الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني عشر
415 -
عن ابن عمر رضي الله عنه ، أنّ امرأةً وُجدت في بعض مغازي النبيّ صلى الله عليه وسلم مقتولةً، فأنكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم قتلَ النساءِ والصبيانِ. (1)
قوله: (فأنكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم قتلَ النساءِ والصبيانِ) روى الطّبرانيّ في " الأوسط " من حديث أبي سعيد قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النّساء والصّبيان ، وقال: هما لمن غلب.
وأخرج الشيخان من رواية سفيان عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين يُبيَّتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ فقال: هم منهم ، وفي رواية " هم من آبائهم ".
زاد الإسماعيليّ في طريق جعفر الفريابيّ عن علي بن المديني عن سفيان: وكان الزّهريّ إذا حدّث بهذا الحديث قال: وأخبرني ابن كعب بن مالك عن عمّه ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النّساء والصّبيّان.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود بمعناه من وجه آخر عن الزّهريّ، وكأنّ الزّهريّ أشار بذلك إلى نسخ حديث الصّعب.
وقال مالك والأوزاعيّ: لا يجوز قتل النّساء والصّبيان بحال حتّى
(1) أخرجه البخاري (2851 ، 2852) ومسلم (1744) من طريق الليث وعبيد الله بن عمر كلاهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه.
لو تترّس أهل الحرب بالنّساء والصّبيان ، أو تحصّنوا بحصن ، أو سفينة وجعلوا معهم النّساء والصّبيان ، لَم يجز رميهم ولا تحريقهم.
وقد أخرج ابن حبّان في حديث الصّعب زيادة في آخره " ثمّ نهى عنهم يوم حنينٍ " وهي مدرجة في حديث الصّعب، وذلك بيّن في سنن أبي داود فإنّه قال في آخره " قال سفيان: قال الزّهريّ: ثمّ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النّساء والصّبيان ".
ويؤيّد كون النّهي في غزوة حنينٍ ما سيأتي في حديث رياح بن الرّبيع الآتي " فقال لأحدهم: الحَقْ خالداً ، فقل له: لا تقتل ذرّيّة ولا عسيفاً ".
والعسيف بمهملتين وفاء الأجير وزناً ومعنىً، وخالد أوّل مشاهده مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، وفي ذلك العام كانت غزوة حنينٍ.
وأخرج الطّبرانيّ في " الأوسط " من حديث ابن عمر قال: لَمَّا دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم مكّة أتي بامرأةٍ مقتولة ، فقال: ما كانت هذه تقاتل. ونهى. فذكر الحديث.
وأخرج أبو داود في " المراسيل " عن عكرمة ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى امرأةً مقتولة بالطّائف ، فقال: أَلَم أَنْه عن قتل النّساء، مَن صاحبها؟ فقال رجلٌ: أنا يا رسولَ الله. أردفتها فأرادت أن تصرعني فتقتلني فقتلتها، فأمر بها أن توارى.
ويحتمل: في هذه التّعدّد.
والذي جنح إليه غيرهم الجمع بين الحديثين. فإذا لَم يمكن الوصول
إلى الآباء إلَّا بوطء الذّرّيّة فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم، وهو قول الشّافعيّ والكوفيّين، وقالوا: إذا قاتلت المرأة جاز قتلها.
وقال ابن حبيب من المالكيّة: لا يجوز القصد إلى قتلها إلَّا إن باشرت القتل وقصدت إليه. قال: وكذلك الصّبيّ المراهق.
ويؤيّد قول الجمهور. ما أخرجه أبو داود والنّسائيّ وابن حبّان من حديث رياح بن الرّبيع - وهو بكسر الرّاء والتّحتانيّة - التّميميّ قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فرأى النّاس مجتمعين، فرأى امرأة مقتولة فقال: ما كانت هذه لتقاتل. فإنّ مفهومه أنّها لو قاتلت لقتلت.
واتّفق الجميع كما نقل ابن بطّال وغيره. على منع القصد إلى قتل النّساء والولدان، أمّا النّساء فلضعفهنّ، وأمّا الولدان فلقصورهم عن فعل الكفر، ولِمَا في استبقائهم جميعاً من الانتفاع بهم إمّا بالرّقّ أو بالفداء فيمن يجوز أن يفادى به.
وحكى الحازميّ: قولاً بجواز قتل النّساء والصّبيان على ظاهر حديث الصّعب، وزعم: أنّه ناسخ لأحاديث النّهي، وهو غريبٌ.
ويستنبط من الحديث الرّدّ على من يتخلى عن النّساء وغيرهنّ من أصناف الأموال زهداً ، لأنّهم وإن كان قد يحصل منهم الضّرر في الدّين ، لكن يتوقّف تجنّبهم على حصول ذلك الضّرر، فمتى حصل اجتنبت وإلَّا فليتناول من ذلك بقدر الحاجة.