المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب اللباس ‌ ‌الحديث الأول 398 - عن عمر بن الخطّاب رضي الله - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٧

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذر

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌باب الأضاحي

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌كتاب الأشربة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب اللباس

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌كتاب العتق

- ‌ باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب بيع المدبّر

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌كتاب اللباس ‌ ‌الحديث الأول 398 - عن عمر بن الخطّاب رضي الله

‌كتاب اللباس

‌الحديث الأول

398 -

عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلبسوا الحريرَ، فإنّه من لبِسه في الدّنيا لَم يلبسْه في الآخرة. (1)

قوله: (عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه) وقع في رواية النّضر بن شميلٍ عن شعبة حدّثنا خليفة بن كعب سمعت عبد الله بن الزّبير ، يقول: لا تُلبسوا نساءكم الحرير، فإنّي سمعت عمر. أخرجه النّسائيّ (2).

وقد أخرجه النّسائيّ أيضاً من طريق جعفر بن ميمون عن خليفة بن كعب ، فلم يذكر عمر في إسناده، وشعبة أحفظ من جعفر بن ميمون.

قوله: (من لبس الحرير في الدّنيا) الحرير معروف، وهو عربيّ. سُمِّي بذلك لخلوصه ، يقال لكل خالص محرّر، وحرّرت الشّيء خلصته من الاختلاط بغيره.

(1) أخرجه البخاري (5496) عن علي بن الجعد ، ومسلم (2069) من طريق عبيد بن سعيد كلاهما عن شعبة عن أبي ذبيان خليفة بن كعب قال: سمعت عبد الله بن الزبير يخطب يقول: ألا لا تُلبسوا نساءكم الحرير. فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واللفظ لمسلم. وليس عند البخاري قول ابن الزبير رضي الله عنه.

وللبخاري (5492) ومسلم (2069) عن أبي عثمان عن عمر رفعه: لا يلبس الحرير إلَّا مَن ليس له منه شيء في الآخرة إلَّا هكذا.

وانظر الحديث الأتي (403)

(2)

ورواه مسلم أيضاً كما تقدَّم. وسيعزوه إليه الشارح كما سيأتي في الشرح.

ص: 380

وقيل: هو فارسيّ معرّب

قوله: (لَم يلبسْه في الآخرة) في رواية الكشميهنيّ " لن يلبسه " والمحفوظ من هذا الوجه (1)" لَم " ، وكذا أخرجه مسلم والنّسائيّ.

ولَم أقف في شيء من الطّرق المتّفقة عن عمر أنّه رواه بلفظ " لن " بل الحديث عنه في جميع الطّرق بلفظ " لَم ".

وزاد النّسائيّ في رواية جعفر بن ميمون في آخره " ومن لَم يلبسه في

(1) أي: طريق شعبة عن خليفة كما تقدّم ذكره.

وإنما قيّده الشارح بهذا الوجه لمجيئه من وجوهٍ أخرى صحاح بلفظ " لن ".

منها ما جاء في البخاري (5495) من حديث ثابت البناني قال: سمعت ابن الزبير يخطب يقول: قال محمد رضي الله عنه: من لبس الحرير في الدنيا لن يلبسه في الآخرة.

وأخرجه أيضاً (5494) من حديث أنس رضي الله عنه مثله.

قال الحافظ في " الفتح ": قوله: (قال محمد صلى الله عليه وسلم) هذا من مرسل ابن الزبير، ومراسيل الصحابة محتجٌ بها عند جمهور من لا يحتج بالمراسيل، لأنهم إما أن يكون عند الواحد منهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي آخر، واحتمال كونها عن تابعي لوجود رواية بعض الصحابة عن بعض التابعين نادرٌ، لكن تبيَّن من الروايتين اللتين بعد هذه أنَّ ابنَ الزبير إنّما حمله عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة عمر. ومع ذلك فلم أقف في شيء من الطرق المتفقة عن عمر أنه رواه بلفظ " لن " بل الحديث عنه في جميع الطرق بلفظ " لم " والله أعلم.

وابن الزبير قد حفِظ من النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، منها حديثه " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح الصلاة فرفع يديه " أخرجه أحمد. ومنها حديثه " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو هكذا. وعقد ابن الزبير " أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي. ومنها حديثه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن نبيذ الجر " أخرجه أحمد أيضاً. قوله:(لن يلبسه في الآخرة) كذا في جميع الطرق عن ثابت، وهو أوضح في النفي. انتهى

قلت: وقول ابن حجر (لكن تبيَّن من الروايتين اللتين بعد هذه .. إلخ) يقصد حديث الباب. وكذا ما ذكره البخاري معلّقاً من طريق معاذة أخبرتني أم عمرو بنت عبد الله سمعت عبد الله بن الزبير سمع عمر سمع النبي صلى الله عليه وسلم .. نحوه. ووصله الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما. كما قال الشارح.

