المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إيضاح الشرح التفصيلي لهذه الفقرة: - قرة عين المحتاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

فهرس الكتاب

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌شرح الأثر:

- ‌مسألتان تتعلّقان بهذا الأثر:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌‌‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌(المسألة الأولى): في حدّ الغيبة لغةً، وشرعًا:

- ‌(المسألة الثانية): في حكم الغيبة:

- ‌(المسألة الرابعة): قد وردت أحاديث في فضل من ردّ عن عرض أخيه:

- ‌(المسألة الخامسة): في المواضع التي تباح فيها الغيبة:

- ‌[تنبيهات]:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسائل تتعلقّ بهذا الحديث:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في استعمال الطيب عند الإحرام:

- ‌مسألتان تتعلّقان بالحديث المذكور:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌مسائل تتعلّق بحديث جابر رضي الله عنه هذا:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في أكل لحوم الخيل:

- ‌(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في أكل لحوم الحمر الأهليّة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجمالّي لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجمالّي لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌[تنبيهات]:

الفصل: ‌إيضاح الشرح التفصيلي لهذه الفقرة:

‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

(فَإِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ) أي السبب (عِنْدَ مَنْ وَصَفْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ) بالبناء على الضم؛ لقطعه عن الإضافة ونيّة معناها (فِي فَسَادِ الْحَدِيث) متعلّق بـ "العلّة"(وَتَوْهِينِهِ) أي تضعيفه (إِذَا لَمْ يُعْلَمْ) يحتمل أن يكون بالبناء للفاعل، والضمير يعود على "من" في قوله:"عند من وصفنا"، ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول، ونائب الفاعل قوله (أَنَّ الرَّاوِيَ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها في موضع المفرد، حيث سدّت مسدّ مفعولي "يعلم"، كما قال في "الخلاصة":

وَهَمْزَ "إِنَّ" افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ

مَسَدَّهَا وَفِي سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ

(قَدْ سَمِعَ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا) أي ولو قليلا، فالتنكير للتقليل، وقوله (إِمْكَانَ الْإِرْسَالِ فِيهِ) بالنصب على الخبريّة لـ "كانت"، وهذا هو الذي في النسخ التي بين يديّ، كنسخة شرح القاضي عياض، وشرح النووي، والأبيّ، وغيرها، وأشار في هامش بعض النسخ إلى أنه وقع بلفظ "لمكان الإرسال" بزيادة اللام، قال السنديّ رحمه الله: الظاهر أن قوله: "لمكان الإرسال" هو خبر "كانت"، فالوجه حذف اللام، ويقال:"إمكانَ الإرسال"، وأما مع اللام فوجهه أن يقال: إن قوله: "لإمكان الإرسال" مذكور على أنه من كلام المستدلّ، أي فإذا كانت العلّة هو ذكره بقوله:"لإمكان الإرسال". انتهى.

وكتب بعضهم بعد ذكر كلام السنديّ المذكور: ما نصّه: ثم اعلم أن النسخ هَهنا مختلفة، ففي النسخة الهنديّة التي بأيدينا "لمكان الإرسال"، وفي النسخة المصريّة بدله:"مكانَ الإرسال"، وكتب في هامش النسخة الهنديّة قوله:"لمكان" كذا في النسخ، ولعله "إمكان الإرسال" كما سبق مثل هذه العبارة في السطر الحادي عشر من الصفحة السابقة، فيكون خبر "فإذا كانت" كما هو فيما قبله، ويجوز أن يكون الخبر "عند من": أي إذا كانت العلّة المذكورة معتبرةً عند من، فحينئذ "لمكان" صحيح، فيكون متعلّقًا بمعتبرة. انتهى. وقد عرفت أن في النسخ المصريّة بلفظ "إمكان"، قلت: وهل يمكن أن يكون هذا اللفظ "لمكان الإرسال" بفتح اللام على أن اللام للتأكيد، وليست بحرف جرّ، فليُسأل؟ . انتهى ما كتبه بعضهم (1).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الظاهر أن ما في معظم النسخ بلفظ "إمكان الإرسال" هو الصواب، وأما النسخ التي فيها اللام فالظاهر أنها غلطٌ، فلا حاجة إلى هذه التكلّفات التي ذكروها في توجيه هذه النسخة، ومما يؤيّد هذا أن هذه العبارة

(1) انظر التعليق على "الحل المفهم لصحيح مسلم" ص 24.

