، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ غَيرَ مِثْلِيَّةٍ وَصَفَهَا كَسَلَمٍ وَالأَوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهَا أَيضًا وَيَكفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيمَةِ جَوْهَرٍ وَنَحْوهِ وَمَنْ ادَّعَى دَارًا بَيَّنَ مَوْضِعَهَا وَحُدُودَهَا، فَيَدَّعِي أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ بِحُقُوقِهَا
(1) زاد في (ب): "يكفي قوله عن دعوى بورقة ادعى بما فيها مصرحا بها، فلا يكفي لي".
(2)
قوله: "أقر" سقطت من (ج).
وَحُدُودِهَا (1) مِلْكِي وَأَنَّهُ غَصَبَنِيهَا (2) أَوْ بِيَدِهِ ظُلْمًا، وَأَنَا مُطَالِبُهُ بِرَدِّهَا، وَتَكْفِي شُهْرَةُ عَقَارٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ حَاكِمٍ عَنْ تَحْدِيدِهِ وَلَوْ قَال: أُطَالِبُهُ بِثَوْبٍ غَصَبَنِيهِ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَخَذَهُ مِنِّي لِيبِيعَهُ بِعِشْرِينَ فَيُعْطِينِيهَا إنْ كَانَ بَاعَهُ، أَو الثَّوْبَ إِنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ؛ صَحَّ وَمَنْ ادَّعَى عَقْدًا، وَلَوْ غَيرَ نِكَاحٍ ذَكَرَ شُرُوطَهُ لُزُومًا فَيَقُولُ في بَيعٍ: اشْتَرَيتُ مِنْهُ هَذِهِ الْعَينَ بِكَذَا أَوْ هُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ وَتَفَرَّقْنَا عَنْ تَرَاضٍ وَكَذَا إنْ ادَّعَى عَقْدَ إجَارَةٍ وفِي نِكَاح تَزَوَّجْتُهَا بِوَلِيٍّ رشِيدٍ وَشَاهِدَي عَدْلٍ وَرِضَاهَا إنْ كَانَتْ لَا تُجْبَرُ وَلَا يَحْتَاجُ وَلَيسَتْ مُرْتَدَّةً وَلَا مُعْتَدَّةً وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً ذَكَرَ عَدَمَ طَوْلٍ وَخَوْفَ عَنَتٍ وَلا إِنْ (3) ادَّعَى اسْتِدَامَةَ الزَّوْجِيَّةِ فَقَطْ وَيُجْزِئُ (4) عَنْ تَعْيِينِ المَرْأَةِ إنْ غَابَتْ ذِكْرُ اسْمِهَا وَنَسَبِهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ هِيَ عَقْدَ النِّكَاحِ، وَادَّعَتْ مَعَهُ نَحْوَ نَفَقَةٍ أَوْ مَهْرٍ؛ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا وَإلَّا فَلَا وَمَتَى جَحَدَ الزَّوْجِيةَ، وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ؛ لَمْ تَطْلُقْ.
وَيَتَّجِهُ: وَلَوْ بِلَفْظِ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ.
لأَنَّ الْجُحُودَ هُنَا لِعَقْدِ النِّكَاحِ، لَا لِكَوْنِهَا امْرَأَتَهُ وَمَنْ ادّعَى قَتْلَ مُوَرِّثِهِ ذَكَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا أَوْ شِبْهَهُ أَوْ خَطأً، وَيَصِفُهُ وَأَنَّ الْقَاتِلَ انْفَرَدَ أَوَّلًا وَلَوْ قَال قِدْهُ نِصْفَينِ، وَكَانَ حَيًّا أَو ضَرَبَهُ وَهُوَ حَيٌّ صَحَّ وَإِنْ ادَّعَى إِرْثًا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَإنْ ادَّعَى مُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَينِ تَالِفًا، قَوَّمَهُ بِالآخَرِ وَبِهِمَا فَبِأَيِّهِمَا شَاءَ لِلْحَاجَةِ وَيُعْطَى بِقِيمَتِهِ عَرَضًا.
(1) قوله: "وحدودها" سقطت من (ج).
(2)
في (ج): "غصبها".
(3)
في (ب، ج): "وإن ادعى".
(4)
زاد في (ب): "فقط لم يحتج لذكر شروط عقد ويجزيء".
