الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوَى عن عمر، وعثمان، وعلي، وسعد، وخالد بن الوليد، وابن مسعود، وحذيفة، وأبي موسى الأشعري، وأبي الدرداء، وأبي هريرة رضي الله عنهم. وروى عنه إبراهيم النخعي، وعلقمة بن مرثد، وسعد بن عبيدة، وأبو إسحاق السبيعي، وسعيد بن جبير، وعاصم بن بهدلة، وغيرهم.
قال أبو إسحاق السبيعي: أقرأ القرآن في المسجد أربعين سنة. وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة. وقال أبو داود: كان أعمى. وقال النسائي: ثقة. وقال حجاج بن محمد عن شعبة: لم يسمع من ابن مسعود، ولا من عثمان، ولكن سمع من علي. وقال ابن سعد: توفي زمن بشر بن مروان. وقيل: مات سنة (72). وقيل: سبعين. وقال ابن قانع: مات سنة خمس وثمانين، وهو ابن (90) سنة. وقال عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن: صمت لله ثمانين رمضان. وذكره البخاري في "الأوسط" في "فصل من مات بين السبعين إلى الثمانين"، وقال: روى عن أبيه. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ليس تثبت روايته عن علي، فقيل له: سمع من عثمان؟ قال: روى عنه، ولم يذكر سماعًا. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: لم يسمع من عمر. وقال البخاري في "تاريخه الكبير": سمع عليا، وعثمان، وابن مسعود. وقال ابن سعد: قال محمد بن عمر: كان ثقة، كثير الحديث. وقال غيره، عن الواقدي: شهد مع علي صفين، ثم صار عثمانيا، ومات في سلطان الوليد بن عبد الملك، وكان من أصحاب ابن مسعود. وقال ابن عبد البر: هو عند جميعهم ثقة.
وقال في "التقريب": ثقةٌ ثبتٌ، من الثانية. انتهى.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" تسعة أحاديث برقم 1446 و 1705 و 1840 وأعاده بعده و 2494 و 2647 وأعاده بعده و 2804 وأعاده بعده. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر:
عن عاصم بن بَهْدَلَة، أنه (قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ) -بضمّ السين المهملة، وفتح اللام-: نسبة إلى سُليم، قبيلة من العرب، مشهورة، يقال لها: سُليم ابن منصور بن عكرمة بن قيس عَيْلان بن مُضَر. قاله السمعانيّ (1)(وَنَحْنُ غِلْمَةٌ) -بضمّ الغين المعجمة، وسكون اللام-: جمع غلام، واسم الغلام يقع على الصبيّ من حين يولد على اختلاف حالاته إلى أن يبلغ (2). وقال الفيّوميّ:"الغلام": الابن الصغير،
(1)"الأنساب" 3/ 278 - 279.
(2)
"شرح النووي على صحيح مسلم" 1/ 100.
وجمع القلّة غِلْمةٌ بالكسر، وجمع الكثرة: غِلْمانٌ، ويُطلق الغلام على الرجل مجازًا باسم ما كان عليه، كما يقال للصغير: شيخٌ، مجازًا، باسم ما يؤول إليه. وجاء في الشعر "غُلامةٌ" بالهاء للجارية، قال أوس ابن غَلْفاء الْهُجَيميّ، يصف فرسًا [من الوافر]:
وَمُرْكِضَةٌ صَرِيحِيٌّ أَبُوهَا
…
يُهَانُ لَهَا الْغُلَامَةُ وَالْغُلَامُ
قال الأزهريّ: وسمعتُ العرب تقول للمولود حين يُولَد ذكرًا: غلام، وسمعتهم يقولون للكهل غلام، وهو فاش في كلامهم. انتهى (1).
