المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الصيام هو لغة: الإمساك، قال تعالى: {فقولى إنى نذرت للرحمن - فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان

[شهاب الدين الرملي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌باب الآنية

- ‌بابُ السِّواك

- ‌باب الوضوء

- ‌بابُ المسح على الخُفَّين

- ‌بابُ الاستنجاء

- ‌باب الغسل

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌بابُ الحَيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الخسوف للقمر والكسوف للشمس

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب قسم الصدقات

- ‌باب الصيام

- ‌باب الاعتكاف

- ‌باب الحج

- ‌باب محرمات الإحرام

- ‌كتاب البيوع

- ‌كتاب السلم

- ‌باب الرهن

- ‌باب الحجر

- ‌باب الصلح وما ذكر معه

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الضمان

- ‌باب الشركة

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإقرار

- ‌باب العارية

- ‌باب الغضب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب القراض

- ‌[باب يملك العامل ربع حصته]

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإجازة

- ‌بابُ الجُعَالة

- ‌بابُ إحياء المَوات

- ‌بابُ الوَقف

- ‌بابُ الهِبَة

- ‌بابُ اللُّقَطة

- ‌باب اللقيط

- ‌باب الوديعة

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب الوصية

- ‌باب الوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب الصداق

- ‌باب الوليمة

- ‌باب القَسْمِ والنُشُوز

- ‌باب الخلع

- ‌بابُ الطَّلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظِهار

- ‌باب اللعان

- ‌بابُ العِدَّة

- ‌باب الاستبراء

- ‌بابُ الرّضاع

- ‌باب النفقات

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب دعوى القتل

- ‌باب البغاة

- ‌باب الردة

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب حد القذف

- ‌باب السرقة

- ‌باب قاطع الطريق

- ‌باب حد الخمر

- ‌باب الصائل

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنيمة

- ‌باب الجزية

- ‌باب الصيد والذبائح

- ‌باب الأضحية

- ‌بابُ العقيقة

- ‌بابُ الأَطِعمة

- ‌باب المسابقة على الخيل والسهام ونحوهما

- ‌باب الإيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌كتاب القسمة

- ‌باب الشهادة

- ‌باب الدعوى

- ‌بابُ العِتق

- ‌بابُ التدبير

- ‌بابُ الكِتابة

- ‌باب الإيلاد

الفصل: ‌ ‌باب الصيام هو لغة: الإمساك، قال تعالى: {فقولى إنى نذرت للرحمن

‌باب الصيام

هو لغة: الإمساك، قال تعالى:{فقولى إنى نذرت للرحمن صوماً} أي: إمساكاً عن الكلام.

وشرعاً: إمساك عن الفطر على وجه مخصوص.

والأصل في وجوبه قبل الإجماع مع ما يأتي: آية: {كتب عليكم الصيام} ، وخبر:"بني الإسلام على خمس"، وفرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة.

[ما يجب به صوم رمضان]

وقد ذكر الناظم ما يجب به صوم رمضان فقال:

(يجب صوم رمضان بأحد

أمرين: باستكمال شعبان العدد)

(أو رؤية العدل هلال الشهر

في حق من دون مسير القصر)

أي: يجب صوم رمضان بأحد أمرين: إما باستكمال شعبان العدد وهو ثلاثون يوماً؛ لخبر البخاري: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم .. فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".

وإما برؤية العدل الواحد هلال الشهر المذكور؛ لقول ابن عمر: (أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيت الهلال، فصام وأمر الناس بصيامه) رواه أبو داوود، وصححه ابن حبان، والمعنى في ثبوته بالواحد: الاحتياط للصوم، وطريقه الشهادة لا الرواية؛ فتشترط فيه صفة الشهود، والأداء عند القاضي، لكن صحح في "المجموع": الاكتفاء بظاهر العدالة؛ وهو الذي لم يزك، واستشكل بتصحيحهما أنه شهادة، ولهذا تشترط صيغتها، ويجب العدد في الشهادة على الشهادة به؛ كما صححه في "المجموع" وإن لم تتوقف على

ص: 465

الدعوى؛ لكونها شهادة حسبة، وأما اختصاصها بمجلس القاضي .. فقد جزم به صاحب "الأنوار" وابن المقري، وكذا الإسنوي؛ تفريعاً على كونها شهادة كما قررته فيما مر.

قال الشيخان: وفرع الإمام وابن الصباغ على كونها رواية وجوب الصوم على من أخبره موثوق به بالرؤية وإن لم يذكره عند القاضي.

وقالت طائفة منهم ابن عبدان والغزالي والبغوي: يجب إذا اعتقد صدقه، ولم يفرعوه على شيء، ومثله في "المجموع" بزوجته وجاريته وصديقه، وظاهر كلامه: ترجيح الثاني، وصرح به في "الخادم".

ويكفي الشاهد أن يقول: (أشهد أني رأيت الهلال)، كما صرح به جماعة، منهم الرافعي في (صلاة العيد)، خلافاً لابن أبي الدم قال: لأنها شهادة على فعل نفسه.

وخرج بـ (رمضان): غيره؛ فلا يثبت بواحد، وبـ (الصوم): غيره؛ كوقوع ما علق من طلاق ونحوه بالهلال وحلول الدين به؛ فلا يثبت بواحد في حق غير الرائي.

قال الرافعي: ولو قيل: هلا يثبت ضمناً كما يثبت شوال بثبوت رمضان بواحد، والنسب والإرث بثبوت الولادة بالنساء؟ .. لأحوج إلى الفرق، وفرق هو في (الشهادات): بأن الضمني في هذه الأمور لازم للمشهود به، بخلاف الطلاق ونحوه.

واشتراط العدلة محله: في ثبوت الشهر في حق غير الرائي، أما الرائي .. فيجب عليه الصوم وإن لم يكن عدلاً، قال الأذرعي: والأمارة الظاهرة الدلالة في حكم الرؤية مثل: أن يرى أهل القرى القناديل المعلقة بمنابر المصر ليلة الثلاثين من شعبان كما هو العادة.

وخرج بـ (أحد الأمرين): ما لو عرفه حاسب أو منحم؛ فلا يلزم به الصوم، ولا يجوز كما نقله ابن الصلاح وغيره عن الجمهور، لكن صحح في "المجموع": أنه يجوز لهما دون غيرهما، ولا يجزئهما عن فرضهما، قال الإسنوي: وهو بعيد مخالف لكلامهم، ولما جزم به في "الكفاية" نقلاً عن الأصحاب من الإجزاء. انتهى، وصوبه السبكي.

ص: 466

وقد قال الشيخان في بحث النية: يدخل في قسم استناد الاعتقاد إلى ما يثير ظناً بناء الأمر على الحساب حيث جوزناه.

وخرج به أيضاً: ما لو عرفه أحد في منامه بقول النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلا يصح الصوم به بالإجماع؛ لاختلال ضبط الرائي، لا للشك في الرؤية.

قال السبكي في "بيان الأدلة في إثبات الأهلة": إذا دل الحساب على عدم إمكان الرؤية، وذلك يدرك بمقدمات قطعية .. ففي هذه الحالة لا يمكن تقدير الرؤية؛ لاستحالتها، فمن شهد بها .. رددنا شهادته؛ لأن من شرط البينة: إمكان المشهود به حساً وعقلاً وشرعاً، وفي مثل هذا ينقض قضاء القاضي. انتهى. وتبعه عليه ابن العراقي وغيره.

لكن توقف الأذرعي في موافقة الأصحاب له فيما إذا شهد عدلان بالرؤية وقال أهل الحساب: لا تمكن.

ولا يكره ذكر رمضان بغير شهر، كما صوبه في "المجموع".

وإذا ثبت رمضان برؤية الهلال بمكان .. ثبت في حق من قرب منه دون من بعد؛ لماا روى مسلم عن كريب قال: (رأيت الهلال بالشام ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة، فقال ابن عباس: متى رأيتم الهلال؟ قلت: ليلة الجمعة، قال: أنت رأيته؟ قلت: نعم؛ ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل العدة، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقياساً على طلوع الفجر والشمس وغروبها.

وقد نبه على القريب بقوله: (في حق من دون مسير القصر) أي: مسافته من محل الرؤية؛ لأن من بدونها كالحاضر بدليل القصر والفطر وغيرهما، بخلاف من فوقه، وهذا ما قطع به البغوي والغزالي وغيرهما، وادعى الإمام الاتفاق عليه، وصححه الرافعي في "المحرر"، و "الشرح الصغير"، والنووي في "شرح مسلم"، وصحح في بقية كتبه اعتبار اتحاد

ص: 467

المطالع؛ إذ لا تعلق للرؤية بمسافة القصر؛ فيثبت حكمه في حق من بمكان اتحد مطلعه بمطلع مكان الرؤية دون غيره، فإن شك في اتحاده .. فلا وجوب؛ لأن الأصل عدمه.

