الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ححاج بن محمد عن شعبة: كان مغيرة أحفظ من الحكم، وفي رواية: أحفظ من حماد. وقال ابن فضيل: كان يدلس، وكنا لا نكتب عنه إلا ما قال: حدثنا إبراهيم. وقال أبو بكر بن عياش: ما رأيت أحدا أفقه من مغيرة فلزمته، وفي رواية: كان من أفقههم. وقال جرير عن مغيرة: ما وقع في مسامعي شيء فنسيته. وقال معتمر: كان أبي يحثني على حديث مغيرة. وقال أبو حاتم عن أحمد: حديث مغيرة مدخول، عامة ما روى عن إبراهيم إنما سمعه من حماد، ومن يزيد بن الوليد، والحارث الْعُكْلي، وعُبَيدة، وغيرهم، قال: وجعل يضعف حديث مغيرة عن إبراهيم وحده، قال: وكان إبراهيم صاحب سنة، ذكيًّا حافظًا. وقال ابن أبي مريم عن ابن معين: ثقة مأمون. وقال العجلي: مغيرة ثقة فقيه الحديث، إلا أنه كان يرسل الحديث عن إبراهيم، فإذا وُقِّف أخبرهم ممن سمعه، وكان من فقهاء أصحاب إبراهيم، وكان عثمانيا. وقال النسائي: مغيرة ثقة. وقال ابن فضيل عن أبيه: كنا نجلس أنا ومغيرة وعَدَّ ناسا نتذاكر الفقه، فربما لم نَقُم حتى نسمع النداء لصلاة الفجر. قال أبو نعيم: مات بعد منصور سنة اثنتين. وقال أحمد بن حنبل: أُخبرت أنه مات سنة ثلاث. وقال ابن نمير: مات سنة ثلاث. وقال ابن معين: سنة أربع. وقال العجلي: تُوفّي سنة ست وثلاثين ومائة.
وقال في "التقريب": ثقة متقنٌ، إلا أنه كان يُدلّس، ولا سيّما عن إبراهيم، من السادسة.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(16) حديثًا. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر:
عن أبي بكر بن عيّاش رَحِمَهُ اللهُ تعالى، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ) بن مقسم رَحِمَهُ اللهُ تعالى (يَقُولُ: لم يَكُنْ يَصْدُقُ) قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ضُبط على وجهين: أحدهما: بفتح الياء، وإسكان الصاد، وضمّ الدال. والثاني: بضم الياء، وفتح الصاد، والدال المشدّدة. انتهى (1). (عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ، إِلَّا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ) قال النوويّ: هكذا هو في الأصول: "إلا من أصحاب"، فيجوز في "من" وجهان: أحدهما: أنها لبيان الجنس. والثاني: أنها زائدة. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كونها زائدة هو الأظهر، فـ "أصحاب عليّ" مرفوع على الفاعليّة ليصدُق على الضبط الأول، وعلى أنه نائب فاعله على الضبط الثاني، والاستثناء مفرّغ فيهما.
(1)"شرح مسلم" 1/ 83 - 84.
فالمعنى على الأول: لم يكن يصدُق: أي لم يكن يروي حديث صدق إلا أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه. وعلى الثاني: لم يكن يُصدّق: أي لم يكن يُنسب إلى الصدق، ويُقبل حديث عليّ رضي الله عنه منه إلا أصحابه رضي الله عنهم.
