المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثامن 411 - عن أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٧

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذر

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌باب الأضاحي

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌كتاب الأشربة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب اللباس

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌كتاب العتق

- ‌ باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب بيع المدبّر

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثامن 411 - عن أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه

‌الحديث الثامن

411 -

عن أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه ، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنينٍ. وذكر قصةً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلاً، له عليه بيّنةٌ، فله سلبه ، قالها ثلاثا. (1)

قوله: (حنين) حنين بمهملةٍ ونونٍ مصغّر. وادٍ إلى جنب ذي المجاز قريب من الطّائف، بينه وبين مكّة بضعة عشر ميلاً من جهة عرفات.

قال أبو عبيد البكريّ: سمي باسم حنين بن قابثة بن مهلائيل.

قال أهل المغازي: خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى حنينٍ لستٍّ خلت من شوّالٍ، وقيل: لليلتين بقيتا من رمضان. وجمع بعضهم: بأنّه بدأ بالخروج في

(1) أخرجه البخاري (1994 ، 2973، 4066، 4067، 6749) ومسلم (1751) من طريق يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى قتادة عن أبي قتادة. وتمامه قال: خرجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلاً من المشركين علا رجلاً من المسلمين ، فاستدرت حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبْل عاتقه، فأقبل عليَّ فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت، فأرسلني، فلحقتُ عمر بن الخطاب ، فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من قتل قتيلاً له عليه بيّنة فله سلبه، فقمت فقلت: مَن يشهد لي؟، ثم جلست. ثلاثاً ، فقمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك يا أبا قتادة؟، فاقتصصت عليه القصة، فقال رجلٌ: صدق يا رسول الله، وسلبه عندي فأرضه عني، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لاها الله، إذاٍ لا يعمد إلى أسدٍ من أسد الله، يقاتل عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يعطيك سلبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق، فأعطاه، فبعت الدرع، فابتعت به مخرفاً في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثّلته في الإسلام.

ص: 508

أواخر رمضان وسار سادس شوّال؛ وكان وصوله إليها في عاشره.

وكان السّبب في ذلك أنّ مالك بن عوف النّضريّ جمع القبائل من هوازن ووافقه على ذلك الثّقفيّون، وقصدوا محاربة المسلمين، فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم.

قال عمر بن شبّة في " كتاب مكّة ": حدّثنا الحزاميّ - يعني إبراهيم بن المنذر - حدّثنا ابن وهب عن ابن أبي الزّناد عن أبيه عن عروة ، أنّه كتب إلى الوليد: أمّا بعد فإنّك كتبت إليّ تسألني عن قصّة الفتح، فذكر له وقتها، فأقام عامئذ بمكّة نصف شهر، ولَم يزد على ذلك حتّى أتاه أنّ هوازن وثقيفاً قد نزلوا حنيناً يريدون قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا قد جمعوا إليه ورئيسهم عوف بن مالك.

ولأبي داود بإسنادٍ حسن من حديث سهل ابن الحنظليّة ، أنّهم ساروا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى حنينٍ فأطنبوا السّير، فجاء رجلٌ ، فقال: إنّي انطلقت من بين أيديكم حتّى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن عن بَكْرة أبيهم (1) بظعنهم ونعمهم وشائهم قد اجتمعوا إلى حنينٍ، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله تعالى.

وعند ابن إسحاق من حديث جابر ما يدلّ على أنّ هذا الرّجل هو عبد الله بن أبي حدرد الأسلميّ.

قوله: (من قتل قتيلاً له عليه بيّنةٌ). اتّفقوا على أنّه لا يقبل قول من

(1) أي: جميعهم. وليس ثَمَّ بَكرة، وإنما هو مثل. قاله أهل اللغة.

ص: 509

ادّعى السّلب إلَّا ببيّنةٍ تشهد له بأنّه قتله.

والحجّة فيه قوله في هذا الحديث " له عليه بيّنةٌ " ، فمفهومه أنّه إذا لَم تكن له بيّنةٌ لا يُقبل، وسياق أبي قتادة يشهد لذلك.

وعن الأوزاعيّ: يقبل قوله بغير بيّنةٍ ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعطاه لأبي قتادة بغير بيّنةٍ.

وفيه نظرٌ ، لأنّه وقع في " مغازي الواقديّ " أنّ أوس بن خوليٍّ (1) شهد لأبي قتادة، وعلى تقدير أن لا يصحّ ، فيُحمل على أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم علم أنّه القاتل بطريقٍ من الطّرق.

