المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إيضاح المعنى الإجمالي لهذه الفقرة: - قرة عين المحتاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

فهرس الكتاب

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌شرح الأثر:

- ‌مسألتان تتعلّقان بهذا الأثر:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌‌‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌(المسألة الأولى): في حدّ الغيبة لغةً، وشرعًا:

- ‌(المسألة الثانية): في حكم الغيبة:

- ‌(المسألة الرابعة): قد وردت أحاديث في فضل من ردّ عن عرض أخيه:

- ‌(المسألة الخامسة): في المواضع التي تباح فيها الغيبة:

- ‌[تنبيهات]:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسائل تتعلقّ بهذا الحديث:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في استعمال الطيب عند الإحرام:

- ‌مسألتان تتعلّقان بالحديث المذكور:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌مسائل تتعلّق بحديث جابر رضي الله عنه هذا:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في أكل لحوم الخيل:

- ‌(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في أكل لحوم الحمر الأهليّة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجمالّي لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجمالّي لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌[تنبيهات]:

الفصل: ‌إيضاح المعنى الإجمالي لهذه الفقرة:

أَنَسٍ، وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَتَّشُوِا عَنْ مَوْضِعِ السَّمَاعِ فِي الْأَسَانِيدِ، كَمَا ادَّعَاهُ الَّذِي وَصَفْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ، وَإِنَّمَا كَانَ تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ مِنْهُمْ سَمَاعَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ، إِذَا كَانَ الرَّاوِي مِمَّنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ فِي الْحَدِيثِ، وَشُهِرَ بهِ، فَحِينَئِذٍ يَبْحَثُونَ عَنْ سَمَاعِهِ فِي رِوَايَتِهِ، وَيَتَفَقَّدُونَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ كَيْ تَنْزَاحَ عَنْهُمْ عِلَّةُ التَّدْلَيسِ، فَمَنِ ابْتَغَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُدَلِّسٍ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي زَعَمَ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ، فَمَا سَمِعْنَا ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ سَمَّيْنَا وَلَمْ نُسَمِّ مِنَ الْأَئِمَّةِ).

‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

بيّن رَحِمَهُ اللهُ تعالى بهذا الكلام أنه إذا كان السبب عند هذا المنتحل المخترع في ردّه الحديث المعنعن إذا لم يُعلَم سماع المعنعِنِ للمعَنعَن عنه إمكان الانقطاع في ذلك الحديث لزمه بمقتضى رأيه هذا أن لا يقبل حديثا معنعنًا ولو كان يُعلم سماع المعَنعِن للمعنعن عنه، إلا في نفس الحديث الذي صرّح فيه بالسماع؛ لما سبق لنا من أن أئمة الحديث أحيانًا يَحذفون الواسطة، ويذكرون السند منقطعًا، وأحيانًا يذكرون الواسطة، فيُسندون الخبر على الصفة التي نقلوه بها عن مشايخهم، وذلك حسب توفّر نشاطهم، وعدمه، وما علمنا أحدًا من أئمة السلف الذين يتفقّدون صحة الأسانيد، وضعفها، مثل الأئمة الذين ذكرهم أنهم فتّشوا عن موضع السماع على الإطلاق كما ادّعاه المخترع المذكور، وإنما يفتّشون عنه إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس، فيبحثون عند ذلك عن تصريحه بالسماع؛ لتزول عنهم علة التدليس. هذا خلاصة ما أشار إليه رَحِمَهُ اللهُ تعالى.

وناقشه العلّامة ابن رُشيد رحمهما الله تعالى، فقال -بعد أن ساق كلام المصنّف المذكور-: ما نصّه:

ثم قلت رحمك الله: وهذا النحو في الروايات كثير يكثر تعداده، وفيما ذكرنا منها كفاية لذوي الفهم

ثم ساق عبارة المصنّف السابقة برمّتها إلى قوله: "عن أحد ممن سمينا، ولم نسمّ من الأئمة"، ثم قال: انتهى كلامه محتويا على ثلاثة فصول:

(الأول): سؤال النقض بإلزام التنصيص على السماع في كلّ حديث حديث، وقد تقصينا الكلام فيه قبلُ، وتقصينا عن عهدته بما أغنى عن الإعادة.