وحاصل المعنى: أن الناس قد تغيّروا، وكثر فيهم الكذابون، والوضّاعون، ولا سيّما على عليّ رضي الله عنه، فكان طلّاب العلم لا يقبلون حديث عليّ رضي الله عنه إلا ممن يرونه صادقًا لهجته، مستقيمًا في دينه، وهم أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه، كعلقمة، وأبي وائل، ومسروق، والأسود بن يزيد، وأخيه عبد الرحمن، وغيرهم من خيار التابعين الذين لازموا ابن مسعود رضي الله عنه، واقتفوا آثاره، كما أخذوا علم عليّ رضي الله عنه واهتدوا بهديه، فإنهم كانوا أصحاب صدق، واستقامة، وحفظ، وإتقان، فكانوا محلِّ ثقة لطلاب العلم، ورُوّاده، بخلاف من ينتسب إلى عليّ رضي الله عنه زورًا، ويفتعل عليه بهتانًا من أصحاب الأهواء المنحرفة، من الرافضة، والشيعة، فإنهم معروفون بالكذب عليه. والله تعالى أعلم.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: خلاصة ما أشار إليه المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بإيراد هذه الأحاديث، والآثار في هذا الباب التحذير من قبول رواية المجهولين، وأنه يجب الاحتياط في أخذ الحديث، فلا يُقبل إلا من أهله، وأنه لا ينبغي أن يُروى عن الضعفاء. وبالله تعالى التوفيق. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
5 -
(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ، وَأَنَّ الرِّوَايَةِ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنِ الثِّقَاتِ، وَأَنَّ جَرْحَ الرُّوَاةِ بِمَا هُوَ فِيهِمْ جَائِزٌ، بَلْ وَاجِبٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرِّمَةِ، بَلْ مِنَ الذَّبِّ عَنِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ):
قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
26 -
(حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 -
(حسن بن الربيع) بن سليمان البجليّ القسريّ، أبو عليّ الكوفيّ الْبُورانيّ -بضمّ الموحّدة- الحصّار، ويقال: الخشّاب.
روى عن أبي إسحاق الفزاري، وعبد الله بن إدريس، وحماد بن زيد، وغيرهم. وعنه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وروى له الباقون بواسطة أبي الأحوص قاضي عكبرا، وعمرو بن منصور النسائي، ومحمد بن يحيى بن كثير الحراني، وغيرهم.
قال العجلي: كان يبيع الْبَوَارِي، كوفي ثقة، رجل صالح متعبد. وقال أبو حاتم: كان من أوثق أصحاب ابن إدريس. وقال ابن خراش: كوفي ثقة، كان يبيع القصب. وقال الحسن بن الربيع: كتب عني أحمد بن حنبل. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: كنت أحسب أنه مكسور العنق؛ لانحنائه حتى قيل لي بعدُ: إنه لا ينظر إلى السماء. وقال ابن شاهين في "الثقات" قال عثمان بن أبي شيبة: الحسن بن الربيع صدوق، وليس بحجة. وقال ابن حبان في "الثقات". هو الذي غَمَّضَ ابنَ المبارك، ودفنه. وقال البخاري: مات سنة (220)، أو نحوها. وقال ابن سعد: مات سنة (21) في رمضان.
وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة. وله في "صحيح مسلم"(14) حديثًا.
2 -
(حماد بن زيد) بن درهم الأزديّ الجهضميّ، أبو إسماعيل البصريّ الأزرق، مولى آل جرير بن حازم.
رَوَى عن ثابت البناني، وأنس بن سيرين، وعبد العزيز بن صهيب، وخلق كثير. وروى عنه ابن المبارك، وابن مهدي، وابن وهب، والقطان، وابن عيينة، وهو من أقرانه، والثوري وهو أكبر منه، وإبراهيم بن أبي عبلة، وهو في عداد شيوخه، وخلق كثير.