وأبعد مَن قال من المالكيّة: إنّ المراد بالبيّنة هنا الذي أقرّ له أنّ السّلب عنده فهو شاهدٌ. والشّاهد الثّاني وجود السّلب. فإنّه بمنزلة الشّاهد على أنّه قتله ، ولذلك جعل لوثاً في " باب القسامة ".

وقيل: إنّما استحقّه أبو قتادة بإقرار الذي هو بيده، وهو ضعيفٌ ، لأنّ الإقرار إنّما يفيد إذا كان المال منسوباً لمن هو بيده فيؤاخذ بإقراره، والمال هنا منسوبٌ لجميع الجيش.

ونقل ابن عطيّة: عن أكثر الفقهاء أنّ البيّنة هنا شاهدٌ واحدٌ يكتفى

(1) كذا قال الشارح في كتاب " فرض الخمس " من الفتح ، أمّا في " كتاب المغازي " فنقل عن الواقدي ، أنَّ الشاهد عبد الله بن أنيس رضي الله عنه.

والذي في مغازي الواقدي " قال أبو قتادة: فقام عبد الله بن أنيسٍ فشهد لي، ثمّ لقيت الأسود بن الخزاعيّ فشهد لي، وإذا صاحبي الّذي أخذ السّلب لا ينكر أنّي قتلته .. الحديث. وعليه. فالصواب أنهما اثنان ، والثاني هو الأسود الخزاعي. وليس أوس بن خولي. ولله أعلم

ص: 510

به.

قوله: (فله سلبُه) السّلب بفتح المهملة واللام بعدها موحّدةٌ. هو ما يوجد مع المحارب من ملبوسٍ وغيره عند الجمهور.

وعن أحمد: لا تدخل الدّابّة.

وعن الشّافعيّ: يختصّ بأداة الحرب.

وإلى ما تضمّنه الحديث ذهب الجمهور، وهو أنّ القاتل يستحقّ السّلب. سواءٌ قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلاً فله سلبه أو لَم يقل ذلك، وهو ظاهر حديث أبي قتادة. وقال: إنّه فتوى من النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وإخبارٌ عن الحكم الشّرعيّ.

وعن المالكيّة والحنفيّة: لا يستحقّه القاتل إلَّا إن شرط له الإمام ذلك.

وعن مالكٍ: يخيّر الإمام بين أن يعطي القاتل السّلب أو يخمّسه. واختاره إسماعيل القاضي.

وعن إسحاق: إذا كثرت الأسلاب خمّست.

ومكحولٍ والثّوريِّ: يخمّس مطلقاً، وقد حُكي عن الشّافعيّ أيضاً. وتمسّكوا بعموم قوله:{واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه} ولَم يستثن شيئاً.

واحتجّ الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلاً فله سلبه. فإنّه خصّص ذلك العموم.

وتعقّب: بأنّه صلى الله عليه وسلم لَم يقل من قتل قتيلاً فله سلبه إلَّا يوم حنينٍ، قال

ص: 511

مالكٌ: لَم يبلغني ذلك في غير حنينٍ.

وأجاب الشّافعيّ وغيره: بأنّ ذلك حُفظ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في عدّة مواطن.

منها يوم بدرٍ كما في حديث عبد الرحمن بن عوف في الصحيحين (1).

ومنها حديث حاطب بن أبي بلتعة ، أنّه قتل رجلاً يوم أحدٍ فسلَّم له رسول الله صلى الله عليه وسلم سلَبَه. أخرجه البيهقيّ.

ومنها حديث جابرٍ ، أنّ عقيل بن أبي طالبٍ قتل يوم مؤتة رجلاً فنفله النّبيّ صلى الله عليه وسلم درعه. (2)

ثمّ كان ذلك مقرّراً عند الصّحابة كما روى مسلمٌ من حديث عوف بن مالكٍ في قصّته مع خالد بن الوليد ، وإنكاره عليه أخذه السّلب من القاتل. الحديث بطوله.

(1) حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في قصة قتل أبي جهل. قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار - حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما - فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم .. الحديث. وفيه: فابتدراه بسيفيْهِما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه. فقال: أيكما قتله؟، قال كلُّ واحدٍ منهما: أنا قتلتُه، فقال: هل مسحتما سيفيكما؟، قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كِلاكُما قتله، سلبُه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، وكانا معاذ ابن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح.