ص: 429

تقدّمت للمصنّف قبل نحو ثلاثين سطرًا، ونصّها: "فإن كانت العلّة في تضعيفك الخبر، وتركك الاحتجاج به إمكان الإرسال فيه لزمك أن لا تُثبت إسنادًا معنعنًا إلخ، فهذا مما يقوّي ما قلته فتبصّر بالإنصاف، ولا تَتَهَوَّر بالاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب.

(لَزِمَهُ تَرْكُ الِاحْتِجَاجِ، فِي قِيَادِ قَوْلِهِ) بقاف مكسورة، ثم مثنّاة من تحتُ، آخره دال مهملة: أي فيما يقود إليه، ويقتضيه (بِرِوَايَةِ مَنْ يُعْلَمُ) متعلّق بـ "الاحتجاج"(أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ، إِلَّا فِي نَفْسِ الْخَبَرِ)"في" بمعنى الباء، وهو استثناء من قوله:"برواية من الخ"، يعني أنه لا يحتجّ برواية من سمع من شيخه، إلا بالخبر (الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ السَّمَاعِ) أي تصريح الراوي بسماع ذلك الخبر من شيخه (لِمَا بَيَّنَّا) بكسر اللام هي للتعليل، و"ما" موصولة، والجارّ والمجرور متعلّق بـ "لزم" من قوله:"لزمه ترك الاحتجاج إلخ"، أو متعلّق بمقدّر خبر لمحذوف: أي وذلك كائن لما بيّنّا.

وقوله (مِنْ قَبْلُ) بالبناء على الضمّ، كما مرّ نظيره قريبًا (عَنِ الْأَئِمَّةِ) متعلّق بـ "بيّنّا"، أو بحال مقدّرٍ: أي منقولًا عن الأئمة (الَّذِينَ نَقَلُوِا الْأَخْبَارَ، أَنَّهُمْ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها موقع المفرد، حيث وقعت مفعولًا لـ "بيّنّا"(كَانَتْ لَهُمْ تَارَاتٌ) بالرفع اسم "كان" مؤخّرًا، وخبرها "لهم"، و"التارات" جمع"تَارَةٍ"، قال في "اللسان":"التارة": الحين والمرّة، ألفها واو، جمعها تارات، وتِيَرٌ، قال الشاعر:

يَقُومُ تَارَاتٍ وَيَمْشِي تِيَرَا

وقال العجاج:

ضَرْبًا إِذَا مَا مِرْجَلُ الْمَوْتِ أَفَرْ

بِالْغَلْيِ أَحْمَوْهُ وَأَحْنَوْهُ التِّيَرْ

قال ابن الأعرابيّ: تأرة مهموز، فلما كثُر استعمالهم لها تركوا همزها. انتهى (1). وقال في "المصباح":"التار": المرّة، وأصلها الهمز، لكنه خُفّف لكثرة الاستعمال، وربّما هُمزت على الأصل، وجُمعت بالهمز، فقيل: تَأْرة وتِئَارٌ، وتِئَرٌ، قال ابن السّرّاج: وكأنه مقصور من تِئَار، وأما المخفّف فالجمع تَارَاتٌ. انتهى (2).

والمعنى هنا أن لهم أوقاتًا (يُرْسِلُونَ فِيهَا) أي في تلك التارات (الْحَدِيثَ إِرْسَالًا) أي يطلقونه إطلاقًا، يعني أنهم لا يقيّدونه بذكر من سمعوا منه، فقول (وَلَا يَذْكُرُونَ مَنْ سَمِعُوهُ مِنْهُ) مؤكّد لقوله:"يرسلون إلخ"(وَتَارَاتٌ يَنْشَطُونَ) بفتح أوله، مضارع نَشِط، يقال: نَشِط في عمله يَنْشَطُ، من باب تَعِبَ نَشَاطًا: إذا خفّ، وأسرع. قاله الفيّوميّ (فِيهَا) أي في تلك التارات (فَيُسْنِدُونَ الْخَبَرَ) أي يضيفونه إلى من سمعوا منه، يقال:

(1)"لسان العرب" 4/ 96.