قال السبكي: ومع الاختلاف قد تستلزم الرؤية بأحد المكانين الرؤية بالآخر بدون العكس؛ إذ دخول الليل بالشرق قبل دخوله بالغرب، فتستلزم رؤيته شرقاً رؤيته غرباً بدون العكس، فرؤيته بالشام لكونها غربية بالنسبة للمدينة لا تستلزم رؤيته بالمدينة.

وإذا صمنا بعدل، ولم نر الهلال بعد ثلاثين .. أفطرنا في الأصح وإن كانت السماء مصحية؛ لكمال العدة؛ إذ الشيء يثبت ضمناً بما لا يثبت به أصلاً؛ بدليل ثبوت النسب والإرث ضمناً للولادة بشهادة النساء عليها كما مر.

ومن سافر من بلد الرؤية إلى البلد البعيد .. فالأصح: أنه يوافقهم في الصوم آخراً؛ لأنه صار منهم، ومن سافر من البلد الآخر إلى بلد الرؤية .. عيد معهم، وقضى يوماً إن لم يصم إلا ثمانية وعشرين، وإلا .. فلا قضاء عليه.

ومن أصبح معيداً؛ فسارت سفينته إلى بلدة بعيدة أهلها صيام .. فالأصح: أنه يمسك بقية اليوم، وتتصور المسألة: بأن يكون ذلك اليوم يوم الثلاثين من صوم أهل البلدين، لكن المنتقل إليهم لم يروه، وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم؛ لتأخر ابتدائه بيوم.

ورؤية الهلال نهاراً لا أثر لها.

ومن انفرد برؤية هلال شوال .. لزمه مقتضاها وأخفى فطره؛ لئلا يتهم، ولا تقبل شهادته بعده؛ لتهمة دفع تعزيره، بخلاف ما لو شهد فردت شهادته ثم أكل .. لا يعزر؛ لعدم التهمة حالة الشهادة.

[شروط وجوب الصوم]

وقد ذكر الناظم من يجب عليه صوم رمضان بقوله:

(وإنما الفرض على شخص قدر

عليه مسلم مكلف طهر)

أي: إنما فرض صوم رمضان على شخص قدر عليه، مسلم مكلف؛ أي: بالغ عاقل،

ص: 468

طهر عن الحيض والنفاس، بخلاف العاجز عنه؛ لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فلا يجب عليه، وتجب عليه الفدية كما سيأتي، وبخلاف الكافر؛ فلا يجب عليه وجوب مطالبة به في الدنيا؛ لعدم صحته منه، لكن يجب عليه وجوب عقاب عليه في الآخرة؛ لتمكنه من فعله بالإسلام، ولا قضاء عليه إذا أسلم؛ ترغيباً له في الإسلام.

ويلزم المرتد إذا عاد إلي الإسلام قضاء ما فاته في زمن الردة، حتى زمن جنونه أو إغمائه فيها؛ لالتزامه بالإسلام، ويلزم القضاء من تعدى بسكره، ويخالف الصبي والمجنون؛ لعدم تكليفهما.

ويؤمر به الطفل لسبع إذا أطاقه وميز، ويضرب على تركه لعشر كالصلاة، وبخلاف الحائض والنفساء؛ لعدم صحة الصوم منهما، ويجب عليهما قضاء ما فاتهما في زمن الردة والسكر.

[شروط صحة الصوم]

(وشرط نفل: نية للصوم

قبل زوالها لكل يوم)

(وإن يكن فرضاً شرطنا نيه

قد عينت من ليله مبيته)

(وبانتفاء مفطر الصيام

حيض نفاس ردة الإسلام)

(جنون كل اليوم لكن من ينام

جميع يومه فصحح الصيام)

(وإن يفق مغمى عليه بعض يوم

ولو لحيظة- يصخ منه صوم)

(وكل عين وصلت مسمى

جوف بمنفذ وذكر صوما)

(كالبطن والدماغ ثم المثن

ودبر وباطن من أذن)

(والعمد للوطء وباستقاء

أو أخرج المني باستمناء)

ذكر في هذه الأبيات: أن شرط صحة الصوم أمران: النية، وانتفاء المفطر؛ يعني: أنه لابد للصوم منهما، وإلا .. فهما ركنان له.

أي: وشرط صحة صوم النفل: نية للصوم بالقلب؛ كالصلاة، ولخبر:"إنما الأعمال بالنيات"، قبل زوال الشمس، وأعاد الضمير عليها وإن لم يتقدم لها ذكر؛ للعلم بها، لكل

ص: 469

يوم، وإن لم ينو ليلاً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة يوماً:"هل عندكم من غداء؟ " قالت: لا، قال:"فإني إذن أصوم"، قالت: وقال لي يوماً آخر: "أعندكم شيء؟ "، قلت: نعم، قال:"إذن أفطر، وإن كنت فرضت الصوم" رواه الدارقطني، وصحح إسناده.

واختص بما قبل الزوال؛ للخبر؛ إذ (الغداء) بفتح الغين: اسم لما يؤكل قبل الزوال، و (العشاء): اسم لما يؤكل بعده، ولأنه مضبوط بين، ولإدراك معظم النهار به؛ كما في ركعة المسبوق، وهذا جري على الغالب ممن يريد صوم النفل، وإلا: فلو نوى قبل الزوال وقد مضى معظم النهار .. صح صومه، والأصح: أن صومه من أول النهار، حتى يثاب على جميعه؛ إذ صوم اليوم لا يتبعض؛ كما في الركعة بإدراك الركوع؛ فلا بد من اجتماع الشرائط أوله، ولو كان قد تمضمض ولم يبالغ، وسبقه الماء .. صحت النية بعده.

وإنما اشترطت النية لكل يوم؛ لأنه عبادة؛ لتخلل اليومين ما يناقض الصوم؛ كالصلاتين يتخللهما السلام.

قوله: (وإن يكن فرضاً) أي: وإن يكن صومه فرضاً رمضان أو غيره .. شرطنا نية الفرض حالة كونها قد عينت؛ كقوله: (من رمضان) كما في الصلاة، وكمال التعيين فيه: أن ينوي صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى، وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة، لكن صحح في "المجموع": أن رمضان لا تشترط فيه نية الفرضية، فلو أطلق النية؛ كما لو اقتصر على نية صوم الغد .. لم يصح، وكذا لو أخطأ في التعيين فنوى في رمضان قضاء أو كفارة.

ولا يشترط تقييد رمضان بالسنة أو الشهر؛ لإغناء التبييت عنه، بل لو أخطأ في صفة المعين فنوى الغد وهو الأحد بظن الإثنين، أو رمضان سنته وهي سنة اثنتين بظن سنة ثلاث .. صح، بخلاف ما لو نوى الأحد ليلة الإثنين، أو رمضان سنة اثنتين في سنة ثلاث؛ لأنه لم يعين الوقت.

وينبغي اشتراط التعيين في النفل المؤقت، وماله سبب؛ كالصلاة، بحث الأول في "المجموع"، والثاني في "المهمات"، وأجيب عن الأول بأن الصوم في الأيام المتأكد

ص: 470

صومها منصرف إليها، بل لو نوى به غيرها .. حصلت أيضاً كتحية المسجد؛ لأن المقصود: وجود صوم فيها.

ولو كان عليه قضاء رمضانين فنوى صوم غد عن قضاء رمضان .. جاز وإن لم يعين أنه عن قضاء أيهما؛ لأنه كله جنس واحد، قاله القفال في "فتاويه".

قال: وكذا إذا كان عليه صوم نذر من جهات مختلفة فنوى صوم النذر .. جاز وإن لم يعين نوعه، وكذا الكفارات.

قوله: (من ليله) أي: شرطنا نية الفرض مبيتة من ليل كل يوم وإن كان الناوي صبياً؛ لخبر: "من لم يبيت الصيام قبل الفجر .. فلا صيام له" رواه الدارقطني وغيره وصححوه، وهو محمول على الفرض بقرينة خبر عائشة السابق، فلا تجزاء النية مع طلوع الفجر؛ لظاهر الخبر.

ولا تحتص بالنصف الأخير من الليل؛ لإطلاقه، والصحيح: أنه لا يضر الأكل والجماع، وأنه لا يجب تجديدها إذا نام ثم تنبه قبل الفجر، ولو شك في تقدمها على الفجر .. لم يصح صومه؛ لأن الأصل عدم التقديم.

