المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع 376 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٧

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذر

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌باب الأضاحي

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌كتاب الأشربة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب اللباس

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌كتاب العتق

- ‌ باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب بيع المدبّر

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع 376 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي

‌الحديث الرابع

376 -

عن عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنه قال: كتب أبي ، أوكتبتُ له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة، وهو قاضٍ بسجستان، أنْ لَّا تحكم بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحكم أحدٌ بين اثنين، وهو غضبان. (1)

وفي رواية: لا يقضين حكَمٌ بين اثنين وهو غضبان.

قوله: (كتب أَبي) تقدّمت ترجمة أبي بكرة. (2)

قوله: (كتب أبي ، أوكتبت له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة) في رواية مسلم من طريق أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرّحمن ، قال: كتب أبي. وكتبت له إلى عبيد الله بن أبي بكرة.

ووقع في العمدة " كتب أبي ، وكتبت له إلى ابنه عبيد الله .. إلخ " ، وهو موافق لسياق مسلم إلَّا أنّه زاد لفظ " ابنه "(3).

قيل: معناه كتب أبو بكرة بنفسه مرّة ، وأمر ولده عبد الرّحمن أن يكتب لأخيه ، فكتب له مرّة أخرى.

(1) أخرجه البخاري (6739) ومسلم (1717) من طريق عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة به. واللفظ لمسلم. ولفظ البخاري هي الرواية التي بعده.

(2)

انظر حديثه في البيوع رقم (282)

(3)

هو كما قال ابن حجر رحمه الله فليست كلمة (ابنه) في صحيح مسلم ، فلعل المقدسيّ صاحب العمدة رحمه الله لفّق رواية مسلم برواية البخاري ، ولفظه عند البخاري " كتب أبو بكرة إلى ابنه .. " غير مسمّى.

ص: 171

قلت: ولا يتعيّن ذلك، بل الذي يظهر أنّ قوله " كتب أبي " أي: أمر بالكتابة، وقوله " وكتبت له " أي: باشرت الكتابة التي أمر بها، والأصل عدم التّعدّد.

ويؤيّده قوله في المتن المكتوب " إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فإنّ هذه العبارة لأبي بكرة لا لابنه عبد الرّحمن، فإنّه لا صحبة له.

وذكر البخاريّ في " تاريخه " وابن سعدٍ ، أنّ عبد الرّحمن كان أوّل مولودٍ ولد بالبصرة بعد أن بنيت ، وأرخها ابنُ زيدٍ سنة أربع عشرة ، وذلك في أوائل خلافة عمر رضي الله عنه.

قوله: (وهو قاضٍ بسجستان) هي جملة حاليّة ، وسجستان بكسر المهملة والجيم على الصّحيح بعدهما مثنّاة ساكنة ، وهي إلى جهة الهند بينها وبين كرمان مائة فرسخ منها أربعون فرسخاً مفازة ليس فيها ماء.

ويُنسب إليها سجستانيّ وسجزتيّ بزايٍ بدل السّين الثّانية والتّاء وهو على غير قياس. وسجستان لا تصرف للعلميّة والعجمة ، أو زيادة الألف والنّون.

قال ابن سعد في " الطّبقات ": كان زياد في ولايته على العراق قرّب أولاد أخيه لأمّه أبي بكرة وشرّفهم وأقطعهم ، وولَّى عبيد الله بن أبي بكر سجستان، قال: ومات أبو بكرة في ولاية زياد.

قوله: (أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان) وللبخاري " أن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان ".

ص: 172

قوله: (لا يقضينّ حكم بين اثنين وهو غضبان) وفي رواية الشّافعيّ عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة " لا يقضي القاضي ، أو لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان " ولَم يذكر القصّة.

والْحَكَم بفتحتين هو الحاكم، وقد يطلق على القيّم بما يسند إليه.

قال المُهلَّب: سبب هذا النّهي ، أنّ الحكم حالة الغضب قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحقّ فمنع، وبذلك قال فقهاء الأمصار.

وقال ابن دقيق العيد: فيه النّهي عن الحكم حالة الغضب لِما يحصل بسببه من التّغيّر الذي يختلّ به النّظر ، فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه.

قال: وعدّاه الفقهاء بهذا المعنى إلى كلّ ما يحصل به تغيّر الفكر كالجوع والعطش المفرطين وغلبة النّعاس وسائر ما يتعلق به القلب تعلّقاً يشغله عن استيفاء النّظر، وهو قياس مظنّة على مظنّة، وكأنّ الحكمة في الاقتصار على ذكر الغضب لاستيلائه على النّفس وصعوبة مقاومته بخلاف غيره.

وقد أخرج البيهقيّ بسندٍ ضعيف عن أبي سعيد رفعه: لا يقض القاضي إلَّا وهو شبعان ريّان.

