المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 400 - عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٧

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذر

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌باب الأضاحي

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌كتاب الأشربة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب اللباس

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌كتاب العتق

- ‌ باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب بيع المدبّر

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 400 - عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه

‌الحديث الثالث

400 -

عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه ، قال: ما رأيتُ من ذي لِمَّةٍ في حلةٍ حمراء أحسنَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، له شعرٌ يضرب منكبيه ، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالقصير ولا بالطّويل. (1)

قوله: (البراء) كذا قال أكثر أصحاب أبي إسحاق.

وخالفهم أشعث فقال: عن أبي إسحاق عن جابر بن سمرة. أخرجه النّسائيّ ، وأعلَّه. والتّرمذيّ وحسّنه، ونقل عن البخاريّ أنّه قال: حديث أبي إسحاق عن البراء وعن جابر بن سمرة صحيحان. وصحَّحه الحاكم

قوله: (لِمَّة) بكسر اللام وتشديد الميم ، أي: شعر رأسه ، ويقال له إذا جاوز شحمة الأذنين وأَلَمّ بالمنكبين لِمةٌ ، وإذا جاوزت المنكبين فهي جُمّةٌ ، وإذا قصرت عنهما فهي وفرةٌ.

قوله: (في حلةٍ حمراء) تقدّم حديث أبي جحيفة (2) وفيه " حلة حمراء " أيضاً. ولأبي داود من حديث هلال بن عامر عن أبيه: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب بمنىً على بعير ، وعليه برد أحمر. وإسناده حسن.

وللطّبرانيّ بسندٍ حسن عن طارق المحاربيّ نحوه ، لكن قال " بسوق

(1) أخرجه البخاري (3356 ، 3358 ، 3359 ، 5510 ، 5561) ومسلم (3337) من طرق عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه.

(2)

تقدّم حديثه رضي الله عنه في الأذان رقم (69).

ص: 397

ذي المجاز ".

وقد تلخّص لنا من أقوال السّلف في لبس الثّوب الأحمر سبعة أقوال:

القول الأوّل: الجواز مطلقاً.

جاء عن عليّ وطلحة وعبد الله ابن جعفر والبراء وغير واحد من الصّحابة، وعن سعيد بن المسيّب والنّخعيّ والشّعبيّ وأبي قلابة وأبي وائل وطائفة من التّابعين.

القول الثّاني: المنع مطلقاً.

لحديث عبد الله بن عمرو قال: رأى عليّ النّبي صلى الله عليه وسلم ثوبين معصفرين فقال: إنّ هذه من ثياب الكفّار فلا تلبسهما. أخرجه مسلمٌ ، وفي لفظٍ له " فقلت: أغسلهما؟ قال: لا بل احرقهما " ، فإن غالب ما يصبغ بالعصفر يكون أحمر.

قال البيهقيّ: فلو بلغ ذلك الشّافعيّ لقال به اتّباعاً للسّنّة كعادته ، وقد كره المعصفر جماعةٌ من السّلف ، ورخّص فيه جماعةٌ ، وممَن قال بكراهته من أصحابنا الحليميّ ، واتّباع السّنّة هو الأولى.

وأخرج ابن ماجه من حديث ابن عمر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المفدّم. وهو بالفاء وتشديد الدّال ، وهو المشبع بالعصفر فسّره في الحديث، وعن عمر ، أنّه كان إذا رأى على الرّجل ثوباً معصفراً جذبه ، وقال: دعوا هذا للنّساء. أخرجه الطّبريّ.

وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل الحسن: الحمرة من زينة الشّيطان ،

ص: 398

والشّيطان يحبّ الحمرة ، وصله أبو عليّ بن السّكن وأبو محمّد بن عديّ، ومن طريق البيهقيّ في " الشّعب " من رواية أبي بكر الهذليّ - وهو ضعيف - عن الحسن عن رافع بن يزيد الثّقفيّ رفعه: إنّ الشّيطان يحبّ الحمرة، وإيّاكم والحمرة، وكلّ ثوب ذي شهرة.

وأخرجه ابن منده. وأدخل في روايةٍ له بين الحسن ورافع رجلاً، فالحديث ضعيف.

وبالغ الجوزقانيّ ، فقال: إنّه باطل، وقد وقفت على كتاب الجوزقانيّ المذكور. وترجمه " بالأباطيل " وهو بخطّ ابن الجوزيّ، وقد تبعه على ما ذكر في أكثر كتابه في " الموضوعات " ، لكنّه لَم يوافقه على هذا الحديث. فإنّه ما ذكره في الموضوعات. فأصاب.

وعن عبد الله بن عمرو قال: مرّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ. وعليه ثوبان أحمران ، فسلَّم عليه ، فلم يردّ عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم .. أخرجه أبو داود والتّرمذيّ وحسّنه والبزّار ، وقال: لا نعلمه إلَّا بهذا الإسناد، وفيه أبو يحيى القتّات مختلف فيه.

