الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الوَلِيمَةُ
اجْتِمَاعٌ لِطَعَامٍ عُرْسٍ خَاصَّةً، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ، وَعَقِيقَةٌ لِذبْحٍ لِمَوْلُودٍ، وَشُنْدَخِيَّةٌ لِطَعَامِ إمْلَاكٍ عَلَى زَوْجَةٍ، وَعَذِيرَةٌ وَإِعْذَارٌ لِطَعَامِ خِتَانٍ، وَخُرْسَةٌ وَخُرْسٌ لِطَعَامِ ولَادَةٍ، وَحِذَاقٍ لِطَعَامٍ عِنْدَ حِذَاقِ صَبِيٍّ بِخَتْمِهِ الْقُرْآنَ، وَمُشْدَاخٍ لِمَأْكُولٍ فِي خَتْمَةِ الْقَارِئِ، وَنَقِيعَةٍ لِقُدُومِ غَائِبٍ، وَتُحْفَةٌ لِطَعَامِ قَادِمٍ فَالتُّحْفَةُ مِنْهُ وَالنَّقِيعَةُ لَهُ وَعَتِيرَةٌ ذَبِيحَةٌ أَوَّلَ رَجَبٍ وَالْقِرَى طَعَامُ ضِيفَانٍ وَوَكِيرَةٌ لِدَعْوَةِ بِنَاءٍ وَوَضِيمَةٌ لِطَعَامِ مَأْتَمٍ وَمأدُبَةٌ لِكُلٍّ دَعوَةٍ لِسَبَبٍ وَغَيرِهِ وَلَم يَخُصُّوهَا لإِخَاءٍ وَتَسَرٍّ بِاسمٍ، وَتُسَمَّى الدَّعْوَةُ الْعَامّةُ الْجَفَلَى والخَاصَّةُ النَّقَرَى.
وَتُسَنُّ الوَلِيمَةُ بِعَقْدٍ وَجَرَتْ العَادَةُ بِفِعْلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِيَسِيرٍ وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكدَة، وَلَوْ قَلَّتْ كَمُدَّينِ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ نَكَحَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَنَوَاهَا عَنْ الكُلِّ وَيُسْتَحَبُّ أَن لَا تَنقُصَ عَنْ شَاةٍ، قَالهُ جَمْعٌ، وَتَجِبُ حَيثُ لَا عُذرَ نَحوَ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَشُغْلٍ؛ إجَابَةُ دَاعٍ مُسْلِمٍ يَحرُم هَجْرُهُ، وَلَوْ أُنْثَى وَقِنٍّ أَذِنَ لَهُ سَيَّدُهُ، وَكَسْبُهُ طَيِّبٌ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهِيَ حَقٌّ لِلدَّاعِي، فَتَسْقُطُ بِعَفْوهِ وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَلزَمُ قَاضِيًا حُضُورَهَا، وَتُكرَهُ إجَابَةُ مَنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ كَأَكلِهِ مِنْهُ وَمُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ، وَتَقْوَى الكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثرَةِ حَرَامٍ وَقِلَّتِهِ وَاختَارَ جَمْعٌ تَحرِيمَ الأَكْلِ مُطلَقًا، وَجَمْعٌ إِنْ كَانَ الحَرَامُ أَكْثَرَ، وَجَمعٌ إنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ دَعَىَ لِلْوَلِيمَةِ الجَفَلَى كأَيُّهَا النَّاسُ تَعَالوْا لِلطَّعَامِ أَوْ فِي الثالِثَةِ أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ
إجَابَتُهُ، وَتُسَنُّ بِثَانِي مَرَّةٍ، وَفِعْلُ سَائِرِ الدَّعَوَاتِ مُبَاحَةٌ غَيرَ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ، ومَأتَمٍ فَتُكرَهُ، وَالإِجَابَةُ إلَيهَا مُسْتَحَبَّةٌ غَيرَ مَأتَمٍ فَتُكرَهُ وَيُسْتَحَبُّ أَكلُهُ وَلَوْ صَائِمًا لَا صَومًا وَاجِبًا وَإِنْ أَحَبَّ دَعَا وَانْصَرَفَ، وَمَنْ دَعَاهُ أَكثَرُ مِن وَاحِدٍ أَجَابَ الكُلَّ إنْ أَمكَنَهُ وَإِلا أَجَابَ الأَسْبَقَ قَولًا فَالأَدْيَنُ فَالأَقْرَبُ رَحِمًا فَجِوَارًا ثُمَّ قَرَعَ.
