المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الحضانة هي بفتح الحاء من الحضن بكسرها وهو الجنب، فإن - فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان

[شهاب الدين الرملي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌باب الآنية

- ‌بابُ السِّواك

- ‌باب الوضوء

- ‌بابُ المسح على الخُفَّين

- ‌بابُ الاستنجاء

- ‌باب الغسل

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌بابُ الحَيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الخسوف للقمر والكسوف للشمس

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب قسم الصدقات

- ‌باب الصيام

- ‌باب الاعتكاف

- ‌باب الحج

- ‌باب محرمات الإحرام

- ‌كتاب البيوع

- ‌كتاب السلم

- ‌باب الرهن

- ‌باب الحجر

- ‌باب الصلح وما ذكر معه

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الضمان

- ‌باب الشركة

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإقرار

- ‌باب العارية

- ‌باب الغضب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب القراض

- ‌[باب يملك العامل ربع حصته]

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإجازة

- ‌بابُ الجُعَالة

- ‌بابُ إحياء المَوات

- ‌بابُ الوَقف

- ‌بابُ الهِبَة

- ‌بابُ اللُّقَطة

- ‌باب اللقيط

- ‌باب الوديعة

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب الوصية

- ‌باب الوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب الصداق

- ‌باب الوليمة

- ‌باب القَسْمِ والنُشُوز

- ‌باب الخلع

- ‌بابُ الطَّلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظِهار

- ‌باب اللعان

- ‌بابُ العِدَّة

- ‌باب الاستبراء

- ‌بابُ الرّضاع

- ‌باب النفقات

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب دعوى القتل

- ‌باب البغاة

- ‌باب الردة

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب حد القذف

- ‌باب السرقة

- ‌باب قاطع الطريق

- ‌باب حد الخمر

- ‌باب الصائل

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنيمة

- ‌باب الجزية

- ‌باب الصيد والذبائح

- ‌باب الأضحية

- ‌بابُ العقيقة

- ‌بابُ الأَطِعمة

- ‌باب المسابقة على الخيل والسهام ونحوهما

- ‌باب الإيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌كتاب القسمة

- ‌باب الشهادة

- ‌باب الدعوى

- ‌بابُ العِتق

- ‌بابُ التدبير

- ‌بابُ الكِتابة

- ‌باب الإيلاد

الفصل: ‌ ‌باب الحضانة هي بفتح الحاء من الحضن بكسرها وهو الجنب، فإن

‌باب الحضانة

هي بفتح الحاء من الحضن بكسرها وهو الجنب، فإن الحاضنة ترد إليه المحضون، وتنتهي في الصغير بالتمييز، وأما بعده إلى البلوغ .. فيسمي كفالة؛ كذا قال الماوردي، وقال غيره: تسمي حضانة أيضا، وهى كما يعلم مما يأتي: حفظ من لا يستقل بأموره، وتربيته بما يصلحه، ولا تختص بها الإناث، لكنها بهن أليق؛ لأنهن أشفق، وأهدي إلى التربية، وأصبر على القيام بها، وفي الخبر: إن امرأة قالت: يا رسول الله؛ إن ابني هذا كان بطني له وعاء؛ وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وإن أباه طلقني وزعم أنه ينزعه مني، فقال:"أنت أحق به ما لم تنكحي" رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده"، ومؤنة الحضانة على من عليه النفقة.

ولها شروط أخذ في بيانها فقال:

(وشرطها: حرية وعقل

مسلمة حيث كذالك الطفل)

(أمينة، وترضع الرضيعا

أم فأمهاتها جميعا)

(قدمن، فالأب، فأمهات

الأب، فالجد، فوالدات)

(جد، فما للأبوين يولد

ويعده الخالات ثم الولد)

(لولد للأبوين، فلأب

ثم بنات ولد أم انتسب)

(يتلوه فرع الجد للأصلين ثم

ألفرع من أب، فعمة لأم)

(فبنت خالة، فبنت عمه

فولد عم حيث إرث عمه)