(2)

"المصباح المنير" 1/ 78.

ص: 430

أسندت الحديث إلى قائله بالألف: رفعته إليه بذكر ناقله. قاله الفيّوميّ (1)(عَلَى هَيْئَةِ مَا سَمِعُوا) أي على الوجه الذي سمعوه من راويه، قال الفيّوميّ:"الهيئة": الحالة الظاهرة، يقال: هاء يَهُوء، ويَهِيء هَيْئةً حسنَةً: إذا صار إليها. انتهى (2).

والمعنى: أنهم يؤدّون الخبر على الصفة التي تحمّلوه عليها عاليًا، أو نازلًا، فقوله (فَيُخْبِرُونَ بِالنُّزُولِ فِيهِ إِنْ نَزَلُوا، وَبِالصُّعُودِ إِنْ صَعِدُوا) بيان لمعنى قوله: "على هيئة ما سمعوا".

قال القاضي عياضٌ رحمه الله: قوله: "فيُخبرون بالنزول الخ" يريد بذلك في الروايات، والنزول فيها هي الرواية عن الأقران، وطبقة المحدّث ومن دونه، أو بسند يوجد أعلى منه وأقلّ رجالًا، والصعود الرواية بالسند العالي، والقرب فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلّة عدد رجاله، أو من إمام مشهور حدّث به.

هذا هو طريق أهل الصنعة ومذهبهم، وهو غاية جهدهم وحرصهم، وبمقدار علوّ حديث الواحد منهم تكثُر الرحلة إليه، والأخذ عنه، مع أن له في طريق التحقيق والنظر وجهًا، وهو أن أخبار الآحاد وروايات الأفراد لا توجب -كما قدّمنا علمًا- (3) ولا يُقطع على مُغيّب صدقها؛ لجواز الغفلات والأوهام، والكذب على آحاد الرواة، لكن لمعرفتهم بالصدق ظاهرًا، وشهرتهم بالعدالة والستر غلب على الظنّ صحّة حديثهم، وصدق خبرهم، فكلّفنا العمل به، وقامت الحجة بذلك بظاهر الأوامر الشرعيّة، ومعلوم إجماع سلف هذه الأمة، ومغيب أمر ذلك كله لله تعالى، وتجويز الوهم والغلط غير مستحيل في كلّ راو ممن سُمّي في سند الخبر، فإذا كثروا وطال السند كثُرت مظانّ التجويز، وكلّما قلّ العدد قلت، حتى إن من سمع الحديث من التابعيّ المشهور، عن الصحابيّ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان أقوى طمأنينةً بصحّة حديثه، ثم من سمعه من الصحابيّ كان أعلى درجةً في قوّة الطمأنينة، وإن كان الوهم والنسيان جائزًا على البشر، حتى إذا سمعه من النبيّ صلى الله عليه وسلم ارتفعت أسباب التجويز، وانسدّت أبواب احتمالات الوهم، وغير ذلك؛ للقطع أنه صلى الله عليه وسلم لا يجوز عليه شيء من ذلك في باب التبليغ والخبر، وأن جميع ما يُخبِر به حقّ وصدق. انتهى كلام القاضي عياض رحمه الله (4).

(كَمَا شَرَحْنَا) أي أوضحنا (ذَلِكَ عَنْهُمْ) أي فيما سبق من كلامه (وَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ) الإضافة فيه بمعنى "من"، و"السلف" -بفتحتين- لغةً: كلّ من تقدّمك

(1)"المصباح المنير" 1/ 291.

(2)

المصدر السابق 2/ 645.

(3)

سيأتي الردّ على هذا القول، وأنه ليس على إطلاقه، بل كثير من أخبار الآحاد يوجب علمًا، فتنبه.

(4)

"إكمال المعلم" 1/ 175 - 176.

ص: 431

من آبائك، وقَرَابتك، جمعه أَسلافٌ. أفاده في "القاموس". واصطلاحًا هم أهل القرون المفضّلة التي نصّ عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما"، وغيرهما من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، قال عمران: فما أدري قال النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد قوله: مرتين أو ثلاثًا، ثم يكون بعدهم قوم، يَشهَدون ولا يُستَشهَدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويَنذرون ولا يَفُون، ويظهر فيهم السمن".