* * *
فَصْلٌ
يُكْرَهُ لأَهْلِ فَضْلٍ وَعِلمٍ إسْرَاعٌ (1) لإِجَابَةٍ لأَنَّ فِيهِ بِذْلَةً وَدَنَاءَةً لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ وَمَنَعَ ابنُ الجَوزِي فِي المِنْهَاجِ مِنْ إِجَابَةِ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُفَاخِرٍ بِهَا أَوْ فِيهَا مُبْتَدِعٌ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَةٍ إِلا لِرادٍ عَلَيهِ وَكَذَا إِنْ كَانَ فِيهَا مُضحِكٌ بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ وَكَرِهَ الشَّيخُ عَبدِ الْقَادِرِ حُضُورَ غَيرَ وَلِيمَةِ العُرْسٍ إِذَا كَانَ كَمَا وَصَفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُمنَعُ المُحْتَاجُ وَيَحْضُرُ الغَنِيُّ، وَفِي التَّرْغِيبِ إِن عَلِمَ حُضُورَ الأَرَاذِلَ (2) وَمَنْ مُجَالسَتُهُم تُزْرِي بِمِثْلِهِ لَمْ تَجِبْ إِجَابَتُهُ قَال الشَّيخُ وَهَذَا الشَّرْطُ لَا أَصْلَ لَهُ وَمَنْ عَلِمَ أَنْ فِي الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَزَمرٍ وَخَمرٍ وَطَبْلٍ وَعُودٍ وَجُنْكٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَفُرُشٍ مُحَرَّمَةٍ، وَأَمكَنَهُ إزَالةُ ذَلِكَ حَضَرَ وُجُوبًا وَأَزَالهُ، وَإلا لَمْ يَحْضُرْ، وَلَوْ لَمْ يَعلَم فَحَضَرَ فَشَاهَدَهُ أَزَالهُ وَجَلَسَ وَإِنْ لَمْ يَقدِرْ انْصَرَفَ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَرَهُ، وَلَم يَسْمَعُهُ؛ أُبِيحَ الْجُلُوسُ، وَإِنْ شَاهَدَ سُتُوَرًا مُعَلَّقَةً فِيهَا صُوَرُ حَيَوَانٍ كُرِهَ لَا إنْ كَانَتْ مَبسُوطَةً أَوْ عَلَى وسَادَةٍ وَكُرِهَ سَتْرُ حِيطَانٍ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا صُوَرُ غَيرِ حَيَوَانٍ بِلَا ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ إنْ لَمْ تَكُنْ حَرِيرًا، وَيَحرُمُ بِهِ وَجُلُوسٌ مَعَهُ وَتَعلِيقُ مَا فِيهِ صوَرُ حَيَوَانٍ وَسِترُ جُدُرٍ بِهِ وَتَصويرُهُ وَمَرَّ حُكمُهُ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ.
وَيَتَّجِهُ: فَتَحْرُمُ الزِّينَةُ لِلسُّلطَانِ وَنَحْوهِ إِلا لِمُكْرَهٍ وَيَتَّقِيهِ مَا أَمْكَنَ
(1) من قوله: "قولا فالأدين
…
وعلم إسراع" سقطت من (ج).
(2)
في (ب): "الأرذال".
وَيَحرُمُ جُلُوسُ مُخْتَارٍ لَا تَفَرُّجِ مَارٍّ (1).
