الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوليمة
هي من الولم وهو الاجتماع، وهي تقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث من عرس وإملاك وغيرهما، لكن استعمالها في العرس أشهر.
(وليمة العرس بشاة قد ندب
…
لكن إجابة بلا عذر تجب)
(وإن أراد من دعاه يأكل
…
ففطره من صوم نفل أفضل)
أي: فعل وليمة العرس بشاة قد ندب؛ لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، ففي "البخاري":(أنه صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بمدين من شعير)، وفي "الصحيحين":(أنه أولم على صفية بتمر وسمن وأقط)، وأنه قال لعبد الرحمن بن عوف وقد تزوج:«أولم ولو بشاة» ، والأمر فيه للندب؛ قياسا على الأضحية وسائر الولائم، ولأنه أمر فيه بالشاة، فلو كان الأمر فيه للوجوب .. لوجبت، وهي لا تجب إجماعا.
وقول الناظم: (بشاة) هو أقلها للمتمكن، أما غيره .. فأقلها ما يقدر عليه، قال النشائي: والمراد: أقل الكمال شاة؛ لقول "التنبيه": وبأي شئ أولم من الطعام .. جاز.
] وجوب إجابة الدعوة وشروطه [
لكن إجابة بلا عذر تجب عينا على من دعي إليها دون غيرها من الولائم؛ لخبر "الصحيحين": «إذا دعي أحدكم إلى الوليمة .. فليأتها» ، وخبر مسلم: «شر الطعام طعام الوليمة؛ يدعى لها الأغنياء وتترك الفقراء، ومن لم يجب الدعوة .. فقد عصى الله
ورسوله»، والمراد: وليمة العرس؛ لأنها المعهودة عندهم، ويؤيد ما في "مسلم" أيضا:«إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس .. فليجب» .
ويعتبر لوجوب الإجابة أمور:
أحدها: أن يكون الداعي مسلما، فلا تجب على المسلم بدعوة كافر؛ لانتفاء طلب المودة معه، ولأنه يستقذر طعامه؛ لاحتمال نجاسته وفساد تصرفه.
ثانيها: أن يكون المدعو مسلما أيضا، فلو دعا مسلم كافرا .. لم تلزمه الإجابة، ذكره الماوردي والروياني.
ثالثها: أن يدعوه في اليوم الأول، فلو أولم ثلاثة .. وجبت في الأول، وسنت في الثاني، وكرهت في الثالث.
رابعها: أن تكون الدعوة عامة؛ بأن يدعو جميع عشيرته، أو جيرانه، أو أهل حرفته وإن كانوا كلهم أغنياء، فلو خص الأغنياء منهم .. لم تجب الإجابة.
خامسها: ألا يدعوه لخوف منه، أو طمع في جاهه، أو إعانته على باطل.
سادسها: ألا يكون معذورا، فإن كان له عذر .. لم تجب عليه الإجابة؛ كأن يكون هناك من يتأذى به، أو لا تليق به مجالسته؛ كالسفلة والأراذل، أو يكون هناك منكر لا يقدر على إزالته؛ كشرب خمر وضرب ملاه واستعمال أواني الذهب أو الفضة، وافتراش مسروق ومغصوب، وكذا جلود نمور بقي وبرها، وصورة حيوان على سقف أو جدار أو وسادة منصوبة أو ستر معلق، أو يكون معذورا بما يرخص في ترك الجماعة.
سابعها: كون الطعام حلالا.
ثامنها: كون المدعو غير قاض.
تاسعها: ألا يعارض الداعي غيره، فلو دعاه اثنان .. قدم بالسبق، ثم بقرب الرحم، ثم بقرب الدار، ثم بالقرعة.
عاشرها: أن يخصه بالدعوة، فلو فتح الباب وقال:(ليحضر من يريد)، أو قال لغيره:(ادع من شئت) .. لم تجب الإجابة ولم تسن؛ لأن امتناعه حينئذ لا يورث وحشة.
حادي عشرها: أن يكون الداعي مطلق التصرف، فلا تجب إجابة غيره.
ثاني عشرها: ألا يعتذر المدعو للداعي ويرضى بتخلفه.
وإن أراد من دعاه إلى طعامه أكله منه ليتبرك به أو نحوه، وشق عليه صومه .. فأكله من طعام أخيه الداعي إذا كان في صوم نفل أفضل من صومه؛ لما فيه من جبر خاطره، وإدخال السرور على قلبه، وإن لم يشق عليه .. فإتمامه أفضل، أما صوم الفرض .. فلا يجوز الخروج منه مضيقا كان أو موسعا؛ كالنذر المطلق.
ويستحب للمفطر الأكل، وقيل: يجب، وأقله لقمة، ويأكل الضيف مما قدم له بلا لفظ من المضيف؛ اكتفاء بقرينة التقديم.
نعم؛ إن كان ينتظر حضور غيره .. فلا يأكل حتى يحضر، أو يأذن المضيف لفظا، ولا يتصرف فيه إلا بأكل، فلا يطعم حرة ولا سائلا إلا إن علم رضاه، وللضيف تلقيم صاحبه إلا أن يفاضل طعامهما، ويكره تفاضله.
ويحرم التطفل، وله أخذ ما علم رضاه به، ويجوز نثر نحو السكر في إملاك، أو ختان والتقاطه.