وقد قال الإمام الذهبيّ رحمه الله في مقدّمة كتابه "ميزان الاعتدال": ما نصّه: "فالحدّ الفاصل بين المتقدّم والمتأخّر هو رأس ثلاثمائة سنة". انتهى (1). وهو موافق لمعنى الحديث المذكور.

(مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُ الْأَخْبَارَ) أي يعمل بها، فالسين والتاء زائدتان، ويحتمل أن تكونا للطلب، والمعنى: ممن يريد العمل، بعد تأكّده من ثبوتها، ويؤيّد هذا قوله (وَيَتَفَقَّدُ) أي يطلب (صِحَّةَ الْأَسَانِيدِ وَسَقَمَهَا) بفتحتين، أو بفتح، فسكون، يقال: سَقِم سَقَمًا، من باب تَعِب: إذا طال مرضه، وسَقُم سُقْمًا، من باب قَرُبَ، فهو سقيم، وجمعه سِقام مثلُ كريم وكرام. قاله الفيّوميّ (2). والمراد به هنا ضعف الأسانيد، بدليل مقابلته بالصحّة.

(مِثْلُ) يحتمل النصب على أنه مفعول لفعل مقدَّر: أي أعني، ويحتمل الرفع على أنه خبر لمحذوف: أي هم مثلُ (أَيُّوبَ) بن أبي تميمة، واسمه كيسان (السَّخْتِيَانِيِّ) بفتح السين المهملة، وسكون الخاء المعجمة: نسبة إلى عمل السختيان، وبيعه، وهو جلود الضأن (3)(وَابْنِ عَوْنٍ) هو عبد الله بن عون بن أرطبان (وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ) إمام دار الهجرة (وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ) الإمام الحجة المشهور (وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ) وكلهم تقدَّمت تراجمهم (وَمَنْ بَعْدَهُمْ)"من" بفتح الميم موصولة: أي الذين أتوا بعد هؤلاء الأئمة (مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ) كأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعليّ بن المديني، وغيرهم (فَتَّشُوا) قال المجد في "القاموس": الْفَتْشُ كالضّرْب، والتفتيش: طلبٌ في بحث. انتهى (4). وقال الفيّوميّ: فَتَشْتُ الشيءَ فَتْشًا، من باب ضرب: تصفّحته، وفَتَشْتُ عنه: سألتُ، واستقصيتُ في الطلب، وفَتَّشْتُ الثوبَ بالتشديد هو الفاشي في الاستعمال. انتهى (5).

(1)"ميزان الاعتدال" 1/ 4.

(2)

"المصباح المنير" 1/ 280.

(3)

راجع "الأنساب" 3/ 232 - 234 و"اللباب" 2/ 108 و "لب اللباب" 2/ 13.

(4)

"القاموس" ص 540.

(5)

"المصباح المنير" 2/ 461.

ص: 432

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تشديد التاء هو الموجود في النسخ مضبوطًا ضبط قلم، وظاهر عبارة "القاموس"، و"المصباح" جواز الوجهين: التخفيف، والتشديد، ولكن التشديد هو المناسب لسياق كلام المصنّف رحمه الله هنا. والله تعالى أعلم.

(عَنْ مَوْضِعِ السَّمَاعِ) متعلّق بـ "فتشوا"(فِي الْأَسَانِيدِ) متعلّق بصفة لـ "موضع"، أو بحال منه (كَمَا ادَّعَاهُ الَّذِي وَصْفْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ) بالبناء على الضمّ لما أسلفناه قريبًا (وَإِنَّمَا كَانَ تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ مِنْهُمْ سَمَاعَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ) بنصب "سماع" على أنه مفعول "تفقّد"(مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ) هكذا النسخ، والظاهر أن الأولى "ممن رووا عنهم"؛ لأن الضمير يعود على "رُواة الحديث"؛ إذ قوله:"ممن روى" متعلّق بـ "سماع"، اللهم إلا إن جعلنا الضمير في "عنهم" لهؤلاء الأئمة، و"عن" بمعنى اللام، أي ممن نقل لهم الحديث (إِذَا كَانَ الرَّاوِي مِمَّنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ فِي الْحَدِيثِ)"التدليس" مصدر دَلّس، يقال: دلّس البائع تدليسًا: إذا كَتَم عيبَ السِّلْعَة من المشتري وأخفاه. قاله الخطّابيّ وجماعة، ويقال أيضًا: دَلَسَ دَلْسًا، من باب ضرب، والتشديد أشهر في الاستعمال. قاله الفيّوميّ.