وقد نظمت الأسماء التي تُطلق على الإنسان من حين كونه في بطن أمه إلى أن يموت، فقلت:
اعْلَمْ هَدَاكَ الله أَنَّ الْوَلَدَا
…
دَعَوْهُ بِالْجَنِينِ حَتَّى يُولَدَا
ثُمَّ صَبِيًّا لِلْفِطَامِ يُدْعَى
…
ثُمَّ إِلَى سَبْعٍ غُلَامًا يُرْعَى
وَيَافِعٌ لِعَشْرَةٍ حَزَوَّرُ
…
لِخَمْسَ عَشْرَةَ أَتَاكَ الْخَبَرُ
وَقُمُدٌ لِلْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ ثُمّ
…
عَنَطْنَطٌ إِلَى ثَلَاثِينَ يُؤَمّ
ثُمَّ لأَرْبَعِينَ قُلْ مُمِلُّ
…
ثُمَّ إِلَى خَمْسِينَ قَالُوا كَهْلُ
إِلَى ثَمَانِينَ بِشَيْخٍ يُعْلَى
…
ثُمَّ إِذَا زَادَ بِهِمٍّ يُجْلَى
وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ الأَعْلَامُ
…
فَاحْفَظْ فَكُلُّ حَافِظٍ إِمَامُ
ولما كان الغلام يطلق على الصبيّ من حين يولد على اختلاف حالاته إلى أن يبلغ، قيّده بقوله:(أَيْفَاعٌ) إشارة إلى أن المراد بالْغِلْمَة هنا هم البالغون، أو المقاربون للبلوغ؛ لأن "الأيفاع" -بفتح الهمزة: هم الشَبَبَةٌ البالغون، أو المقاربون للبلوغ، يقال: غلام يافِعٌ، ويَفَعٌ، ويَفَعَةٌ -بفتحات-: إذا شَبَّ وبَلَغَ، أو كاد يبلُغُ. قال الثعالبيّ: إذا قارب البلوغ، أو بلغه يقال له حينئذ: يافِعٌ، وقد أيفع، وهو نادر. وقال أبو عُبيد: أيفع الغلام: إذا شارف الاحتلام، ولم يَحتلِم. (2).
وقال ابن الأثير: أَيفَعَ الغلامُ، فهو يافع: إذا شارف الاحتلام، ولَمّا يحتلم، وهو من نوادر الأبنية، وغلام يافعٌ، ويَفَعَة -بفتحات- فمن قال: يافِع ثَنَّى وجمع، ومن قال: يَفَعَةٌ لم يُثنِّ، ولم يَجمع. انتهى (3).
وقال ابن منظور: غلام يافِعٌ، ويَفَعَةٌ، وأَفَعَةٌ، ويَفَعٌ: شابّ، وكذلك الجمع والمؤنّث، ورُبّما كُسّر على الأَيْفَاع، فقيل: غِلْمان أَيْفَاع، ويَفَعَةٌ أيضًا. وقال أبو زيد:
(1)"المصباح المنير" 2/ 452.
(2)
"إكمال المعلم" 1/ 139 - 140.
(3)
"النهاية" 5/ 299.
سمعت يَفَعَةٌ، ووَفَعَةٌ، بالياء والواو. وقد أيفع: أي ارتفع، وهو يافع على غير قياس، ولا يقال: مُوفِعٌ، وهو من النوادر. انتهى (1).
(فَكَانَ) أي أبو عبد الرحمن السُّلَميّ (يَقُولُ لَنَا: لَا تُجَالِسُوا الْقُصَّاصَ) بالضمّ: جمع قاصّ، وهو الذي يقرأ القصص على الناس. قال أهل اللغة: القِصّة: الأمر، والخبر، وقد اقتصصتُ الحديث: إذا رويته على وجهه، وقصّ عليه الخبر قَصَصًا -بفتح القاف، والاسم أيضًا الْقَصَصُ بالفتح، والْقِصَصُ بكسر القاف. اسم جمع للقصّة. (غَيْرَ أَبِي الْأَحْوَصِ) بنصب "غير" بدلا من القُصّاص، وهذا هو المختار؛ لوقوع الاستثناء بعد نهي، ويجوز نصبه على الاستثناء، كما قال في "الخلاصة":
مَا اسْتَثْنَتِ "إلَّا" مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ
…
وَبَعْدَ نَفْيٍ أَوْ كَنَفْي انْتُخِبْ
إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ وَانْصِبْ مَا انْقَطَعْ
…
وَعَنْ تَمِيمٍ فِيهِ إِبْدَالٌ وَقَعْ
و"أبو الأحوص" هذا: هو: عوف بن مالك بن نَضْلَة -بفتح النون، وسكون الضاد المعجمة- الجشمي التابعيّ الثقة، تقدّم في 2/ 10.