(الثاني): الحكم أيضًا على هؤلاء الأئمة الذين نقصوا من الإسناد رجلًا أو أكثر أنهم أرسلوا؛ لأنهم غير مدلسين، وهذا يقتضي أن كثيرًا من الأسانيد المعنعنة مرسلة.

(الثالث): أنهم إنما كان تَفَقُّدُ من تَفَقَّد منهم سماعَ رواية الحديث ممن رَوَى عنهم إذا كان الراوي ممن عُرِف بالتدليس.

ص: 421

وهذان الفصلان مشكلان، فإنك قلت: إنهم يرسلون كثيرًا، وأن هذا في الروايات كثير يكثر تعداده (1).

وقلت: إن المعنعن يُحمَل على الاتصال حتى يتبين الانفصال (2)، وذلك ببادىء الرأي متناقض.

وقد كنتُ أَرَى قديمًا إبّان كنت مُقَلّدًا لك في دعوى الإجماع في أن "عن" محمولة على الاتصال ممن ثبتت معاصرته لمن رَوَى عنه أَنَّ مَنْ عنعن عمن سمع منه ما لم يَسمع مدلس، وكنتُ أرى أن دليلك على صحة مذهبك إنما ينتهض بهذا، وأُوافق في ذلك الإمام أبا عمرو بن الصلاح، حيث احتج لصحة هذا المذهب بأنه لو لم يكن قد سمعه منه لكان بإطلاقه الرواية عنه من غير ذكر الواسطة بينه وبينه مدلسا (3)، وكان ذلك عندي دليلًا راجحًا.

وأُضيفُ إلى ذلك ما استدل به أيضا الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر، حيث قال: ومن الدليل على أن "عن" محمولة عند أهل العلم بالحديث على الاتصال حتى يتبين الانقطاع فيها، ما حكاه أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل، أنه سئل عن حديث المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه:"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أعلى الخف وأسفله"، فقال: هذا الحديث ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي، فقال: عن ابن المبارك أنه قال: عن ثور: حُدِّثتُ عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، وليس فيه المغيرة، قال أحمد: وأما الوليد فزاد: "عن المغيرة"، وجعله ثور عن رجاء، ولم يسمعه ثور من رجاء؛ لأن ابن المبارك قال فيه: عن ثور: حُدِّثتُ عن رجاء، قال أبو عمر بن عبد البر: إلا ترى أن أحمد بن حنبل عاب على الوليد بن مسلم قوله: "عن" في منقطع لِيُدخِله في الاتصال، قال: فهذا بيان أن "عن" ظاهرها الاتصال، حتى يثبت فيها غير ذلك، قال: ومثل هذا عن العلماء كثير.

قال ابن رُشيد: وهذا الدليل الذي استدل به أبو عمر بن عبد البر كما تراه في غاية الضعف، فإنه استدلال بمسألة جزئية، والوليد بن مسلم معروف بالتدليس، بل

(1) هذا ذكره ابن رُشيد بالمعنى، وهو مأخوذ من قول الإمام مسلم:"فلما رأيتهم استجازوا رواية الحديث بينهم هكذا على الإرسال من غير سماع .... " المقدّمة ص (24) ومن قوله: "فجائز لكل واحد منهم أن ينزل في بعض الرواية فيسمع من غيره عنه بعض أحاديثه، ثم يُرسله عنه .... "، ومن قوله:"وما قلنا من هذا موجود في الحديث مستفيض .... "، ومن قوله: "الأئمة الذين نقلوا الأخبار أنهم كانت لهم تارات يُرسلون فيها الحديث إرسالًا

". أفاده محقق "السنن الأبين" ص 121.

