الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ
وَهُوَ فِعْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيهِ أَوْ وَلِيِّهِ بِجَانٍ مِثْلَ فِعْلِهِ أَوْ شِبْهِهِ، وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ مُسْتَحِقٍّ وَمَعَ صِغَرِهِ؛ يُحْبَسُ (1) جَانٍ لِبُلُوغٍ أَوْ إفَاقَةٍ وَلَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ لَهُمَا أَبٌ كَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ فَإِنْ احْتَاجَا لِنَفَقَةٍ فَلِوَلِيِّ مَجْنُونٍ لَا صَغِيرٍ غَيرَ لَقِيطٍ الْعَفوُ إلَى الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ مُوَرِّثِهِمَا، أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا سَقَطَ حَقُّهُمَا كَمَا لَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ كَعَبْدٍ.
الثَّانِي: اتِّفَاقُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ عَلَى اسْتِيفَائِهِ وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ غَائِبٍ، وَبُلُوغٌ وَإِفَاقَةٌ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُهُمْ كَدِيَةٍ وَكَقِنٍّ مُشْتَرَكٍ بِخِلَافِ مُحَارَبَةٍ لِتَحَتُّمِهِ وَحَدِّ قَذْفٍ لِوُجُوبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا وَمَنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ كَهُوَ وَمَتَى انْفَرَدَ بِهِ (2) مَنْ مُنِعَ عُزِّرَ فَقَطْ وَلِشَرِيكٍ فِي تَرِكَةِ جَانٍ حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرْجِعُ وَارِثُ جَانٍ عَلَى مُقْتَصٍّ بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ فَامْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلًا لَهُ ابْنَانِ، فَقَتَلَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيرِ إذْنِ الآخَرِ فَلِلآخَرِ نِصْفُ دِيَةِ أَبِيهِ فِي تَرِكَةِ الْمَرْأَةِ وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهَا بِنِصْفِ دِيَتِهَا عَلَى قَاتِلِهَا (3) وَهُوَ رُبُعُ دِيَةِ الرَّجُلِ وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ وَلَوْ زَوْجًا أَوْ زَوْجةً أَوْ ذَا رَحِمٍ أَوْ شَهِدَ وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ
(1) زاد في (ب): "ومع صغره أو جنونه يحبس".
(2)
من قوله: "بعضهم كدية. . . انفرد به" سقطت من (ج).
(3)
قوله: "عاقلتها" سقطت من (ج).
بِعَفْو شَرِيكِهِ.
وَيَتَّجِهُ: أَوْ أَقَرَّ.
سَقَطَ الْقَوَدُ وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ، حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى جَانٍ ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ عَافٍ قُتِلَ وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ أَوْ جَوَازَهُ (1).
وَيَتَّجِهُ: وَكَانَ مِمَّنْ لَا يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ.
وَكَذَا شَرِيكٌ عَلِمَ بِالْعَفْو وَسُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ وَإلا وَدَاهُ (2) وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَارِثٍ الْقَوَدَ بِقَدْرِ إرْثِهِ وَيَنْتَقِلُ مِنْ مُوَرِّثِهِ إلَيهِ وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَالإِمَامُ وَلِيُّهُ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ إلَى مَالٍ لَا مَجَّانًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يُؤْمَنَ فِي اسْتِيفَائِهِ تَعَدِّيهِ إلَى غَيرِ جَانٍ فَلَوْ لَزِمَ الْقَوَدُ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا فَحَمَلَتْ؛ لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ وَتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُهُ وَلَوْ بَهِيمَةً قُتِلَتْ وَإِلَّا فَحَتَّى تَفْطِمَهُ لِحَوْلَينِ وَكَذَا حَدٌّ بِرَجْمٍ وَتُقَادُ فِي طَرَفٍ وَتُحَدُّ بِجَلْدٍ بِمُجَرَّدِ وَضْعٍ حَيثُ لَمْ يُخَفْ لِضَعْفٍ وَمَتَى ادَّعَتْ الْحَمْلَ وَأَمْكَنَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ آيِسَةً قُبِلَ وَحُبِسَتْ لِقَوَدٍ لَا حَدٍّ (3) وَلَوْ مَعَ غَيبَةِ وَلِيٍّ مَقْتُولٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا وَمَنْ اقْتَصَّ مِنْ حَامِلٍ ضَمِنَ جَنِينَهَا.
* * *
(1) من قوله: "ويتجه. . . أو جوازه" سقطت من (ج).
(2)
قوله: "وإلا وداه" سقطت من (ج).
(3)
في (ب): "لا لحد".