وعن رافع بن خديج قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى على رواحلنا أكسية فيها خطوط عهن حمر ، فقال: ألا أرى هذه الحمرة قد غلبتكم، قال: فقمنا سراعاً فنزعناها حتّى نفر بعض إبلنا. أخرجه أبو داود، وفي سنده راوٍ لَم يسمّ.

وعن امرأة من بني أسد قالت: كنت عند زينب أمّ المؤمنين ونحن نصبغ ثياباً لها بمغرةٍ، إذ طلع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا رأى المغرة رجع، فلمّا

ص: 399

رأت ذلك زينب غسلت ثيابها ووارت كلّ حمرة، فجاء فدخل. أخرجه أبو داود. وفي سنده ضعف.

القول الثّالث: يُكره لبس الثّوب المشبع بالحمرة دون ما كان صبغه خفيفاً، جاء ذلك عن عطاء وطاوسٍ ومجاهد.

وكأنّ الحجّة فيه حديث ابن عمر المذكور قريباً في المفدّم.

القول الرّابع: يُكره لبس الأحمر مطلقاً لقصد الزّينة والشّهرة، ويجوز في البيوت والمهنة، جاء ذلك عن ابن عبّاس.

ورخّص مالكٌ في المعصفر والمزعفر في البيوت ، وكرهه في المحافل.

القول الخامس: يجوز لبس ما كان صُبغ غزله ثمّ نسج، ويمنع ما صُبغ بعد النّسج.

جنح إلى ذلك الخطّابيّ. واحتجّ: بأنّ الحلة الواردة في الأخبار الواردة في لبسه صلى الله عليه وسلم الحلة الحمراء إحدى حلل اليمن، وكذلك البرد الأحمر، وبرود اليمن يصبغ غزلها ثمّ ينسج.

القول السّادس: اختصاص النّهي بما يصبغ بالمعصفر لورود النّهي عنه، ولا يمنع ما صبغ بغيره من الأصباغ.

ويعكّر عليه حديث المغرة المتقدّم.

القول السّابع: تخصيص المنع بالثّوب الذي يصبغ كلّه؛ وأمّا ما فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد وغيرهما فلا.

وعلى ذلك تُحمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء ، فإنّ الْحُلل

ص: 400

اليمانيّة غالباً تكون ذات خطوط حمر وغيرها.

قال ابن القيّم: كان بعض العلماء يلبس ثوباً مشبعاً بالحمرة يزعم أنّه يتبع السّنّة، وهو غلط، فإنّ الحلة الحمراء من برود اليمن ، والبرد لا يصبغ أحمر صرفاً. كذا قال.

وقال الطّبريّ بعد أن ذكر غالب هذه الأقوال: الذي أراه جواز لبس الثّياب المصبغة بكل لون، إلَّا أنّي لا أحبّ لبس ما كان مشبعاً بالحمرة ولا لبس الأحمر مطلقاً ظاهراً فوق الثّياب ، لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا ، فإنّ مراعاة زيّ الزّمان من المروءة ما لَم يكن إثماً، وفي مخالفة الزّيّ ضرب من الشّهرة.

وهذا يمكن أن يلخّص منه قول ثامن.

والتّحقيق في هذا المقام: أنّ النّهي عن لبس الأحمر.

أولاً: إن كان من أجل أنّه لبس الكفّار. فالقول فيه كالقول في الميثرة الحمراء كما سيأتي.

ثانياً: إن كان من أجل أنّه زيّ النّساء ، فهو راجع إلى الزّجر عن التّشبّه بالنّساء. فيكون النّهي عنه لا لذاته.

ثالثاً: إن كان من أجل الشّهرة أو خرم المروءة ، فيمنع حيث يقع ذلك، وإلَّا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التّفرقة بين المحافل والبيوت.

قوله: (أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولهما من رواية إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: كان

ص: 401

رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن النّاس وجهاً وأحسنهم خلقاً .. " بفتح المعجمة للأكثر، وضبطه ابن التّين بضمّ أوّله ، واستشهد بقوله تعالى:{وإنّك لعلى خلق عظيم} .

ووقع في رواية الإسماعيليّ بالشّكّ " وأحسنه خَلقاً أو خُلقاً " ، ويؤيّده قوله قبله " أحسن النّاس وجهاً " ، فإنّ فيه إشارة إلى الْحُسن الحسّيّ، فيكون في الثّاني إشارة إلى الْحُسن المعنويّ.

وقد وقع في حديث أنس في الصحيحين: كان أحسن النّاس ، وأشجع النّاس ، وأجود النّاس.

فجمع صفات القوى الثّلاث العقليّة والغضبيّة والشّهوانيّة، فالشّجاعة تدلّ على الغضبيّة، والجود يدلّ على الشّهوانيّة، والحسن تابع لاعتدال المزاج المستتبع لصفاء النّفس الذي به جودة القريحة الدّالّ على العقل، فوصف بالأحسنيّة في الجميع.