وقال القاضي عياض: التدليس لقبٌ وضعه أئمة الفتوى، وأئمة هذه الصنعة على من أبهم بعض رواياته لمعان مختلفة، وأغراض متباينة، وقد كان هذا من عصر التابعين إلى هلمّ جرّا، وذُكر عن جماعة من جلّة الأئمة، ولم يُضرّ ذلك حديثهم لصحّة أغراضهم وسلامتها، وأضرّ ذلك بغيرهم.

وهو على أمثلة، فمنه أن سفيان بن عيينة على جلالته من كبار أصحاب الزهريّ، وسمع منه كثيرًا، وأخذ عن أصحابه كثيرًا مما لم يسمعه عن الزهريّ، فربّما حدّث، فقال: الزهريّ، أو قال: قال الزهريّ عن فلان، وقد عُرف بالتدليس، فسُئل، فمرّةً يقول: سمعته منه، ومرّة يقول: حدّثني به عنه فلان، أو فلان عن فلان عنه، ومن لا يدلّس مثل مالك وشعبة لا يقول مثل هذا، بل يُبيّن من حدّثه عنه، أو يقول: بلغني، قال شعبة: لأن أزني أحبّ إليّ من أن أُدلّس، ولكن أمثال أولئك الجلّة ممن استسهل التدليس إذا سئلوا أحالوا على الثقات، فحُمل حديثهم، وقام تدليسهم مقام المرسل، وحجة بعضهم أن يكونوا قد سمعوه من جماعة من الثقات عن هذا الرجل، فاستغنوا بذكره عن ذكر أحدهم، أو ذكر جميعهم، لتحققهم صحّة الحديث عنه، كما يُفعل في المراسيل.

ومنهم من أراد أن لا ينزل حديثه، وأن يعلو بذكر الشيخ دون من دونه؛ لصحّة

ص: 433

روايته عنه غير هذا، وتحققه أن الثقات حدّثت به عنه.

وطبقة أخرى جاؤوا إلى رجال مشاهير ثقات أئمة سمعوا حديثهم، وجرت بينهم مباعدة حملتهم على إبهامهم، وأن لا يصرّحوا بأسمائهم المشهورة، ولم تحملهم ديانتهم على ترك الحديث عنهم، كما صنع البخاريّ في حديثه عن محمد بن يحيى الذهليّ، لِمَا جرى بينه وبينه، فمرّةً تجده يقول: حدّثنا محمد لا يزيد، وثانيةً يقول: ثنا محمد بن خالد، ينسبُهُ إلى الجدّ الأعلى، ومرّةً يقول: ثنا محمد بن عبد الله ينسبه إلى جدّه الأدنى.

وطبقةٌ أخرى رووا الحديث عن ضعيف، أو مجهول عن الشيخ، فسكتوا عنه، واقتصروا على ذكر الشيخ، إذ عُرف سماعهم منه لغير هذا الحديث.

وطبقة أخرى رووا عن ضعفاء لهم أسماء، أو كنى مشهورة عُرِفوا بها، فلو صرّحوا بأسمائهم المشهورة، أو كناهم المعلومة لم يُشتغَل بحديثهم، فأتوا بالاسم الخامل مكان الكنية المشهورة، أو بالكنية المجهولة عوضَ الاسم المعلوم؛ ليُبهِموا الأمر، ولئلا يُعرَف ذلك الراوي وضعفه، فيُزهدهم في حديثهم.

وطبقة أخرى رووا عن ضعيف له كنية ٌيُشاركه فيها رجل مقبول الحديث، وقد حدّث عنهما جميعًا، فيُطلق الحديث بالكنية لِيُدخِل الإشكال، ويقع على السامع اللبس، ويظُنّ أنه ذلك القويّ.