(2)

وهذا أيضًا مذكور بالمعنى من قول الإمام مسلم بعد أن ذكر شرطه: "فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسّرنا، فالرواية على السماع أبدًا حتى تكون الدلالة التي بيّنّا. "المقدّمة" ص 23.

(3)

انظر المقدّمة ص 88.

ص: 422

بالتسوية، وهي شَرُّ أنواع التدليس، فَعَتَبَ أحمدُ على الوليد لِمَا عُرِف منه.

وكأن أبا عمرو بن الصلاح إنما انتزع دليله من هذا، ولكن أَتَى به كُلّيّا، فكان أنهض شيئًا.

فلما تتبعتُ أيها الإمام كلامك، وتبينت ما ذكرتَ فيه عن الأئمة الماضين، من أنهم يرسلون كثيرًا بلفظ العنعنة، وليسوا مدلسين، انتقض عليَّ ذلك الدليلُ، وضَعُفَ استدلالك أيها الإمام بمجرد العنعنة من المعاصر، فاحتجتُ إلى أن أزيد في ذلك قيدَ اللقاء أو السماع في الجملة، إذ لا أقلّ منه، وأن أَشتَرِط في حد التدليس ما قدمتُهُ من أَنْ يُعنعِن عمن سَمِعَ ما لم يَسْمَع موهمًا أنه سمعه، ولا يَفعَل ذلك حيث يوهم، ولولا ما فَهِمَ العلماء ذلك من قوم جِلَّةٍ ما عَدُّوهم مدلسين، وعَدُّوا مثلهم في الرتبة أو دونهم مرسلين، كما اقتضاه كلامك هنا، على أنك استعملت الإرسال استعمالَ الفقهاء، بمعنى ما ليس بمتصل، والمعروف من عرف المحدثين، هو ما أرسله التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسقطًا ذكر الصحابي.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: استعمال الإمام مسلم رحمه الله الإرسال لمطلق الانقطاع هو الذي عليه أئمة الحديث، فمن تتبَّع "سنن أبي داود"، و"سنن النسائي" يجد ذلك بكثرة، بل لا يكادان يستعملان في المنقطع غير لفظ الإرسال، وكذلك كتب المراسيل، كـ"مراسيل أبي داود"، وابن أبي حاتم، وغيرهما، فقول ابن رُشيد: والمعروف الخ محلّ نظر، فتأمّل بإنصاف، وسنعود إلى إتمام هذا البحث في المسائل الآتية آخر شرح المقدّمة، إن شاء الله تعالى.

قال ابن رُشيد: وقد وجدت معنى ما قلته بعدما قررته هذا التقرير للإمام أبي عمر ابن عبد البر، قال رحمه الله:

وجملة تلخيص القول في التدليس الذي أجازه من أجازه من العلماء بالحديث، هو أن يُحَدِّث الرجل عن شيخ قد لقيه، وسمع منه بما لم يسمع منه، وسمعه من غيره عنه، فَيُرِي أنه سمعه من شيخه ذلك، وإنما سمعه من غيره، أو من بعض أصحابه عنه، ولا يكون ذلك إلا عن ثقة، فإن دلس عن غير ثقة فهو تدليس مذموم عند جماعة أهل الحديث، وكذلك إن دلّس عمن لم يسمع منه، فقد جاوز حَدّ التدليس الذي رَخّص فيه من رخص من العلماء إلى ما ينكرونه ويذمونه، ولا يحمدونه، وبالله العصمة لا شريك له. انتهى كلامه (1).

وقد يَحسُن أن يُظَنَّ بمن فعل ذلك من الأئمة أنهم كانت لهم من مَشْيَخَتِهم إجازة،

(1)"التمهيد" 1/ 28.

ص: 423

فعنعنوا معتمدين عليها، فلما استُفسِروا عن السماع بينوه.

والمسألة مع هذا لا تخلو من كدر الإشكال، وقد أصفينا لكم منها ما استطعنا فيما تقدم، ورَوَّقْنَاه لِوُراده.