فَصْلٌ
وَإذَا حَرَّرَ الْمُدَّعِيَ دَعْوَاهُ؛ فَلِلْحَاكِمِ سُؤَالُ خَصْمِهِ ابْتِدَاءَ الْجَوَابِ فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ إلَّا بِسُؤَالِهِ لأَنَّهُ حَقُّهُ وَالْحُكْمُ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَلْزَمْتُكَ ذَلِكَ، أَوْ قَضيتُ عَلَيكَ لَهُ، أَو حَكَمْتُ بِذَلِكَ وَإذَا حَكَمَ وَقَعَ الْحُكْمُ لَازِمًا لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ ولا نَقْضُهُ وَإنْ أَنكَرَ الخَصْمُ بِأَنْ قَال المُدَّعِ قَرْضًا أَو ثَمَنًا مَا أَقْرَضَنِي أَو مَا بَاعَنِي أَو مَا يَسْتَحِق عَلَي مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيئًا، أَو لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ؛ صَحَّ الْجَوَابُ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِسَبَبِ الْحَقِّ وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّت بِمَرَضِهَا أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنهَا أَخَذَتْهُ أَوْ أَسْقَطَتْهُ فِي الصِّحَّةِ وَلِي عَلَيكَ مِائَةٌ فَقَال لَيسَ لَكَ مِائَةٌ؛ اعْتُبِرَ قَوْلُهُ وَلَا شَيءَ مِنْهَا كَيَمِينٍ فَإِنْ نَكِلَ عَمَّا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ لَهُ بِمِائَةٍ إلَّا جُزْءًا وَمَنْ أَجَابَ مُدَّعِي اسْتِحقَاقَ مَبِيعٍ بِقَوْلِهِ: هُوَ مِلْكِي اشتَرَيتُهُ مِنْ زَيدٍ، وَهُوَ مِلْكُهُ؛ لَمْ يَمْنَعْ رُجُوعَهُ عَلَى زَيدٍ بِالثَّمَنِ كَمَا لَوْ أَجَابَ بِمُجَرَّدِ إِنْكَارٍ أَوْ اُنْتُزِعَ مِنْ يَدِهِ بِبَيِّنَةِ مِلْكٍ سَابِقٍ أَوْ مُطلَقٍ وَلَوْ قَال لِمُدَّعٍ دِينَارًا: لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَبَّةً؛ صَحَّ الْجَوَابُ، خِلَافًا لابْنِ عَقِيلٍ وَيَعُمُّ الْحَبَّاتِ وَمَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِي لَفْظَةِ حَبَّةٍ مِنْ بَاب الْفَحْوَى وَلَكَ عَلَيَّ شَيءٌ فَقَال لَيسَ لِي عَلَيكَ شَيءٌ وَأُغَالِي عَلَيكَ أَلَفَ دِرْهَمٍ لِمْ يُقْبَلْ مِنْهُ دَعْوَى الأَلْفِ لأَنَّهُ نَفَاهَا بِنَفْيِ الشَّيءِ بِخِلَافِ لَكَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ، فَقَال: لَيسَ لِي عَلَيكَ دِرْهَمٌ وَلَا دَانِقٌ، بَلْ أَلفٌ وإنْ ادَّعَيتَ ألْفًا بِرَهْنِ كَذَا لِي بيَدِكَ أَجَبْتُ أَوْ إنْ ادَّعَيتَ هَذَا ثَمَنَ كَذَا بِعْتَنِيهِ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَنَعَم، وَإِلَّا فَلَا حَقَّ عَلَيَّ، فَجَوَابٌ صَحيحٌ لَا إنْ قَال لِي مَخرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ وَلِمُدَّعٍ أَنْ يَقُولَ لِي بَيِّنَةٌ
وَلِلْحَاكِمِ أَن يَقُولَ أَلَكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ قَال نَعَمْ قَال لَهُ: إنْ شِئْتَ فَأَحْضِرْهَا، فَإِذَا أَحْضَرَهَا لَمْ يَسْأَلْهَا وَلَمْ يُلَقِّنْهَا فَإِذَا شَهِدَتْ سَمِعَهَا، وَلَزِمَهُ فِي الْحَالِ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا بِسُؤَالِ مُدَّعٍ، وَحَرُمَ تَرْدِيدُهَا، وَيُكْرَهُ تَعَنُّتُهَا وَانْتِهَارُهَا لَا قَوْلُهُ لِمُدَّعًى عَلَيهِ أَلَكَ فِيهَا دَافِعٌ أَو مَطْعَنٌ، فَإنْ اتَّضَحَ الْحُكْمُ، وَكَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ وَسَأَلَهُ الْحُكمَ؛ لَزِمَهُ وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعٍ مَعَ بَيِّنَتِهِ وَيَحْرُمُ الْحُكمُ وَلَا يَصِحُّ مَعَ عِلْمِهِ بِضِدِّهِ أَوْ مَعَ لَبْسٍ قَبْلَ البَيَانِ وَيَحْرُمُ الاعْتِرَاضُ عَلَيهِ لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ قَال فِي الفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَكَمْتُ بِكَذَا، وَلَمْ يَذكُرْ مُسْتَنَدَهُ هَلْ هُوَ بِإقْرَارٍ أَو بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ وَلَهُ الْحُكمُ بِبَيِّنَةٍ وَبِإِقرَارٍ فِي مَجْلِسِ حُكمِهِ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: لَا كُلِّ مَحَلِّ عَمَلِهِ.
