الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإسماعيل بن أبي خالد، قال العجليّ: لا يُحدّث إلا عن ثقة (1). وأبو كامل مُظفَّر بن مُدرك الخراسانيّ الحافظ، وأبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعيّ الحافظ، والهيثم بن جَمِيل البغداديّ الحافظ، قال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: لم يكونوا يَحملون عن كل أحد، ولم يكتبوا إلا عن الثقات (2). ويحيى بن أبي كثير، قال أبو حاتم: يحيى إمام لا يُحدّث إلا عن ثقة (3). ومنصور بن المعتمر، قال الآجرّيّ عن أبي داود: كان منصورٌ لا يروي إلا عن ثقة (4). ووُهيب بن خالد الباهليّ، فقد قال أبو حاتم: ما أنقى حديثه؟ لا تكاد تجده يُحدّث عن الضعفاء (5).
وقد نظمت هؤلاء بقولي:
مَنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ عَنْ غَيْرِ ثِقَهْ
…
فِي غَالِبِ الْحَالِ لَدَى مَنْ حَقَّقَهْ
أَحْمَدُ يَحْيَى (6) مَالِكٌ وَالشَّعْبِي
…
بَقِيْ حَرِيزٌ مَعَهُ ابْنُ حَرْبِ
وَنْجْلُ مَهْدِيٍّ مَعَ الْمَنْصُورِ (7)
…
يَحْيَى (8) وَشُعْبَةُ عَلَى الْمَشْهُوَرِ
وَابْنُ الْوَلِيدِ وَبُكَيْرٌ هَيْثَمُ
…
وَابْنُ أَبِي خَالِدٍ أَيَضًا يُعْلَمُ
مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ مَنْصُورُ (9)
…
وَقُلْ وُهَيْبٌ مَعَهُمْ مَذْكُورُ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيهات]:
(الأول): قال الحافظ -رحِمَهُ اللهُ تعالى- في "لسان الميزان": وممن ينبغي أن يُتَوَقّف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة، سببها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثَلْبَ أبي إسحاق الْجُوزَجانيّ لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدّة انحرافه في النَّصْب، وشهرة أهلها بالتشيعِ، فتراه لا يتوقف في جرح مَنْ ذَكَره منهم بلسان ذَلْقَة، وعبارة طَلْقة، حتى إنه أخذ يُليِّن مثل الأعمش، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث، وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله، أو أكبر منه، فوثّق رجلًا ضعّفه قُبِل التوثيق، ويَلتحق به عبد الرحمن بن يوسف بن خِرَاش المحدث الحافظ، فإنه من غلاة الشيعة، بل نُسب إلى الرفض (10)، فقد ثبت جَرْحُهُ
(1) تهذيب التهذب 9/ ص 503.
(2)
المصدر السابق.
(3)
المصدر السابق 1/ 292.
(4)
المصدر السابق 4/ 96.
(5)
المصدر السابق 4/ 383.
(6)
هو القطان.
(7)
ابن المعتمر.
(8)
يحيى هو ابن أبي كثير.
(9)
هو ابن سلمة.
(10)
ولقد أجاد بعضهم قال فيه.
لِابْنِ خِرَاشٍ حَالَةٌ رَذِيلَهْ
…
دَارَ افِضِيٌّ جَرْحُهُ فَضِيلَهْ
لأهل الشام؛ للعداوة البينة في الاعتقاد، ويلتحق بذلك ما يكون سببه المنافسة في المراتب، فكثيرًا ما يقع بين العصريين الاختلاف، والتباين لهذا وغيره، فكل هذا ينبغي أن يُتَأَنَّى فيه، ويُتَأمّل، وما أحسن ما قال الإمام أبو الفتح القشيري -يعني ابن دقيق العيد-: أعراضُ الناس حُفْرة من حُفَر النار، وَقَفَ على شفيرها طائفتان: الحكام والمحدثون، هذا أو معناه. انتهى (1).