وَحَرُمَ أَكلٌ بِلَا إذنٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَلَوْ مِنْ بَيتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ وَلَم يُحْرِزْهُ عَنْهُ وَدُعَاءٌ لِوَلِيمَةٍ وَتَقدِيمُ طَعَامٍ إذْنٌ فِيهِ إذَا كَمُلَ (2) وَضْعُهُ، وَلَم يُلحَظْ انتِظَارُ أَحَدٍ لَا فِي الدُّخُولِ إلا بِقَرِينَةٍ وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ قُدِّمَ إلَيهِ بَل يَهلِكُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ؛ وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنٌ ثَانٍ لأَكْلٍ كَطَبِيبٍ دُعِيَ لِفَصْدٍ وَخَيَّاطٍ لِتَفْصِيلٍ.
* * *
(1) الإتجاه ساقط من (ب، ج).
(2)
في (ب): "أكمل".
فَصْلٌ
يُسْتَحَبُّ وَلَوْ لِمُتَوَضِّئٍ غَسْلُ يَدَيهِ قَبْلَ أَكْلٍ مُتَقَدِّمًا بِه رَبَّهُ وبَعْدَهُ مُتَأخِّرًا بِهِ رَبَّهُ وَغَسْلُ فَمِهِ بَعدَهُ وَأَنْ يَتَوَضأَ الجُنُبُ قَبْلَهُ، وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ يَدَيهِ بِإِنَاءٍ أَكَلَ فِيهِ وَلَا بِطِيبٍ، وَكُرِهَ بِطَعَامٍ وَلَوْ بِدَقِيقِ حِمَّصٍ وَعَدَسٍ وَبَاقِلّاءَ لَا بِنُخَالةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ كَدَبْغٍ بِدَقِيقِ شَعِيرٍ وَتَدَاوٍ بِلَبَنٍ لِجَرَبٍ، وَتُسَنُّ تَسْمِيَةٌ جَهْرًا عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَيَقُولُ:"بِسْمِ اللَّهِ" وإنْ زَادَ "الرَّحمَنِ الرحِيمِ" فَحَسَنٌ فَإِن ذَكَرَ فِي أَثنَاءٍ، قَال:"بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ" وَيُسَمَّى عَمَّنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا تَمْيِيزَ، وَحَمْدٍ إذَا فَرَغَ وَمِمَّا وَرَدَ:"الحَمدُ لِلهِ الذِي أَطعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ"(1)، "الحَمدُ لِلهِ الذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلا قُوَّةَ" (2) وَدَعَا لِرَبِّ الطَّعَامِ وَمِنْهُ:"أفطَرَ عِندَكُم الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الأَبرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيكُم المَلَائِكَةُ"(3)، وَأَكلُهُ مِمَّا يَلِيهِ ولَا أَنْوَاعَ بِيَمِينِهِ وَلَا بَأْسَ بِمِلْعَقَةٍ وَبِثَلَاثِ أصَابعَ فَيُكرَهُ بِأَقَلَّ وَأَكثَرَ، وَتَخلِيلُ مَا عَلَقَ بِأَسْنَانِهِ وَمَسحُ الصَّحفَةِ وَأَكلُ مَا تَنَاثَرَ وَغَضُّ طَرْفِهِ عَنْ جَلِيسِهِ وَإيثَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَشُرْبُهُ ثَلَاثًا وَتَمَضْمُضُ مَن شَرِبَ لَبَنًا وَلَعْقُ أَصَابِعِهِ وَيُسَمَّي الشَّارِبُ عِنْدَ كُلِّ
(1) رواه أبو داود (رقم 3852)، الترمذي (رقم 3791)، ابن ماجه (رقم 3408)، مسند الإمام أحمد (رقم 11580، 12257).
(2)
رواه أبو داود (رقم 4025).
(3)
رواه أبو داود (رقم 3856)، ابن ماجه (رقم 1819)، مسند الإمام أحمد (رقم 12506، 12741، 13428)، الدارمي (رقم 1826)، البيهقي (رقم 8393، 8394، 15069).
ابتِدَاءٍ، وَيَحْمَدُ عِندَ كُلِّ قَطْعٍ، وَقَدْ يُقَالُ مِثلُهُ فِي أَكلِ كُلِّ لُقْمَةٍ فَعَلَهُ أَحمَدُ، وَقَال: أَكلٌ وَحَمدٌ خيرٌ مِنْ أكلٍ وَصَمْتٍ.