نعم؛ إن تذكر ولو بعد مضي أكثر النهار .. صح، وكذا لو نوى ثم شك: أطلع الفجر أم لا؟ ولو علم أن عليه صوماً وجهل عينه، فنوى صوماً واجباً .. صح؛ للضرورة كنظيره من الصلاة.

وأفاد قوله: (من ليله): عدم الاكتفاء بنية واحدة من أول الشهر.

ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه، فكان منه وصامه .. لم يقع عنه؛ للشك في أنه منه حال النية؛ فليست جازمة، إلا إذا اعتقد كونه منه بقول من يثق به؛ كعبد وامرأة .. فإنه يقع عنه؛ لظن أنه منه حال النية، وللظن في مثل هذا حكم اليقين؛ فتصح النية المبنية عليه.

ولو نوى ليلة الثلاثين من رمضان صوم غد عن رمضان إن كان منه .. أجزأه إن كان منه؛ لأن الأصل بقاء رمضان.

ولو اشتبه رمضان على نحو محبوس .. صام شهراً بالاجتهاد، ولا يكفيه صوم شهر بلا اجتهاد وإن وافق رمضان، فإن وافق صومه بالاجتهاد رمضان .. فذاك واضح، وإن وافق

ص: 471

ما بعده .. أجزأه وهو قضاء على الأصح؛ لأنه بعد الوقت، فلو نقص وكان رمضان تاماً .. لزمه يوم آخر، ولو كان الأمر بالعكس .. فله إفطار اليوم الأخير إذا عرف الحال، ولو وافق صومه شوالاً .. حصل منه تسعة وعشرون إن كمل، وثمانية وعشرون إن نقص؛ فإن كان رمضان ناقصاً .. فلا شيء عليه على التقدير الأول، ويقضي يوماً على التقدير الثاني، وإن كان كاملا .. قضى يوماً على التقدير الأول، ويومين على التقدير الثاني، ولو وافق صومه ذا الحجة .. حصل منه ستة وعشرون يوماً إن كمل، وخمسة وعشرون يوماً إن نقص، فإن كان رمضان ناقصاً .. قضى ثلاثة أيام على التقدير الأول، وأربعة على التقدير الثاني، وإن كان كاملاً .. قضى أربعة على التقدير الأول، وخمسة على التقدير الثاني.

ولو غلط بالتقدير وأدرك رمضام بعد بيان الحال .. لومه صومه، ولو أدرك بعضه .. لزمه صومه، فإن لم يتبين له الحال إلا بعد رمضان .. وجب عليه قضاؤه.

ولو نوت الحائض صوم غد قبل انقطاع دمها، ثم انقطع ليلاً .. صح صومها بهذه النية؛ إن تم لها في الليل أكثر الحيض مبتدأة كانت أو معتادة بأكثره، وكذا إن تم لها قدر عادتها التي هي دون أكثر الحيض .. فإنه يصح صومها بتلك النية في الأصح؛ لأن الظاهر استمرار عادتها، وإن لم يتم لها ما ذكر .. لم يصح صومها بتلك النية؛ لعدم بنائها على أصل، وكذا لو كانت لها عادات مختلفة.

[شروط الصوم من حيث الفاعل]

قوله: (وبانتفاء مفطر الصيام) أي: وشرط الصوم كائن بانتفاء مفطر الصيام، ثم بين الفطر، بقوله:(حيض نفاس ردة الإسلام جنون كل يوم) فعلم أن شرط الصوم من حيث الفاعل: النقاء عن الحيض والنفاس؛ أي: والولادة بلا بلل؛ فلا يصح صوم الحائض والنفساء ومن ولدت، والإسلام؛ فلا يصح صوم الكافر، أصلياً كان أو مرتداً، والعقل؛ أي: التمييز؛ فلا يصح صوم غير المميز من صبي ومجنون كل اليوم؛ أي: يوم الصوم؛ فلو حاضت أو نفست أو ولدت أو ارتد أو جن في أثناء اليوم .. بطل صومه كالصلاة.

قوله: (لكن من ينام جميع يومه فصحح الصيام) أي: صيامه؛ لبقاء أهليته للخطاب، بخلاف المغمى عليه؛ إذ النائم يتنبه إذا نبه؛ ولهذا يجب قضاء الصلاة الفائتة به دون الفائتة بالإغماء.

وقوله: (فصحح) يصح كونه فعل أمر، أو ماضياً مبنياً للمفعول.

ص: 472

[حكم الإغماء أثناء الصوم]

قوله: (وإن يفق مغمى عليه بعض يوم ولو لحيظة يصح منه صوم) أي: إتباعاً بزمن الإغماء زمن الإفاقة؛ فجعلوا الإغماء لقصوره عن الجنون وزيادته على النوم بينهما في الحكم، فإن لم يفق .. لم يصح صومه.

وقوله: (لحيظة) تصغير لحظة.

وفي "الروضة" و "أصلها": لو شرب دواء ليلاً، فزال عقله نهاراً .. ففي "التهذيب": إن قلنا: لايصح الصوم في الإغماء .. فهنا أولى، وإلا .. فوجهان، والأصح: أنه لا يصح؛ لأنه بفعله، ولو شرب المسكر ليلاً، وبقي سكره جميع النهار .. لزمه القضاء، وإن صحا في بعضه .. فهو كالإغماء في بعض النهار، قاله في "التتمة". انتهى.

وقال القفال في "فتاويه": إنه يصح صومه مطلقاً؛ لأنه مخاطب، بدليل وجوب القضاء عليه، فهو شبيه بالنائم، بخلاف المغمى عليه.

[شرط الصوم من حيث الفعل]

قوله: (وكل عين) عطف على قوله: (حيض) أي: وشرط الصوم من حيث الفعل كائن بانتفاء كل عين وصلت من الظاهر وإن لم تؤكل عادة كحصاة، وإلى مسمى جوف؛ وإن لم يحل الغذاء أو الدواء؛ لخبر البيهقي بإسناد حسن أو صحيح عن ابن عباس قال:(إنما الفطر مما دخل وليس مما خرج) أي: الأصل ذلك، بمنفذ بفتح الفاء مفتوح؛ فلا يضر وصول الدهن إلي الجوف بتشرب المسام، كما لو طلى رأسه أو بطنه به، كما لا يضر اغتساله بالماء وإن وجد له أثراً في باطنه، ولا يضر الاكتحال وإن وجد طعم الكحل بحلقه؛ لأنه لا منفذ من العين إلى الحلق والواصل إليه من المسام.

والباء قوله: (بمنفذ) بمعنى (في) أو (من) أو سببية.

قوله: (وذكر صوماً) أي: فلا يفطر بالأكل ناسياً وإن كثر؛ لخبر "الصحيحين": "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب .. فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه"، وفي رواية صحيحة:"ولا قضاء عليه".

ص: 473

ويشترط أيضاً: كونه مختاراً، فلا يفطر بالأكل مكرهاً عليه وإن كثر كالناسي.

ويشترط أيضاً: قصده وصول العين جوفه؛ فلا يضر الإيجار والطعن في الجوف بلا اختيار وإن تمكن من دفع الطاعن على أقيس الوجهين في "المجموع" إذ لا فعل له، ولا وصول ذباب وغربلة دقيق، وغبار طريق؛ لعسر تجنبها، بل لو تعمد فتح فيه للغبار حتى وصل جوفه .. لم يضر على الأصح؛ لأنه معفو عن جنسه؛ نقله الشيخان عن البغوي وأفتى به النووي، قال في "المجموع" تبعاً للرافعي: وشبهوه بالخلاف في العفو عن دم البراغيث المقتولة عمداً. انتهى.

ولو خرجت مقعدة المبسور ثم عادت .. لم يفطر، وكذا إن أعادها على الأصح؛ لاضطراره إليه، كما لا يبطل طهر المستحاضة بخروج الدم؛ ذكره البغوي والخوارزمي.

والجوف المذكور؛ كالبطن، والدماغ، ثم المثن- بضم الميم والثاء المثلثة-: جمع مثانة بالمثلثة؛ وهي مجمع البول، ودبر، وباطن الأذن، ووصول العين إلى الأول يحصل بأكل أو شرب أو جائفة، وإلى الثاني باستعاط أو مأمومة أو دامغة، وإلى الثالث بالتقطير في الإحليل وإن لم يجاوز الحشفة، وإلى الرابع بحقنة أو نحوها، وإلى الخامس بنحو التقطير.

ويشترط أيضاً كونه عالماً بالتحريم؛ فلا يفطر بالأكل جاهل تحريمه؛ لقرب إسلامه أو نشأته ببادية بعيدة عن العلماء؛ كما في "الروضة" و"أصلها" و "المجموع"، وفي "الشرح الصغير": أنه كالناسي.

