الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"الثقات": كان فقيهًا، صاحب كتاب. وقال ابن عديّ: أحاديثه مستقيمة كلها. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: روى عن أنس مرسلًا، وعن ابن عمر، ولم يره. وقال أبو يوسف، عن أبي حنيفة: قدمت المدينة، فأتيت أبا الزناد، ورأيت ربيعة، فإذا الناس على ربيعة، وأبو الزناد أفقه الرجلين، فقلت له: أنت أفقه، والعمل على ربيعة، فقال: ويحك كَفٌّ من حظ، خير من جراب من علم. قال خليفة وغيره: مات سنة ثلاثين ومائة في رمضان، وهو ابن (66) سنة. وكذا قال ابن سعد، وزاد: كان ثقة، كثير الحديث، فصيحًا، بصيرا بالعربية، عالمًا، عاقلا. وقال ابن معين وغيره: مات سنة (31). وقيل: مات سنة (32).
وقال في "التقريب": ثقةٌ، فقيهٌ، من الخامسة. انتهى.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(112) حديثًا.
[تنبيه]: "أبو الزناد" لقب بصورة الكنية، اشتهر به عبد الله بن ذكوان، وكان يكرهه، كما تقدّم، وكنيته أبو عبد الرَّحمن. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر:
(عَن) عبد الرَّحمن (بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ) عبد الله بن ذكوان، أنه (قَالَ: أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ) النبويّة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام (مائَةً، كُلُّهُمْ مَأْمُونٌ) أي في دينه، وأمانته (مَا يُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْحَدِيثُ) أي لكونهم غير ضابطين له، كما أشار إليه بقوله:(يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ) أفرد اسم "ليس" بتأويله بالراوي: أي ليس الراوي أهلًا لأخذ الحديث منه. قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يعني أنهم كانوا موثوقًا بهم في دينهم، وأمانتهم، غير أنهم لم يكونوا حُفّاظًا للحديث، ولا مُتقنين لروايته، ولا مُحترزين فيه، فلم تكن لهم أهليّة الأخذ عنهم، وإن كانوا قد تعاطوا الحديث والرواية. انتهى (1).
وقال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ليس يشترط في رواية الثقة عندنا، وعند المحقّقين من الفقهاء، والأصوليين، والمحدّثين كون المحدّث من أهل العلم، والفقه، والحفظ، وكثرة الرواية، ومجالسة العلماء، بل يُشترط ضبطه لما رواه، إما من حفظه، أو كتابه، وإن كان قليلًا علمه، إذ عُلِم من إجماع الصدر الأول قبول خبر العدل، وإن كان أُمّيّا، وممن جاء بعدُ قبول الرواية من صاحب الكتاب، وإن لم يحفظه، والرواية عن الثقات، وإن لم يكونوا أهل علم. وقد ذكر أبو عبد الله الحاكم في أقسام الصحيح المختلف فيه رواية الثقات المعروفين بالسماع، وصحّة الكتاب غير الحفّاظ، ولا
(1)"المفهم" 1/ 128.
العارفين، قال: كأكثر محدّثي زماننا، قال: فهذا محتجّ به عند أكثر أهل الحديث، قال: وإن لم ير ذلك مالك، ولا أبو حنيفة.
قال القاضي: والذي أقول: إن معنى قول أبي الزناد هذا -وقد رُوي نحوه عن مالك وغيره-: أن هؤلاء لم يكونوا أهل ضبط لما رووه، لا من حفظهم، ولا من كتبهم، أو قَصَدوا إيثار أهل العلم، وترجيح الرواية عن أهل الإتقان، والحفظ؛ لكثرتهم حينئذ، والاستغناء بهم عن سواهم، فأما أن لا يُقبل حديثهم فلا، وقد وجدنا هؤلاء رووا عن جماعة ممن لم يشتهر بعلم، ولا إتقان. انتهى كلام القاضي (1).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قول القاضي رَحِمَهُ اللهُ تعالى: "أو قصدوا إيثار أهل العلم الخ" فيه نظر لا يخفى؛ لأنه بعيد عن معنى كلام أبي الزناد، بل معنى كلامه هو الوجه الأول الذي ذكره القاضي بقوله:"أن هؤلاء لم يكونوا أهل ضبط الخ".
والحاصل من مراد ابن أبي الزناد -والله أعلم- أنه كما يُشترط لقبول الرواية كون الراوي عدلًا، يشترط أيضًا كونه ضابطًا، فلا تكفي عدالته، واستقامته، وأمانته لقبول ما يروي، بل لا بُدّ من كونه ضابطًا لما روى، إما ضبط صدرٍ، إن كان يروي من حفظه، أو ضبط كتاب، إن كان يروي من كتابه، وهذا معنى ما تقدّم عن الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ تعالى، حيث عدّ من الأربعة الذين لا يؤخذ عنهم الحديث رجلًا له فضل وعبادة، لكنه لا يعلم ما يُحدّث به. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه في أول الكتاب:
31 -
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وحَدَّثني أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: "لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الثِّقَاتُ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 -
(محمد بن أبي عمر) هو: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدنيّ، أبو عبد الله الحافظ، نزيل مكة، نُسِب إلى جده.