قال رسته: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: أئمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة. وقال ابن مهدي: ما رأيت أعلم من هؤلاء: فذكرهم سوى الأوزاعي. وقال فطر بن حماد: دخلت على مالك، فلم يسألني عن أحد من أهل البصرة إلا عن حماد بن زيد. وقال ابن مهدي: لم أر أحدا قط أعلم بالسنة، ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد. وقال أبو حاتم: قال ابن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه من حماد بن زيد. وقال محمد بن المنهال الضرير: سمعت يزيد بن زريع، وسئل ما تقول في حماد ابن زيد، وحماد بن سلمة، أيهما أثبت؟ قال: حماد بن زيد، وكان الآخر رجلا صالحا. وقال وكيع، وقيل له: أيهما أحفظ؟ فقال: حماد بن زيد، ما كنا نشبهه إلا بمسعر. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت أحفظ منه. وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث، حماد من أئمة المسلمين، من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة. وقال يحيى بن معين: حماد بن زيد
أثبت من عبد الوارث، وابن علية، والثقفي، وابن عيينة. وقال أيضا: ليس أحد أثبت في أيوب منه. وقال أيضا: من خالفه من الناس جميعا فالقول قوله في أيوب. وقال أبو زرعة: حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة بكثير، وأصح حديثا وأتقن. وقال أبو عاصم: مات حماد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيئته ودَلِّه. وقال خالد بن خداش: كان من عقلاء الناس، وذوي الألباب. وقال يزيد بن زريع يوم مات: اليوم مات سيد المسلمين. وقال محمد بن سعد: كان عثمانيا، وكان ثقة ثبتا حجة كثير الحديث. وقال أبو زرعة: سمعت أبا الوليد يقول: ترون حماد بن زيد دون شعبة في الحديث؟ . وقال عبد الله بن معاوية الجمحي: حدثنا حماد بن سلمة بن دينار، وحماد بن زيد بن درهم، وفضل ابن سلمة على ابن زيد، كفضل الدينار على الدرهم. وقال ابن منجويه، وابن حبان: كان ضريرا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا يردّه ما رواه ابن أبي خيثمة، قال: سأل إنسان عبيد الله بن عمر: كان حماد أميا؟ قال: أنا رأيته، وأتيته يوم مطر، فرأيته يكتب، ثم ينفخ فيه ليجف، قال: وسمعت يحيى يقول: لم يكن أحد يكتب عند أيوب إلا حماد، إلا أن يُجاب -كما قال الحافظ- بأن العمى طرأ عليه. والله تعالى أعلم.
وقال ابن حبان في "الثقات": وقد وهم من زعم أن بينهما كما بين الدينار والدرهم، إلا أن يكون القائل أراد فضل ما بينهما مثل الدينار والدرهم في الفضل والدين؛ لأن حماد بن سلمة كان أفضل، وأدين، وأورع من حماد بن زيد. وقال الخليلي: ثقة متفق عليه، رضيه الأئمة، قال: والمعتمد في حديث يرويه حماد، ويخالفه غيره عليه، والرجوع إليه. قال خالد بن خداش: وُلد سنة (98). وقال عارم وجماعة: مات في رمضان سنة (179).
وقال في "التقريب": ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(199) حديثًا.
3 -
(أيوب) السختياني تقدمت ترجمته (1).
4 -
(هشام) بن حسّان الأزديّ الْقُرْدوسيّ -بضم القاف، والدال- يقال: كان نازلا في القراديس، ويقال: مولاهم، أحد الأعلام، أبو عبد الله البصريّ.
رَوَى عن حميد بن هلال، والحسن البصري، ومحمد، وأنس، وحفصة بني
(1) تقدّمت عند قول المصنّف: "وفي مثل هؤلاء إذا وازنت بين الأقران الخ".
سيرين، وغيرهم. وعنه عكرمة بن عمار، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة، وزائدة والحمادان، والسفيانان، وخلق كثير.