(وَإِيَّاكُمْ وَشَقِيقًا) تقدّم إعراب هذا التركيب. وشقيق هذا قال القاضي عياض: هو شقيق الضيّى الكوفيّ القاصّ، ضعّفه النسائيّ، كنيته أبو عبد الرحيم، قال بعضهم: وهو أبو عبد الرحيم الذي حَذّر منه إبراهيم النخعيّ قبل هذا في الكتاب. وقيل: إن أبا عبد الرحيم الذي حذّر منه إبراهيم، هو سلمة بن عبد الرحمن النخعيّ. ذكر ذلك ابن أبي حاتم الرازي في كتابه، عن ابن المدينيّ (2).
ثم بيّن مسلم رحمه الله تعالى سبب نهي أبي عبد الرحمن السُّلَمي عن مجالسة شقيق هذا، فـ (قَالَ: وَكَانَ شَقِيقٌ هَذَا) أي الذي وقع التحذير هنا عن مجالسته (يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ) أي يعتقد مذهب الخوارج.
ولَمّا كان يلتبس شقيق هذا الذي نُهي عن مجالسته هنا بشقيق ابن سلمة أبي وائل التابعيّ الكبير المشهور، نبّه على ذلك مسلم بقوله:(وَلَيْسَ بِأَبِي وَائِلٍ) يعني أن شقيقًا الذي حذّر عن مجالسته أبو عبد الرحمن السُّلَميّ ليس هو شقيق بن سلمة، أبا وائل، فإنه كان من خيار التابعين.
وهو: شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، وروى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومعاذ بن جبل، وخلق من الصحابة، والتابعين. وروى عنه الأعمش، ومنصور، وزبيد اليامي، وجامع بن أبي راشد، وخلق
(1)"لسان العرب" 8/ 415.
(2)
"إكمال المعلم" 1/ 142.
كثير. قال عاصم بن بهدلة عنه: أدركت سبع سنين من سني الجاهلية. وقال مغيرة عنه: أتانا مُصَدِّق النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته بكبش لي، فقلت: خذ صدقة هذا، فقال: ليس في هذا صدقة. وقال الأعمش: قال لي أبو وائل: يا سليمان، لو رأيتني، ونحن هُرّاب من خالد بن الوليد، فوقعت عن البعير، فكادت عُنُقي تَنْدَقّ، فلو مت يومئذ كانت النار، قال: وكنت يومئذ ابن إحدى عشرة سنة. وقال يزيد بن أبي زياد: قلت لأبي وائل: أيما أكبر أنت، أو مسروق؟ قال: أنا. وقال الثوري عن أبيه: سمعت أبا وائل، وسئل أنت أكبر، أو الربيع بن خُثَيم؟ قال: أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلًا. وقال عاصم بن بهدلة: قيل لأبي وائل: أيهما أحب إليك علي، أو عثمان؟ قال: كان علي أحب إلي، ثم صار عثمان. وقال عمرو بن مرة: قلت لأبي عُبيدة: من أعلم أهل الكوفة بحديث عبد الله؟ قال: أبو وائل. وقال الأعمش عن إبراهيم: عليك بشقيق، فإني أدركت الناس، وهم متوافرون، وإنهم ليعُدُّونه من خيارهم. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، لا يسأل عن مثله. وقال وكيع: كان ثقة. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. وقال ابن حبان في "الثقات": سكن الكوفة، وكان من عُبّادها، وليست له صحبة، ومولده سنة إحدى من الهجرة. وقال العجلي: رجل صالح، جاهليّ، من أصحاب عبد الله. وقال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة. قال خليفة بن خياط: مات بعد الجماجم سنة (82). وقال الواقدي: مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(76) حديثًا.
وقال في "التقريب": ثقة، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مائة سنة. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رحمه الله تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
57 -
(حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: لَقِيتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ، فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ).
رجال هذا الإسناد: اثنان:
1 -
(أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ) هو: محمد بن عمرو بن بَكْر بن سالم، ويقال: مالك بن الحباب التميمي العدوي، أبو غَسّان الرازي الطيالسي، المعروف بزُنَيج -بضم الزاي، وفتح النون، مصغّرًا-.
روى عن حَكّام بن سَلْم، وهارون بن المغيرة، وجرير، وسلمة بن الفضل، وغيرهم. وروى عنه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه. وذكره الدارقطني في شيوخ البخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وغيرهم.