الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبحان الله، ومثله يُسأل عنه، إنما يُسأل هو عنا. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: كان عثمان أكبر من أبي بكر، إلا أن أبا بكر صنف. قال: وقال أبي: هو صدوق. قال محمد بن عبد الله الحضرمي وغيره: مات في المحرم سنة (239). وقال السَّرّاج عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة: وُلد أبي سنة (56). وذكره ابن حبان في "الثقات". وله في "صحيح مسلم"(117)(1).
وقال في "التقريب": ثقة حافظٌ شهير، وله أوهامٌ، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، من العاشرة. انتهى.
2 -
(جرير) بن عبد الحميد الضبيّ الكوفي، قاضي الريّ الثقة، تقدّم في 4/ 47.
3 -
(رقبَة) بن مَسْقَلة (2) بن عبد الله العبدي، أبو عبد الله الكوفي.
رَوَى عن أنس فيما قيل، ويزيد بن أبي مريم، وأبي إسحاق، وعطاء، وغيرهم. وروى عنه سليمان التيمي، وأبو عوانة، وابن عيينة، وغيرهم.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: شيخ ثقة من الثقات، مأمون. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة. وكذا قال النسائي. وقال العجلي: ثقة، وكان مُفَوَّها يُعَدّ من رجالات العرب، وكان صديقا لسليمان التيمي. وقال الدارقطني: ثقة، إلا أنه كانت فيه دعابة. وكذا قال العجلي. وذكره ابن حبان في "الثقات". وأرخ ابن الأثير وفاته سنة (129). أخرج له الجماعة، إلا ابن ماجه، فأخرج له في "التفسير". وله في "صحيح مسلم" ثلاثة أحاديث فقط برقم 2380 و 2661 و 2743.
وقال في "التقريب": ثقة مأمون، وكان يمزح، من السادسة. انتهى. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر:
(عَنْ رَقَبَةَ) -بفتح الراء والقاف (أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ الْمَدَنِيَّ) هو عبد الله بن مِسْوَر المدائنيّ، أبو جعفر الذي تقدم في أول كتاب في الضعفاء والواضعين، قال البخاريّ في "تاريخه": هو عبد الله بن مِسْوَر بن عون بن جعفر بن أبي طالب، أبو جعفر القرشيّ الهاشميّ، وذكر كلام رقبة، وهو هذا الكلام الذي هنا، ثم إنه وقع في
(1) وروى عنه البخاريّ (61) حديثًا. هكذا في برنامج الحديث (صخر)، والذي في "تهذيب التهذيب" نقلًا عن "الزهرة" روى عنه البخاري (53) ومسلم (135). والظاهر أن الأول هو الأشبه. والله تعالى أعلم.
(2)
بفتح الميم، وسكون السين المهملة وفتح القاف.
الأصول هنا "المدنيّ"، وفي بعضها "المديني" بزيادة ياء، قال النوويّ: ولم أر في شيء منها هنا "المدائني"، ووقع في أول الكتاب "المدائني"، فأما "المديني"، و"المدنيّ"، فنسبة إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، والقياس المدني بحذف الياء، ومن أثبتها فهو على الأصل. وروى أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسيّ الإمام الحافظ في "كتاب الأنساب المتفقة في الخط، المتماثلة في النقط والضبط" بإسناده عن الإمام أبي عبد الله البخاري قال: المدينيّ -يعني بالياء- هو الذي أقام بالمدينة، ولم يفارقها، والمدني الذي تَحَوّل عنها، وكان منها. انتهى (1).
(كَانَ يَضَعُ) أي يفتريه، يقال: وضع الحديث يضعه، من باب منع: إذا افتراه، وكذَبَه. وقوله:(أَحَادِيثَ) بالنصب على أنه مفعول لما قبله. وقوله (كَلَامَ حَقٍّ) منصوب على البدليّة من "أحاديث"، وهو مضافٌ، ومضاف إليه، من إضافة الموصوف إلى الصفة، على قلّة. (وَلَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يَرْوِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أي ينقلها، عازيًا إليه صلى الله عليه وسلم، يقال: رويت الحديث: إذا حملته، ونقلته.