وَيُسْتَحَبُّ أَن يَجلِسَ عَلَى رِجلِهِ اليُسرَى، ويَنْصِبَ اليُمْنَى أَوْ يَتَرَبَّعَ وَأَنْ يُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ، وَيُجِيدُ المَضْغَ وَيُطِيلُ الْبَلْعَ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الأَصحَابِ تَصْغِيرُ الكَسْرِ، وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُ ضَرِيرٌ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعْلِمَهُ بِمَا بَينَ يَدَيهِ وَيَنْوي بِأَكلِهِ وَشُرْبِهِ التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ وَيَأكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا بِالأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ، وَمَعَ الفُقَرَاءِ بالإِيثَارِ وَمَعَ العُلَمَاءِ بِالتَّعَلُّمِ، وَمَعَ الإِخوَانِ بِالانْبِسَاطِ وَالحَدِيثِ الطَّيِّبِ (1) وَالحِكَايَاتِ الَّتِي تَلِيقُ بِالْحَالِ، قَال أَحْمَدُ: يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الإخوَانِ وَبِالإِيثَارِ مَعَ الفُقَراءِ وَبِالمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنيا، وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ: مِنْ آدَابِ الأَكْلِ أَنْ لَا يَسْكُتُوا عَلَى الطعَامِ، بَل يَتَكَلَّمُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ بِإِجَابَتِهِ نَفْسَ الأكلِ بَلْ يَنْوي الاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ وَإِكْرَامَ أَخِيهِ المُؤْمِنِ، وَصِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ سُوءِ ظَنِّ تَكَبُّرٍ بِهِ وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَ ضَيفِهِ لِبَابِ الدَّارِ وَيَحْسُنُ أَنْ يَأْخُذَ بِرِكَابِهِ وَوَرَدَ "مَنْ أَخَذَ بِرِكَابِ مَنْ لَا يَرْجوهُ وَلَا يَخَافُهُ غُفِرَ لَهُ"(2)، وَلَهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ الضِّيفَانِ بِشَيءٍ طَيِّبٍ إن لَمْ يَتَأَذَّ غَيرَهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيفِ أَنْ يُفْضِلَ شَيئًا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ وَلأَهْلِ الطَّعَامِ أَنْ يَأْكُلُوا بَعْدَ فَرَاغِ الضَّيفَانِ وَأَكْلٌ مَعَ زَوْجَةٍ وَطِفْلٍ وَمَمْلُوكٍ، وَتَكْثِيرِ الأَيدِي عَلَى الطَّعَامِ وَالسُّنَّةُ جَعْلُ بَطْنٍ (3) أَثْلَاثًا ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ
(1) قوله: "والحديث الطيب" سقطت من (ج).
(2)
رواه ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا.
(3)
قوله: "بطن" سقطت من (ب).
وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ، وَسُنّ إذَا فَرَغَ مِنْ الأَكْلِ أَنْ لَا يُطِيلَ الْجُلُوسَ بِلَا حَاجَةٍ بَلْ يَسْتَأذِنَ وَيَنْصَرِفَ وَأَنْ يَخُصَّ بِدَعْوَتِهِ الأَنْقِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَأَنْ لَا يَرْفَعَ مِنْ أَكْلٍ مَعَ جَمَاعَةٍ يَدَهُ قَبْلَهُمْ؛ وَإِذا طَبَخَ مَرَقَةً فَلْيُكْثِرْ مِنْ مَائِهَا وَيتَعَاهَدَ مِنْهُ بَعْضُ جِيرَانِهِ.
