الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب اللقيط
ويقال له: ملقوط ومنبوذ ودعى، سمي لقيطاً وملقوطاً باعتبار أنه يلتقط، ومنبوذاً باعتبار أ، هـ نبذ؛ أي: ألقى في الطريق ونحوه، وهو صغير ضائع لا يعلم له كافل.
(للعدل أ، يأخذ طفلا نبذا
…
فرض كفاية، وحضنه كذا)
(وقوته من ماله بمن قضى
…
لفقده أشهد ثم اقترضا)
(عليه إذ بفقد بيت المال
…
والقرض خذ منه لدى الكمال)
[حكم الالتقاط وشروط الملتقط]
أي: للعدل - بأن يكون: مكلفاً حراً مسلماً رشيداً- أن يأخذ طفلاً ولو مميزاً نبذ؛ أي: ألقى في طريق أو نحوه، وهو فرض كفاية؛ حفظاً للنفس المحترمة عن الهلاك.
والأصل فيه: قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} ، وقوله:{ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً} ، إذا بإحيائها أسقط الحرج عن الناس فأحياهم بالنجاة من العذاب، وروى مالك رضي الله تعالى عنه في "الموطأ" عن أبي جميلة:(أنه وجد منبوذاً من زمن عمر رضي الله تعالى عنه، قال: فجئت به إليه فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال وجدتها ضائعة فأخذتها، فقال عريفة -واسمه سنان-: يا أمير المؤمنين؛ إنه رجل صالح، فقال له عمر: أكذلك؟ قال: نعم، فقال: اذهب به فهو حر، لك ولاؤه -أي: تربيته وحضانته-وعلينا نفقته) أي: في بيت المال؛ بدليل رواية البيهقيي: (ونفقته في بيت المال).
ويجب الإشهاد عليه وعلى ما معه؛ خيفة من استرقاقه، ولئلا يضيع نسبه كالنكاح، فلو تركه .. فلا حضانة له، ويجوز الانتزاع منه، بخلاف اللقطة فإن المقصود منها المال.
ولو التقط عبد بغير إذن سيده .. انتزع منه، فإن علم به فأقره عنده، أو التقط بإذنه .. فالسيد
الملتقط وهو نائبه، أو مكاتب بلا إذن السيد .. انتزع منه، أو بإذنه .. فكذا على المذهب، فإن قال:(التقط لي) .. فالسيد الملتقط.
ولمسلم وكافر التقاط كافر، ولو التقط فاسق أو محجوز عليه بسفه .. انتزع منه، ولو أراد ظاهر العدالة السفر به .. انتزع منه، وعند إقامته يوكل القاضي به رقيباً بحيث لا يشعر به، فإذا وثق به .. فكعدل، ومثل الطفل: المجنون.
وحضنه؛ أي: اللقيط بمعنى حفظه وتربيته، لا الأعمال المفصلة في الإجارة للمشقة .. كذا؛ أي: فرض كفاية؛ لأنه مقصود اللقط.
فإن عجز عن حفظه لعارض .. سلمه للحاكم، وإن تبرم به مع القدرة .. فله ذلك أيضاً على الأصح في "الروضة" و "أصلها"، ولو ازدحم اثنان على أخذه .. جعله الحاكم عند من يراه منهما أو من غيرهما، وإن أخذاه وليس أحدهما أهلاً .. سلم للآخر، وإن سبق أحدهما .. منع الآخر من مزاحمته.
وإن التقطاه معاً وهما أهل .. قدم الغني على الفقير، وظاهر العدالة على المستور، فإن استويا .. أقرع ولا يخير الطفل بينهما وإن كان مميزاً، ولا يقدم المسلم على الكافر في الكافر، ولا المرأة على الرجل، بخلاف الحضانة، قال الأذرعي: والوجه تقديم البصير على الأعمى، والسليم على المجذوم والأبرص إن قيل بأهليتهم للالتقاط.
وإن وجد بلدي لقيطاً ببلد، فليس له نقله لقرية ولا لبادية، ويجوز نقله إلي بلد آخر، ولغريب التقطه ببلد نقله إلي بلده، ولقروي التقطه بقرية نقله إلي قرية أو قريته، وإن وجده بدوي ببلد أو قرية .. فكالحضري، أو ببادية .. أقر بيده.
[مؤنة اللقيط]
وقوته؛ يعني: مؤنته من ماله العام؛ كالوقف على اللقطاء، والوصية لهم، أو الخاص وهو ما اختص به؛ كالثياب الملبوسة له، والملفوفة عليه، والمفروشة تحته، والمغطى بها، والمشدودة به أو بثيابه من منطقة أو هميان، أو حلى أو دراهم أو دنانير، وكالدابة التي عنانها بيده والمشدودة به أو بثيابه، وكالمهد الذي هو فيه، والسرير الذي عليه، والدنانير المنثورة والمصبوبة تحته، أو تحت رأسه أو فراشه، وكخيمة أو دار وليس فيها غيره؛ لأن له يداً
واختصاصاً كالبالغ، والأصل الحرية ما لم يعرف غيرها، لا البستان ولا القرية، وليس له مال مدفون تحته، ولا ثياب وأمتعة موضوعة بقربه، ولكن لا ينفق منه عليه إلا بإذن القاضي إذا أمكنت مراجعته، فإن خالف .. ضمن ولم يرجع؛ كمن في يده وديعة ليتيم أنفق عليه منها بغير إذن الحاكم.
قال بعضهم: وينبغي أن يكون هذا في حاكم لا يخاف منه أنه إذا عرف بها .. أكلها، أو أكل غالبها، فإن عجز عن القاضي، أو خاف على ماله من قضاة السوء .. أشهد على ما ينفقه عليه.
فإن فقد مال اللقيط العام والخاص .. أنفق عليه من بيت المال من سهم المصالح؛ لأنه أولى بذلك من البالغ الفقير، وهو نفقه لا قرض عليه على الراجح، فلا رجوع لبيت المال عليه.
فإن لم يكن فيه مال، أو كان هناك أهم منه؛ كسد ثغر يعظم ضرره .. اقترض القاضي من أغنياء البقعة عليه، وما يقترض عليه .. يوفى من مال سيده إن كان رقيقاً، ومن ماله إن ظهر له مال، أو مال من تجب عليه نفقته إن لم يظهر له مال، وإلا .. فيقضيه الحاكم من سهم الفقراء أو المساكين أو الغارمين.
[ما يثبت به إسلام اللقيط]
ويثبت إسلام اللقيط وغيره بالشهادتين من بالغ عاقل، وأخرس بإشارة، ومن صبي ومجنون بالتبعية.
ولها ثلاث جهات: إحداها: الولادة، ثانيها: سبي المسلم له إن انفرد عن أبويه، ثالثها: الدار، فإذا وجد لقيط بدار الإسلام وفيها أهل ذمة، أو بدار فتحوها وأقروها بيد كفار صلحاً، أو بعد تملكها بجزية وفيها مسلم .. حكم بإسلامه.
وإذا لم يقر اللقيط برق، ولم يدعه أحد .. فهو حر.
ومن ادعى رق صغير ليس في يده، أو فيها بالتقاط .. لم يقبل إلا ببينة، أو بغيره .. قبل، فإن بلغ وأقر بالرق لغير ذي اليد .. لم يقبل، وكذا إن قال:(أنا حر) في الأصح إلا ببينة، لكن له تحليف السيد، ومن أقام بينة برقه .. عمل بها، ويشترط تعرضها لسبب الملك.
والألف في قول الناظم: (نبذا) و (اقترضا) للإطلاق.