وللبخاري من حديث جبير بن مطعم ، أنّه صلى الله عليه وسلم قال: ثمّ لا تجدوني بخيلاً ولا كذوباً ولا جباناً.

فأشار بعدم الجبن إلى كمال القوّة الغضبيّة وهي الشّجاعة، وبعدم الكذب إلى كمال القوّة العقليّة. وهي الحكمة ، وبعدم البخل إلى كمال القوّة الشّهوانيّة. وهو الجود.

قوله: (له شعرٌ يضرب منكبيه) ولهما من رواية شعبة عن أبي إسحاق " شعره يبلغ شحمة أذنيه " ، وللبخاري عن يوسف بن إبي إسحاق عن جده " له شعر يبلغ شحمة أذنيه إلى منكبيه ".

ص: 402

وله أيضاً عن إسرائيل عن أبي إسحاق " إنَّ جمّته لتضرب قريباً من منكبيه " والجمّة - بضمّ الجيم وتشديد الميم - أي: شعر رأسه إذا نزل إلى قرب المنكبين.

قال الجوهريّ في حرف الواو: والوفرة العشر إلى شحمة الأذن، ثمّ الجمّة ، ثمّ اللمّة إذا ألمّت بالمنكبين.

وقد خالف هذا في حرف الجيم. فقال: إذا بلغت المنكبين فهي جمّة، واللّمّة إذا جاوزت شحم الأذن.

قال شيخنا في " شرح التّرمذيّ ": كلام الجوهريّ الثّاني. هو الموافق لكلام أهل اللّغة.

وجمع ابن بطّال بين اللفظين المختلفين في الحديث: بأنّ ذلك إخبار عن وقتين، فكان إذا غفل عن تقصيره بلغ قريب المنكبين ، وإذا قصّه لَم يجاوز الأذنين.

وجمع غيره: بأنّ الثّاني كان إذا اعتمر يقصّر ، والأوّل في غير تلك الحالة.

وفيه بُعد. ثمّ هذا الجمع إنّما يصلح لو اختلفت الأحاديث، وأمّا هنا فاللفظان وردا في حديث واحد متّحدا المخرج، وهما من رواية أبي إسحاق عن البراء؟

فالأولى في الجمع بينهما الحمل على المقاربة.

قال ابن التّين تبعاً للدّاوديّ: قوله " يبلغ شحمة أذنيه " مغاير لقوله " إلى منكبيه ". وأجيب: بأنّ المراد أنّ معظم شعره كان عند

ص: 403

شحمة أذنه، وما استرسل منه متّصل إلى المنكب. أو يحمل على حالتين.

وقد وقع نظير ذلك في حديث أنس عند مسلم من رواية قتادة عنه ، أنّ شعره كان بين أذنيه وعاتقه. وفي حديث حميدٍ عنه " إلى أنصاف أذنيه " ، ومثله عند التّرمذيّ من رواية ثابت عنه.

وعند ابن سعد من رواية حمّاد عن ثابت عنه " لا يجاوز شعره أذنيه " ، وهو محمول على ما قدّمته، أو على أحوال متغايرة.

وروى أبو داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمّة.

وفي حديث هند بن أبي هالة في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند التّرمذيّ وغيره " فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه ، إذا هو وفرة " أي: جعله وفرة، فهذا القيد يؤيّد الجمع المتقدّم.

وروى أبو داود والتّرمذيّ من حديث أمّ هانئ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وله أربع غدائر. ورجاله ثقات.

قوله: (بعيد ما بين المنكبين) أي: عريض أعلى الظّهر، ووقع في حديث أبي هريرة عند ابن سعد " رحب الصّدر ".

قوله: (ليس بالقصير ولا بالطّويل) ولهما من رواية شعبة عن أبي إسحاق " كان مربوعاً "، وللبخاري عن أنس " كان ربعة " بفتح الرّاء وسكون الموحّدة. أي: مربوعاً، والتّأنيث باعتبار النّفس، يقال رجل ربعة وامرأة ربعة.

ص: 404

وقد فسّره في رواية إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق بقوله عندهما " ليس بالطّويل البائن ولا بالقصير ".

والبائن بالموحّدة اسم فاعل من بان ، أي: ظهر على غيره أو فارق من سواه. والمراد المفرط في الطّول مع اضطراب القامة.

ووقع في حديث أبي هريرة عند الذّهليّ في " الزّهريّات " بإسنادٍ حسن " كان ربعة وهو إلى الطّول أقرب ".

ووقع في حديث عائشة عند ابن أبي خيثمة: لَم يكن أحدٌ يُماشيه من النّاس ينسب إلى الطّول إلَّا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولربّما اكتنفه الرّجلان الطّويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسبا إلى الطّول، ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرّبعة.

ص: 405