قال عارم: ثنا حماد بن زيد، عن سعيد بن أبي صدقة، أن محمد بن سيرين قال: هشام منا أهل البيت، قال حماد: وكان أيوب يقول: سل لي هشاما عن حديث كذا. وقال سعيد بن أبي عروبة: ما رأيت أحفظ عن محمد بن سيرين من هشام. وقال نعيم بن حماد: سمعت ابن عيينة يقول: لقد أتى هشام أمرا عظيما بروايته عن الحسن، قيل لنعيم: لم؟ قال: إنه كان صغيرا، قال نعيم: قال ابن عيينة: وكان هشام أعلم الناس بحديث الحسن. وقال أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن علية: ما كنا نَعُدّ هشام بن حسان في الحسن شيئا. وقال إبراهيم بن مهدي: سمعت حماد بن زيد يقول: أنبأنا هشام وأيوب، وحسبك بهشام. وقال مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان: ما كتبت للحسن حديثا قط، إلا حديث الأعماق. وقال علي عن يحيى بن سعيد: هشام بن حسان في ابن سيرين أحب إلي من عاصم الأحول، وخالد الحذاء، وهو عندي في الحسن دون محمد بن عمرو -يعني الأنصاري. وقال حجاج بن المنهال: كان حماد بن سلمة لا يختار على هشام في ابن سيرين أحدًا. وقال ابن المديني: كان يحيى بن سعيد، وكبار أصحابنا يُثَبِّتون هشام بن حسان، وكان يحيى يضعف حديثه عن عطاء، وكان الناس يرون أنه أخذ حديثه عن حَوْشَب. وقال ابن المديني أيضا: أما حديث هشام عن محمد فصحاح، وحديثه عن الحسن عامتها يدور على حوشب، وهشام أثبت من خالد الحذاء في ابن سيرين، وهشام ثَبْتٌ. وقال العجلي: بصري ثقة، حسن الحديث، يقال: إن عنده ألف حديث حسن ليست عند غيره. وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله تعالى، كثير الحديث. وقال ابن شاهين في "الثقات": قال عثمان بن أبي شيبة: كان ثقة. وقال أبو داود: إنما تكلموا في حديثه عن الحسن وعطاء؛ لأنه كان يرسل، وكانوا يرون أنه أخذ كتب حَوْشَب. وقال ابن عدي: أحاديثه مستقيمة، ولم أر في حديثه منكرًا، وهو صدوق. وقال أبو بكر بن أبي شيبة وغيره: مات سنة ست. وقال يحيى القطان وغيره: مات سنة سبع. وقال الترمذي وغيره: مات سنة ثمان وأربعين ومائة. قلت وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مات سنة سبع أو ثمان، وكان من العباد الْخُشُن البكائين.
وقال في "التقريب": ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن، وعطاء مقال: لأنه قيل: كان يرسل عنهما، من السادسة.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(54) حديثًا.
[تنبيه]: كون هشام المذكور في هذا السند هو ابن حسّان القردوسيّ هو الذي في
شرح النوويّ 1/ 84، وهو الصواب، ووقع في شرح القاضي عياض 1/ 124 أنه الدستوائيّ، وهو غلطٌ، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
5 -
(فضيل) بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي اليربوعي، أبو علي الزاهد الخراساني، نزيل مكة.
رَوَى عن الأعمش، ومنصور، وعبيد الله بن عمر، وهشام بن حسان، وغيرهم. وروى عنه الثوري، وهو من شيوخه، وابن عيينة، وهو من أقرانه، وابن المبارك، ومات قبله، ويحيى القطان، وابن مهدي، وحسين بن علي الجعفي، وخلق كثير.
