الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا صحيحًا. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لم يسمع من سمرة بن جندب، ولم يدرك عاصم بن عدي. قال: وسئل أبي عن الفرائض التي رواها الشعبي، عن علي؟ فقال: هذا عندي ما قاسه الشعبي على قول علي، وما أرى عليا كان يتفرغ لهذا. وقال ابن معين: قضى الشعبي لعمر بن عبد العزيز. وقال أبو جعفر الطبري في "طبقات الفقهاء": كان ذا أدب، وفقه، وعلم، وكان يقول: ما حَلَلتُ حَبْوَتي إلى شيء مما ينظر الناس إليه، ولا ضربت مملوكا لي قط، وما مات ذو قرابة لي، وعليه دين إلا قضيته عنه. وحكى ابن أبي خيثمة في "تاريخه" عن أبي حصين قال: ما رأيت أعلم من الشعبي، فقال له أبو بكر بن عياش: ولا شُريح؟ فقال: تريدني أن أكذب، ما رأيت أعلم من الشعبي. وقال أبو إسحاق الْحَبّال: كان واحد زمانه في فنون العلم. انتهى. قيل: مات سنة (3) وقيل: (4) وقيل: (5) وقيل: (6) وقيل: (7) وقيل: عشرة ومائة. وقال أحمد بن حنبل، عن يحيى بن سعيد القطان: مات قبل الحسن بيسير، ومات الحسن بلا خلاف سنة (110). واختُلف في سنه، فقيل:(77)، وقيل:(79)، وقيل:(82)، والمشهور أن مولده كان لست سنين خلت من خلافة عمر. قال الحافظ: فعلى القول الأخير في وفاته، وعلى المشهور من مولده، يكون بلغ تسعين سنة. وقد قال أبو سعد ابن السمعاني: وُلد سنة عشرين، وقيل: سنة (31)، ومات سنة (109). وحكى ابن سعد عن الشعبي قال: وُلدت سنة جَلُولاء -يعني سنة (19). وقال ابن حبان في ثقات التابعين: كان فقيها، شاعرا، مولده سنة (20)، ومات سنة (109) على دعابة فيه. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(87) حديثًا.
وقال في "التقريب": ثقة، مشهور، فقيه، فاضلٌ، من الثالثة. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر:
(عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ) أنه (قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ الْهَمْدَانِيُّ) -بفتح، فسكون-: هو الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني الخارفي، أبو زهير الكوفي، ويقال: الحارث بن عبيد الله، ويقال: الْحُوتيّ، وحوت بطن من همدان. روى عن علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت. وغيرهم.
ورَوَى عنه الشعبي، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو البختري الطائي، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن مرة، وجماعة. قال مسلم في مقدمة "صحيحه": ثنا قتيبة، ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، حدثني الحارث الأعور، وكان كذابا. وقال منصور، ومغيرة، عن إبراهيم: إن الحارث اتهم. وقال أبو معاوية، عن محمد بن شيبة الضبي، عن أبي إسحاق: زعم الحارث الأعور، وكان كذابا. وقال يوسف بن موسى عن جرير: كان الحارث زيفًا. وقال أبو بكر بن عياش: لم يكن الحارث بأرضاهم. وقال
الثوري: كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث. وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه، غير أن يحيى حدثنا يوما عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن الحارث يعني عن علي:"لا يجد عبد طعم الإيمان، حتى يؤمن بالقدر"، فقال: هذا خطأ من شعبة، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عبد الله، وهو الصواب. وقال أبو خيثمة: كان يحيى بن سعيد يحدث عن حديث الحارث ما قال فيه أبو إسحاق: سمعت الحارث. وقال الجوزجاني: سألت علي بن المديني عن عاصم والحارث، فقال: مثلك يَسأل عن ذا؟ الحارث كذاب. وقال الدُّوري عن ابن معين: الحارث قد سمع من ابن مسعود، وليس به بأس. وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة، قال عثمان: ليس يتابع ابن معين على هذا. وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، ولا ممن يحتج بحديثه. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال في موضع آخر: ليس به بأس. وقال مجالد: قيل للشعبي: كنتَ تختلف إلى الحارث؟ قال: نعم، أَختَلِف إليه أتعلم منه الحساب، كان أحسب الناس. وقال أشعث بن سَوّار عن ابن سيرين: أدركت الكوفة، وهم يُقَدِّمُون خمسة، من بدأ بالحارث ثَنّى بعَبِيدة، ومن بدأ بعَبِيدة ثَنّى بالحارث. وقال علي بن مجاهد، عن أبي جَنَاب الكلبي، عن الشعبي: شهد عندي ثمانية من التابعين الْخُيّر، فالْخُيّر منهم: سويد بن غفلة، والحارث الهمداني، حتى عَدّ ثمانية أنهم سمعوا عليا يقول، فذكر خبرًا. وقال ابن أبي داود: كان الحارث أفقه الناس، وأحسب الناس، وأفرض الناس، تعلم الفرائض من علي. وقال البخاري في "التاريخ" عن أبي إسحاق: إن الحارث أوصى أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد الخطمي. وفي "مسند أحمد"، عن وكيع، عن أبيه، قال حبيب بن أبي ثابت لأبي إسحاق، حين حدث عن الحارث، عن علي، في الوتر: يا أبا إسحاق يساوي حديثك هذا ملء مسجدك ذهبًا. وقال الدارقطني: الحارث ضعيف. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال ابن حبان: كان الحارث غاليا في التشيع، واهيا في الحديث، مات سنة (65) وكذا ذكر وفاته إسحاق الْقَرّاب في "تاريخه". وقال ابن أبي خيثمة: قيل ليحيى: يحتج بالحارث؟ فقال: ما زال المحدثون يقبلون حديثه. وقال ابن عبد البر في "كتاب العلم" له لَمّا حكى عن إبراهيم أنه كَذّب الحارث: أظن الشعبي عوقب بقوله في الحارث: كذاب، ولم يَبِنْ من الحارث كَذِبه، وإنما نُقِم عليه إفراطه في حب علي. وقال ابن سعد: كان له قول سوء، وهو ضعيف في رأيه، تُوفي أيام ابن الزبير. وقال ابن شاهين في "الثقات": قال أحمد بن صالح المصري: الحارث الأعور ثقة، ما أحفظه، وما أحسن ما روى عن علي، وأثنى عليه، قيل له: فقد قال الشعبي: كان يكذب، قال: لم يكن
يكذب في الحديث، إنما كان كذبه في رأيه. وقال الذهبي في "الميزان": والنسائي مع تعنته في الرجال، قد احتج به، والجمهور على توهينه، مع روايتهم لحديثه في الأبواب، وهذا الشعبي يُكَذّبه، ثم يروي عنه، والظاهر أنه يكذّب حكاياته، لا في الحديث (1). قال الحافظ: لم يحتج به النسائي، وإنما أخرج له في "السنن" حديثًا واحدًا، مقرونا بابن ميسرة، وآخر في "اليوم والليلة" متابعةً، هذا جميع ما له عنده. أخرج له الأربعة.
وقال في "التقريب": كذّبه الشعبيّ في رأيه، ورُمي بالرفض، وفي حديثه ضعف، وهو من الثانية. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فتبيّن بهذا أن تكذيب الحارث في رأيه، لا في روايته، وروايته فيها أيضًا ضعف، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتهور بالاعتساف. والله تعالى أعلم.
(وَكَانَ كَذَّابًا) قد عرفت آنفًا أن تكذيبه يعود إلى رأيه، وأما روايته، فهي وإن كان فيها ضعف، إلا أنه لم يُكَذّبه فيها، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رحمه الله تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
50 -
(حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُفَضَّلٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 -
(أَبُو عَامِرٍ، عَبْدُ الله بْنُ بَرَّادٍ (2) الْأَشْعَرِيُّ) هو: عبد الله بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، الكوفي، وهو عم عبد الله بن عامر بن براد، روى عن أبي أسامة، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن فضيل، وغيرهم. وروى عنه البخاري تعليقا في موضع واحد، ومسلم، وأبو زرعة، وموسى بن هارون، وعبدان الأهوازي، وغيرهم. قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس به بأس، كان معنا بالكوفة. وذكره ابن
(1) وعبارة "الميزان" ج 1 ص 172: "والظاهر أنه كان يكذب في لهجته وحكاياته، وأما في الحديث النبويّ فلا، وكان من أوعية العلم". انتهى.
(2)
بفتح الباء الموحّدة، وتشديد الراء.
حبان في "الثقات". قال الحضرمي، وموسى بن هارون: مات في جمادى الآخرة، سنة أربع وثلاثين ومائتين. وروى ابن ماجه أحاديث عن عبد الله بن عامر بن براد، نسبه في بعضها إلى جده، فيظن الظان أنه هذا، وليس به. قال صاحب "الزهرة": روى عنه مسلم سبعة وعشرين حديثًا (1). وقال ابن قانع: صالح.
وقال في "التقريب": صدوقٌ، من العاشرة.