وهذه الطرق كلّها غير الأولين رديئة، قد أضرّت بأصحابها، وسبّبت الوقوف في كثير من أحاديثهم إلا ما صرّح به الثقات منهم بالسماع عن الثقات، ونَصّوا عليه وبيّنوه، ولهذا ما وقفوا فيما دلّسه الأعمش لروايته عن الضعفاء، وفيما دلّسه بقيّة بن الوليد؛ لخلطه الأسماء والكنى، ولم يَسْتَرِبُوا فيما دلّسه ابن عُيينة والثوريّ، وضُرباؤهما ممن لا يروي إلا عن ثقة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ذكره الثوريّ فيمن لا يروي إلا عن ثقة، غير صحيح، فإنه مشهور بالرواية عن الضعفاء، مثل الكلبيّ وغيره، وأما ابن عيينة، وإن روى عن غير ثقة، إلا أنه اشتهر أنه لا يدلّس إلا عن ثقة، حتى ادّعى ابن حبّان أنه لا يوجد ذلك لغيره، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

قال: واختَلَف أئمة الحديث في قبول حديث من عُرف بالتدليس إذا لم ينُصّ على سماعه، فجمهورهم على قبول حديث من عُرف منهم أنه لا يروي إلا عن ثقة، كما قالوا في حديث من عُلم أنه لا يُرسل إلا عن ثقة، وعلى ترك حديث المسامحين في

ص: 434

الأخذ، وترك الحجة به حتى يَنُصّ على سماعه، وقد ذكر أبو عبد الله الحاكم الاختلاف في ذلك (1) كما قدّمناه. انتهى كلام القاضي رحمه الله (2).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: سنعود -إن شاء الله تعالى- إلى تمام البحث في التدليس في المسائل الآتية آخر هذا الشرح.

(وَشُهِرَ بِهِ) ببناء الفعل، وفيه أن المعتبر في التدليس أن يشتهر به الراوي، لا مجرَّد ثبوت التدليس عليه، وفيه خلاف سيأتي تحقيقه في المسائل آخر الشرح، إن شاء الله تعالى.

(فَحِينَئِذٍ يَبْحَثُونَ عَنْ سَمَاعِهِ فِي رِوَايَتِهِ) أي سماع ما رواه من شيخه الذي رواه عنه (وَيَتَفَقَّدُونَ ذَلِكَ مِنْهُ) أي من الراوي المدلّس (كَيْ تَنْزَاحَ) أي تزول، وهو انفعال من الزّوْح، يقال: زاح الشيءُ عن موضعه يزُوح زَوْحًا، من باب قال، ويَزِيح زَيْحًا من باب سار: تنحّى، وقد يُستعمل متعدّيًا بنفسه، فيقال: زُحتُهُ، والأكثر أن يتعدّى بالهمزة، فيقالُ: أزحته إزاحةً. قاله الفيّوميّ (3)(عَنْهُمْ عِلَّةُ التَّدْلِيسِ) الإضافة بيانيّة: أي علّة هي التدليس (فَمَنِ ابْتَغَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُدَلِّسٍ)"من" شرطيّة، أو موصولة مبتدأ، والفعل مبنيّ للفاعل، وهذا هو الذي وقع في نسخ المتن، ووقع في شرح النوويّ:"فما ابتغي إلخ" قال النووي: هكذا وقع في أكثر الأصول "فما ابتغي" بضم التاء، وكسر الغين على ما لم يُسمّ فاعله، وفي بعضها "ابتغى" بفتح التاء والغين، وفي بعض الأصول المحقّقة:"فمن ابتغى"، ولكلّ واحد وجه. انتهى كلام النوويّ (4).

وجواب "من"، أو خبرها محذوف دلّ عليه قوله:"فما سمعنا ذلك الخ"، والتقدير: فقد خالف الأئمة: أي فمن طلب بيان ثبوت السماع من غير راوٍ مدلس، فقد خالف منهج المحدثين في ذلك، وعلى نسخة النوويِّ تكون "ما" نافية، والفعل مبنيّ للمفعول: أي فلم يُطلَب ذلك من غير مدلّس الخ، وقوله:"فما سمعنا ذلك إلخ" مؤكّد لقوله: "فما ابتُغي إلخ، وأما بناء "ابتغى" للفاعل على نسخة النوويّ "فما ابتَغَى" فيحتمل توجيهه على تقدير فاعل: أي فما ابتغى أحدٌ ذلك، وحذف الفاعل يجوز عند الكسائيّ، وجَعَل منه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب

" الحديث، متفق عليه، أي لا يشرب الشارب، ومنه قوله تعالى:{إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} الآية [القيامة: 26]، أي الروح عند قوله: الفطن.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه التوجيهات هي التي ظهرت لي، وأما ما كتبه

(1) راجع "معرفة علوم الحديث" ص 13.