وَمِنْ آدَابِ الطَّعَامِ تَعْجِيلُهُ لَا سِيمَا إذَا كَانَ قَلِيلًا، وَمِنْ التَّكَلُّفِ أَنْ يُقَدِّمَ جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ وَيُقَدِّمُ الْفَاكِهَةَ قَبْلَ غَيرِهَا؛ لأَنَّهُ أَصْلَحُ فِي بَابِ الطَّبِّ وَإذَا دُعِي فَلْيَأكُلْ بِبَيتِهِ مَا يَكسِرُ نَهِمَتَهُ قَبْلَ ذَهَابِهِ وَلَا يَقتَرِحُ الزَّائِرُ طَعَامًا بِعَينِهِ وَإن خُيِّرَ بَينَ طَعَامَينِ اخْتَارَ الأَيسَرَ إلا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مُضِيفَهُ يُسَرُّ، وَلَا خَيرَ فِيمَنْ لَا يُضَيِّفُ.
وَلَا يُشرَعُ تَقْبِيلُ الْخُبْزِ وَلَا للْجَمَادَاتِ إلا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ وَلَا يُكرَهُ شُرْبُهُ قَائِمًا؛ وَقَاعِدًا أَكْمَلُ، وَإِذَا شَرِبَ سُنَّ أَنْ يُنَاولَ الأَيمَنَ وَكَذَا غُسْلُ يَدَيهِ وَرَشِّ نَحْو مَاءِ وَرْدٍ وَيَبْدَأُ بِأَفْضَلِهِمْ ثُمَّ بِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ وَلَا يَعُبُّ المَاءَ عَبًّا بَلْ مَصًّا مُقَطَّعًا ثَلَاثًا.
* * *
فَصْلٌ
يُكرَهُ أَكْلٌ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ أَوْ وَسَطهَا وَفِعْلُ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مِنْ غَيرِهِ مِنْ نَحْو مُخَاطٍ وَبُصَاقٍ وَنَفْضِ يَدِهِ فِي الْقَصْعَةِ وَتَقْدِيمُ رَأْسِهِ إلَيهَا عِنْدَ وَضع لُقْمَةٍ بِفَمِهِ وَغَمْسُ بَقِيةِ لُقْمَةٍ أَكَلَ مِنْهَا فِي الْمَرَقَةِ وَتَكَلُّمٌ بِمَا يُسْتَقذَرُ أَوْ يُضحِكُهُمْ أَوْ يُحْزِنُهُمْ وَأَكلُهُ مُتَّكِئًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ عَلَى الطرِيقِ وَمَدْحُ طَعَامِهِ وَتَقويمُهُ وَعَيبُ الطَّعَام وَاحْتِقَارُهُ، فَإِنْ اشْتَهَاهُ أَكَلَ، وَإلَّا تَرَكَ، وَنَفْخُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَأَكَلُهُ حَارًّا أَوْ كَثِيرًا بِحَيثُ يُؤْذِيهِ أَوْ قَليلًا بِحَيثُ يَضُرُّهُ وَشُرْبُهُ مِنْ فَمِ سِقَاءٍ وَثُلْمَةِ إنَاءٍ وَفِي أَثنَاءِ طَعَامٍ بِلَا عَادَةٍ وَتَنَفُّسُهُ فِي الإِنَاءِ وَرَدِّ شَيءٍ مِنْ فِيهِ إلَيهِ وَأَكلٌ وَشُرْبٌ بِشِمَالِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ أَكَلَ وَشَرِبَ مَعَهُ الشَّيطَانُ، فَإِن أَمْسَكَ بِيَمِينِهِ خُبْزًا وَبِشِمَالِهِ أُدْمًا فَكَذَلِكَ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الشَّرَهِ، وَقِرَانُهُ فِي تَمْرٍ وَنَحْوهِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَنَاوُلِهِ إفْرَادًا، وَأَن يَفْجَأَ قَوْمًا عِنْدَ وَضْعِ طَعَامِهِمْ تَعَمُّدًا فَيَحْرُمُ أَكلُهُ بِلَا إذْنِهِمْ وَبِلَا تَعَمُّدٍ يَأْكُلُ، وَتَعْلِيَةُ قَصْعَةٍ بِخُبْزٍ وَكَوْنَهُ كِبَارًا وَإهَانَتُهُ فَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ أَوْ السِّكِّينَ بِهِ وَأَكْلُ مَا انْتَفَخَ مِنْ خُبْزٍ أَوْ وَجْهِهِ، وَتَرْكُ الْبَاقِي وَبَلْعُ مَا أَخْرَجَهُ الْخِلَالُ، وَلَا مَا قَلَعَهُ بِلِسَانِهِ. وَحَرُمَ أَخذُ شَيءٍ مِنْ الطعَامِ بِلَا إذْنِ رَبِّهِ وَجَوَّزَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَمَا جَرَت عَادَةٌ بِهِ مِنْ إطعَامِ نَحْو سَائِلٍ وَسِنَّوْرٍ فَوَجْهَانِ، وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ وَلَا بَأْسَ بِوَضع خَلٍّ وَبُقُولٍ عَلَى الْمَائِدَةِ غَيرِ نَحْو ثُومٍ وَبَصَلٍ، وَلَا يُكْرَهُ (1)
(1) في (ج): "ولا بأس".