وَإنْ لَمْ يَسْمَعْهُ غَيرُهُ لَا بِعِلْمِهِ فِي غَيرِ هَذِهِ وَفِي افْتِيَاتٍ عَلَيهِ كَمَا مَرَّ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ مَرْجُوحَةٍ فَيُولِي الشَّاهِدِ الْبَاقِي الْقَضاءَ لِعُذرٍ وَيَحْكُمَ وَيعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالةِ بَيِّنَةٍ وَجَرْحِهَا وَمَنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ اسْتَشْهَدَهَا الْحَاكِمُ وَقَال لِمُدَّعٍ زِدْنِي شُهُودًا.
* * *
فَصْلٌ
وَيُعْتَبَرُ فِي الْبَيِّنَةِ الْعَدَالةُ ظَاهِرًا، وَكَذَا بَاطِنًا لَا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَفِي مُزَكِّينَ مَعْرِفَةُ حَاكِمٍ خِبْرَتَهُمَا الباطِنَةِ بِصُحْبَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ ومَعْرِفَتُهُمْ كَذَلِكَ لِمَنْ يُزَكُّونَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِهَا وَلَوْ قِيلَ إنَّ الأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالةُ أَوْ لَمْ (1) يَطعَنْ فِيهَا الْخَصْمُ قَال الشَّيخُ: مَنْ قَال إنَّ الأَصْلَ فِي الإِنْسَانِ الْعَدَالةُ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَإِنَّمَا الأَصْلُ فِيهِ الجَهْلُ وَالظُّلْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالى:{إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (2) وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُل مُسْلِمٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ وَيَكفِي فِي تَزْكِيَةٍ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ وَيَكْفِي فِيهَا الظَّنُّ، بِخِلَافِ الْجَرْحِ، وَتَجِبُ فِيهَا الْمُشَافَهَةُ؛ لأَنَّهَا شَهَادَةٌ فَلَا تَكفِي فِيهَا رُقْعَةُ الْمُزَكِّي؛ لأَنَّ الْخَطَّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الشَّهَادَةِ وَلَوْ رَضِيَ أَن يُحْكَمَ عَلَيهِ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ، لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ بِهَا وَبَيِّنَة بِجَرْحِ مُقَدَّمَة وَتَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ أَو تَصْدِيقِهِ لِلشَّاهِدِ تَعْدِيلٌ لَهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْ نِسَاءٍ تَزْكِيَةٌ وَتَجْرِيحٌ وَلَا تَزْكِيَةٌ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ كَأشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ فِي شَهَادَتِهِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالتُهُ مَرَّةً لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْهَا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ عُرْفًا وَمَتَى ارْتَابَ من عَدْلَينِ لَمْ يَختَبِرْ قُوَّةَ ضَبْطِهِمَا وَدِينِهِمَا؛ لَزِمَهُ الْبَحْثُ بِسُؤَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا عَنْ كَيفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ هلْ هُوَ رُؤيَةً أَو سَمَاعًا أَوْ إقْرَارًا وَمَتَى وَأَينَ وَهَلْ تَحَمَّلَ وَحْدَهُ أَو مَعَ صَاحِبِهِ، فَإِنْ اتَّفَقَا وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا فَإِنْ ثَبَتَا حُكِمَ وَإِلَّا لَمْ يَقبَلْهُمَا وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَا إنْ لَمْ يُقِمْهَا وَسَأَلَ حَبْسَ
(1) فِي (ج): "ولم".
(2)
سورة الأحزاب آية (72).
خَصْمِهِ أَوْ كَفِيلًا بِهِ فِي غَيرِ حَدٍّ أَوْ جَعْلَ مُدَّعًى بِهِ بِيَدِ عَدْلٍ أَوْ تَجَنُّبَ مُطَلِّقِهِمَا بَائِنًا إيَّاهَا حَتَّى تُزَكِّي أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمَالٍ وَسَأَلَ حَبْسَهُ حَتَّى يُقِيمَ الآخَرَ أُجِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا إنْ أَقَامَهُ بِغَيرِ مَالٍ أَوْ سَأَلَ حَبْسَهُ لِغَيبَةِ بَيِّنَةٍ لَكِنْ يُجَابُ لِلْمُلَازَمَةِ وَيَأْتِي، وَإنْ جَرَحَهَا الْخَصْمُ بَعْدَ تَعْدِيلِهَا، أَوْ أَرَادَ جَرْحَهَا، كُلِّفَ بِهِ بَيَّنةٌ وَيُنْظَرُ لِجَرْحٍ وَإرَادَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُلَازِمُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ أَتَى بِهَا وَإِلا حُكِمَ عَلَيهِ.