ص: 381

الآخرة لَم يدخل الجنّة ، قال الله تعالى {ولباسهم فيها حرير} .

وهذه الزّيادة مُدرَجة في الخبر، وهي موقوفة على ابن الزّبير، بيّن ذلك النّسائيّ أيضاً من طريق شعبة عن خليفة به. وفي آخره. قال ابن الزّبير: فذكر الزّيادة، وكذا أخرجه الإسماعيليّ من طريق عليّ بن الجعد عن شعبة. ولفظه " فقال ابن الزّبير من رأيه: ومن لَم يلبس الحرير في الآخرة لَم يدخل الجنّة، وذلك لقوله تعالى:{ولباسهم فيها حرير} .

وقد جاء مثل ذلك عن ابن عمر أيضاً. أخرجه النّسائيّ من طريق حفصة بنت سيرين عن خليفة بن كعب ، قال: خطبنا ابن الزّبير. فذكر الحديث المرفوع. وزاد. فقال: قال ابن عمر: إذاً والله لا يدخل الجنّة، قال الله:{ولباسهم فيها حرير} .

وأخرج أحمد والنّسائيّ وصحَّحه الحاكم من طريق داود السّرّاج عن أبي سعيد. فذكر الحديث المرفوع مثل حديث عمر هذا في الباب. وزاد " وإنْ دخل الجنّة لبسه أهل الجنّة ، ولَم يلبسه هو ".

وهذا يحتمل: أن يكون أيضاً مدرجاً، وعلى تقدير أن يكون الرّفع محفوظاً فهو من العامّ المخصوص بالمكلفين من الرّجال للأدلة الأخرى بجوازه للنّساء.

وفي هذه الأحاديث بيان واضح لِمَن قال يحرم على الرّجال لبس الحرير للوعيد المذكور.

وفي معناه حديث ابن عمر ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب

ص: 382

الخمر في الدنيا، ثم لَم يتب منها، حُرمها في الآخرة. متفق عليه، فإنّ الحكم فيها واحد ، وهو نفي اللّبس ونفي الشّرب في الآخرة وفي الجنّة.

قال الخطّابيّ والبغويّ في " شرح السّنّة ": معنى الحديث لا يدخل الجنّة، لأنّ الخمر شراب أهل الجنّة، فإذا حُرِم شربها دلَّ على أنّه لا يدخل الجنّة.

وقال ابن عبد البرّ: هذا وعيدٌ شديدٌ يدلّ على حرمان دخول الجنّة، لأنّ الله تعالى أخبر أنّ في الجنّة أنهار الخمر لذّة للشّاربين، وأنّهم لا يصدّعون عنها ولا ينزفون. فلو دخلها - وقد علم أنّ فيها خمراً أو أنّه حرمها عقوبة له - لزم وقوع الهمّ والحزن في الجنّة، ولا همّ فيها ولا حزن، وإن لَم يعلم بوجودها في الجنّة ، ولا أنّه حرمها عقوبة له لَم يكن عليه في فقدها أَلَم، فلهذا قال بعض من تقدّم: إنّه لا يدخل الجنّة أصلاً.

قال: وهو مذهب غير مرضيّ.

قال: ويحمل الحديث عند أهل السّنّة على أنّه لا يدخلها ولا يشرب الخمر فيها ، إلَّا إن عفا الله عنه كما في بقيّة الكبائر ، وهو في المشيئة.

فعلى هذا فمعنى الحديث: جزاؤه في الآخرة أن يحرمها لحرمانه دخول الجنّة ، إلَّا إن عفا الله عنه.

قال: وجائز أن يدخل الجنّة بالعفو ، ثمّ لا يشرب فيها خمراً ولا تشتهيها نفسه ، وإن علم بوجودها فيها.

ص: 383

ويؤيّده حديث أبي سعيد مرفوعاً " من لبس الحرير في الدّنيا لَم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنّة لبسه أهل الجنّة ، ولَم يلبسه هو ".

قلت: أخرجه الطّيالسيّ وصحَّحه ابن حبّان.

وقريبٌ منه حديث عبد الله بن عمرو رفعه: من مات من أمّتي وهو يشرب الخمر ، حرّم الله عليه شربها في الجنّة. أخرجه أحمد بسندٍ حسن.

وقد لَخّص عياض كلام ابن عبد البرّ ، وزاد احتمالاً آخر ، وهو أنّ المراد بحرمانه شربها: أنّه يحبس عن الجنّة مدّةً إذا أراد الله عقوبته، ومثله الحديث الآخر " لَم يرح رائحة الجنّة ".