والكلام في التدليس وأنواعه وأحوال فاعليه يستدعي إطالةً لا يحتملها إيجاز هذا المختصر، وهذا القدر هنا كاف إن شاء الله. انتهى كلام ابن رُشيد رَحِمَهُ اللهُ تعالى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ولنعُد إلى استعراض بعض ما نُقل عن أئمة السلف ومن تبعهم من البحث عن محلّ السماع مع عدم ثبوت التدليس خلاف ما ادّعاه المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى على ما وعدنا به سابقًا، فنقول:

(اعلم): أن قول المصنّف رحمه الله: "وما علمنا أحدًا من أئمة السلف فتّشوا عن موضع السماع في الأسانيد إلخ" فيه نظر لا يخفى؛ لأنه قد ثبت عنهم التفتيش الذي نفاه:

فممن ثبت ذلك عنه شعبة بن الحجاج الإمام العلم المشهور رحمه الله، فقد نُقل عنه قوله:"فلان عن فلان مثله لا يُجزِي". وقوله: "كلّ حديث ليس فيه "حدثنا"، و"أخبرنا"، فهو مثل الرجل بالفلاة معه البعير، ليس له خطام". وقوله: "كلّ حديث ليس فيه "حدثنا"، و"أنبأنا" فهو خَلّ، أو بَقْل".

وقال شعبة أيضًا: قد أدرك رُفيع أبو العالية (1) عليّ بن أبي طالب، ولم يسمع منه شيئا. وقال: أدرك ربعيّ (2) عليّا، وحدّث عنه، ولم يقل سمع. وقال: لم يسمع أبو عبد الرَّحمن السُّلَميّ (3) من عثمان، ولا من ابن مسعود، ولكن سمع من عليّ رضي الله عنه. وأنكر شعبة سماع مجاهد (4) من عائشة رضي الله عنها.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الغرض من هذه النقول إثبات تفقّد شعبة لسماع المتعاصرين بعضهم من بعض، وإن لم يكونوا مدلّسين، خلاف ما قاله مسلم، وإلا فهذه الأسانيد قد أثبتَ السماعَ فيها غيره، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" حديث أبي العالية عن عليّ رضي الله عنه، وقد وقع تصريح ربعيّ عن عليّ رضي الله عنه في "الصحيحين"، وأخرج البخاريّ حديث أبي عبد الرَّحمن السلميّ، عن عثمان رضي الله عنه. ووقع تصريح مجاهد بسماعه من عائشة رضي الله عنها في "صحيح البخاريّ".

والحاصل أن شعبة هو ممن فتّش عن سماع الرواة المتعاصرين بعضهم من بعض،

(1) لم يوصف بالتدليس.

(2)

لم يوصف بالتدليس.

(3)

لم يوصف بالتدليس.

(4)

لم يوصف بالتدليس.

ص: 424

قال صالح جزرة: أول من تكلّم في الرجال شعبة، ثم تبعه القطان، ثم أحمد ويحيى (1). وذكر أبو داود الطيالسيّ أنه رأى رجلًا يقول لشعبة: قل: حدّثني، أو أخبرني، فقال شعبة: فقدتُك وعدِمتك، وهل جاء بهذا أحدٌ قبلي (2).

ومنهم: يحيى بن سعيد القطّان رحمه الله، فقد نُقل عنه قوله لما سئل: سمع زرارة (3) ابن عباس؟ قال: ليس فيها شيء سمعت. وقال في عبد الرَّحمن بن زبيبة (4): أظنه أدرك عبد الله بن عمرو، ولم يقل: سمعت بن عمرو، ولا رأيت. وقال: أبو سعيد الكوفي لم يقل: سمعت زيد بن أرقم، ونُقل عنه غير ذلك.