وَيَتَّجِهُ: ثُمَّ إنْ أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ عُمِلَ بِهَا.
وَلَا يُسْمَعُ جَرْحٌ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبُهُ.
وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ: لَا مَعَ إِتِّحَادِ مَذْهَبِ حَاكِمٍ وَمُجْرِحٍ (1).
بِذِكرِ قَادِحٍ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةٍ أَو اسْتِفَاضَةٍ فَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ أَنَّهُ فَاسِقٌ وَأَنَّهُ لَيسَ بِعَدْلٍ أَو بَلغَنِي عَنْهُ كَذَا بَل أَشهَدُ أَنِّي رَأَيتُهُ يَشرَبُ الْخَمْرَ وَسَمِعْتُهُ يَقْذِفُ وَيُعَرِّضُ جَارِحٌ بِزِنًا فَإِن صَرَّحَ وَلَمْ تَكْمُلْ بَيَّنَتُهُ حُدَّ وَإنْ جَهِلَ حَاكِمٌ لِسَانَ خَصمٍ تَرْجَمَ لَهُ مَنْ يَعْرِفُهُ وَلَا يُقْبَلُ فِي تَرْجَمَةٍ وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَرِسَالةٍ وَتَعْرِيفٍ عِنْدَ حَاكِمٍ فِي زِنًا إلَّا أَرْبَعَةٌ وَفِي غَيرِ مَالٍ إلَّا رَجُلَانِ وَفِي مَالٍ إلَّا رَجُلَانِ أَو رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَذَلِكَ شَهَادَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِي مَنْ رَتَّبَهُ حَاكِمٌ يَسأَلُ سِرًّا عَنْ الشَّهُودِ لِتَزْكِيَةٍ أَوْ جَرْحٍ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ وَتَجِبُ الْمُشَافَهَةُ وَمَنْ نُصِّبَ لِلْحُكْمِ بِجَرْحٍ أَو تَعْدِيلٍ، أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ؛ قَنَعَ الحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ وَإِنْ سَأَلَهُ حَاكِمٌ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ أَخْبَرَهُ وَإلا لَمْ يَجِبْ.
(1) الاتجاه ساقط من (ب، ج).
فَصْلٌ
وَإنْ قَال الْمُدَّعِي مَا لِي بَيَّنَةٌ فَقَوْلُ مُنْكِرِ بِيَمِينِهِ إلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ فَيُعْلِمُهُ حَاكِمٌ بِذَلِكَ فَإِنْ سَأَلَ إحْلَافَهُ وَلَوْ عَلِمَ عَدَمَ قُدْرَتِهِ عَلَى حَقِّهِ وَيُكرَهُ احْلِفْ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ مِنْ نَحْو لَا حَقَّ لَهُ عَلَي وَخُلَّيَ وَحَرُمَ دَعْوَاهُ ثَانِيًا وَتَحْلِيفُهُ كُبْرَى وَتَخْتَصُّ اليَمِينُ بِمُدَّعَى عَلَيهِ دُونَ مُدَّعٍ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَمَعَ الشَّاهِدِ وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينٍ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ بِسُؤَالِ مُدَّعٍ طَوْعًا وَلَا يَصِلُهَا بِاسْتِثْنَاءٍ وَحُرِّمَ تَوْرِيَةٌ وَتَأويلٌ إلَّا لمَظْلُومِ وَحَلِفُ مُعْسِرٍ خَافَ حَبْسًا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ، وَلَوْ نَوَى السَّاعَةَ وَمَرَّ فِي الْحَجْرِ وَحَلِفُ مَنْ عَلَيهِ مُؤَجَّلٌ أَرَادَ غَرِيمُهُ (1) مَنْعَهُ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يَحْلِفُ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَا يَعْتَقِدُهُ نَصًّا وَحَمَلَهُ الْمُوَفَّقُ عَلَى الْوَرَعِ.
وَيَتَّجِهُ: صِحَّةُ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ، أَوْ قَلَّدَهُ فِيهِ حَال فِعْلِهِ (2).