(تقدم الأنثى بكل حال

أخواته أولي من الأخوال)

(وولد مسافر لنقله

أو نكحت لغير حاضن له)

(وإن يميز وأباه أختاره

يؤخذ، والأم لها الزيارة)

ص: 853

] شروط الحضانة [

أي: وشرطها؛ أي: الحضانة: حرية، وفي بعض النسخ:(الحرية)، فلا حضانة لمن فيه رق، رجلا كان أو امرأة ولو مبعضا؛ لأنها ولاية وليس من أهلها، ولأنه مشغول بخدمة سيده فلا يتفرغ لها، ولا يؤثر رضا سيده وإذنه له فيها؛ لأنه قد يرجع فيتشوش أمر الوالد، ويستثني ما لو أسلمت أم ولد الكافر؛ فإن ولدها يتبعها، وحضانته لها ما لم تنكح؛ حكاه الرافعي في (باب أمهات الأولاد) عن أبي إسحاق المروزي وأقره، قال الإسنوي: وكأن المعني فيه فراغها؛ لمنع السيد من قربانها مع وفور شفقتها.

والعقل؛ فلا حضانة لمن به جنون ولو متقطعا لما مر، إلا أن يقل زمنه؛ كيوم في سنة؛ فهو كمرض يطرأ ويزول، وفي معني الجنون: مريض لا يرجي برؤه؛ كمن به سل، أو فالج إن شغله ألمه عن كفالته وتدبير أمره، فإن أثر في مجرد عسر الحركة والتصرف .. فكذلك فيمن يباشر بنفسه دون من يدبر بنظره.

ولا حضانة لأبرص وأجذم؛ كما في "قواعد العلائي" لخبر: "لا يورد ذو عاهة على مصح"، ولا لأعمى؛ كما أفتى به عبد الملك بن إبراهيم المقدسي من أئمتنا من أقران ابن الصباغ، واستنبطه ابن الرفعة من كلام الإمام، ثم قال: وقد يقال: إن باشر غيره وهو يدبر أموره .. فلا منع كما في الفالج، وذهب الإسنوي إلى حضانته؛ إذ لا يلزم الحاضن تعاطيها بنفسه، بل له الاستنابة فيها، وقد صرحوا بجواز استئجار أعمى للحفظ إجازة ذمة لا إجارة عين، وما قاله هو مقتضي كلام الناظم وغيره.

والإسلام حيث كان المحضون مسلما؛ فلا حضانة لكافر على مسلم؛ لأنه لا ولاية له عليه؛ ولأنه ربما يفتنه في دينه، أما المحضون الكافر .. فللمسلم والكافر حضانته.

والأمانة؛ فلا حضانة لفاسق؛ لأنه لا يلي ولا يؤتمن، وكذا السفيه والصبي والمغفل، وتكفي العدالة الظاهرة؛ كشهود النكاح.

نعم؛ إن وقع نزاع في الأهلية .. فلابد من ثبوتها عند القاضي؛ كما أفتي به النووي، قال في "التوشيح": وبه أفتيت فيما إذا تنازعا قبل تسلم الولد، فإن تنازعا بعده .. فلا ينزع ممن تسلمه، ويقبل قوله في الأهلية.

ص: 854

وأرضاع المرأة الرضيع، فإن لم يكن لها لبن، أو امتنعت من الإضارع .. فلا حضانة لها؛ لعسر استئجار مرضعة تترك منزلها وتنقل إلى مسكن المرأة، وهذا ما أفهمه كلام "الروضة" و"أصلها"، وبه صرح ابن الرفعة، وهو مشكل فيما إذا لم يكن لها لبن؛ لأن غايتها أن تكون كالأب ونحوه ممن لا لبن له، وذلك لا يمنع الحضانة، وكلام الأئمة كما قال الأذرعي وغيره: يقتضي الجزم بأنه لا يشترط كونها ذات لبن.