قَطعُ لَحْمٍ بِسِكِّينٍ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يُلْقِمُ جَلِيسَهُ، وَلَا يَفْسَحُ لِغَيرِهِ بِلَا إذْنِ رَبِّ الطعَامِ، وَلَيسَ مِنْ السُّنَّةِ تَركُ الطَّيبَاتِ وَلَا بَأْسَ بِالْجَمْعِ بَينَ طَعَامَينِ وَمِنَ السَّرَفِ أَن تَأْكُلَ كُلَّ مَا (1) اشْتَهَيتَ وَمَنْ أَذْهَبَ طَيِّبَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا؛ نَقَصتْ دَرَجَاتُهُ فِي الآخِرَةِ، قَال أَحْمَدُ: يُؤجَرُ فِي تَرْكِ الشهَوَاتِ وَمُرَادُهُ مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ، وَكُرِهَ النِّثَارُ لِمَا فِيهِ مِنْ النُّهْبَةِ وَالْتِقَاطُهُ وَمَنْ حَصَلَ فِي حِجْرِهِ مِنْهُ أَوْ أَخَذَهُ فَلَهُ وَلَوْ لَمْ يَقصِدْ تَمَلُّكَهُ. وَتُبَاحُ الْمُنَاهَدَةُ وَهِيَ أَنْ يُخرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رَفِيِقِهِ شَيئًا مِنْ النَّفَقَةِ وَيَدْفَعُونَهُ إلَى مَنْ يُنْفِقُ عَلَيهِمْ مِنْهُ، وَيَأْكُلُونَ جَمِيعًا، فَلَوْ أَكَلَ بَعضُهُم أَكثَرَ أَوْ تَصَدَّقَ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ.
* * *
(1) قوله: "كل" سقطت من (ب).
فَصْلٌ
يُسَنُّ إعْلَانُ نِكَاحٍ وَضَرْبٌ فِيهِ بِدُفٍّ مُبَاحٍ لِنِسَاءٍ وَلِرِجَالٍ خِلَافًا لَهُ، قَال أَحْمَدُ: وَلَا بَأْسَ بِالْغَزَلِ فِي العُرْسِ وَقَال: يُسْتَحَبُّ ضَرْبُ الدُّفِّ وَالصَّوْتِ فِي الإِمْلَاكِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا الصَّوْتُ، قَال: يَتَكَلَّمُ وَيَتَحَدَّثُ وَيُظهِرُ.
وخِتَانٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ وَولَادَةٍ كَنِكَاحٍ وَحَرُمَ مِزْمَارُ طُنْبُورٍ وَرَبَابٍ وَجُنْكٍ وَعُودٍ وَنَايٍ وَزَمَّارَةِ الرَّاعِي وَنَحْوهِ، سَوَاءٌ اسْتُعْمِلَت لِحُزْنٍ أوْ سُرُورٍ، وَكُرِهَ رَقصٌ وَتَخْرِيقُ ثِيَابٍ لِمُتَوَاجِدٍ عِنْدَ السَّمَاعِ، قَالهُ فِي الْغُنْيَةِ.
* * *