فَصْلٌ
وَيَحْرُمُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ بِلَا حَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ وَلَهُ تَعْزِيرُ مُخَالِفٍ وَيَقَعُ الْمَوْقِعَ وَعَلَيهِ تَفَقُّدُ آلَةِ اسْتِيفَاءٍ لِيَمْنَعَ مِنْهُ بِكَالَّةٍ وَيَنْظُرُ فِي الْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءٍ وَيُحْسِنُهُ، مَكَّنَهُ مِنْهُ وَيُخَيَّرُ بَينَ أَنْ يُبَاشِرَ وَلَوْ فِي طَرَفٍ وَبَينَ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِلَّا أُمِرَ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ احْتَاجَ لأُجْرَةٍ فَمِنْ جَانٍ كَحَدٍّ وَمَنْ لَهُ وَلِيَّانِ فَأَكْثَرَ وَأَرَادَ كُلٌّ مُبَاشَرَتَهُ قُدِّمَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ وَوَكَّلَهُ مَنْ بَقِيَ وَيَجُوزُ اقْتِصَاصُ جَانٍ مِنْ نَفْسِهِ بِرِضَى وَلِيٍّ لا قَطْعِ نَفْسِهِ فِي سَرِقَةٍ وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ بِخِلَافِ حَدِّ زِنا وقَذْفٍ بِإِذْنٍ وَيَحْرُمُ أَنْ يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ فِي نَفْسٍ إلَّا بِسَيفٍ وَفِي طَرَفٍ إلَّا بِسِكِّينٍ لِئَلَّا يَحِيفَ وَإِنْ زَادَ فِي اسْتِيفَاءٍ كَهَاشِمَةٍ عَنْ مُوضِحَةٍ؛ فَعَلَيهِ أَرْشُ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَصَلَ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي حَال اسْتِيفَاءٍ فَإِنْ حَصَلَ وَاخْتَلَفَا فَقَال مُقْتَصٌّ حَصَلَ ذَلِكَ بِاضْطِرابِكَ فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ شَخْصٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ دَخَلَ قَوَدُ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ، وَكَفَى قَتْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بُرْءٍ وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُحْتَمَلُ فِيهَا؛ فَقَوْلُ وَلِيٍّ وَإِلَّا فَقَوْلُ جَانٍ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَينِ؛ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ وَلِيٍّ وَمَنْ فَعَلَ بِهِ وَلِيٌّ كَفِعْلِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ فَإنْ (1) عَفَا وَقَدْ قَطَعَ مَا فِيهِ دُونَ دِيَةٍ فَلَهُ تَمَامُهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ دِيَةٌ فَلَا شَيءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَكْثَرُ فَلَا شَيءَ عَلَيهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا فَعَلَ جَانٍ أَوْ تَعَدَّى بِقَطْعِ طَرَفِهِ فَلَا قَوَدَ وَيَضْمَنُهُ بِدِيَتِهِ.
(1) في (ب): "فلو".
وَيَتَّجِهُ: إنْ لَمْ يَقتُلهُ إلا بَعْدَ بُرْئِهِ.
وَإنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ رِجلَهُ فَعَلَيهِ دِيَةُ رِجْلِهِ.
وَيَتجِهُ: وَيَتَقَاصَّانِ وَاحْتُمِلَ وَلَا يَقطَعُ يَدَهُ.
وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمِ أَنَّهُ اقْتَصَّ في النفسِ فَلَمْ يَكُنْ، وَدَاوَاهُ أَهْلُهُ حَتَّى بَرِئَ فَإِنْ شَاءَ الوَلِيُّ دَفَعَ إلَيهِ دِيَةَ فِعْلِهِ وَقَتَلَهُ وَإِلا تَرَكَهُ.
* * *
فصلٌ
وَمَنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ عَدَدًا في وَقتٍ أَوْ أَكثَرَ فَرَضيَ أَوْلِيَاءُ كُلِّ بِقَتْلِهِ، أَوْ المقطُوعُونَ بِقَطعِهِ اُكتُفِيَ بِهِ وَإِنْ طَلَبَ كُلُّ وَلِيٍّ قَتْلَهُ وَحْدَهُ وَجِنَايَتُهُ في وَقتٍ، أقُرِعَ وَإلا أُقِيدَ لِلأَوَّلِ، وَهُوَ مَنْ مَاتَ أَوَّلًا وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ بَادَرَ غَيرُ وَليِ الأَوَّلِ وَاقتَصَّ، وَإنْ رَضيَ وَلِيُّ الأَوَّلِ بِالدِّيَةِ أُعْطِيَهَا وَقَتلٌ لِثَانٍ، وَهَلُم جَرًّا وَإِنْ قَتَلَ وَقَطَعَ طَرَفَ آخَرَ قُطِعَ ثُمّ قُتِلَ بَعْدَ اندِمَالٍ وَلَوْ قَطَعَ يَدَ زَيدٍ وَأُصبُعَ عَمْرٍو مِنْ يَدِ نَظِيرَتِهَا وَزَيدٌ أَسْبَقُ قُدُومٍ (1) وَلِعَمرٍو دِيَةُ أُصْبُعِهِ وَمَعَ سَبقِ عَمْرٍو يُقَادُ لأُصْبُعِهِ ثُمّ لِيَدِ زَيدٍ بِلَا أَرْشٍ.
* * *
(1) في (ب): "قدم".