روى عن أبيه، وابن عيينة، وفضيل بن عياض، وغيرهم. وروى عنه مسلم، والترمذي، وابن ماجه، وروى النسائي عن محمد بن حاتم بن نعيم الأزدي، وهلال بن العلاء، وزكرياء بن يحيى السجزي عنه، وغيرهم.
قال ابن أبي حاتم عن أبيه: كان رجلا صالحًا، وكان به غفلة، ورأيت عنه حديثًا
(1)"إكمال المعلم" 1/ 127 - 128.
موضوعًا، حدّث به عن ابن عيينة، وكان صدوقا، قال: وثنا أحمد بن سهل الإسفرائيني، سمعت أحمد، وسئل عمن يُكتَبُ؟ فقال: أما بمكة فابن أبي عمر. وقال الحسن بن أحمد بن الليث الرازي: كان حج سبعا وسبعين حجة. وقال الترمذي في "الصلاة" من "الجامع": سمعت ابن أبي عمر يقول: كان الحميدي أكبر مني بسنة، واختلفتُ إلى ابن عيينة ثماني عشرة سنة، قال: وسمعته يقول: حججت سبعين حجة ماشيًا. وقال مسلمة: لا بأس به. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال البخاري: مات في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
وقال في "التقريب": صدوقٌ، صنّف "المسند"، وكان لازم ابن عيينة، لكن قال أبو حاتم: كانت فيه غفلة، من العاشرة.
وله في "صحيح مسلم"(285) حديثًا (1).
2 -
(أبو بكر بن خلاد) هو: محمد بن خلاد بن كثير الباهلي، أبو بكر البصري.
روى عن الدراوردي، وعبد الوهاب الثقفي، والوليد بن مسلم، وابن عيينة، وغيرهم. وروى عنه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وروى النسائي عن زكريا السجزي عنه، وأبو حاتم الرازي، وغيرهم.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: أبو بكر بن خلاد عرفته معرفة قديمة، لقيناه أيام المعتمر بالبصرة وببغداد، وكان ملازما ليحيى بن سعيد. وقال أبو بكر الأعين: سمعت مسددا يقول: أبو بكر بن خلاد ثقة، ولكنه صَلْفٌ. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة. وقال معاوية بن عبد الكريم الزيادي: أدركت البصرة، والناس يقولون: ما بها أعقل من أبي الوليد، وبعده أبو بكر بن خلاد، وبعده عباس العنبري. قال ابن أبي عاصم: مات سنة أربعين ومائتين. وقيل: مات سنة (39). وقيل: سنة تسع وأربعين. وقيل: سنة (57).
وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة. انتهى.
وله في "صحيح مسلم"(14) حديثًا.
3 -
(سفيان بن عيينة) تقدّمت ترجمته (2).
4 -
(مسعر) -بكسر الميم، وسكون السين، وفتح العين- ابن كدام -بكسر أوله،
(1) هذا ما في برنامج الحديث (صخر)، والذي في "تهذيب التهذيب" نقلًا عن "الزهرة": روى عنه مسلم مائتي حديث، وستة عشر حديثًا.
(2)
تقدّمت عند ذكر المصنّف أئمة الجرح والتعديل الذين يقتدى بهم في هذا العلم.
وتخفيف ثانيه- ابن ظهير بن عبيدة بن الحارث بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالي العامري الرَّوَّاسيّ، أبو سلمة الكوفي، أحد الأعلام.
روى عن أبي بكر بن عمارة بن رويبة، وعطاء، وعبد الجبار بن وائل بن حجر، وغيرهم. وروى عنه سليمان التيمي، وابن إسحاق، وشعبة، والثوري، وغيرهم.
