الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح الأثر:
عن الفضل بن سهل، أنه (قَالَ: سَأَلْتُ مُعَلًّى) أي ابن منصور (الرَّازِيَّ) نسبة إلى الريّ بزيادة الزاي: مدينة كبيرة مشهورة من بلاد الدَّيْلَم (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ) بن حسان بن قيس الأسدي المصلوب في الزندقة، ويقال له: ابن سعيد بن عبد العزيز، أو ابن أبي عتبة، أو ابن أبي قيس، أو ابن أبي حسّان، ويقال له: ابن الطبريّ، أبو عبد الرَّحمن، أو أبو عبد الله، أو أبو قيس، وقد يُنسب إلى جدّه. قيل: إنهم قلبوا اسمه على مائة وجه؛ لِيَخْفَى، وإلى هذا أشار السيوطيّ رَحِمَهُ اللهَ تعالى في "ألفيّة الحديث"، حيث قال:
وَأَلَّفَ الأَزْدِيُّ فِيمَنْ وُصِفَا
…
بِغَيْرِ مَا وَصْفٍ إِرَادَةَ الْخَفَا
وَهْوَ عَوِيصٌ عِلْمُهُ نَفِيسُ
…
يُعْرَفُ مِنْ إِدْرَاكِهِ التَّدْلِيسُ
مِثَالُهُ مُحَمَّدُ الْمَصْلُوبُ
…
خَمْسِينَ وَجْهًا اسْمُهُ مَقْلُوبُ
وقد تقدّمت ترجمته مستوفاةً عند قول المصنّف: "فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متّهمون الخ"، فراجعها تستفد. (الَّذِي) صفة لمحمد بن سعيد (رَوَى عَنْهُ عَبَّادٌ) أي ابن كثير المذكور آنفًا (فَأَخْبَرَنِي) أي معلّى الرازيّ (عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ) ابن أبي إسحاق السبيعيّ (قَالَ) أي عيسى بن يونس (كُنْتُ عَلَى بَابِهِ) أي باب محمد بن سعيد (وَسُفْيَانُ عِنْدَهُ) جملة في محلّ نصب على الحال: أي والحال أن سفيان الثوريّ جالس عند محمد بن سعيد (فَلَمَّا خَرَجَ) سفيان (سَأَلْتُهُ عَنْهُ؟ ) أي عن محمد بن سعيد، هل هو ثقة، أم لا؟ (فَأَخْبَرَنِي) سفيان (أَنَّهُ) أي محمد بن سعيد (كَذَّابٌ) وقد تقدَّم في ترجمته أنهم اتّفقوا على تكذيبه، بل قال أحمد بن صالح: زنديقٌ، ضُرِبت عنقه، وضع أربعة آلاف حديث عند هؤلاء الحمقى فاحذروها. وقال أحمد بن حنبل: قتله أبو جعفر المنصور في الزندقة، حديثه حديث موضوع. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
44 -
(وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَفَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ أَبِي عَتَّابٍ: فَلَقِيتُ أَنَا مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ عَنْ أَبِيهِ: لَمْ تَرَ أَهْلَ الْخَيْرِ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ مُسْلِم: يَقُولُ: يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى لِسَانِهِمْ، وَلَا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ).
رجال هذا الإسناد: أربعة:
1 -
(مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ) البغداديّ، أبو بكر الأعين، واسم أبي عَتّاب طَرِيف، وقيل: الحسن بن طريف.
رَوَى عن روح بن عبادة، وأسود بن عامر، وعفّان، وغيرهم. وروى عنه مسلم في "مقدمة كتابه"، وروى الترمذي عن زكريا بن يحيى اللؤلؤي عنه، وأبو داود في غير السنن، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم.
قال عبد الخالق بن منصور عن ابن معين: ليس هو من أصحاب الحديث. قال الخطيب: يعني لم يكن بالحافظ للطرق والعلل، وأما الصدق والضبط فلم يكن مدفوعا منه. وقال عبد الله بن أحمد: ذكر أبي أبا بكر الأعين حين مات، فقال: رَحِمَهُ اللهُ تعالى، مات ولا يعرف إلا الحديث، ولم يكن صاحب كلام، وإني لأغبطه. وذكره ابن حبان في "الثقات". قال موسى بن هارون وغير واحد: مات سنة أربعين ومائتين.
وقال في "التقريب": صدوقٌ، من الحادية عشرة.