وَنُقِلَ عَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي، وَتَوَقَّفَ فِيهَا فِيمَنْ عَامَلَ بِحِيلَةٍ كَعِينَةٍ فَلَوْ أُبْرِئَ مِنْهَا بَرِئَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَوْ جَدَّدَهَا وَطَلَبَ اليَمِينَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَمْسَكَ عَنْ إحْلَافِهِ وَأَرَادَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَعْوَاهُ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يَخلِفْ قَال لَهُ حَاكِمٌ: إنْ لَمْ تَحْلِفْ قَضَيتُ عَلَيكَ بِالنَّكُولِ، وَيُسَنُّ تَكرَارُهُ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضى عَلَيهِ بِسُؤَالِ مُدَّعٍ وَهُوَ كَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ لَا
(1) فِي (ج): "غيره".
(2)
الاتجاه ساقط من (ج).
كَإِقْرَارٍ فَيَرْجِعُ بِمَا أُخِذَ مِنهُ لَوْ أَقَامَ بَيَّنَةَ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلَا كَبَذْلٍ فَيُحْسَبُ مِنْ رَأسِ مَالِ مَرِيضٍ لَكِنْ لَا يُشَارِكُ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَى مَحْجُورٍ لِفَلَسِ غُرَمَائِهِ وَإِنْ قَال مُدَّعٍ لَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً، ثُمَّ أَتَى بِهَا أَوْ قَال عَدْلَانِ نَحْنُ نَشْهَدُ لَكَ فَقَال: هَذِهِ بَيِّنَتِي؛ سُمِعَت لَا إِنْ قَال مَالِي بَيِّنَةٌ، ثُمَّ أَتَى بِهَا أَوْ قَال كَذَبَ شُهُودِي، أَو قَال كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ زُورٌ؛ أَوْ بَاطِلَةٌ أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهَا وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ وَلَا تُرَدُّ الْبَيَّنَةُ بِذِكْرِ السَّبَبِ بَلْ بِذِكْرِ سَبَبِ ذِكْرِ الْمُدَّعِي غَيرَهُ وَمَتَى شَهِدَتْ بِغَيرِ مُدَّعًى بِهِ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لَهَا وَمَنْ ادَّعَى شَيئًا أَنَّهُ لَهُ الآنَ؛ لَمْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إِنْ كَانَ لَهُ أَمْسِ، أَوْ فِي يَدِهِ أَمْسِ حَتَّى تُبَيِّنَ سَبَبَ يَدِ الثَّانِي كَغَصْبٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ بِالأَمْسِ اشتَرَاهُ مِنْ رَبِّ الْيَدِ فَيُقْبَلُ قَال الشَّيخُ (1) لَا يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ وَإِنَّ الدَّينَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ إلَى الآنِ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبْقُ الْحَقِّ إجْمَاعًا وَمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيهِ بِشَيءٍ، فَأَقَرَّ بِغَيرِهِ؛ لَزِمَهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَالدَّعْوَى بِحَالِهَا وإنْ سَأَلَ مُدَّعٍ لَهُ بَيِّنَةَ إحْلَافَهُ وَلَا يُقِيمُهَا فَحَلَفَ فَلَهُ إقَامَتُهَا تَامَّةً لَا حَلِفُهُ مَعَ شَاهِدٍ وإنْ قَال لِي بَيِّنَةٌ (2) وَأُرِيدُ يَمِينَهُ، فَإِن كَانَتْ حَاضِرَةً بِالْمَجْلِسِ فَلَيسَ لَهُ إلَّا إحْدَاهُمَا وَإلَّا فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ سَأَلَ مُلَازَمَتَهُ حَتَّى يُقِيمَهَا أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ فَقَط فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا فِيهِ صَرَفَهُ وَلَا مُلَازَمَةً بِكَفِيلٍ وَلَا غَيرِهِ وإنْ سَكَتَ مُدَّعًى عَلَيهِ أَو قَال لَا أَقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، أَوْ لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِمُدَّعٍ قَال الْحَاكِمُ: إنْ أَجَبْتَ وَإِلَّا جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، وَقَضَيتُ عَلَيكَ،
(1) قوله: "قال الشيخ" سقطت من (ج).
(2)
من قوله: "إحلافه ولا يقيمها
…
لي بينة" سقطت من (ج).
وَسُنَّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا فَلَوْ قَال لِي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ فِيهِ أَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّعْوَى بِبَيِّنَةٍ قَضَيتُهُ أَوْ أَبْرَأَنِي وَلِي بَيِّنَةٌ بِهِ يَعْنِي غَيرَ غَائِبَةٍ وَسَأَلَ الإِنْظَارَ، لَزِمَ إنْظَارُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ وَلِمُدَّعٍ مُلَازَمَتُهُ وَلَا يُنْظَرُ إنْ قَال لِي بَيِّنَةٌ تَدْفَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ عَجَزَ حَلِّفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ دَعْوَاهُ وَاسْتَحَق فَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ عَلَيهِ وَصُرِفَ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي عَلَيهِ أَنْكَرَ سَبَبَ الْحَقِّ فَإنْ أَنْكَرَهُ ثُمَّ ثَبَتَ فَادَّعَى قَضَاءً أَوْ إبْرَاءً سَابِقًا عَلَى إنْكَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ قَال مُدَّعًى عَلَيهِ بِعَينٍ كَانَتْ بِيَدِكَ أَوْ لَكَ أَمْسِ؛ لَزِمَهُ إثْبَاتُ سَبَبِ زَوَالِ يَدِهِ فَإِنْ عَجَزَ إِنْتُزِعَتْ مِنْهُ.
* * *
فصلٌ
وَمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيهِ بِعَينٍ بِيَدِهِ فَأَقَرَّ بِها لِحَاضرٍ مُكَلَّفٍ جُعِلَ الْخَصمَ فِيها إنْ صَدَّقَهُ وَحَلَفَ مُدَّعًى عَلَيهِ فَإِنْ نَكَلَ أُخِذَ مِنْهُ بَدَلُها ثُم إنْ صَدَّقَهُ المُقرُّ لَهُ فَهُوَ كَأَحَدِ مُدَّعِيَينِ عَلَى ثَالِثٍ أَقَرَّ لَهُ الثالِثُ على مَا يَأْتِي وَإِنْ قَال لَيسَت لِي وَلَا أَعلَمُ لِمَنْ هِيَ أَوْ قَال ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ وَجُهِلَ لِمَنْ هِيَ؛ سُلمَتْ لِمُدَّعٍ فَإِنْ كَانَا اثْنَينِ اقْتَرَعَا عَلَيها، وَلَزِمَ الْمُقرَّ يَمِينٌ أَنهُ لَا يَعلَمُ لِمَنْ هِيَ، وَإِنْ عَادَ ادَّعَاها لِنَفْسِهِ، أَوْ الثالِثَ (1) أَوْ عَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعوَاهُ وَلَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ وَإنْ أَقَرَّ بِها لِغَائِبٍ (2) أَوْ غَيرِ مُكلَّفٍ وَلِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَهِيَ له بِلَا يَمِينٍ.
وَيَتجِهُ: وَتُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ مُدَّعًى عَلَيهِ.
وَإِنْ لَم يَكُنْ لِمُدَّعٍ بَيِّنَةٌ فَأَقَامَ مُدَّعَىَ عَلَيهِ بينَةٌ أَنَّها لِمَنْ سَمَّاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَلَم تَثْبُتُ لِغَائِبٍ وَإِنْ لَمْ يُقِم بَيِّنَةً اُسْتُخلِفَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بَدَلَها لِمُدَّعٍ فَإِنْ كَانَا اثْنَينِ فبَدَلَانِ وَإِنْ أَقَرَّ بِها لِمَجْهُولٍ قَال حَاكِمٌ: عرِّفْهُ وَإِلَّا جَعَلْتُكَ نَاكِلًا وَقَضَيتُ عَلَيكَ فَإِنْ عَادَ ادَّعَاها لِنَفْسِهِ؛ لَمْ يُقْبَلْ لأَنهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَملِكُها.
* * *
(1) في (ج): "والثالث".
(2)
في (ج): "الغائب".
فصلٌ
وَمَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصرٍ بِعَمَلِهِ أَوْ لَا أَوْ مُسْتَتِرٍ بِالْبَلَدِ أَوْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ مَيِّتٍ أو غَيرِ مُكَلَّفٍ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ.
وَيَتجِهُ: لَا شَاهِدَ وَيَمِينٍ.
سُمِعَتْ وَحُكِمَ بِها لَا فِي حَقٍّ للهِ فَيُقْضَى فِي سَرِقَةٍ بِغرمٍ فَقَط.
وَيتجِهُ: وَفِي زِنَاهُ بِأَمَتِهِ بِمهرٍ فَقَط.