وعبارة "المحرر": وهل يشترط لاستحقاقها الحضانة أن ترضعه إن كان رضيعا ولها لبن؟ وجهان، أجاب أكثرهم بالاشتراط، ومن هنا قال البلقيني: المراد على الأصح: أن تكون ذات لبن؛ كما صرح به في "المحرر"، وحاصله: أنه إن لم يكن لها لبن .. فلا خاف في استحقاقها، وإن كان لها لبن وامتنعت .. فالأصح: لا حضانة. انتهى.

والخلو من نكاح من لا حق له في حضانة الولد كما سيأتي، ولو كان المحضون رقيقا ..

فحضانته لسيده، وهل له نزعه من أحد أبويه إن كان حرا؟ وجهان؛ بناء على قولي جواز التفريق، أو مبعضا .. فللسيد الحضانة بنسبة رقه.

فلو كان نصفه رقيقا .. كان له نصف حضانته، ونصفها لقريبه الحر، فإن رضي أحدهما بالآخر، أو رضيا بمهايأة، أو باكتراء حاضن .. فذاك، وإلا .. أكتري الحاكم حاضنا، وأوجب المؤنة عليهما، ولا حضانة لذي الولاء على الأصح؛ لفقد الملك والقرابة اللذين هما مظننا الشفقة.

] إذا بلغ المحضون عاقلا [

ثم إذا بلغ الولد عاقلا .. انقطعت عنه الحضانة والكفالة ويبقي إسكانه، فإن كان ذكرا يحسن تدبيره .. لم يجبر على أن يكون عند الأبوين أو أحدهما، ولكن الأولى ألا يفارقهما ويخدمهما ويصلهما، أو أنثي مزوجة .. فعند زوجها، وإلا .. فإن كانت بكرا .. فعند أبويها أو أحدهما، وتجبر على ذلك، فإن افترقا .. خيرت بينهما، وإذا كان ثيبا .. فالأولي أن تكون عندهما، أو عند أحدهما، ولا تجبر على ذلك إذا لم تكن تهمة ولا ريبة، وإلا .. فللأب والجد ومن يلي تزويجها منعها من الانفراد، والمحرم منهم يضمها إلى نفسه إن رأي ذلك، وغيره يسكنها موضعا يليق بها ويلاحظها، وللأم ضمها إليها عند الريبة، ولو فرضت الريبة في حق البكر .. فهي أولي بالاحتياط.

ص: 855

والأمرد إن خيف عليه من الانفراد، وانقدحت تهمة .. منع من مفارقة الأبوين، والجد كالأب في حقه، وكذا الأخ والعم ونحوها، ولو أدعي الولي ريبة وأنكرت .. قبل قوله، ويحتاط بلا بينة

] الأحق بالحضانة إذا اجتمع مستحقون [

وإذا اجتمع عدد من مستحقي الحضانة: فإن تراضوا بواحد .. فذالك، أو تدافعوها .. فحضانته على من عليه نفته؛ فإنها من جملة الكفاية، فيجبره الحاكم عليها، ولو امتنع المقدم في الحضانة منها، أو غاب .. انتقلت لمن يلي؛ كما لو مات أو جن.

ولو لم يوجد أحد من أقارب الولد ممن له الحضانة .. فحضانته على المسلمين، والمؤنة من ماله، فإن لم يكن له مال .. فهو من محاويجهم.

وإن طلب حضانة الولد كل من مستحقيها وهو بالصفة المعتبرة .. قدمت أمه؛ لقربها ووفور شفقتها، فأمهاتها المدليات بالإناث؛ لمشاركتهن لها في الإرث والولادة، تقدم منهن القربى فالقربى.

وخرج بـ (المدليات بالإناث): ساقطة الإرث؛ وهي المدلية بذكر بين أنثيين؛ كأم أبي الأم، فلا حضانة لها؛ لأنها تدلي بمن لا حق له في الحضانة بحال فكانت كالأجنبية، بخلاف أم الأم إذا كانت الأم فاسقة أو مزوجة؛ لاستحقاقها الحضانة في الجملة.