2 -
(عَفَّانُ) بن مسلم بن عبد الله الصفار، أبو عثمان البصري، مولى عزرة بن ثابت الأنصاري، سكن بغداد.
رَوَى عن داود بن أبي الفُرَات، وعبد الله بن بكر المزني، وصخر بن جويرية، وشعبة، وغيرهم. وروى عنه البخاري، وروى هو والباقون عنه بواسطة إسحاق بن منصور، وأبي قدامة السرخسي، ومحمد بن عبد الرحيم البزار، وحجاج بن الشاعر، وأبو خيثمة، وخلق كثير.
قال العجلي: عفان بصري ثقة ثبت، صاحب سنه، وكان على مسائل معاذ بن معاذ، فَجُعِل له عشرة آلاف دينار على أن يقف عن تعديل رجل، فلا يقول: عدل، ولا غير عدل، فأبى، وقال: لا أبطل حقا من الحقوق. وقال حنبل بن إسحاق: وأمر المأمون إسحاق بن إبراهيم الطاهري أن يدعو عفان إلى القول بخلق القرآن، فإن لم يُجِب فاقطع عنه رزقه، وهو خمسمائة درهم في الشهر، فاستدعاه فقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى ختمها، فقال: مخلوق هذا؟ قال: يا شيخ إن أمير المؤمنين يقول: إن لم يجب أقطع رزقه، فقال:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، وخرج ولم يُجِب. وقال الحسين بن حيان: سألت أبا زكريا، إذا اختلف أبو الوليد وعفان في حديث عن حماد بن سلمة، فالقول قول من؟ قال: عفان، قلت: وفي حديث شعبة؟ قال: القول قول عفان، قلت: وفي كلّ شيء؟ قال: نعم عفان أثبت منه وأكيس، وأبو
الوليد ثبت ثقة، قلت: فأبو نعيم؟ قال: عفان أثبت. وقال المفضل الغلابي: ذُكر له -يعني لابن معين- عفان وثبته، فقال: قد أخذت عليه الخطأ في غير حديث. وقال عُمر ابن أحمد الجوهري عن جعفر بن محمد الصائغ: اجتمع علي بن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وعفان، فقال عفان: ثلاثة يُضَعّفون في ثلاثة: علي بن المديني في حماد بن زيد، وأحمد بن حنبل في إبراهيم بن سعد، وأبو بكر بن أبي شيبة في شريك. قال علي: ورابع معهم، قال عفان: ومن ذاك؟ قال: عفان في شعبة. قال عمر بن أحمد: وكل هؤلاء أقوياء، ليس فيهم ضعيف، ولكن قال هذا على وجه المزاح. وقال إسحاق بن الحسن عن أحمد بن حنبل: ما رأيت الألفاظ في كتاب أحد من أصحاب شعبة أكثر منها عند عفان، يعني أنبأنا، وأخبرنا، وسمعت، وحدثنا، يعني شعبة. وقال حنبل عن أحمد: عَفّان وحَبّان، وبهز، هؤلاء المتثبتون. وقال: قال عفان كنت أوقف شعبة على الأخبار. قلت له: فإذا اختلفوا في الحديث، يُرجَع إلى من؟ قال: إلى قول عفان، هو في نفسي أكبر، وبهز أيضا، إلا أن عفان أضبط للأسامي، ثم حبان. وقال يحيى بن سعيد القطان: كان عفان، وحَبّان، وبهز يختلفون إليّ، فكان عفان أضبط القوم للحديث، عملت عليهم مرة في شيء، فما فَطِنَ لي أحد إلا عفان. وقال الآجري عن أبي داود: عفان أثبت من حَبان. وقال الآجري: قلت لأبي داود: بلغك عن عفان أنه يُكَذِّب وهب بن جرير؟ فقال: حدثني عباس العنبري، سمعت عليا يقول: أبو نعيم، وعفان صدوقان، لا أقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يَدَعُون أحدا إلا وقعوا فيه. وقال حسان بن الحسن المجاشعي: سمعت ابن المديني يقول: قال عفان: ما سمعت من أحد حديثا إلا عرضته عليه، غير شعبة، فإنه لم يُمَكِّنّي أن أعرض عليه. قال: وذُكر عنده عفان، فقال: كيف أذكر رجلا يشك في حرف، فيضرب على خمسة أسطر. قال: وسمعت عليا يقول: قال عبد الرحمن: أتينا أبا عوانة، فقال: من على الباب؟ فقلنا: عفان، وبهز، وحَبان، يقول: هؤلاء بلاء من البلاء، قد سمعوا يريدون أن يَعْرِضوا. وقال الحسن الزعفراني: قلت لأحمد: من تابع عفان على كذا وكذا؟ فقال: وعفان يحتاج إلى متابعة أحد؟ . وقال عبد الخالق بن منصور: سئل يحيى ابن معين عن عفان وبهز أيهما كان أوثق؟ فقال: كلاهما ثقة، فقيل له: إن ابن المديني يزعم أن عفان أصح الرجلين، فقال: كانا جميعا ثقتين صدوقين. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت يحيى بن معين يقول: أصحاب الحديث خمسة: مالك، وابن جريج، والثوري، وشعبة، وعفان. وقال الدُّوريّ: سمعت ابن معين يقول: كان عفان أثبت من زيد بن الحباب، وقال: عفان -والله- أثبت من أبي نعيم في حماد بن سلمة. وقال محمد بن العباس النسائي: سألت ابن معين، مَن أثبت: عبد الرحمن بن مهدي، أو
عفان؟ قال: كان عبد الرحمن أحفظ لحديثه، وحديث الناس، ولم يكن من رجال عفان في الكتاب، وكان عفان أسن منه. وقال عمرو بن علي: رأيت يحيى يومًا حدث بحديث، فقال له عفان: ليس هو هكذا، فلما كان من الغد أتيت يحيى، فقال: هو كما قال عفان، ولقد سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان. وقال ابن معين: كان يحيى إذا تابعه عفان على شيء ثبت عليه، وإن كان خطأ، وإذا خالفه عفان في حديث عن حماد رجع عنه يحيى، لا يحدث به أصلًا. وقال الحسن الزعفراني: رأيت يحيى بن معين يَعْرِض على عفان ما سمعه من يحيى القطان. وقال المعيطيّ: عفان أثبت من القطان. وقال محمد بن عبد الرحمن بن فهم: سمعت يحيى بن معين يقول: عفان أثبت من عبد الرحمن بن مهدي. قال: وسمعت ابن معين يقول: ما أخطأ عفان قط إلا مرة أنا لقنته إياه، فأستغفرُ الله. وقال خلف بن سالم: ما رأيت أحدًا يُحسن الحديث إلا رجلين: بهز وعفان. وقال أحمد: لزمته عشر سنين. وقال أبو حاتم: ثقة إمام متقن. وقال ابن عدي بعد أن حَكَى قولَ سليمان بن حرب: تُرَى عفان ابن مسلم كان يضبط عن شعبة؟ ، والله لو جَهَد جهده أن يضبط عن شعبة حديثا واحدًا، ما قدر عليه، كان بَطِيئًا، رَدِيء الفهم، بطيء الفهم، قال سليمان: والله لقد دخل عفّان قبره وهو نادم على رواياته عن شعبة. قال ابن عدي: عفان أشهر وأصدق وأوثق من أن يقال فيه شيء، فإن أحمد كان يرى أن يُكتب عنه ببغداد الإملاء من قيام، وأحمد أروى الناس عنه، ولا أعلم لعفان إلا أحاديث مراسيل عن الحمادين وغيرهما وصلها، وأحاديث موقوفة رفعها، والثقة قد يَهِم في الشيء، وعفان لا بأس به، صدوق. وقد رحل أحمد بن صالح المصري من مصر إلى بغداد، وكانت رحلته إلى عفان خاصة. قال ابن أبي خيثمة: سمعت أبي وابن معين يقولان: أنكرنا عفان في صفر سنة (19)، وفي رواية سنة عشرين، ومات بعد أيام. وقال ابن سعد: كان مولده سنة (134). وقال ابن سعد: ومات سنة عشرين، وكذا قال أبو داود، وزاد: شهدت جنازته، وفيها أرّخه غير واحد. وقيل: سنة (19). قال الخطيب: والصحيح الأول. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث ثبتا حجة. وقال ابن خراش: ثقة من خيار المسلمين. وقال ابن قانع: ثقة مأمون. وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال في "التقريب": ثقة، ثبتٌ، من كبار العاشرة. انتهى.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(54) حديثًا.
3 -
(مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ) أبو صالح البصري.
روى عن أبيه، ومعاذ بن معاذ، وفضيل بن عياض، وابن عيينة، وغيرهم. وروى عنه البخاري في "الجامع" تعليقًا، وفي "التاريخ"، وروى له مسلم في "المقدّمة"، وأبو