ومنهم: الشافعيّ رحمه الله، فقال: وكان قول الرجل: سمعت فلانًا يقول: سمعت فلانًا، وقوله: حدّثني فلان عن فلان سواءً عندهم لا يُحدّث واحد منهم عمن لقي إلا ما سمع منه، فمن عرفناه بهذه الطريق قبلنا منه: حدّثني فلان عن فلان (5).

وقد فسّر أبو بكر الصيرفيّ في "شرح الرسالة" كلام الشافعيّ هذا بأنه يُشترَط ثبوت السماع لقبول العنعنة، وأنه إذا علم السماع فهو على السماع حتى يُعلَم التدليس، وإذا لم يُعلَم سمع أو لم يسمع وُقف، فإذا صحّ السماع فهو عليه حتى يعلم غيره. انتهى (6).

ومنهم: الإمام يحيى بن معين رحمه الله، فقد سئل: يصح لسعيد بن المسيّب (7) سماع من عبد الرَّحمن بن أبي ليلى؟ فقال: لا. وسئل: سمع طاوس (8) من عائشة رضي الله عنها شيئًا؟ قال: لا أراه. وقال أيضًا: عطاء بن أبي رباح لم يسمع من ابن عمر شيئًا، ولكنه قد رآه، ولا يصح له سماع. وسئل: الزهري سمع من ابن عمر؟ قال: لا، قال: فرآه رؤية؟ قال: يشبه، ونُقل عنه غير هذا.

ومنهم: الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، فقد قال في يحيى بن أبي كثير: قد رأى أنسًا، فلا أدري سمع منه أم لا؟ . وقال: ابن جريج لم يسمع من طاوس ولا حرفًا، ويقول: رأيت طاوسًا. وقال: أبان بن عثمان (9) لم يسمع من أبيه، من أين سمع منه؟ . وقال أيضًا: عطاء بن أبي رباح قد رأى ابن عمر، ولم يسمع منه. ونُقل عنه كثير من هذا القبيل.

(1)"تهذيب التهذيب" 4/ 345.

(2)

"مقدمة الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 1/ 166.

(3)

لم يوصف بالتدليس.

(4)

لم يوصف بالتدليس.

(5)

"الرسالة" ص 378 - 379.

(6)

"شرح علل الترمذيّ" 1/ 360.

(7)

لم يوصف بالتدليس.

(8)

قليل التدليس.

(9)

لم يوصف بالتدليس.

ص: 425

ومنهم: الإمام عليّ بن المدينيّ، فقال: قيس بن أبي حازم سمع من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وسعد بن أبي وقّاص، فقيل له: هؤلاء كلهم سمع منهم قيس ابن أبي حازم سماعًا؟ قال: نعم سمغ منهم سماعًا، ولولا ذلك لم نعدّ له سماعًا (1).

ومنهم: الحافظ عمرو بن عليّ الفلّاس، فقد قال في شأن ميمون بن أبي شبيب (2): كان يُحدّث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس عندنا في شيء منه يقول: سمعت، ولم أُخبر أن أحدًا يزعم أنه سمع من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم. وسئل عن القاسم ابن عبد الرحمن (3) لقي أحدًا من الصحابة؟ قال: لا. ونُقل عنه غير هذا.

ومنهم: الإمام الناقد أبو زرعة الرازيّ رحمه الله، فقد قال في أبي أمامة بن سهل (4):"لم يسمع من عمر"، هذا مع أن أبا أمامة رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقال:"عمرو بن شُرحبيل (5) عن عمر مرسل"، هذا وعمرو أدرك الجاهليّة، وقد أثبت البخاريّ سماعه من عمر (6). وقال أيضًا:"عكرمة (7) عن عليّ مرسل". ولا شك في معاصرة عكرمة لعليّ رضي الله عنه.

ومنهم: محمد بن عوف الطائيّ الحمصيّ، أحد الأئمة، سئل هل سمع شُريح بن عُبيد (8) من أبي الدرداء؟ فقال: لا، فقيل له: فسمع من أحد من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما أظنّ ذلك، وذلك أنه لا يقول في شيء: سمعت، وهو ثقة.