والمعنى أن ذلك الكلام كلام صحيح، وحكمة من الحكم المفيدة، ولكنه كَذَب في نسبته إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنه ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) أي على ذلك الرجل (أَيُّوبُ) السختيانيّ (وَسَأَلَهُ) أي عن أحواله (ثُمَّ قَالَ لَهُ أَيُّوبُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ لَزِمْتَ ذَاكَ الرَّجُلَ، قَالَ حَمَّادٌ) مفسّرًا للرجل (سَمَّاهُ -يَعْنِي عَمْرًا) العناية ملحقة من غير حماد، والظاهر أنه عبيد الله، وإنما أتى بها لتوضيح قول حمّاد: سمّاه، أي سمّى أيوب الرجل باسمه، فقال: لزمت عمرًا. والله تعالى أعلم. (قَالَ) ذلك الرجل (نَعَمْ يَا أَبَا بَكْرٍ) أي نعم لزمته (إِنَّهُ) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، والجملة في موضع التعليل؛ أي إنما لزمته لأنه (يَجِيئُنَا بِأَشْيَاءَ غَرَائِبَ) جمع غريبة، وهي الروايات التي لا تستند إلى أصل صحيح (قَالَ) حماد (يَقُولُ لَهُ أَيُّوبُ: إِنَّمَا نَفِرُّ) بفتح أوله، وكسر ثانيه، وتشديد الراء، من الفرار: أي نهرُب، ونبتعد (أَوْ) للشكّ من الراوي، قال صاحب "التنبيه" ص 36: لا أعرف الشاكّ، ولم يعيّنه النوويّ. انتهى: أي أو قال أيّوب بدل نفر (نَفْرَقُ) بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، من الفرق بفتحتين: أي نفزع، ونتحاشى (مِن تِلْكَ الْغَرَائِبِ) أي من رواية الغرائب التي يأتي بها
(1)"شرح مسلم" 1/ 108.
عمرو بن عبيد مخافة من كونها كذبًا، فنقعَ في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كانت الغرائب من الأحاديث، وإن كانت من الآراء والمذاهب، والفتوى، فَحَذَرًا من الوقوع في البِدَع، أو في مخالفة الجمهور باتباع الغريب الذي لا يُعرف. أفاده القاضي عياض في "شرحه"(1).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي نُقل عن أيوب رحمهُ اللهُ تعالى من التحذير عن الغرائب نُقل عن غيره أيضًا، قال الحافظ ابن رجب رحمهُ اللهُ تعالى في "شرح علل الترمذيّ": وقد كان السلف يمدحون المشهور من الحديث، ويَذُمّون الغريب منه في الجملة. ومنه قول ابن المبارك: العلم هو الذي يجيئك من هَهنا ومن هَهنا -يعني المشهور-. أخرجه البيهقيّ. وأخرج أيضًا من طريق الزهريّ، عن عليّ بن حسين، قال: ليس من العلم ما لا يُعرف، إنما العلم ما عُرِف، وتواطأت عليه الألسن. وبإسناده عن مالك قال: شرّ العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس. وروى محمد بن جابر، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كانوا يَكرهون غريب الحديث، وغريب الكلام. وعن أبي يوسف قال: من طلب غرائب الحديث كَذَب. وقال أبو نُعيم: كان عندنا رجل يُصلّي كلّ يوم خمسمائة ركعة (2)، سقط حديثه في الغرائب. وقال عمرو بن خالد: سمعت زهير بن معاوية يقول لعيسى بن يونس: ينبغي للرجل أن يتوقّى رواية غريب الحديث، فإني أعرف رجلًا كان يُصليّ في اليوم مائتي ركعة، ما أفسده عند الناس إلا رواية غريب الحديث. ثم ذكر كلام أيوب المذكور هنا.
قال: وقال رجل لخالد بن الحارث: أخرج لي حديث الأشعث لعلّي أجد فيه شيئًا غريبًا، فقال: لو كان فيه شيء غريبٌ لمحوته. ونقل عليّ بن عثمان النفيليّ، عن أحمد قال: شرّ الحديث الغرائب التي لا يُعمل بها، ولا يُعتَمد عليها. وقال المرّوذيّ: سمعت أحمد يقول: تركوا الحديث، وأقبلوا على الغرائب، ما أقلَّ الفقه فيهم؟ ! . ونقل محمد بن سهل بن عسكر، عن أحمد قال: إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون: هذا الحديث غريبٌ، أو فائدة، فاعلم أنه خطأ، أو دخل حديث في حديث، أو خطأ من المحدّث، أو ليس له إسناد، وإن كان قد روى شعبة، وسفيان. وإذا سمعتهم يقولون: لا شيء، فاعلم أنه حديث صحيح. وقال أحمد بن يحيى: سمعت أحمد غير مرّة
(1)"إكمال المعلم" 1/ 147.
(2)
قلت: هذا الكلام يسوقونه مساق المدح، وهو محلّ نظر، إذ هو في الحقيقة ليس فيه مدح؛ لأن صلاة خمسمائة ركعة، أو مائتين في كلّ يوم ليس من هدي النبيّ صلى الله عليه وسلم، "وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم". فليُتنبَّه. والله تعالى أعلم.