(2)

"إكمال المعلم" 1/ 176.

(3)

"المصباح المنير" 1/ 259.

(4)

"شرح النوويّ" 1/ 137.

ص: 435

صاحب "الحلّ المفهم" ففيه من التكلّف والتعسّف ما لا يخفى على الفطن (1)، والله الهادي إلى سواء السبيل.

(عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي زَعَمَ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ) أي وهو المخترع الذي قال: لا أحتجّ بالمعنعن حتى أتبيّن ثبوت السماع؛ لإمكان الإرسال، وقوله (فَمَا سَمِعْنَا) الخ جملة تعليلية للجواب المقدّر كما سبق آنفًا: أي فقد خالف الأئمة؛ لأننا ما سمعنا (ذَلِكَ) أي البحث عن موضع السماع (عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ سَمَّيْنَا وَلَمْ نُسَمِّ مِنَ الْأَئِمَّةِ) يعني أنهم لم يسلكوا هذا المسلك الذي زعمه هذا المخترع في تفتيش الأسانيد إلا حيث يوجد في الرواة من عُرِفَ بالتدليس، فعند ذلك يبحثون عن سماع ذلك المدلّس حتى تزول عنهم تلك العلّة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا معنى كلامه، وقد عرفت ما فيه فيما مضى، فلا تنس نصيبك والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ، وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَدْ رَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ، وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَعَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثًا يُسْنِدُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُمَا ذِكْرُ السَّمَاعِ مِنْهُمَا، وَلَا حَفِظْنَا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ شَافَهَ حُذَيْفَةَ وَأَبَا مَسْعُودٍ بِحَدِيثٍ قَطُّ، وَلَا وَجَدْنَا ذِكْرَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُمَا فِي رِوَايَةٍ بِعَيْنِهَا، وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى، وَلَا مِمَّنْ أَدْرَكْنَا أَنَّهُ طَعَنَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَاهُمَا عَبْدُ اللهِ بْن يَزِيدَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي مَسْعُودٍ بِضَعْفٍ فِيهِمَا، بَلْ هُمَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا عِنْدَ مَنْ لَاقَيْنَا مَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ صِحَاحِ الْأَسَانِيدِ وَقَوِيِّهَا، يَرَوْنَ اسْتِعْمَالَ مَا نُقِلَ بِهَا، وَالِاحْتِجَاجَ بِمَا أَتَتْ مِنْ سُنَنٍ وَآثَارٍ، وَهِيَ فِي زَعْمِ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ وَاهِيَةٌ مُهْمَلَةٌ، حَتَّى يُصِيبَ سَمَاعَ الرَّاوِي عَمَّنْ رَوَى.

(1) ودونك عبارته بنصِّها: قوله: "فما ابتغي ذلك إلخ" اختلفت النسخ هَنا، والمقام لا يخلو بعدُ من غُموض، فنقول: إن كانت الرواية بقوله: "من" فقوله: "ابتغى" معروف لا غير. وقوله: "من حكينا" فاعل لقوله: "زعم"، وقوله:"فما سمعنا الخ" خبر لقوله: "من"، وهذا ظاهر. وأما على نسخة "ما" ففيه توجيهان: أولهما أن يكون قوله "ابتغى" مجهولًا، وباقي التركيب كما تقدّم، فإن كان الفعل معروفًا، فقوله:"من حكينا" من باب التنازع حيث تنازع فيه قوله: "ابتغى"، وقوله:"زعم"، والعمل فيه للأول، وفي الثاني ضمير كما هو المشهور، ويمكن أن يكون فاعل قوله:"ابتغى" الضمير الراجع إلى صاحب هذا القول لجريان ذكره أولًا وآخرًا، ويَسلَم الفاعل للفعل الثاني، فلا يفتقر إلى جعله من باب التنازع. انتهى "الحل المفهم" ص 25.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لا يخفى على الفطن ما في هذه التوجيهات من التكلفات الباردة، فتبصّر بالإنصاف. والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

ص: 436