وَلَا يَجِبُ عَلَيهِ يَمِينٌ عَلَى بَقَاءِ حَقِّهِ إلا عَلَى رِوَايَةِ (1). الْمُنَقَّحُ وَالْعَمَلُ عَلَيها فِي هذِهِ الأَزْمِنَةِ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ احْتِيَاطًا إِذَا كُلِّفَ (2) غَيرُ مُكَلَّفٍ وَرَشِدَ أَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ، أَوْ ظَهرَ المستَتِرُ؛ فَعَلَى حُجتِهِ فَإِنْ جَرَحَ البَيِّنَةَ بِأَمرٍ بَعدَ أَدَاءِ الشهادَةِ أَوْ مُطلَقًا لَمْ يُقْبَلُ وبِأَمرِ سَابِقٍ قُبِلَ وَالغَائِبُ دُونَ المَسَافَةِ غَيرَ مُستَتِرٍ لَا تُسمَعُ عَلَيهِ دعوَى وَلَا بيِّنَةٌ حَتَّى يَحضُرَ كَحَاضِرٍ إلا أَنْ يَمتَنِعَ فَيُسْمَعَا وَلَا يُهجَمُ عَلَيهِ فِي بَيتِهِ ثُم إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَفَّاهُ مِنهُ وإِلا قَال لِمُدَّعٍ إنْ عَرَفْتَ لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي وَفَّيْتُكَ مِنْهُ وَالْحُكْمُ لِلغَائِبِ لَا يَصِحُّ إلا تَبَعًا كَمَنْ ادَّعَى مَوْتَ أَبِيهِ عَنهُ وَعَنْ أَخٍ لَهُ غَائِبٍ أَوْ غَيرِ رَشِيدٍ، وَلِلْميِّتِ عِندَ فُلَانٍ عَين أَوْ دَينٌ، فَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ، وَالحَاكِمُ نَصِيبَ الْغَائِبِ وَكَالْحُكْمِ بِوَقْفٍ يَدخُلُ فِيهِ مَنْ لَم يُخْلَقْ تَبَعًا وَكَإِثْبَاتِ أَحَدِ الْوَكِيلَينِ أَوْ لِوَكَالةٍ فِي غَيبَةِ
(1) في (ج): "رؤيته".
(2)
في (ب): "ثم كلف".
الآخَرِ فَتَثْبُتُ لَهُ تَبَعًا وَسُؤَالُ أَحَدِ الغُرَمَاءِ الْحَجرَ كَالْكُلِّ فَالْقَضيةُ الْوَاحِدَةُ المُشْتَمِلَةُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ كَوَلَدِ الأَبَوَينِ في المُشتَرِكَةِ الْحُكْمُ فِيها لِوَاحِدٍ أَوْ عَلَيهِ يَعمُّهُ وَغَيرَهُ وَحُكمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكمٌ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ للثانِيَةِ إنْ كَانَ الشَّرطُ وَاحِدًا ثُمَّ مَنْ أَبْدَى مَا يَمنَعَ بِهِ الأَوَّلَ مِنْ الْحُكمِ عَلَيهِ لَوْ عَلِمَهُ؛ فَلِثَانٍ الدَّفعُ بِهِ.
* * *
فصلٌ
وَمَنْ ادَّعَى أَنْ الْحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِحَقٍّ، فَصَدَّقَهُ قُبِلَ وَحدَهُ كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً حَكَمتُ بِكَذَا وَإن لَمْ يَذْكُرهُ فَشَهِدَ بِهِ عَدلَانِ قَبِلَهُمَا وَأَمضَاهُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَن فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَكَ بِكَذَا مَا لَم يَتَيَقَّنْ صَوَابَ نَفْسِهِ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ شَهادَتَهُ، فَشَهِدَا عِنْدَهُ بِها فَلَا يَشْهدُ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَإنْ لَم يَشهد بِحُكمِهِ أَحَدٌ وَوَجَدَهُ وَلَوْ فِي قِمْطَرِهِ تَحتَ خَتْمِهِ أَوْ وَجَدَ شهادَتَهُ بِخَطِّهِ، وَتَيَقَّنَهُ وَلَم يَذْكُرْهُ لَمْ يُعمَلْ بِهِ كَخَطِّ أَبِيهِ بِحُكْمٍ أَوْ شَهادَةٍ إلا عَلَى مَرجُوحٍ وَمَنْ تَحَقَّقَ الْحَاكِمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَينَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّهادَةَ أَوْ يَعتَمِدَ عَلَى مَعْرِفَةِ الخَطِّ لَم يَجُزْ قَبُولُ شَهادَتِهِ وَإِلا حَرُمَ أَنْ يَسأَلَهُ عَنْ الحَالِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالصِّفَةِ.
* * *
فصلٌ
وَحُكمُ الْحَاكم لَا يُزِيلُ الشيءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا.
ويتَجِهُ: هذَا فِيمَا يُنْقَضُ.