ولا يفطر ببلغ ريقه من معدنه؛ لأنه لا يمكن الاحتراز عنه؛ فلو خرج عن فمه لأعلى لسانه ثم رده إليه وابتلعه، أو بل خيطاً بريقه ورده إلى فمه كما يعتاد عند الفتل أو الغزل- وعليه رطوبة تنفصل وابتلعها، أو ابتلع ريقه مخلوطاً بغيره أو متنجساً .. أفطر.

ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه من باطن أو دماغ .. فالمذهب: أنه إن بالغ .. أفطر؛ لأنه منهي عن المبالغة، وإن لم يبالغ .. لم يفطر؛ لأنه متولد من مأمور به بغير اختياره، ولو سبق من الرابعة مثلاً .. فنقلا عن البغوي أنه: إن بالغ .. أفطر، وإلا .. ترتب على الغسلة المشروعة، وأولى بالفطر، زاد النووي: المختار: الجزم بالفطر.

ص: 474

قال السبكي: وهو متعين، وغسل الفم من النجاسة كالمضمضة.

قال الرافعي: والمبالغة هنا للحاجة ينبغي أن تكون كالمضمضة بلا مبالغة، وجزم به في "الشرح الصغير"، وقال في "المجموع": هو متعين.

[من شروط الصوم انتفاء الوطء عمداً والاستقاءة]

قوله: (والعمد للوطء) أي: وشرط الصوم انتفاء الوطء عمداً؛ فيفطر بالوطء عمداً ولو بغير إنزال بالإجماع؛ ولقوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} ، و (الرفق): الجماع؛ فلا يفطر بالوطء ناسياً؛ أي: أو مكرهاً عليه، أو جاهلاً تحريمه بشرطه المار.

قوله: (وباستقاء) أي: تكلف القيء، فيفطر بعمده وإن لم يعد منه شيء إلى جوفه؛ قوله مفطر لعينه لا لعود شيء منه، بخلاف سهوه؛ كالأكل سهواً، وبخلاف غلبة القيء؛ لخبر:"من ذرعه القيء وهو صائم .. فليس عليه قضاء، ومن استقاء .. فليقض" رواه الترمذي، وحسنه وابن حبان وصححه.

ولو اقتلع نخامة ولفظها .. لم يفطر في الأصح؛ لأن الحاجة إليه مما يتكرر، فيرخص فيه؛ فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر من الفم .. فليقطعها من مجراها وليمجها، فإن تركها مع القدرة على ذلك، فوصلت الجوف .. أفطر في الأصح؛ لتقصيره، ولو لم تحصل في حد الظاهر من الفم، أو حصلت فيه، ولم يقدر على مجها وقطعها .. لم يضر.

قال الغزالي: ومخرج الحاء المهملة من الباطن، والخاء المعجمة من الظاهر.

قال الرافعي: وهو ظاهر؛ لأن المهملة تخرج من الحلق والحلق باطن، والمعجمة تخرج مما يلي الغلصمة، قال: ويشبه أن يكون قدر مما بعد مخرج الحاء من الظاهر أيضاً.

قال النووي: والمختار: أن المهملة أيضاً من الظاهر، وعجيب ضبطه بها، وهي من وسط الحلق، لا بالهاء والهمزة التي كل منهما من أقصاه، وأما المعجمة .. فمن أدناه. انتهى.

ص: 475

[الفطر بإخراج المني]

قوله: (أو أخرج المني باستمناء) أي: وهو تعمد إخراج المني بغير جماع فيفطر به إذا كان مختاراً عالماً بتحريمه ولو كان بنحو: قبلة ولمس ومباشرة فيما دون الفرج؛ لأنه إذا أفطر بالوطء بال إنزال، فبالإنزال بمباشرة فيها نوع شهوة أولى، بخلاف خروج المني بنظر أو فكر، أو ضم المرأة إلى نفسه بحائل وإن تكررت الثلاثة بشهوة؛ إذ لا مباشرة كالاحتلام، مع أنه يحرم تكريرها وإن لم ينزل.

ولو لمس شعرها فأنزل .. قال في "المجموع": قال المتولي: ففي فطره وجهان؛ بناء على انتقاض الوضوء بلمسه.

قال: ولو حك ذكره لعارض فأنزل .. لم يفطر على الأصح؛ لتولده من مباشرة مباحة.

ولو قبلها وفارقها ساعة ثم أنزل .. فالأصح: إن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائماً .. أفطر، وإلا .. فلا؛ قاله في "البحر".

قال: فلو أنزل بلمس عضوها المبان .. لم يفطر.

هذا كله في الواضح، أما المشكل .. فلا يضر وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه؛ لاحتمال زيادته، جزم به في "المجموع" في (باب ما ينقض الوضوء) بالنسبة إلى الإمناء.

(وسن مع علم الغروب يفطر

بسرعة، وعكسه التسحر)

(والفطر بالماء لفقد التمر

وغسل من أجنب قبل الفجر)

(ويكره العلك وذوق واحتجام

ومج ماء عند فطر من صيام)

(أما استياك صائم بعد الزوال

فاختير: لم يكره، ويحرم الوصال)

فيها ثلاث مسائل:

[سنن الصوم]

الأولى: في سنن الصوم: سن لصائم فرضاً أو نفلاً مع علمه بغروب الشمس .. إفطاره بسرعة بتناول المأكول أو المشروب، وإلا .. فهو قد أفطر بالغروب؛ لخبر "الصحيحين":

ص: 476

"لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"، وفي "ثقات ابن حبان" بإسناد صحيح:(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان صائماً .. لم يصل حتى نأتيه برطب وماء فيأكل، وإذا كان الشتاء .. لم يصل حتى نأتيه بتمر وماء).

وخرج بقوله: (مع علم الغروب يفطر): ظنه؛ فلا يسن إسراع الفطر به، ولكنه يجوز، والشك فيه؛ فيحرم به.

ويسن له: السحور؛ لخبر "الصحيحين": "تسحروا، فإن في السحور بركة"، ولفظ الحاكم في "صحيحه":"استعينوا بطعام السحر على صيام النهار، وبقيلولة النهار على قيام الليل".

و(السحور) بفتح السين: المأكول في السحر، وبضمها: الأكل حينئذ.

قال في "الروضة" كـ"أصلها": ويدخل وقته بنصف الليل، ويحصل بقليل المطعوم وكثيره؛ لخبر ابن حبان في "صحيحه":"تسحروا ولو بجرعة ماء".

ويسن له: تأخير السحور مع علمه ببقاء الليل؛ لخبر الإمام أحمد: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور"، وخرج بـ (علم بقاء الليل): ظنه والشك فيه؛ فالأفضل تركه، قاله في "المجموع".

ويسن له أيضاً: الفطر بالتمر، فإن فقده .. فبالماء؛ لخبر:"إذا كان أحدكم صائماً .. فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر .. فعلى الماء؛ فإنه طهور" صححه الترمذي وابن حبان، والحاكم وقال: على شرط الشيخين؛ ولخبر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم يكن .. فعلى تمرات، فإن لم يكن .. حسا حسوات

ص: 477

من ماء) رواه أبو داوود والترمذي، وحسنه، و (الحسو) بالضم: ملء الفم.

وقضيته: تقديم الرطب على التمر، وجرى عليه جماعة، وأن السنة تثليث ما يفطر عليه، وهو قضية نص الشافعي رضي الله تعالى عنه في "حرملة"، وجماعة من الأصحاب، وهو محمول على كمال السنة، وتعبير جماعة بـ (تمرة): محمود على أصل السنة، قال المحب الطبري: والقصد بذلك ألا يدخل جوفه أولاً ما مسته النار.

ويسن الغسل قبل الفجر لمن أجنب؛ أي: أو انقطع حيضها أو نفاسها ليلاً؛ ليؤدي العبادة من أولها على الطهارة، ولا يفسد بتأخيره الصوم؛ لقوله تعالى:{فالئن بشروهن} الآية؛ ولخبر "الصحيحين": (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام، ثم يغتسل ويصوم)، زاد مسلم:(ولا يقضي)، وأما خبر البخاري عن أبي هريرة:"من أصبح جنباً .. فلا صوم له" .. فحملوه على من أصبح مجامعاً واستدام الجماع، وقال ابن المنذر: أحسن ما سمعت في حديث أبي هريرة أنه منسوخ؛ لأن الجماع كان محرماً في أول الإسلام على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب، فلما أباح الله تعالى الجماع إلى طلوع الفجر .. جاز للجنب الصوم إذا أصبح قبل الاغتسال.