فالأب، فأمهات الأب المدليات بالإناث القربى فالقربى، بخلاف المدلية بذكر بين أنثيين، وقدم الأب على أمهاته؛ لإدلائهن به، وقدم عليه الأم وأمهاتها؛ لاختصاصهن بالولادة المحققة، ولأنهن أليق بالحضانة منه كما مر، ولأنه لا يستغني في الحضانة عن النساء غالبا، وإنما قدمن على أمهاته؛ للولادة المحققة، ولقوتهن في الإرث؛ إذا لا يحجبن بالأب، بخلاف أمهاته.

فالجد أبو الأب وإن علا، فوالدات جد المدليات بالإناث يقدم الأقرب فالأقرب من الأجداد، والقربى فالقربى من أمهاتهم، ويقدم كل جد على أمهاته.

ثم بعد أمهات الجد وإن علا ولد الأبوين أخا كان أو أختا؛ لقوة قرابته بالإرث، وبعده الخالات لأبوين ثم لأب ثم لأم؛ لإدلائهن بالأم التي هي أقوى في الحضانة من الأب.

ص: 856

ثم ولد ولد الأبوين ذكرا أو انثى.

ثم ولد ولد الأب ذكرا أو أنثى، إلا ابن الأخت لأبوين أو أب؛ كما يؤخذ من قوله بعد (فولد عم حيث إرث عمه).

ثم بنات ولد أم أخا أو أختا؛ لمزيد القرب والشفقة المبني عليهما أمر الحضانة؛ بخلاف ولاية النكاح فإنها منوطة بمن يدفع العار عن النسب.

واحترز بـ (بنات ولد الأم) عن أبنائه؛ لضعف القرابة مع بعد الأهلية للحضانة، وإنما ثبتت لبنت ولد الأم وللخالة ونحوهما؛ لانضمام الأنوثة التي أليق بالحضانة إلى القرابة.

يتلوه فرع الجد للأصلين؛ أي: ولد الجد للأبوين من العم والعمة.

ثم الفرع للجد من أب من العم والعمة.

ثم عمة لأم، بخلاف العم للأم لا حضانة له؛ لأنه ذكر غير وارث.

ثم بنت خالة، ثم بنت عمة؛ لهدايتهما بالأنوثة إلى الحضانة وإن لم يكن لهما محرمية، تقدم منهما التي لأبوين، ثم التي لأب، ثم التي لأم، لكن إن كان المحضون ذكرا .. فإنما تكون لهن حضانته ما لم يبلغ حدا يشتهي مثله؛ كما هو معلوم.

وخرج بـ (بناتهم): بنوهم، فلا حضانة لهم؛ لأنهم ذكور غير وارثين، وصحح الشيخان ثبوت الحضانة بعد بنات الخالات لبنات الأخوال.

وقال الإسنوي تبعا لابن الرفعة: وليس بصحيح؛ إذ حضانة لأنثى أدلت بذكر غير وارث، وهن بذلك أولي من أم أبي الأم.

وقال البلقيني: في كلام الرافعي ما يدل أن ذكره لبنات الأخوال سبق قلم .. وذكر كلامه وبينه.

ثم بعد بنات العمات ولد عم وارث ذكرا كان أو أنثى؛ لوفور شفقته.

وخرج بقوله: (حيث إرث عمه): ولد عم لا إرث له؛ وهو ولد العم للأم، فلا حضانة له كأبيه.

قوله: (تقدم الأنثى بكل حال) أي: تقدم الأنثى بكل منزلة على الذكر بها؛ كما قدمت الأم على الأب، فتقدم كل من الأخوات الثلاثة على أخيها الذي في مرتبتها، وكذا في الباقي؛

ص: 857

لما مر: أن الحضانة بالإناث أليق، وأن الذكور لا يستغنون فيها عن النساء غالبا، وتقدم بنت أنثى كل مرتبة على بنت ذكرها.

فإن كانا في مرتبتين .. فالعبرة بالمرتبة المقدمة، فتقدم بنت أخ لأبوين على بنت أخت لأب؛ كما يقدم أخ لأبوين على أخت لأب؛ لأن مرتبته على مرتبتها، وإذا استوى اثنان من كل وجه؛ كأخوين لأبوين وتنازعا .. قدم بالقرعة.