ومنهم: أبو حاتم الرازيّ، فقد قال: الزهريّ لا يصحّ سماعه من ابن عمر، رآه ولم يسمع منه، ورأى عبد الله بن جعفر، ولم يسمع منه. وقال أيضًا في رواية ابن سيرين (9) عن أبي الدرداء: قد أدركه، ولا أظنّه سمع منه، ذاك بالشام، وهذا بالبصرة. وسأله ابنه هل أبو وائل (10) سمع من أبي الدرداء؟ قال: أدركه، ولا يحكي سماع شيء، أبو الدرداء كان بالشام، وأبو وائل كان بالكوفة، قال: كان يدلّس؟ قال: لا، هو كما يقول أحمد بن حنبل -يعني يرسل، ولا يدلّس-.

ومنهم: أبو بكر البزّار، قال: لا نعلم سمع محمود بن لبيد (11) من عثمان، وإن كان قديمًا. وقال أيضًا: روى مكحول عن جماعة من الصحابة: عن عبادة، وأم

(1)"العلل" لابن المدينيّ ص 49 - 50.

(2)

لم يوصف بالتدليس.

(3)

لم يوصف بالتدليس.

(4)

لم يوصف بالتدليس.

(5)

لم يوصف بالتدليس.

(6)

راجع "التاريخ الكبير" 6/ 341.

(7)

لم يوصف بالتدليس.

(8)

لم يوصف بالتدليس.

(9)

لم يوصف بالتدليس.

(10)

لم يوصف بالتدليس.

(11)

لم يوصف بالتدليس.

ص: 426

الدرداء، وحذيفة، وأبي هريرة، ولم يسمع منهم، وإنما أرسل عنهم، ولم يقل في حديث عنهم: حدّثنا.

ومنهم: الدارقطنيّ، قال: لا يثبت سماع سعيد من أبي الدرداء؛ لأنهما لم يلتقيا. وقال أيضًا: محمد بن جبير (1) لا يثبت سماعه من عثمان، فيكون حديثه هذا مرسلًا. وقال أيضًا: هذه كلها مراسيل، ابن بريدة (2) لم يسمع من عائشة رضي الله عنها. انتهى.

وهذا نصّ في كون الدارقطنيّ يشترط للاتصال ثبوت السماع، وإن أمكن اللقاء، فإن عبد الله بن بريدة وُلد سنة (15) فقد أدرك من حياة عائشة رضي الله عنها أكثر من أربعين عامًا، وهو ليس ممن يدلّس.

وقال أيضًا: قبيصة (3) لم يسمع من عمرو بن العاص. هذا مع أنه ممن وُلد في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يوصف بالتدليس، ومات عمرو بعد الأربعين، وقيل: بعد الخمسين.

ومنهم: البيهقيّ، فقد قال: عليّ بن رباح لم يثبت سماعه من ابن مسعود. هذا، مع أنه وُلد سنة (15) وكان موت ابن مسعود رضي الله عنه سنة (32).

وقال أيضًا في حديث رواه ابن بريدة عن عائشة رضي الله عنها: هذا مرسل، ابن بُريدة لم يسمع من عائشة رضي الله عنها. انتهى. وقد سبق الكلام في هذا.

وقال أيضًا: لن يثبت سماع عبد الله بن شدّاد من أسماء، وقد قيل فيه عن أسماء مرسل.

هذا مع أن عبد الله ممن قيل: ولد في عهده صلى الله عليه وسلم، وأسماء بنت عميس خالته، وقد ماتت بعد عليّ رضي الله عنه، فاحتمال سماعه منها قويّ جدًّا.

وقال أيضًا في حديث: هو منقطع بين عمرو بن دينار وأبي هريرة.

هذا مع أن عمرًا وُلد سنة (46) فسماعه من أبي هريرة رضي الله عنه ممكن (4).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه النصوص من هؤلاء الأئمة رحمهم الله جليّةٌ واضحة الدلالة على أنهم يبحثون للحكم باتصال عنعنة المعاصر عن ثبوت السماع.