(2)

أخرجه الطبراني في " الأوسط "(420) والبيهقي في " الكبرى "(6/ 504) من طريق شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر رضي الله عنه.

قال الهيثمي في " المجمع "(5/ 331): فيه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو حسن الحديث. وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.

ص: 512

وكما روى الحاكم والبيهقيّ بإسنادٍ صحيحٍ عن سعد بن أبي وقّاصٍ ، أنّ عبد الله بن جحشٍ قال يوم أحدٍ: تعال بنا ندعو، فدعا سعدٌ ، فقال: اللهمّ ارزقني رجلاً شديداً بأسه فأقاتله ويقاتلني ، ثمّ ارزقني عليه الظّفر حتّى أقتله وآخذ سلبه. الحديث.

وكما روى أحمد بإسنادٍ قويٍّ عن عبد الله بن الزّبير قال: كانت صفيّة في حصن حسّان بن ثابتٍ يوم الخندق. فذكر الحديث في قصّة قتلها اليهوديّ، وقولها لحسّان: انزل فاسلبه؛ فقال: ما لي بسلبه حاجةٌ.

وكما روى ابن إسحاق في " المغازي ". في قصّة قتل عليّ بن أبي طالبٍ عمرو بن عبد ودٍّ يوم الخندق أيضاً ، فقال له عمرٌو: هلاّ استلَبْتَ درعه ، فإنّه ليس للعرب خيرٌ منها، فقال: إنّه اتّقاني بسوأته.

وأيضاً فالنّبيّ صلى الله عليه وسلم إنّما قال ذلك يوم حنينٍ بعد أن فرغ القتال، كما هو صريحٌ في حديث عبد الرحمن بن عوف.

حتّى قال مالكٌ: يكره للإمام أن يقول من قتل قتيلاً فله سلبه ، لئلا تضعف نيّات المجاهدين، ولَم يقل النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذلك إلَّا بعد انقضاء الحرب.

وعن الحنفيّة: لا كراهة في ذلك، وإذا ناله قبل الحرب أو في أثنائها استحقّ القاتل.

واستدل به على دخول من لا يسهم له في عموم قوله " من قتل

ص: 513

قتيلاً ".

وعن الشّافعيّ في قولٍ، وبه قال مالكٌ. لا يستحقّ السّلب إلَّا من استحقّ السّهم ، لأنّه قال: إذا لَم يستحقّ السّهم فلا يستحقّ السّلب بطريق الأولى.

وعورض: بأنّ السّهم علق على المظنّة، والسّلب يستحقّ بالفعل فهو أولى، وهذا هو الأصل.

واستدل به على أنّ السّلب للقاتل في كل حالٍ حتّى قال أبو ثورٍ وابن المنذر: يستحقّه ولو كان المقتول منهزماً.

وقال أحمد: لا يستحقّه إلَّا بالمبارزة.

وعن الأوزاعيّ: إذا التقى الزّحفان فلا سلب.

واستدل به على أنّه مستحقٌّ للقاتل الذي أثخنه بالقتل دون من ذفَّف (1) عليه. كما في قصّة ابن مسعودٍ مع أبي جهلٍ في غزوة بدرٍ. (2)

(1) وقع في المطبوع (ذهب) وهو تصحيف. والذَّفُّ: الإِجْهازُ على الجَرِيحِ. قاله في اللسان.

(2)

أخرج البخاري (3962) ومسلم (1800) عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من ينظر ما فعل أبو جهل. فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى بَرَدَ. فأخذ بلحيته، فقال: أنت أبا جهل؟ قال: وهل فوق رجل قتله قومه أو قال: قتلتموه؟.

قال ابن حجر في " الفتح "(7/ 295): وفي حديث ابن عباس عند ابن إسحاق والحاكم. قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رمق فوضعت رجلي على عُنقِه. فقلت: أخزاك الله يا عدو الله ، قال: وبما أخزاني؟. هل أعمد رجل قتلتموه ، قال: وزعم رجالٌ من بني مخزوم ، أنه قال له: لقد ارتقيت يا رُويعي الغنم مرتقى صعباً.

قال: ثم احتززتُ رأسه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا رأس عدو الله أبي جهل ، فقال: والله الذي لا إله إلا هو فحلف له.

ص: 514

واستدل به على أنّ السّلب يستحقّه القاتل من كل مقتولٍ حتّى لو كان المقتول امرأةً، وبه قال أبو ثورٍ وابن المنذر.

وقال الجمهور: شرطه أن يكون المقتول من المقاتلة.

ص: 515