ومن سنن الصوم: أن يقول عند فطره: (اللهم؛ لك صمت، وعلى رزقك أفطرت)، وأن يصون لسانه عن قبيح الكلام؛ كالكذب والغيبة والنميمة والمشاتمة ونحوها؛ لخبر البخاري:"من لم يدع قول الزور والعمل به .. فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

وترك الشهوات التي لا تبطل الصوم؛ كشم الرياحين والنظر إليها ولمسها؛ لما في ذلك من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم.

وأن يحترز عن القبلة إن لم تحرك شهوته، وإلا .. فهي حرام.

وأن يكثر الصدقة وتلاوة القرآن في رمضان، وأن يعتكف فيه لاسيما في العشر الأواخر منه؛ لخبر "الصحيحين" عن ابن عباس قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهور رمضان، إن جبريل كان يلقاه في كل سنة في رمضان، حتي ينسلخ فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن)، وفي رواية: (وكان يلقاه

ص: 478

في كل ليلة)، ولخبرهما عن ابن عمر:(أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله)، وفي رواية للبخاري:(كان يعتكف في كل رمضان).

[مكروهات الصوم]

الثانية: يكره للصائم أشياء، منها: العلك بفتح العين؛ أي: مضغه؛ لأنه يجمع الريق، فإن ابتلعه .. أفطر في وجه، وإن ألقاه .. عطشه.

وكذلك يكره مضغ الخبز وغيره، إلا أن يكون له طفل ليس له من يمضغ له، أو يمضغ التمر ليحنك به المولود؛ فلا يكره للحاجة.

وذوق الطعام أو غيره؛ خوف وصوله إلى حلقه.

والحجامة؛ أي: والفصد؛ لأنهما يضعفانه، وللخروج من الخلاف في الفطر بهما، وأما خبر أبي داوود:"أفطر الحاجم والمحجوم" .. فأجابوا عنه: بأنه منسوخ بخبر البخاري: (أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم)، وبأن خبر البخاري أصح، ويعضده أيضاً القياس، وبأن المعنى: أنهما تعرضا للإفطار؛ المحجوم للضعف، والحاجم؛ لأنه لا يأمن أن يصل شيء إلى جوفه بمص المحجمة؛ وبأنهما كانا يغتابان في صومهما؛ كما رواه البيهقي في بعض طرقه، والمعنى: أنه ذهب أجرهما، وما تقرر من كراهتهما .. هو ما جزم به في "الروضة" و"أصلها"، لكن جزم في "المجموع" بأنهما خلاف الأولى، قال الإسنوي: وهو المنصوص وقول الأكثرين، فلتكن الفتوى عليه، وهو مقتضى كلام

ص: 479

"المنهاج" و"أصله"، وجزم المحاملي بأنه: يكره أن يحجم غيره أيضاً.

ويكره له أن يتمضمض بماء ويمجه عند فطره، وأن يشربه ويتقأياه إلا لضرورة، نقلهما النووي في "مجموعه" عن صاجب "البيان"، ثم قال: وكأنه شبيه بالسواك للصائم بعد الزوال؛ لكونه يزيل الخلوف، قال الزركشيك وهذا إنما يأتي إذا قلنا: إن كراهة السواك لا تزول بالغروب، والأكثرون على خلافه. انتهى.

وكره بعضهم أن يتمضمض للعطش ويمجه، والسواك للصائم بعد الزوال مكروه وإن كان صومه نفلاً؛ لخبر "الصحيحين":"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وقد تقدم إيضاحه في (باب السواك).

وما تقرر من كراهة السواك للصائم بعد الزوال هو المشهور، لكم نقل الترمذي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه: أنه لا يكره مطلقاً، وبه قال المزني، واختاره جماعة؛ منهم النووي وابن عبد السلام وأبو شامة.

[حرمة الوصال في الصوم]

الثالثة: يحرم الوصال في الصوم نفلاً كان أو فرضاً؛ للنهي عنه في "الصحيحين"، وهو: أن يصوم يومين فأكثر ولا يتناول في الليل مطعوماً عمداً بلا عذر؛ ذكره في "المجموع"، ومقتضاه: أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال، قال في "المهمات": وهو ظاهر المعنى؛ لأن تحريم الوصال للضعف وترك الجماع ونحوه لا يضعف بل يقوي، لكن قال في "البحر": هو أن يستديم جميع أوصاف الصائمين، وذكر الجرجاني وابن الصلاح نحوه، قال: وتعبير الرافعي: (بأن يصوم يومين). يقتضي أن المأمور بالإمساك كتارك

ص: 480

النية؛ لا يكون امتناعه ليلاً من تعاطي المفطر وصالاً؛ لأنه ليس بين صومين، إلا أن الظاهر: أنه جري على الغالب. انتهى. وقول الناظم: (يفطر) تقديره: أن يفطر؛ كما في: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه).

(وسنة صيام يوم عرفة

إلا لمن في الحج حيث أضعفه)

(وست شوال، وبالولاء

أولى، وعاشورا وتاسوعاء)

(وصوم الاثنين، كذا الخميس مع

أيام بيض، وأجز لمن شرع)

(في النفل أن يقطعه بلا قضا

ولم يجز قطع لما قد فرضا)

فيها ثلاث مسائل:

[ما يسن صومه من الأيام]

الأولى: يسن صيام يوم عرفة لغير الحاج، وهو التاسع من ذي الحجة، قال صلى الله عليه وسلم:«صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده» رواه مسلم، وفيه تأويلان:

أحدهما: أن الله تعالى يغفر ذنوب سنتين.

وثانيهما: أن الله تعالى يعصمه في هاتين السنتين عن المعصية، والمعنى في تكفير هذا سنتين: أن الله تعالى اختص بصيامه هذه الأمة؛ فأكرموا بتكفير سنتين، بخلاف عاشوراء؛ فإنه شاركهم فيه الأمم قبلهم.

قال الإمام: والمكفر: الصغائر، ويوم عرفة أفضل أيام السنة. أما الحاج

فلا يسن له صيام يوم عرفة، بل يسن له فطره. وأفهم قوله:(حيث أضعفه): أن صومه إذا لم يضعفه عن الدعاء وأعمال الحاج .. يسن، وهو وجه، والأصح: أنه يسن له فطره وإن كان قويا؛ للإتباع، رواه الشيخان، وليقوى

ص: 481

على الدعاء، فصومه له خلاف الأولى، وقيل: مكروه؛ لخبر أبي داوود: (أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة)، وضعف بأن في إسناده مجهولاً. وفي «نكت التنبيه» للنووي: أنه يسن صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلاً؛ لفقد العلة، وهذا محمول على غير المسافر، أما المسافر .. فيسن له فطره مطلقاً كما نص عليه الشافعي، نقله في «المهمات» . ويسن صوم ثامن الحجة؛ احتياطا لعرفة، قاله المتولي وغيره، بل يسن صوم عشر ذي الحجة غير العيد. ويسن صيام ستة أيام من شوال بعد يوم العيد؛ قال صلى الله عليه وسلم:«من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال .. كان كصيام الدهر» رواه مسلم، وروي النسائي خبر:«صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام السنة» ، وخص شوال بذلك؛ لمشقة الصيام مع تشوف النفس إلى الأكل وصبرها على طول الصوم. وحذفت تاء التأنيث عند حذف المعدود جائز؛ كما سلكه الناظم تبعاً للخبر. وصومها بالولاء ومتصلة بيوم العيد أولى من تفريقها، ومن صومها غير متصلة بيوم العيد؛ مبادرة للعبادة. ويسن صيام عاشوراء: وهو العاشر من المحرم، وتاسوعاء: وهو التاسع منه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» ، وقال:«لئن بقيت إلى قابل .. لأصومن اليوم التاسع، فمات قبله» رواهما مسلم، ويسن صوم الحادي عشر أيضاً، نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، وحكمه صوم تاسوعاء مع عاشوراء: الاحتياط لعاشوراء، ولمخالفة اليهود. و (عاشوراء): ممدود، وقصره في النظم. ويسن صيام يوم الاثنين والخميس، لأنه صلى الله عليه وسلم (كان يتحرى صومهما)،

ص: 482

وقال: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» رواهما الترمذي وغيره؛ الأول من حديث عائشة، والثاني من حديث أبي هريرة، والمراد: عرضها على الله تعالى، وأما رفع الملائكة لها .. فإنه بالليل مرة وبالنهار مرة، ولا ينافي هذا رفعها في شعبان؛ كما في خبر «مسند أحمد»: أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن إكثاره الصوم في شعبان؟ فقال: «أنه شهر ترفع فيه الأعمال؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة وأعمال العام جملة. ويسن صيام أيام الليالي البيض؛ وهي الثالث عشر وتالياه؛ قال أبو ذر: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة) رواه النسائي وابن حبان، والمعنى: أن الحسنة بعشرة أمثالها؛ فصومها كصوم الشهر. ومن ثم سن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ولو غير أيام البيض؛ كما في «البحر» وغيره؛ للأخبار الصحيحة. قال السبكي: والحاصل: أنه يسن صوم ثلاثة أيام، وأن تكون أيام البيض، فإن صامها .. أتى بالسنتين. قال بعضهم: ويستثنى من ذلك ذو الحجة؛ فإن صوم ثالث عشرة حرام، فهل يسقط في هذا الشهر، أو يعوض عنه السادس عشر، أو يوم من التسعة الأول؟ فيه احتمال، ولم أر من تعرض لذلك. انتهى.