فَمَتَى كَانَتْ كَاذِبَةً (1) لَمْ يَنْفُذْ وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَفَسْخٍ فَمَنْ حَكَمَ لَهُ بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزوجِيةٍ امرَأَةٍ فَوَطِئَ مَعَ العِلْمِ فَزِنًا يُحَدُّ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ويجِبُ امتِنَاعُها مِنْهُ فَإِنْ أَكْرَهها فَهُوَ الآثِمُ وَيَصِحُّ نِكَاحُها غَيرَهُ وَإِنْ حَكَمَ بِطَلَاقِها ثَلَاثًا بشُهُودِ (2) زُورٍ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ بَاطِنًا، وَيُكْرَهُ لَهُ اجتِمَاعُهُ بِها ظَاهِرًا وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُها غَيرَهُ مِمَّنْ يَعلَمُ بِالْحَالِ وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ، أَوْ عَلَيهِ بِمَا يُخَالِف اجْتِهادَهُ؛ عَمِلَ بِالْحُكْمِ حَتى بَاطِنًا، لَا بِاجْتِهادِهِ بِهِ وَإِنْ بَاعَ حَنْبَلِيٌّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ نَفَذَ وَإنْ رَدَّ حَاكِمٌ شَهادَةَ وَاحِدٍ بِرَمَضَانَ لَمْ يُؤَثِّر كَمَنْ شَهِدَ بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَأَوْلَى لأَنهُ لَا مَدخَلَ لِحُكْمِهِ فِي عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ.
وَيَتجِهُ: وَلَا فِي طَهارَةٍ وَتَنْجِيسٍ كَلَحمِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ.
وَإِنَّمَا هُوَ فَتْوَى، فَلَا يُقَالُ حَكَمَ بِكَذِبِهِ أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ قَال الشَّيخُ أُمُورُ الدِّينِ وَالْعِبَادَاتِ لَا يَحكُمُ فِيها إلا اللهُ وَرَسُولُهُ إجْمَاعًا وَلَوْ رُفِعَ إلَيهِ حُكمٌ فِي مُختَلَفٍ فِيهِ لَا يَلزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفذَهُ لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَكَذَا إنْ كَانَ نَفْسُ الْحُكمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ، وَتَزْويجِهِ يَتِيمَةً
(1) من الاتجاه إلى هنا ساقط من (ج).
(2)
في (ب): "شهود" وفي (ج): "بشهاد".
وَعَلَى غَائِبٍ وإنْ رَفَعَ إلَيهِ خَصمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ وَأَقَرَّا بِأَنَّ نَافِذَ الحُكْمِ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَلَم يُقِيمَا بِذَلِكَ بَيِّنَةً؛ فَلَهُ إلْزَامُهُمَا ذَلِكَ وَلَهُ رَدُّهُ وَالْحُكْمُ بِمَذْهبِهِ وَمَنْ قَلَّدَ مُجتَهِدًا فِي صحةِ نِكَاحٍ لَمْ يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتهادِهِ كَحُكْمٍ بِخِلَافِ مُجتَهِدٍ نَكَحَ ثُم رَأَى بُطلَانَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إعلَامُ مُقَلِّدِهِ بِتَغَيُّرِهِ وَإِن بَانَ خَطَؤُهُ فِي إتْلَافٍ بِمُخَالفَةِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ أَوْ خَطَأُ مُفْتٍ لَيسَ أَهْلًا ضَمِنَا.
* * *
فصلٌ
وَمن غَصَبَهُ إنسَانٌ مالًا جَهرًا أَوْ كَانَ عِندَهُ عَينُ مَالِهِ فَلَهُ أَخْذُ قَدرِ المَغصُوبِ جَهْرًا وَعَيْنِ مَالِهِ وَلَوْ قَهْرًا لَا أَخْذُ قَدرِ دَينِهِ مِنْ مَالِ مَدِينٍ تَعَذَّرَ أَخذُ دَينِهِ مِنْهُ بِحَاكِمٍ أَوْ حُجَّةٍ أَوْ غَيرِهِ إلا إذَا تَعَذَّرَ عَلَى ضَيفٍ أَخْذُ (1) حَقِّهِ بِحَاكِمٍ أَوْ مَنَعَ زَوجٌ أَوْ قَرِيبٌ أَوْ سيِّدٌ مَا وَجَبَ عَلَيهِ مِنْ نحو نَفَقَةِ اثنَينِ وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثنَينِ عَلَى الآخَرِ دَينٌ مِنْ غَيرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا فَلَيسَ لِلآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ لأَنهُ كَبَيعِ دَينٍ بِدَينٍ.
* * *
(1) في (ب): "غيره تعذر إلا إذا على ضيف أخذ".