وهل يقدم خنثى كل مرتبة على ذكرها؛ لاحتمال الأنوثة، أو لا للشك؟ وجهان، أصحهما في «الروضة»: المنع.

وفيها: لو أخبر بذكورته أو أنوثته .. عمل به الإسقاط، وكذا في الاستحقاق.

قوله: (أخواته أولى من الأخوال) أي: أخواته من أي جهة كانت لأبوين أو لأب أو لأم أولى من خالاته كذلك؛ لقربهن وإرثهن، وهذا قد علم مما قدمه مع أنه يجوز في إطلاق الأخوال على الخالات، ولو كان للمحضرن زوج كبير، أو زوجة كبيرة ولأحدهما تمتع بالآخر .. قال الروياني: قدمت الزوجية على القرابة.

وفيها كـ «أصلها» ولبنت المحضون المجنون حضانته بعد الأبوين ذكره ابن كج، فهي مقدمة على الجدات.

ولا حضانة لأنثى محرم أدلت بذكر غير وارث كبنت ابن البنت، ولا لذكر غير وارث، سواء أكان محرما؛ كالخال والعم لأم وابن الأخت، أم غير محرم؛ كابني الخالة والخال وابن العم للأم.

] سفر الاب للنقلة [

قوله: (وولد مسافر لنقلة) أي: وولد مسافر لنقلة أولى بحضانة الوالد من أمه، فيأخذه منها وإن قصر سفره؛ حفظا للنسب، ورعاية لمصلحة التأديب والتعليم، وسهولة الإنفاق، بشرط أمن الدرب الذي يسافر فيه، والبلد الذي يقصده، بخلاف ما إذا خيفا أو أحدهما .. فإنه لا يأخذه من أمه، وألحق في «الكفاية» بالخوف: السفر في حر وبرد شديدين، وفيها عن «تعليق القاضي»: لو أراد النقلة عن بلد إلى بادية .. فالأم أحق.

ص: 858

قال الأذرعي: ولم أره في «تعليقه» ولا كتب أتباعه، فإن رافقته الأم في سفره .. استمر حقها وإن اختلفا مقصدا، وكذا إن لم ترافقه واتحدا مقصدا. وخرج بقوله:(وولد): ما لو سافرت الأم لنقلة أو حاجة، وبقوله:(لنقلة): ما لو سافر لحاجة أو نحوها؛ كتجارة ونزهة .. فليس للمسافر أخذه من المقيم فيهما؛ لخطر السفر مع توقع العود.

ولو سافرا معا للحاجة، واختلفا طريقا ومقصدا .. قال الرافعي: فيشبه أن يدام حقها، قال النووي: وهو المختار، ومقتضى كلام الأصحاب.

ولو قال: (أريد سفر نقلة)، فقالت:(بل تجارة) .. صدق بيمينه؛ لأنه أعرف بقصده، فإن نكل .. حلفت وأمسكت الولد.

ووالد الطفل أولى بحضانته من أمه إن نكحت لغير حاضن له وإن لم يدخل بها الزوج؛ لخبر: «أنت أحق به ما لم تنكحي» ، ولأنها مشغولة عنه بحق الزوج؛ قال الماوردي: ولأن على الولد وعصبته عارا في مقامه مع زوج أمه، وسواء رضي الزوج بدخول الولد داره أم لا؛ كما لو رضي السيد بحضانة أمته.

نعم؛ إن رضي الأب معه .. بقي حقها وسقط حق الجدة، وكذا لو اختلعت بالحضانة وحدها، أو مع غيرها مدة معلومة فنكحت في أثنائها؛ لأنها إجازة لازمة، لكن ليس الاستحقاق في هذه بالقرابة، بل بالإجازة.

أما إذا نكحت من له حق في حضانة الولد؛ كعمه وابن عمه .. فلا يبطل حقها؛ كما لو كانت في نكاح الأب، ولقضائه صلى الله عليه وسلم ببنت حمزة لخالتها لما قال له جعفر:(إنها بنت عمي، وخالتها تحتي).