-قال الماوردي: ويسن صوم أيام السود: الثامن والعشرين وتالييه، ولا يخفى سقوط الثالث منها إذا كان الشهر ناقصاً، ولعله يعوض بأول الشهر الذي بعده؛ فهو من أيام السود؛ لأن ليلته كلها سوداء. وخصت أيام البيض وأيام السود بذلك؛ لتعميم ليالي الأولى بالنور، والثانية بالسواد، فناسب صوم الأولى شكراً، والثانية لطلب كشف السواد، ولأن الشهر ضيف قد أشرف على الرحيل، فناسب تزويده بذلك.

ص: 483

والاحتياط صوم الثاني عشر مع أيام البيض، وصوم السابع والعشرين مع أيام السود. ويكره إفراد الجمعة، وإفراد السب، وإفراد الأحد بالصوم. وأما صوم الدهر غير العيدين والتشريق .. فمكروه لمن خاف به ضرراً أو فوت حق، ويستحب لغيره، وعلى الحالة الأولى حمل خبر مسلم:«لا صام من صام الأبد» .

[جواز قطع النفل إذا شرع فيه]

الثانية: من شرع في النفل صوماً أو غيره؛ أي: أو في فرض الكفاية .. فله قطعه، ولا يجب قضاؤه؛ لئلا يغير الشروع حكم المشروع فيه؛ ولخبر:«الصائم المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر» رواه الترمذي والحاكم، وصحيح إسناده، ولخبر أبي داوود:(أن أم هانئ كانت صائمة صوم تطوع، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن تفطر بلا قضاء، وبين أن تتمم صومها)، ولخبر عائشة المتقدم في الكلام على نية الصوم، ويقاس بالصوم غيره، ويكره له قطع ذلك بلا عذر، وإذا قطعه .. قال المتولي: لا يثاب على ما مضى؛ لأن العبادة لم تتم، وعن الشافعي: أنه يثاب، وهو محمول على ما إذا قطعه بعذر. وإنما وجب إتمام الحج والعمرة؛ لتأكد احترامهما؛ لأن نفلهما كفرضهما نية وكفارة وغيرهما، وإتمام صلاة الميت والجهاد؛ لئلا تنتهك حرمة الميت، ويحصل الخلل بكسر قلوب الجند.

[لا يجوز قطع الفرض إذا شرع فيه]

الثالثة: لا يجوز لمن شرع في فرض من فروض الأعيان قطعه، سواء أكان صوماً، أم صلاة أم غيرهما، أداء كان أو قضاء وإن كان موسعاً؛ لأنه شرع في الفرض ولا عذر له في الخروج منه. وألف (فرضا) في قول الناظم للإطلاق.

ص: 484

[ما لا يصح صومه من الأيام]

ومن شروط الصوم أيضاً: قبول اليوم لذلك الصوم، وقد أشار الناظم إلى ذلك بقوله:

(ولا يصح صوم يوم العيد

ويوم تشريق ولا ترديد)

(لا إن يوافق عادة أو نذرا

أو وصل الصوم بصوم مرا)

أي: لا يصح صوم يومي العيدين؛ لخبر «الصحيحين» : (أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى). ولا صوم أيام التشريق الثلاثة ولو للمتمتع العادم للهدي؛ لأنه صلى الله عليه وسلم (نهى عن صيامها، رواه أبو داوود بإسناد صحيح، وفي «مسلم»:«إنها أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى» . ولا يصح صوم يوم الترديد؛ أي: الشك في أنه من رمضان؛ لأنه غير قابل للصوم بلا سبب كما سيأتي؛ لقول عمار بن ياسر: (من صام يوم الشك .. فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم، وعقله البخاري، وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤية الهلال ليلته، ولم يقل عدل: رأيته، أو لم يقبل الواحد، أو شهد بها عدد من النساء أو العبيد أو الفساق أو الصبيان وظن صدقهم، والسماء مصحية، بخلاف ما إذا أطبق الغيم .. فليس بشك وإن تحدث الناس برؤيته أو شهد بها من ذكر؛ لخبر «فإن غم عليكم .. فأكملوا العدة ثلاثين» ، ولا أثر لظننا الرؤية لولا الغيم. نعم؛ من اعتقد صدق من قال: إنه رآه ممن ذكر .. يجب عليه الصوم؛ كما تقدم عن

ص: 485

البغوي وطائفة أول الباب، وتقدم في أثنائه صحة نية المعتقد لذلك، ووقوع الصوم عن رمضان. فلا تنافي بين ما ذكر في المواضع الثلاثة، ومحل عدم قبوله للصوم: إذا كان بغير سبب، وإلا .. فيصح صومه؛ كما أشار بقوله:(لا إن يوافق عادة)[أي]: له؛ كمن يسرد الصوم، أو يصوم يوماً معيناً كالاثنين والخميس، فوافق أحدهما؛ فيصح صومه؛ نظرا للعادة، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً .. فليصمه» رواه الشيخان، و (تقدموا) أصله: تتقدموا بتاءين، حذفت منه إحداهما تخفيفاً، ولفظ النسائي:«لا تستقبلوا الشهر بصوم يوم أو يومين، إلا أن يوافق ذلك صياماً كان يصومه» . ولا أن يوافق نذراً؛ أي: بأن صامه عن نذر؛ أي: أو قضاء أو كفارة؛ فإنه يصح صومه قياساً على الورد، ولا يشكل الخبر بخبر:«إذا انتصف شعبان .. فلا تصوموا» لتقدم النص على الظاهر. وسواء في القضاء الفرض والنفل، ولا كراهة في صومه لورد، وكذا الفرض كما في «المجموع» عن مقتضى كلام الجمهور، ونقله في «الروضة» و «أصلها» عن ابن الصباغ، ونقل الكراهة عن القاضي أبي الطيب، ونقلها الإسنوي عن جمع ورجحها، ومنع قياس الفرض على النفل بأن ذمته لا تبرأ منه بتقدير كونه من رمضان، قال: فلو أخر صوماً ليوقعه يوم الشك .. فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عنها: تحريمه، ولا خلاف أنه لا يجوز صومه؛ احتياطاً لرمضان. قوله:(أو وصل الصوم بصوم مرا) أي: فإن وصله بما قبل نصف شعبان .. فإنه يصح صومه، بخلاف ما إذا وصله بما بعده .. فإنه لا يصح صومه؛ لأنه إذا انتصف شعبان .. حرم الصوم بلا سبب إن لم يصله بما قبله على الصحيح في «المجموع» وغيره؛ لخبر: «إذا

ص: 486

انتصف شعبان .. فلا تصوموا» رواه أبو داوود وغيره بإسناد صحيح، لكن ظاهره أنه يحرم وإن وصله بما قبله وليس مراداً؛ حفظاً لأصل مطلوبية الصوم. وألف (مرا) للإطلاق. ولا يصح صوم شيء من رمضان عن غيره ولو في سفر أو مرض؛ لتعين الوقت له، فلو لم يبيت النية فيه، ثم أراد أن يصومه نفلاً .. لم يصح، بل يلزمه الإمساك والقضاء. ولو نذر صوم يوم معين وقلنا: يتعين وهو الأصح .. فهل يقبل غير النذر؟ وجهان، أصحهما: نعم.