والحاصل أنهم قد ثبت عنهم التفتيش عن محل السماع مطلقًا، سواء كان الراوي

(1) لم يوصف بالتدليس.

(2)

لم يوصف بالتدليس.

(3)

لم يوصف بالتدليس.

(4)

انظر ما كتبه الأخ الفاضل الشيخ خالد بن منصور بن عبد الله الدريس في كتابه "موقف البخاريّ ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين" ص 267 - 293.

ص: 427

مدلِّسًا، أم غير مدلّس، ولم يكتفوا بالمعاصرة، واحتمال اللقاء، كما ادّعاه المصنّف هنا.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وما قاله ابن المدينيّ، والبخاريّ هو مقتضى كلام أحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وغيرهم من أعيان الحفّاظ، بل كلامهم يدلّ على اشتراط ثبوت السماع كما تقدّم عن الشافعيّ رحمه الله، فإنهم قالوا في جماعة من الأعيان ثبتت لهم الرؤية لبعض الصحابة، وقالوا مع ذلك: لم يثبت لهم السماع منهم، فرواياتهم عنهم مرسلة، منهم الأعمش، ويحيى بن أبي كثير، وأيوب، وابن عون (1)، وقرّة بن خالد (2)، رأوا أنسًا، ولم يسمعوا منه، فرواياتهم عنه مرسلة. كذا قاله أبو حاتم، وقال أبو زرعة أيضًا في يحيى بن أبي كثير، ولم يجعلوا روايته عنه متّصلةً بمجرد الرؤية، والرؤية أبلغ من إمكان اللُّقِيّ (3).

وقال أيضًا: فإذا كان هذا قول هؤلاء الأئمة الأعلام، وهم أعلم أهل زمانهم بالحديث، وعلله، وصحيحه، وسقيمه، ومع موافقة البخاريّ وغيره، فكيف يصحّ لمسلم رحمه الله دعوى الإجماع على خلاف قولهم، بل اتّفاق هؤلاء الأئمة على قولهم هذا يقتضي حكاية إجماع الحفّاظ المعتدّ بهم على هذا القول، وأن القول بخلاف قولهم لا يُعرف عن أحد من نظرائهم، ولا عمن قبلهم ممن هو في درجتهم وحفظهم (4).

وقال أيضًا: وقد ذكرنا من قبلُ أن كلام الشافعيّ إنما يدلّ على مثل هذا القول، لا على خلافه، وكذلك حكاية ابن عبد البرّ عن العلماء، فلا يبعد حينئذ أن يقال:"هذا قول الأئمة من المحدّثين والفقهاء". انتهى كلام ابن رجب (5).

وبالجملة فما ذهب إليه الإمام مسلم رحمه الله هنا من أن هؤلاء الأئمة لم يفتّشوا عن محلّ السماع إلا إذا كان الراوي اشتهر بالتدليس مذهب لا يؤيّده الواقع؛ إذ قد سبق فيما أسلفناه من كلامهم أنهم لا يفرّقون بين المدلس وغيره في البحث عن ثبوت السماع، بل لا بدّ عندهم حتى تُحْمَل العنعنة على الاتصال من ثبوت السماع بين الْمُعَنْعِن والْمُعَنْعَن عنه مطلقًا.

فما ذهب إليه الجمهور من أن عنعنة المعاصر لا تحمل على الاتصال إلا إذا ثبت، لقاؤه له، وسماعه منه، ولو قليلًا هو الحقّ والصواب، فتأمّله بالإنصاف، ولا تَتَهَوَّر بالاعتساف، والله تعالى أعلم بالصواب.

(1) لم يوصف بالتدليس.

(2)

لم يوصف بالتدليس.

(3)

راجع "شرح علل الترمذيّ" ص 1/ 365 - 366.

(4)

المصدر المذكور ص 1/ 372.

(5)

المصدر المذكور ص 1/ 373.

ص: 428