قال أبو عمار الحسين بن حريث: سمعت الفضل بن موسى يقول: كان الفضيل ابن عياض شاطرًا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته، أنه عَشِقَ جارية، فبينما هو يرتقي الجدران إليها، إذ سمع تاليا يتلو:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16]، فلما سمعها قال: بلى يا رب قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خَرِبة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم: حتى نُصبح، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت قلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين يخافونني هَهنا، وما أرى الله ساقني إليهم، إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام. وقال إبراهيم بن محمد الشافعي: سمعت ابن عيينة يقول: فضيل ثقة. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: قال ابن مهدي: فضيل بن عياض رجل صالح، ولم يكن بحافظ. وقال العجلي: كوفي ثقة متعبد، رجل صالح، سكن مكة. وقال الحسين بن إدريس، عن أبي عمار: ليت فضيلا كان يحدثك بما يعرف، قلت: ترى حديثه حجة، قال: سبحان الله. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ثقة مأمون، رجل صالح. وقال الدارقطني: ثقة. وقال ابن سعد: وُلد بخراسان بكُورة أبيورد، وقدم الكوفة، وهو كبير، فسمع الحديث من منصور، وغيره، ثم تعبد، وانتقل إلى مكة، فنزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومائة، وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا كثير الحديث. وفي سنة سبع أرخه غير واحد، زاد بعضهم: في أول المحرم، وقيل: يوم عاشوراء. وقيل: مات سنة ست وثمانين. وقال أبو وهب محمد بن مزاحم عن ابن المبارك: وأما أورع الناس ففضيل بن عياض. وقال إبراهيم بن شماس عن ابن المبارك: ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من فضيل. وقال ابن أبي خيثمة عن عبيد الله بن عمر القواريري: أفضل من رأيت من المشايخ، فذكره فيهم ثانيًا. وقال النضر بن شميل: سمعت هارون الرشيد يقول: ما رأيت في العلماء أهيب من مالك، ولا أورع من الفضيل. وقال الهيثم بن جميل عن شريك: لم يزل لكل قوم حجة في زمانهم، وأن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه، وقيل: عن
الهيثم نفسه مثل ذلك. وقال بشر بن الحارث: عشرة كانوا يأكلون الحلال، لا يدخل بطونهم غيره، ولو استفّوا التراب، فذكره فيهم. وقال إبراهيم بن الأشعث، خادم الفضيل: ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل، كان إذا ذكر الله عنده، أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن، وفاضت عيناه فبكى، حتى يرحمه من بحضرته. وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري: ما رأيت أحدا كان أخوف على نفسه، ولا أرجى للناس من الفضيل، وكان صحيح الحديث، صدوق اللسان، شديد الهيبة للحديث إذا حدث. وقال أبو بكر بن عفان: سمعت وكيعا يوم مات الفضيل بن عياض يقول: ذهب الحزن اليوم من الأرض، وقال ابن شاهين في "الثقات": قال عثمان بن أبي شيبة: كان ثقة صدوقا، وليس بحجة. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: أقام بالبيت الحرام مجاورا مع الجهد الشديد، والورع الدائم، والخوف الوافر، والبكاء الكثير، والتخلي بالوحدة، ورفض الناس، وما عليه أسباب الدنيا إلى أن مات بها. وقال ابن المبارك: إذا نظرت إلى فضيل جُدّد لي الحزن، ومَقَتُّ نفسي، ثم بكى.
وقال في "التقريب": ثقة عابد إمام، من الثامنة.
أخرج له الجماعة، سوى ابن ماجه، وله في "صحيح مسلم" سبعة أحاديث برقم 641 و 889 و 947 و 1700 و 4294 و 4992 و 5048.
6 -
(مخلد (1) بن حسين) الأزدي المهلبيّ، أبو محمد البصري، نزيل المصيصة.
رَوَى عن الأوزاعي، وابن جريج، وهشام بن حسان، وغيرهم. وروى عنه ابن بنته داود بن معاذ العتكي، وأبو إسحاق الفزاري، وابن المبارك، وغيرهم. قال العجلي: ثقة رجل صالح، كان من عقلاء الرجال. وقال المسيب بن واضح: حدثنا مخلد بن الحسين، وما رأيت في زماننا أوفى عقلا منه. وقال أبو داود: كان أعقل أهل زمانه. وقال ابن سعد: كان ثقة فاضلا. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان من العُبّاد الْخُشُن، ممن لا يأكل إلا الحلال المحض. قال ابن أبي عاصم، وغيره: مات سنة إحدى وتسعين.
وقال في "التقريب": ثقة، فاضلٌ، من كبار التاسعة.
أخرج له مسلم في "المقدّمة" فقط، والنسائيّ.
7 -
(محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم، أبو بكر بن أبي عمرة البصري الإمام المشهور تقدمت ترجمته في أوائل هذا الشرح.
(1) بفتح الميم، وسكون الخاء المعجمة، وفتح اللام.