وقول الشّيخ " وهو قياس مظنّة على مظنّة " صحيح، وهو استنباط معنىً دلَّ عليه النّصّ ، فإنّه لَمَّا نهى عن الحكم حالة الغضب فهم منه أنّ الحكم لا يكون إلَّا في حالة استقامة الفكر، فكانت عِلَّة

ص: 173

النّهي المعنى المشترك وهو تغيّر الفكر، والوصف بالغضب يسمّى عِلَّة بمعنى أنّه مشتمل عليه ، فألحق به ما في معناه كالجائع.

قال الشّافعيّ في " الأمّ ": أكره للحاكم أن يحكم وهو جائع أو تعب أو مشغول القلب فإنّ ذلك يغيّر القلب.

فرعٌ: لو خالف فحكم في حال الغضب. صحّ إن صادف الحقّ مع الكراهة، هذا قول الجمهور، وفي الصحيحين: أنّه صلى الله عليه وسلم قضى للزّبير بشراج الحرّة بعد أن أغضبه خصم الزّبير.

لكن لا حجّة فيه لرفع الكراهة عن غيره لعصمته صلى الله عليه وسلم ، فلا يقول في الغضب إلَّا كما يقول في الرّضا. (1)

قال النّوويّ في حديث اللّقطة (2): فيه جواز الفتوى في حال الغضب ، وكذلك الحكم وينفذ ، ولكنّه مع الكراهة في حقّنا ، ولا يكره في حقّه صلى الله عليه وسلم ، لأنّه لا يخاف عليه في الغضب ما يخاف على غيره، وأبعد مَن قال: يحمل على أنّه تكلم في الحكم قبل وصوله في الغضب إلى تغيّر الفكر.

(1) أخرج الإمام أحمد (6510) وأبو داود (3646) عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كلَّ شىء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه. فنهتني قريش ، وقالوا: أتكتب كل شىء تسمعه. ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتاب. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ باصبعه إلى فيه فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلَّا حق.

(2)

حديث اللقطة تقدّم في باب اللقطة رقم (297) من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه. ولفظة الغضب لَم يذكرها صاحب العمدة ، وهي إحدى روايات الصحيحين. بلفظ " وسُئل عن ضالة الإبل؟ فغضب واحمرت وجنتاه. فذكر الحديث.

ص: 174

ويؤخذ من الإطلاق أنّه لا فرق بين مراتب الغضب ولا أسبابه، وكذا أطلقه الجمهور.

وفصّل إمام الحرمين والبغويّ. فقيّدا الكراهة بما إذا كان الغضب لغير الله.

واستغرب الرّويانيّ هذا التّفصيل ، واستبعده غيره لمخالفته لظواهر الحديث ، وللمعنى الذي لأجله نهي عن الحكم حال الغضب.

وقال بعض الحنابلة: لا ينفذ الحكم في حالة الغضب لثبوت النّهي عنه ، والنّهي يقتضي الفساد.

وفصّل بعضهم: بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم فلا يؤثّر ، وإلَّا فهو محلّ الخلاف، وهو تفصيل معتبر.

وقال ابن المنير: أدخل البخاريّ حديث أبي بكرة الدّالّ على المنع ، ثمّ حديث أبي مسعود (1) الدّالّ على الجواز ، تنبيهاً منه على طريق الجمع بأن يجعل الجواز خاصّاً بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم لوجود العصمة في حقّه والأمن من التّعدّي، أو أنّ غضبه إنّما كان للحقّ ، فمن كان في مثل حاله جاز وإلا منع، وهو كما قيل في شهادة العدوّ: إن كانت دنيويّة ردّت ، وإن كانت دينيّة لَم تردّ ، قاله ابن دقيق العيد وغيره.

وفي الحديث أنّ الكتابة بالحديث كالسّماع من الشّيخ في وجوب

(1) حديث أبي مسعود ، أن رجلاً قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلانٍ مما يطيل بنا، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشدَّ غضباً منه يومئذ، ثم قال: إن منكم منفرين .. " الحديث وقد تقدّم في العمدة برقم (85)

ص: 175

العمل، وأمّا في الرّواية فمنع منها قوم إذا تجرّدت عن الإجازة، والمشهور الجواز.

نعم. الصّحيح عند الأداء أن لا يطلق الإخبار ، بل يقول كتب إليّ أو كاتبني أو أخبرني في كتابه.

وفيه ذكر الحكم مع دليله في التّعليم، ويجيء مثله في الفتوى.

وفيه شفقة الأب على ولده ، وإعلامه بما ينفعه ، وتحذيره من الوقوع فيما ينكر.

وفيه نشر العلم للعمل به والاقتداء ، وإن لَم يسأل العالم عنه.

ص: 176