[وجوب الكفارة على من أفسد يوماً من رمضان بجماع]

(يكفر المفسد صوم يوم

من رمضان إن يطأ مع إثم)

(كمثل من ظاهر لا على المرة

وكررت إن الفساد كرره)

أي: تجب الكفارة على المفسد صوم يوم من رمضان ولو انفرد برؤية هلال؛ بجماع منه ولو بلواط، أو إتيان بهيمة بلا إنزال، أثم به؛ بسبب صومه؛ لخبر «الصحيحين» عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ هلكت، قال:«وما أهلكك؟ » قال: واقعت امرأتي في رمضان، قال:«هل تجد ما تعتق رقبة؟ » قال: لا، قال:«فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ » قال: لا، قال:«فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ » قال: لا، ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر -والعرق بالفتح: مكيل ينسج من خوص النخل -فقال: «تصدق بهذا» فقال: أعلى أفقر منا يا رسول الله؟ ! فوالله، ما بين لابتيها أهل بيت أحوج غليه منا! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال:«اذهب فأطعمه أهلك» . وفي رواية للبخاري: «فأعتق رقبة» ، «فصم شهرين» ، «فأطعم ستين مسكيناً» بلفظ الأمر، وفي رواية لأبي داوود:(فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعاً)،

ص: 487

قال البيهقي: وهي أصح من رواية: (فيه عشرون صاعاً). وخرج بـ (المفسد): غيره؛ كالمجامع ناسياً، أو مكرهاً، أو جاهلاً بشرطة، وبـ (الصوم): غيره من سائر العبادات، وبـ (رمضان): غيره كقضاء ونذر وكفارة؛ لورود النص في رمضان، وهو مختص بفضائل لا يشركه فيها غيره؛ إذ هو سيد الشهور، وبـ (الجماع): غيره كاستمناء وأكل؛ لورود النص في الجماع، وهو أغلظ من غيره، وبقوله:(مع إثم): ما إذا لم يأثم به؛ كجماع المسافر والمريض بنية الترخص والصبي، ومن ظن الليل وقت جماعه فبان نهاراً، ومن جامع عامداً بعد أكله ناسياً وظن أنه أفطر به، وإن كان الأصح: بطلان صومه بالجماع. وبقولنا: (بسبب صومه): ما لو أفسد المسافر والمريض صومهما بالزنا أو بغيره، لكن بغير نية الترخص؛ فإن إثمهما ليس للصوم، بل له مع عدم نية الترخص في الثاني، وللزنا في الأول، فلا تجب الكفارة؛ لأن الإفطار مباح فيصير شبهة في درئها. والكفارة الواجبة بالجماع المذكور مرتبة كمثل كفارة من ظاهر كما سيأتي الكلام عليها في (باب الظهار)، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد .. فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطيع .. فإطعام ستين مسكيناً، والكفارة على الزوج عنه؛ فلا كفارة على المرأة الموطوءة وإن كانت صائمة وبطل صومها؛ إذ لم يؤمر بها إلا الرجل المواقع مع الحاجة إلى البيان، ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان بعروض الحيض أو نحوه، فلم تكمل حرمته حتى تتعلق به الكفارة، ولأنها غرم مالي يتعلق بالجماع فيختص بالرجل الواطئ؛ كالمهر فلا يجب على الموطوءة، ولا على الرجل الموطوء في دبره كما نقله ابن الرفعة. وأورد على الضابط: ما لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام .. فإنه تلزمه الكفارة مع أنه لا إفساد؛ لأنه فرع الانعقاد ولم ينعقد، وما لو جامع معذور امرأته .. فإنه لا كفارة بإفساد صومها كما مر، وما لو جامع شاكاً في الغروب .. فإنه لا كفارة وإن بان له الحال؛ للشبهة كما في «التهذيب». وأجيب عن الأولى: بأنها مفهومة من الضابط بالمساواة، وعن الثانية: بمنع صدق الضابط عليها؛ إذ محله في إفساد صومه، ولأن المفسد لصومها هي بتمكينها لا الوطء، مع أنها إذا مكنت ابتداء .. إنما يفسد صومها بدخول بعض الحشفة باطنها لا بالجماع، وعن الثالثة: بأن

ص: 488

الكلام بقرينة السياق فيما إذا علم الجماع بأنه وطئ وهو صائم. قوله: (وكررت إن الفساد كرره) أي: تكرر الكفارة وجوباً إن كرر الفساد؛ بأن جامع في يومين ولو من رمضان واحد وإن لم يكفر عن الأول؛ إذ كل يوم عبادة برأسها، فلا تتداخل كفارتاهما؛ كالحجتين إذا جامع فيهما، بخلاف الحدود المبنية على التساقط، وبخلاف ما إذا تكرر الجماع في يوم واحد؛ لعدم تكرر الفساد، وحدوث السفر بعد الجماع لا يسقط الكفارة، وكذا المرض على المذهب؛ لأنهما لا ينافيان الصوم فيتحقق هتك حرمته. ويجب معها قضاء يوم الإفساد على الصحيح، وتستقر في ذمة العاجز عنها كجزاء الصيد؛ لأن حقوق الله تعالى المالية إذا عجز عنها وقت وجوبها: فإن كانت بغير سبب من العبد؛ كزكاة الفطر .. لم تستقر في ذمته، وإن كانت بسبب منه .. استقرت في ذمته، سواء أكانت على وجه البدل؛ كجزاء الصيد وفدية الحلق، أم لا؛ ككفارة الظهار والقتل والجماع واليمين ودم التمتع والقران. والأصح: أنه لا يجوز للفقير صرف كفارته إلى عياله؛ كالزكوات وسائر الكفارات، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:«فأطعمه أهلك» .. ففي «الأم» كما في «الرافعي» : يحتمل أنه لما أخبره بفقره .. صرفه له صدقة، أو أنه ملكه إياه وأمره بالتصدق به، فلما أخبره بفقره .. أذن له في صرفها لهم؛ للإعلام بأنهما إنما تجب بعد الكفارة، أو أنه تطوع بالتكفير عنه، وسوغ له صرفها لأهله؛ للإعلام بأن لغير المكفر التطوع بالتكفير عته بإذنه، وأن له صرفها لأهل المكفر عنه، فأما أن الشخص يكفر عن نفسه ويصرفه إلى أهله .. فلا. وقول الناظم:(المره) لغة في المرأة.

(ولازم بالموت دون صوم

بعد تمكن لكل يوم)

(مد طعام غالب في القوت

وجوزوا الفطر لخوف موت)

(ومرض وسفر إن يطل

وخوف مرضع وذات الحمل)

(منه على نفسيهما ضرا بدا

ويوجب القضاء دون الافتدا)

(ومفطر لهرم لكل يوم

مد كما مر بلا قضاء صوم)

(والمد والقضا لذات الحمل

ومرضع إن خافتا للطفل)

ص: 489

فيها أربع مسائل:

[لزوم المد على من تمكن من القضاء فلم يقض حتى مات]

الأولى: يلزم بموت من تمكن من قضاء رمضان، أو صوم الكفارة، أو النذر ولم يصم في تركته لكل يوم مد طعام من غالب قوت أرض وجوبه، وجنسه جنس الفطرة، سواء أترك الأداء بعذر أم بغيره؛ لخبر:«من مات وعليه صيام شهر .. فليطعم عنه مكان كل يوم مسكيناً» رواه ابن ماجه الترمذي، وقال: الصحيح وقفه على رواية ابن عمر، ورواه البيهقي عن فتوى عائشة وابن عباس. وأفهم كلام الناظم: أنه لا يصام عنه، وهو الجديد؛ لأن الصوم عبادة بدنية لا تدخلها النيابة في الحياة، فكذلك بعد الموت؛ كالصلاة، وفي القديم: يجوز لوليه أن يصوم عنه، وصححه النووي وصوبه، بل قال: يسن له ذلك؛ للأخبار الصحيحة كخبر «الصحيحين» : «من مات وعليه صيام .. صام عنه وليه» ، وتأوله ونحوه المصححون للجديد بأن المراد: أن يفعل وليه ما يقوم مقام الصيام وهو الإطعام؛ لما مر. وهل المعتبر على القديم الولاية كما في الخبر، أو مطلق القرابة، أو بشرط الإرث، أو العصوبة؟ فيه احتمالات للإمام، قال الرافعي: والأشبه: اعتبار الإرث، ونقل عن جمع، وفي «المجموع»: أنه ليس ببعيد، لكنه اختار في «زوائد الروضة» و «المنهاج» اعتبار مطلق القرابة، ونقل عن القاضي أبي الطيب، وصححه في «المجموع». قال: وقوله صلى الله عليه وسلم في خبر مسلم لامرأة قالت له: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفاصوم عنها؟ قال:«صومي عن أمك» .. يبطل احتمال ولاية المال والعصوبة. قال: ومذهب الحسن البصري: أنه لو صام عنه ثلاثون بالإذن في يوم واحد .. أجزأه،