قال: ومَن قال لا يشربها في الجنّة بأن ينساها أو لا يشتهيها ، يقول: ليس عليه في ذلك حسرة ، ولا يكون ترك شهوته إيّاها عقوبة في حقّه، بل هو نقص نعيم بالنّسبة إلى من هو أتمّ نعيماً منه كما تختلف درجاتهم، ولا يلحق من هو أنقص درجة حينئذٍ بمن هو أعلى درجة منه استغناء بما أعطي واغتباطاً له.

وقال ابن العربيّ: ظاهر الحديثين ، أنّه لا يشرب الخمر في الجنّة ولا يلبس الحرير فيها، وذلك لأنّه استعجل ما أمر بتأخيره ووعد به فحرمه عند ميقاته، كالوارث فإنّه إذا قتل مورّثه فإنّه يحرم ميراثه لاستعجاله. وبهذا قال نفر من الصّحابة ومن العلماء، وهو موضع احتمال وموقف إشكال، والله أعلم كيف يكون الحال.

وفصَّل بعض المتأخّرين بين من يشربها مستحلاً فهو الذي لا

ص: 384

يشربها أصلاً ، لأنّه لا يدخل الجنّة أصلاً، وعدم الدّخول يستلزم حرمانها، وبين من يشربها عالماً بتحريمها فهو محلّ الخلاف، وهو الذي يحرم شربها مدّة ولو في حال تعذيبه إن عذّب، أو المعنى أنّ ذلك جزاؤه إن جوزي. والله أعلم.

وحاصل أعدل الأقوال. أنّ الفعل المذكور مقتضٍ للعقوبة المذكورة، وقد يتخلف ذلك لمانعٍ كالتّوبة والحسنات التي توازن والمصائب التي تكفّر، وكدعاء الولد بشرائط، وكذا شفاعة من يؤذن له في الشّفاعة، وأعمّ من ذلك كلّه عفو أرحم الرّاحمين.

قال ابن بطّال: اختلف في الحرير.

فقال قوم: يحرم لبسه في كلّ الأحوال حتّى على النّساء، نقل ذلك عن عليّ وابن عمر وحذيفة وأبي موسى وابن الزّبير، ومن التّابعين عن الحسن وابن سيرين.

وقال قوم: يجوز لبسه مطلقاً ، وحملوا الأحاديث الواردة في النّهي عن لبسه على من لَبِسَه خيلاء أو على التّنزيه.

قلت: وهذا الثّاني ساقط لثبوت الوعيد على لُبسه.

وأمّا قول عياض: حَملَ بعضهم النّهي العامّ في ذلك على الكراهة لا على التّحريم، فقد تعقّبه ابن دقيق العيد.

فقال: قد قال القاضي عياض: إنّ الإجماع انعقد بعد ابن الزّبير ومن وافقه ، على تحريم الحرير على الرّجال وإباحته للنّساء، ذكر ذلك في الكلام على قول ابن الزّبير في الطّريق التي أخرجها مسلم " أَلا لا

ص: 385

تُلبسوا نساءكم الحرير، فإنّي سمعت عمر " فذكر حديث الباب.

قال: فإثبات قول بالكراهة دون التّحريم ، إمّا أن ينقض ما نقله من الإجماع ، وإمّا أن يثبت أنّ الحكم العامّ قبل التّحريم على الرّجال كان هو الكراهة ، ثمّ انعقد الإجماع على التّحريم على الرّجال والإباحة للنّساء، ومقتضاه نسخ الكراهة السّابقة، وهو بعيد جدّاً.

وأمّا ما أخرج عبد الرّزّاق عن معمر عن ثابت عن أنس قال: لقي عمرُ عبدَ الرّحمن بن عوف فنهاه عن لبس الحرير ، فقال: لو أطعتنا للبسته معنا، وهو يضحك.

فهو محمول على أنّ عبد الرّحمن فهم من إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له في لبس الحرير نسخ التّحريم ، ولَم ير تقييد الإباحة بالحاجة.

واختلف في عِلَّة تحريم الحرير على رأيين مشهورين:

أحدهما: الفخر والخيلاء.

الثّاني: لكونه ثوب رفاهية فيليق بزيّ النّساء دون شهامة الرّجال.

ويحتمل عِلَّة ثالثة ، وهي التّشبّه بالمشركين.

قال ابن دقيق العيد: وهذا قد يرجع إلى الأوّل لأنّه من سِمة المشركين، وقد يكون المعنيان معتبرين إلَّا أنّ المعنى الثّاني لا يقتضي التّحريم ، لأنّ الشّافعيّ قال في " الأمّ ": ولا أكره لباس اللّؤلؤ إلَّا للأدب فإنّه زيّ النّساء.

واستشكل بثبوت اللعن للمتشبّهين من الرّجال بالنّساء (1) فإنّه

(1) أخرجه البخاري (5885) من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنه ، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال "

ص: 386

يقتضي منع ما كان مخصوصاً بالنّساء في جنسه وهيئته.

وذكر بعضهم عِلَّة أخرى ، وهي السّرف. والله أعلم.

ص: 387