قال حفص بن غياث، عن هشام بن عروة: ما قدم علينا من العراق أفضل من أيوب، ومن ذاك الرَّوَّاسي، يعني مسعرًا؛ لأن رأسه كان كبيرًا. وقال ابن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: أيما أثبت هشام الدستوائي، أو مسعر؟ قال: ما رأيت مثل مسعر، كان مسعر من أثبت الناس. وقال عمرو بن علي: سمعت ابن مهدي يقول: حدثنا أبو خَلْدَة، فقال له أحمد بن حنبل: كان ثقة، وكان مؤدبًا، وكان خيارًا، الثقة شعبة، ومسعر. وقال العربي عن الثوري: كنا إذا اختلفنا في شيء سألنا عنه مسعرًا. قال: وقال شعبة: كنا نُسمّي مسعرًا المصحف. وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: كان يسمى الميزان. وقال أبو زرعة الرازي: سمعت أبا نعيم يقول: كان مسعر شكّاكا في حديثه، وليس يخطىء في شيء من حديثه، إلا في حديث واحد. وقال أبو بكر بن أبي شيبة، عن وكيع: شَكُّ مسعر كيقين غيره. وقال العجلي: كوفي ثقة ثبت في الحديث، وكان الأعمش يقول: شيطان مسعر يستضعفه، فيشككه في الحديث، وكان يقول الشعر. وقال عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة: كان من معادن الصدق. وقال أبو طالب عن أحمد: كان ثقة خيارا، حديثه حديث أهل الصدق. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة. وقال ابن عمار: مسعر حجة، ومَنْ بالكوفة مثله؟ . وقال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: ثقة. قال: وسئل أبي عن مسعر وسفيان؟ فقال: مسعر أعلى إسنادًا، وأجود حديثًا، وأتقن، ومسعر أتقن من حماد بن زيد. وقال الآجري عن أبي داود: مسعر أعلى، صاحب شيوخ، روى عن مائة لم يرو عنهم سفيان. وقال محمد بن عمار بن الحارث الرازي: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت الثوري يقول: الإيمان يزيد وينقص، ثم قال: أقول بقول سفيان، ولقد مات مسعر، وكان من خيارهم، في شهد سفيان جنازته، يعني من أجل الإرجاء. وقال أبو مسهر: حدثنا الحكم بن هشام، حدثنا مسعر: دعاني أبو جعفر ليوليني، فقلت: إن أهلي يقولون لي. لا نرضى اشتراءك في شيء بدرهمين، وأنت توليني فأعفاني. وقال معن المسعودي: ما رأيت مسعرا في يوم إلا وهو فيه أفضل من اليوم الذي كان بالأمس. وقال شعبة: مسعر في الكوفيين كابن عون في البصريين. وفيه يقول ابن المبارك [من الكامل]:
مَنْ كَانَ مُلْتَمِسًا جَلِيسًا صَالِحًا
…
فَلْيَأْتِ حَلْقَةَ مِسْعَر ِبْنِ كِدَامِ
في أبيات. وقال محمد بن مسعر: كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن.
وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال: كان مرجئا ثبتا في الحديث، سمعت ابن قحطبة يقول: سمعت نصر بن علي يقول: سمعت عبد الله بن داود يقول: كان مسعر يسمى المصحف؛ لقلة خطئه وحفظه. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن مسعر، إذا خالفه الثوري؟ فقال: الحكم لمسعر؛ فإنه المصحف. قال عمرو بن علي: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. وقال أبو نعيم: مات سنة خمس وخمسين.
وقال في "التقريب": ثقة ثبتٌ فاضلٌ، من السابعة. انتهى.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(36) حديثًا.
5 -
(سعد بن إبراهيم) بن عبد الرَّحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق، ويقال: أبو إبراهيم، أمه أم كلثوم بنت سعد، وكان قاضي المدينة، والقاسم بن محمد حيّ.
رأى ابن عمر، وروى عن أبيه، وعميه: حميد وأبي سلمة، وابن عم أبيه، طلحة ابن عبد الله بن عوف، وابن عمه عمر بن أبي سلمة، وأخيه المسور، وخاليه: إبراهيم وعامر ابني سعد، وغيرهم. ورَوَى عنه ابنه إبراهيم، وأخوه صالح، وعبد الله بن جعفر المخزومي، وعياض بن عبد الله الفهري، وغيرهم.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: ثقة، ولي قضاء المدينة، وكان فاضلًا. وقال عبد الله بن شعيب، عن ابن معين: ثقة لا يشك فيه. وقال الدُّوري وغير واحد، عن ابن معين: ثقة، وكذا قال العجلي، وأبو حاتم، والنسائي. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن المديني، وقيل له: سمع سعد بن إبراهيم من عبد الله بن جعفر؟ قال: ليس فيه سماع، ثم قال عليّ: لم يلق سعد بن إبراهيم أحدًا من الصحابة. وقال أبو حاتم، عن ابن المديني: كان سعد لا يحدث بالمدينة، فلذلك لم يكتب عنه أهل المدينة، ومالك لم يكتب عنه، وإنما سمع منه شعبة، وسفيان بواسط، وابن عيينة سمع منه بمكة. وقال حجاج بن محمد: كان شعبة إذا ذكره قال: حدثني حبيبي سعد. وقال أحمد عن ابن عيينة: لما عُزل سعد عن القضاء، كان يتقي كما كان يتقي وهو قاض. وقال الساجي: ثقة أجمع أهل العلم على صدقه، والرواية عنه إلا مالكًا، وقد روى مالك عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، وصح باتفاقهم أنه حجة، ويقال: إن سعدا وعظ مالكا، فوجد عليه، فلم يرو عنه. حدثني أحمد بن محمد، سمعت أحمد بن حنبل يقول: سعد ثقة، فقيل له: إن مالكا لا يحدث عنه، فقال: مَن يلتفت إلى هذا؟ سعد ثقة، رجل صالح. ثنا أحمد بن محمد، سمعت المعيطي، يقول لابن معين: كان مالك يتكلم في سعد، سيد من سادات قريش، ويروي عن ثور، وداود بن الحصين خارجيين خبيثين. قال الساجي: ومالك