ص: 490

قال: وهو الظاهر الذي اعتقده، وكالولي فيما ذكره مأذونه ومأذون الميت. أما من مات قبل تمكنه من قضاء الصوم؛ كأن مات عقب رمضان، أو استمر به العذر إلى موته .. فلا فدية عليه إن فاته الصوم بعذر، وإلا .. فكمن مات بعد تمكنه منه. ومصرف المد هنا وفيما يأتي: الفقراء والمساكين؛ لأن المسكين ذكر في الآية والخبر، والفقير أسوأ حالاً منه، أو داخل على ما هو المعروف من أن كلا منهما منفرداً يشمل الآخر. وله صرف أمداد إلى شخص واحد، ولا يجوز صرف مد منها إلى شخصين، خلافاً لصاحب «التعليقة» والبارزي؛ لأن كل مد كفارة، ومد الكفارة لا يعطى لأكثر من واحد. ومن أخر قضاء رمضان مع تمكنه حتى دخل رمضان آخر .. لزمه مع القضاء لكل يوم مد بمجرد دخول رمضان؛ لخبر أبي هريرة:«من أدركه رمضان فأفطر لمرض، ثم صح ولم يقضه حتى أدركه رمضان آخر .. صام الذي أدركه، ثم يقضي ما عليه، ثم يطعم عن كل يوم مسكيناً» . رواه الدارقطني والبيهقي وضعفاه، قالا: وروي موقوفاً على رواية بإسناد صحيح، قال الماوردي: وقد أفتى بذلك ستة من الصحابة ولا مخالف لهم. والأصح: تكرره بتكرر السنين، وأنه لو أخر القضاء مع تمكنه منه فمات .. أخرج من تركته لكل يوم مد للفوات على الجديد، ومد للتأخير.

[من يجوز له الفطر من الصوم الواجب]

الثانية: يجوز الفطر من الصوم الواجب؛ لخوف موت على نفسه أو غيره؛ كأن رأى غريقاً لا يتمكن من إنقاذه إلا بفطره، ولا ينافي التعبير بالجواز ما صرح به الغزالي وغيره من وجوب الفطر لذلك؛ لأنه يجامعه، أو خوف مرض وهو ما تقدم بيانه في (التيمم)، قال الله تعالى:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} أي: فأفطر فعدة {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} . ثم المرض إن كان مطبقاً .. فله ترك النية، وإن كان يحم وينقطع: فإن كان يحم وقت الشروع .. فله ترك النية، وإلا .. فعليه أن ينوي، فإن عاد واحتاج إلى الإفطار .. أفطر، ومن غلبه الجوع أو العطش .. فحكمه حكم المريض.

ص: 491

وقول الناظم: (وجوز) يصح كونه أمراً، أو ماضياً مبنياً للفاعل أو المفعول. ويجوز الفطر أيضا من الصوم الواجب لسفر طويل مباح؛ وهو سفر القصير؛ للآية السابقة، ثم إن تضرر به .. فالفطر أفضل، وإلا .. فالصوم أفضل؛ لقوله تعالى:{وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} ، ولبراءة الذمة وفضيلة الوقت. نعم؛ إن شك في جواز الفطر به، أو كره الأخذ به، أو كان ممن يقتدي به .. فالفطر أفضل. وخرج بالسفر المذكور: السفر القصير، وسفر المعصية. ولو أصبح المقيم صائما فمرض .. أفطر؛ لوجود المبيح للإفطار، وإن سافر .. فلا يفطر؛ تغليباً لحكم الحضر كالصلاة، وقيل: يفطر؛ تغليباً لحكم السفر. ولو أصبح المسافر والمريض صائمين، ثم أراد الفطر .. جاز لهما؛ لدوام عذرهما، ولا يكره في «المجموع»؛ وقد أفطر النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر بكراع الغميم بقدح الماء؛ لما قيل: إن الناس يشق عليهم الصيام، رواه مسلم. فلو أقام المسافر وشفي المريض .. حرم عليهما الفطر على الصحيح؛ لزوال عذرهما. وكل من أفطر لعذر أو غيره يلزمه القضاء، سوى صبي مجنون وكافر أصلي؛ فيقضي المريض والمسافر والحائض والنفساء، ومن ولدت ولداً جافاً، وذو إغماء وسكر استغرقا، والمجنون زمن سكره، ويقضي المرتد حتى زمن جنونه، ويستحب التتابع في القضاء. ولو بلغ الصبي بالنهار مفطراً، أو فاق المجنون فيه، أو أسلم الكافر فيه .. فلا قضاء عليهم في الأصح؛ لأن ما أدركوه منه لا يمكن صومه، ولم يؤمروا بالقضاء، ولا يلزمهم إمساك بقية النهار في الأصح؛ بناء على عدم لزوم القضاء، ويلزم الإمساك من تعدى بالفطر أو نسي النية؛ لأن نسيانه يشعر بترك الاهتمام بالعبادة فهو ضرب تقصير، وكذا من أكل يوم الشك ثم ثبت كونه من رمضان في الأظهر، بخلاف مسافر أو مريض زال عذره بعد الفطر أو قبله، ولم ينو ليلاً، وإمساك بقية اليوم من خواص رمضان، بخلاف النذر والقضاء والكفارة. ويجوز الفطر أيضا من الصوم الواجب؛ لخوف المرضع والحامل منه على نفسيهما

ص: 492

وحدهما، أو مع ولديهما -كما قاله في «المجموع» - ضراً بدا؛ أي: ظهر؛ بأن يبيح التيمم، ويوجب فطرهما القضاء عليهما دون الفدية؛ كالمريض.

[وجوب الفدية على من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه]

الثالثة: يجب على من أفطر لكبر لا يطيق معه الصوم، أو يلحقه به مشقة شديدة لكل يوم مد طعام، وكذا من لا يطيقه لمرض لا يرجى برؤه؛ قال تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} المراد: لا يطيقونه، أو يطيقونه حال الشباب ثم يعجزون عنه بعد ذلك، وروي البخاري: أن ابن عباس وعائشة كانا يقرآن: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ، ومعناه: يكلفون الصوم فلا يطيقونه. وهل المد بدل عن الصوم أو واجب ابتداء؟ وجهان، أصحهما في «المجموع»: الثاني، ويظهر أثرهما فيما لو قدر بعد الصوم، فعلى الأصح: لا يلزمه القضاء، وفي انعقاد نذره الصوم، والأصح في «الروضة»: عدمه، ولو أعسر بالفدية .. ففي استقرارها في ذمته القولان كالكفارة، أظهرهما فيها: الاستقرار كما مر، وقضيه كلام «النظم» و «أصله» كـ «الروضة» و «أصلها»: استقرار الفدية؛ كالقضاء في حق المريض والمسافر، وبه قطع القاضي أبو الطيب، وقال في «المجموع»: ينبغي تصحيح سقوطها؛ لأنها ليست في مقابلة جناية بخلاف الكفارة.

[لزوم المد والقضاء على حامل ومرضع أفطرتا خوفاً على الطفل]

الرابعة: المد والقضاء لازم للحامل والمرضع؛ أي: لكل منهما إن خافتا؛ للطفل؛ أي: أخذاً من قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} ، قال ابن عباس:(إنه نسخ حكمها إلا في حقهما حينئذ) رواه البيهقي عنه، والناسخ له قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ

ص: 493

فَلْيَصُمْهُ}، والقول بنسخه قول أكثر العلماء، وقال بعضهم: إنه محكم غير منسوخ بتأويله بما مر في الاحتجاج به. وسكت الناظم عن الضرر المخوف؛ للعلم به من المرض. وهل تفطر المستأجرة لإرضاع ولد غيرها؟ قال الغزالي في «الفتاوى» : لا، وقال صاحب «التتمة»: نعم وتفدى، وصححه في «الروضة» ، وتستثنى المتحيرة فلا فدية عليها على الأصح في «الروضة» لاحتمال كونها حائضاً، ويؤخذ هذا التعليل: أن محل ذلك إذا أفطرت ستة عشر يوماً فأقل، أما إذا زادت عليها .. فيلزمها الفداء عن الزائد؛ لأنه المتيقن فيه طهرها، بدليل أنه لا يصح لها من رمضان التام إلا أربعة عشر يوماً. ولا تتعدد الفدية بتعدد الولد، والأصح: أن يلحق بالمرضع في لزوم الفدية مع القضاء من أفطر لإنقاذ مشرف على هلاك بغرق أو غيره؛ لأنه فطر ارتفق به شخصان، فيتعلق به بدلان القضاء والفدية، كما في الحامل والمرضع. ولو أفطر لإنقاذ ماله المشرف على الهلاك .. فلا فدية؛ لأنه فطر ارتفق به شخص واحد، وقول الرافعي في المحتاج لإنقاذ المذكور إلى الفطر: له ذلك، قال في «الروضة»: مراده أن يجب عليه، وقد صرح به أصحابنا. وقول الناظم:(والقضا لذات الحمل) بالقصر، واللام في قوله:(للطفل) تعليلية، أو بمعنى (على)

ص: 494