ومحله: إذا رضي من نكحها بحضانتها؛ لأن له الامتناع.

فإن طلقت منكوحة .. عاد حقها؛ لزوال المانع؛ كما لو كملت ناقصة بأن عتقت أو أفاقت، أو تابت أو أسلمت.

ص: 859

وما ذكره الناظم في سفر الأب للنقلة يأتي في محارم العصبة؛ كالجد والعم والأخ فهم فيه أولى من الأم بالحضانة؛ حفظا للنسب، وكذا ابن عم لذكر لذلك أيضا، ولا يعطي أنثي؛ حذرا من الخلوه بها؛ لانتفاء المحرمية بينهما، فإن رافقته بنته .. سلمت لها، وبذلك تؤمن الخلوة، وما ذكر في نكاح الأم يأتي في غيرها من الحاضنات.

] حضانة الطفل المميز [

وما تقدم كله في طفل غير مميز، والمميز: إن افترق أبواه من النكاح .. حضنه من اختاره منهما؛ لأن صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه حسنه الترمذي، فإن كان في أحدهما جنون أو كفر، أو رق أو فسق، أو نكحت أجنبيا .. فالحق للآخر فقط، ويخبر بين أم وجد، وكذا أخ وعم أو أب مع أخت أو خالة في الأصح.

فإن اختار أحد الأبوين أو من ألحق بهما ثم اختار الآخر .. حول إليه؛ لأنه قد يظهر له الأمر على خلاف ما ظنه، أو يتغير حال من أختاره أولا، ولأن المتبع شهوته؛ كما قد يشتهي طعاما في وقت وغيره في آخر، ولأنه قد يقصد مراعاة الجانبين.

ولو رجع عن اختيار الثاني إلى الأول .. أعيد إليه، فإن أكثر التردد بحيث يظن قلة تمييزه .. ترك عند مستحق التقديم.

قال ابن الرفعة: ويعتبر في تمييزه: أن يكون عالما بأسباب الاختيار، وذلك موكول إلى نظر الحاكم.

فإن اختار أباه .. فالأم لها الزيارة له، فلا يمنعها منها؛ لئلا يكون قاطعا للرحم، ولا يمنعه زيارتها؛ لئلا يكلفها الخروج لزيارته، إلا أن يكون أنثي فله منعها زيارتها؛ لتألف الصيانة وعدم البروز، والأم أولى منها بالخروج لزيارتها، والزيارة في الأيام مرة على العادة لا كل يوم، وإذا زارت .. لا يمنعها الدخول لبيته، ويخلي لها الحجرة، فإن كان البيت ضيقا .. خرج، ولا تطيل المكث في بيته.

ولو مرض الولد .. فالأم أولى بتمريضه ذكرا كان أو أنثي؛ لأنها أشفق وأهدي إليه، فإن رضي به في بيته .. فذاك، وإلا .. ففي بيتها ويعوده، وإذا مات .. لم تمنع من حضور غسله وتجهيزه إلى الدفن، ولو مرضت الأم .. لم يمنع الولد عيادتها ذكرا كان أو أنثى، فإن أحسنت البت التمريض .. مرضتها.

ص: 860

وإن اختار الذكر امه .. فعندها ليلاً، وعند الأب نهاراً يؤدبه بالأمور الدينية والدنيوية، ويسلمه لمكتب وصاحب حرفة يتعلم منهما الكتابة والحرفة، أو اختارتها الأنثى .. فعندها ليلاً ونهاراً، ويزورها الأب على العادة، ولا يطلب إحضارها عنده.

وإن اختارهما الولد .. أقرع بينهما، ويكون عند من خرجت قرعته منهما.

وإن لم يختر واحداً منهما

فالأم أولى؛ لأن حضانته لها، ولم يختر غيرها.

والألف في قول الناظم: (الرضيعا) للإطلاق، وقوله:(ولد أم) بضم الواو وسكون اللام، وكذا قوله:(ولد عم).

ص: 861