الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
(شَرَاحيلُ بنُ يزيد) الْمَعَافري المصري. رَوَى عن أبي عبد الرحمن الْحُبُلِيّ، وأبي عثمان مسلم بن يسار الطُّنْبُذِيّ، وأبي علقمة الهاشمي، ومحمد بن هُدْبة الصدفي، وغيرهم. ورَوَى عنه أبو شريح عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني، وسعيد بن أبي أيوب، وابن لهيعة، وغيرهم.
ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن يونس مات بعد العشرين ومائة.
وقال في "التقريب": صدوقٌ، من السادسة.
أخرج له البخاري في "خلق أفعال العباد"، والمصنّف هنا في "المقدّمة"، وله عنده هذا الحديث فقط، وأبو داود. والباقون تقدّموا في السند الماضي، والذي قبله. والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): من سداسيّات المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى. (ومنها): أنه مسلسل بثقات المصريين. (ومنها): أن فيه أبا هريرة رضي الله عنه أحفظ من روى الحديث في دهره، كما تقدّم قريبًا. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
عن عبد الله بن وهب (أَنَّهُ سَمِعَ شَرَاحِيلَ) بفتح الشين المعجمة، غير منصرف (ابْنَ يَزِيدَ) المعافريّ (يَقُولُ أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ) المصريّ (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ) جمع دَجّال: قال ثعلب: الدّجّال: هو المموِّه، يقال: سيف مُدَجَّلٌ: إذا طُلِي بذهب. وقال ابن دريد: كلُّ سميء غطَّيته، فقد دجّلته، واشتقاق الدجّال من هذا؛ لأنه يُغطِّي الأرض بالجمع الكثير. قاله في "المصباح"(1).
وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الدجّال هو الكذّاب المموّه بكذبه الْمُلَبِّس به، يقال: دجل الحقَّ بباطله: أي غطّاه، ودجل: أي موّه، وكذب به، وبه سُمّي الكذّاب الأعور. وقيل: سُمّي بذلك لضربه في الأرض، وقطعه نواحيها، يقال: دجل الرجلُ بالفتح والضمّ: إذا فعل ذلك. حكاه ثعلب.
هذا الحديث إخبار من النبيّ صلى الله عليه وسلم بأنه سيوجد بعده كذّابون عليه، يُضلّون الناس
(1)"المصباح المنير" 1/ 189 - 190.
بما يضعونه، ويَختلقونه، وقد وُجد ذلك على نحو ما قاله، فكان هذا الحديث من دلائل صدقه. ذكر أبو عمر بن عبد البرّ عن حمّاد بن زيد أنه قال: وَضَعَت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألف حديث، بثّوها في الناس. وحكي عن بعض الوضّاعين أنه تاب، فبكى، وقال: أنّى لي بالتوبة؟ وقد وضعتُ اثني عشر ألف حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّها يُعمل بها. وقد كتب أئمّة الحديث كتبًا كثيرةً بيّنوا فيها كثيرًا من الأحاديث الموضوعة المنتشرة في الوجود، قد عَمِلَ بها كثير من الفقهاء الذين لا علمَ عندهم برجال الحديث. انتهى كلام القرطبيّ (1).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في قوله: وضعت الزنادقة اثني عشر ألف حديث كلّها يُعمل بها، فيه نظرٌ لا يخفى، بل هو باطل من تأمّله، والله تعالى المستعان.
وقوله: (كَذَّابُونَ) تأكيد لدجّالون؛ لأنه بمعناه. قال السنوسيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قلت: وعلماء السوء، والرهبان على غير أصل سنّة كلهم داخلون في هذا المعنى، وما أكثرهم في زماننا، نسأل الله سبحانه السلامة من شرّ هذا الزمن، وشرّ أهله. انتهى (2). (يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لم تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ) أي بالأحاديث المختلقة التي لم تُنقل من مصدر صحيح. والمعنى أنهم يقولون، ويروون أشياء ليست مما يعرفه المسلمون فيما لم يزل سلفًا عن خلف، مع أن الله تعالى أكمل دينه، ووعد بحفظه، ونشره، ولم يترك سبيلًا إلى ضياع شيء منه، فأين كانت هذه الغرائب من القرون الأول. أفاده بعضهم (3).
(فَإِيَّاكمْ وَإِيَّاهُمْ) أي كونوا على حذر منهم (لَا يُضِلُّونَكُمْ وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ) قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: كذا صحّت الرواية فيه بإثبات النون، والصواب حذفها؛ لأن ثبوتها يقتضي أن تكون خبرًا عن نفي وقوع الإضلال والفتنة، وهو نقيض المقصود؛ فإذا خذفت احتمل حذفها وجهين:
[أحدهما]: أن يكون ذلك مجزومًا على جواب الأمر الذي تضمّنه إياكم، فكأنه قال: أُحذّركم لا يُضلّونكم، ولا يفتنونكم.
و[ثانيهما]: أن يكون قوله: "لا يُضلّونكم" نهيًا، ويكون ذلك من باب قولهم:"لا أريَنّك هَهنا": أي لا تتعرّضوا لإضلالهم، ولا لفتنتهم. انتهى (4). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(1)"المفهم" 1/ 118 - 119.
(2)
"مكمل إكمال الإكمال" 1/ 21.
(3)
انظر "فتح الملهم" 1/ 127.
(4)
"المفهم" 1/ 119.
قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل في أول الكتاب إليه:
17 -
(وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمُسَيَّبِ ابْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبَدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، فَيَأْتِي الْقَوْمَ، فَيُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ مِنَ الْكَذِبِ، فَيَتَفَرَّقُونَ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ: سَمِعْتُ رَجُلًا أَعْرِفُ وَجْهَهُ، وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ يُحَدِّثُ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 -
(أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ) هو: عبد الله بن سعيد بن حُصين الكندي الكوفي.
رَوَى عن إسماعيل ابن علية، وحفص بن غياث، وأبي أسامة، وعبد السلام بن حرب، وغيرهم. وروى عنه الجماعة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن خزيمة، وغيرهم.
قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس به بأس، ولكنه يروي عن قوم ضعفاء. وقال أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال مرة: الأشج إمام زمانه. وقال النسائي: صدوق. وقال مرة: ليس به بأس. وقال محمد بن أحمد بن بلال الشطوي: ما رأيت أحفظ منه. وقال اللالكائي وغيره: مات سنة سبع وخمسين ومائتين. وأرخه ابن قانع سنة (6). وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الخليلي، ومسلمة بن قاسم: ثقة. وفي "الزهرة": روى عنه البخاريّ ثمانية، ومسلم سبعين حديثا (1).
وقال في "التقريب" ثقة، من صغار العاشرة.
2 -
(وَكِيعٌ) بن الجرّاح بن مَلِيح الرؤاسيّ، أبو سفيان الكوفيّ الحافظ، تقدمت ترجمته في 1/ 2.
3 -
(الْأَعْمَشُ) سليمان بن مهران الكاهليّ الكوفيّ الحافظ الورع القارىء، تقدّمت ترجمته (2).
4 -
(الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ) الأسدي الكاهليُّ أبي العلاء الكوفي الأعمى. رَوَى عن البراء بن عازب، وحارثة بن وهب، وخَرَشَة بن الْحُرّ، وعامر بن عَبَدَة، وغيرهم. ورَوَى عنه ابنه العلاء، وأبو إسحاق السبيعي، والأعمش، ومنصور، وغيرهم. قال الدُّوري عن ابن معين: لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من البراء، وأبي إياس عامر بن عبدة (3). وقال العوام بن حَوْشَب: كان المسيب يختم القرآن في كل ثلاث.
(1) الذي في برنامج الحديث (صخر) أن له في "صحيح مسلم"(62) حديثًا، فليُحرّر.
(2)
تقدمت عند قول المصنّف: "ألا ترى أنك إذا وازنت بين هؤلاء الثلاثة الخ".
(3)
هذا يقتضي أن عامر بن عبدة صحابيّ، لكن الأكثرون على أنه تابعيّ، فتنبّه.
وقال العجلي: تابعي ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن أبي عاصم وغيره: مات سنة خمس ومائة.
وقال في "التقريب": ثقة من الرابعة.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" ثلاثة أحاديث برقم 649 و 651 و 933.
[تنبيه]: قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في "شرحه": أما الْمُسَيَّب بنُ رافع، فبفتح الياء بلا خلاف، كذا قال القاضي عياض في "المشارق"، وصاحب "المطالع" أنه لا خلاف في فتح يائه، بخلاف سعيد بن المسيّب، فإنهم اختلفوا في فتح يائه وكسرها، كما سيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى. انتهى (1).
وإلى هذا أشار السيوطيّ في "ألفيّة الأثر" بقوله:
كُلُّ مُسَيَّبٍ فَبِالْفَتْحِ سِوَى
…
أَبِي سَعِيدٍ فَلِوَجْهَيْنِ حَوَى
5 -
(عَامِرُ بْنُ عَبَدَةَ) -بفتح الباء، وقيل: بسكونها- البجلي أبو إياس الكوفي. رَوَى عن ابن مسعود، وعنه المسيب بن رافع. قال النسائي في "الكنى": أبو إياس عامر بن عبد الله، ويقال: ابن عبدة. وذكره ابن حبان في "الثقات". وذكر ابن ماكولا أنه رَوَى عنه أيضا أبو إسحاق السبيعي (2)، وحَكَى ابن أبي حاتم عن ابن معين توثيقه. قال أبو بشر الدُّولابي: سمعت العباس بن محمد قال: قال ابن معين: عامر بن عبدة -يعني بالتحريك-. وقال ابن عبد البر في كتاب "الاستغنا في الكنى": أبو إياس عامر بن عَبَدَة تابعي ثقة، ثم غفل فذكره في "الصحابة"، وقال: رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثا هو في مقدمة "صحيح مسلم"، من طريق عامر بن عبدة، عن عبد الله بن مسعود.
وقال النوويّ في "شرحه": وأما عامر بن عبدة، فآخره هاء، وهو بفتح الباء وإسكانها، وجهان، أشهرهما وأصحهما الفتح. قال القاضي عياض: روينا فتحها عن عليّ بن المدينيّ، ويحيى بن معين، وأبي مسلم المستملي، قال: وهو الذي ذكره عبد الغني في كتابه، وكذا رأيته في "تاريخ البخاري"، قال: وروينا الإسكان عن أحمد بن حنبل وغيره، وبالوجهين ذكره الدارقطني، وابن ماكولا، والفتح أشهر. قال القاضي:
(1)"شرح مسلم" 1/ 77.
(2)
ونقله مغلطاي عن ابن ماكولا، وأقره، انظر "الإكمال" 7/ 146 فما كتبه الدكتور بشار في هامش "تهذيب الكمال" منتقدا على ابن ماكولا والحافظ ابن حجر في رواية أبي إسحاق إنكار مجرّد عن البرهان، فلا تلتفت إليه. والله تعالى أعلم.