2 -
(أَبُو أُسَامَةَ) هو: حماد بن زيد القرشي مولاهم، الكوفي، روى عن هشام بن عروة، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، ومجالد، وغيرهم. وروى عنه الشافعي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم الجوهري، وغيرهم. قال حنبل بن إسحاق عن أحمد: أبو أسامة ثقة، كان أعلم الناس بأمور الناس، وأخبار أهل الكوفة، وما كان أرواه عن هشام بن عروة. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: أبو أسامة أثبت من مائة مثل أبي عاصم، كان صحيح الكتاب، ضابطا للحديث، كَيِّسًا، صدوقا. وقال أيضا عن أبيه: كان ثبتًا، ما كان أثبته، لا يكاد يخطىء. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: أبو أسامة أحب إليك، أو عبدة؟ قال: ما منهما إلا ثقة. وقال عبد الله بن عمر بن أبان: سمعت أبا أسامة يقول: كتبت بإصبعي هاتين مائة ألف حديث. وقال ابن عمار: كان أبو أسامة في زمن الثوري يُعَدّ من النُّسّاك. وقال العجلي بسنده عن سفيان: ما بالكوفة شاب أعقل من أبي أسامة. وقال ابن سعد: كان ثقة، مأمونًا، كثير الحديث، يدلس، ويبين تدليسه، وكان صاحب سنة وجماعة. وقال العجلي: كان ثقة، وكان يُعَدّ من حكماء أصحاب الحديث. وقال ابن قانع: كوفي صالح الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الآجري عن أبي داود: قال وكيع: نهيت أبا أسامة أن يستعير الكتب، وكان دفن كتبه. وحكى الأزدي في "الضعفاء" عن سفيان بن وكيع قال: كان أبو أسامة يتتبع كتب الرواة، فيأخذها، وينسخها. قال لي ابن نمير إن المحسن لأبي أسامة يقول: إنه دفن كتبه، ثم تتبع الأحاديث بعدُ من الناس، قال سفيان بن وكيع: إني لأعجب كيف جاز حديث أبي أسامة، كان أمره بيّنًا، وكان من أسرق الناس لحديث جيد.
قال الحافظ في "التهذيب" بعد أن حكى قول الأزديّ: ما نصّه: وحكى الذهبي أن الأزدي قال هذا القول عن سفيان الثوري، وهذا كما ترى لم ينقله الأزدي إلا عن سفيان بن وكيع، وهو به أليق، وسفيان بن وكيع ضعيف. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حاصل ما أشار إليه الحافظ رحمه الله تعالى أن هذا
(1) الذي في برنامج الحديث (صخر) أن له في "صحيح مسلم"(24) حديثًا.
الكلام لسفيان بن وكيع، لا لسفيان الثوريّ، سفيان بن وكيع ضعيف، فكيف يؤخذ منه جرح الثقة الثبت حماد بن أسامة؟ بل هو الأحقّ بالطعن؛ لطعنه في إمام ثبت حجة. والله تعالى أعلم.
قال العجلي: مات في شوال سنة إحدى ومائتين. وكذا قال البخاري، وزاد: وهو ابن ثمانين سنة فيما قيل. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(246) حديثًا.
وقال في "التقريب": ثقة ثبتٌ، ربّما دلّس، وكان بآخره يحدّث من كتب غيره، من كبار التاسعة. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أما تدليسه، فقد عرفت فيما سبق آنفًا أنه كان يُبيّنه. وأما تحديثه من كتب غيره، ففيه نظر، كما أسلفته آنفًا. والله تعالى أعلم.
3 -
((مُفَضَّل) -بضم الميم، وفتح الفاء، وفتح الضاد المعجمة المشدّدة- ابن مُهَلْهَل -بضم الميم، وفتح الهاءين، بينهما لام ساكنة- السعدي، أبو عبد الرحمن الكوفي، رَوَى عن الأعمش، ومنصور، ومغيرة، والحسن بن عبيد الله، وبيان بن بشر، وغيرهم. وروى عنه جرير، وابن إدريس، وأبو أسامة، وغيرهم.
قال صالح بن أحمد عن أبيه: رجل صالح. وقال ابن معين، وأبو زرعة، والنسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق ثقة، وكان من أقران الثوري، وهو أحب إلي من أخيه الفضل. وقال العجلي: كان ثقة ثبتا صاحب سنة وفضل وفقه ثبتا في الحديث، ولما مات الثوري جاء أصحابه إلى المفضل، وقالوا: تجلس لنا مكانه فأبى. وقال الآجري عن أبي داود: قال رجل لعبد الرزاق: أما رأيت الرجل الذي كان مع سفيان؟ قال: ذاك الراهب -يعني المفضل بن مهلهل-. قال أبو داود: وخرج مع سفيان إلى اليمن مضاربا له. ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان من العباد الْخُشُن، ممن يفضل على الثوري، مات سنة سبع وستين ومائة، لا أحفظ له من تابعي سماعا، ولست أنكر أن يكون سمع من إسماعيل بن أبي خالد. وقال ابن سعد: كان ثقة. وقال ابن شاهين في "الثقاث": قال علي بن المديني: كان ثقة. وقال أبو بكر البزار: ثقة. وقال أبو عوانة في "صحيحه": كان من النبلاء.
وقال في "التقريب": ثقة ثبتٌ نبيلٌ عابدٌ، من السابعة. انتهى.
أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه، وله في "صحيح مسلم" سبعة أحاديث برقم 484 و 534 و 1353 و 1639 و 1682 و 1353 و 2125.
4 -
(مُغِيرَةُ) تقدّم أنه بضم الميم، وتكسر، وهو ابن مِقْسم الضبيّ، تقدّم في 3/ 23.