(الثاني): قال الحافظ رحِمَهُ اللهُ تعالى أيضًا: وينبغي أن يُتأمّل أيضا أقوالُ المزكين ومخارجها، فقد يقول العدل: فلان ثقة، ولا يريد به أنه ممن يُحتَجُّ بحديثه، وإنما ذلك على حسب ما هو فيه، ووُجِّهَ السؤالُ له، فقد يُسأل عن الرجل الفاضل المتوسط في حديثه فيُقرَن بالضعفاء، فيقال: ما تقول في فلان وفلان وفلان؟ فيقول: فلان ثقة، يُريد أنه ليس من نمط من قُرن به، فإذا سئل عنه بمفرده بَيَّن حاله في التوسط، فمن ذلك أن الدُّوريّ قال: سئل ابن معين عن محمد بن إسحاق، فقال: ثقة، فحكى غيره عن ابن معين أنه سئل عن ابن إسحاق وموسى بن عُبيدة الرَّبَذِيّ، أيهما أحب إليك؟ فقال: ابن إسحاق ثقة، وسئل عن محمد بن إسحاق بمفرده، فقال: صدوق وليس بحجة. ومثله أن أبا حاتم قيل له: أيهما أحب إليك يونس أو عقيل؟ فقال: عقيل لا بأس به، وهو يريد تفضيله على يونس، وسئل عن عقيل وزمعة بن صالح، فقال: عقيل ثقة متقن. وهذا حكم على اختلاف السؤال، وعلى هذا يُحمَل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة أهل الجرح والتعديل، ممن وَثَّق رجلًا في وقت وجرحه في وقت آخر، وقد يَحكُمون على الرجل الكبير في الجرح -يعني لو وُجد فيمن هو دونه لم يُجرح به، فيتعين لهذا حكاية أقوال أهل الجرح والتعديل بنصها؛ ليتبين منها، فالعلة تخفى على كثير من الناس إذا عُرض على ما أصلناه. انتهى (2).
(الثالث): قال الحافظ رحمه الله تعالى أيضًا: قال ابن المبارك: مَن ذا سَلِم من الوهم؟ وقال ابن معين: لست أعجب ممن يُحَدّث فيخطئ، إنما أعجب ممن يحدث فيصيب.
قال الحافظ: وهذا أيضا مما ينبغي أن يُتوقّف فيه، فإذا جُرح الرجل بكونه أخطأ في حديث، أو وَهِمَ، أو تفرد، لا يكون ذلك جرحًا مستقرا، ولا يرد به حديثه، ومثل هذا إذا ضُعِّف الرجل في سماعه من بعض شيوخه خاصة، فلا ينبغي أن يُرَدّ حديثه كله لكونه ضعيفًا في ذلك الشيخ. وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا روى الثقة حديثا، وإن لم يروه غيره، فلا يقال له: شاذّ، إنما الشاذ أن يروي الثقات حديثا على وجه، فيرويه
(1)"لسان الميزان" ج: 1 ص: 17.
(2)
المصدر السابق.
بعضهم فيخالفه، فيقال: شذ عنهم، وهذا صواب، ومع ذلك فلا يَخرُج الرجل بذلك عن العدالة؛ لأنه ليس بمعصوم من الخطإ والوهم، إلا إذا بُيِّنَ له خطؤه فأَصَرَّ. انتهى (1).
(الرابع): قال عثمان بن سعيد الدارميّ. سئل يحيى بن معين عن الرجل يُلقي الرجل الضعيف بين ثقتين، ويصل الحديث ثقة عن ثقة، ويقول: أنقص من الإسناد، وأصل ثقة عن ثقة، قال: لا تفعل لعلّ الحديث عن كذاب ليس بشيء، فإذا أحسنه إذا هو أفسده، ولكن يحدث بما رَوَى. قال عثمان: كان الأعمش ربما فعل هذا.
قال الحافظ: ظاهر هذا تدليس التسوية، وما علمتُ أحدًا ذكر الأعمش بذلك، فيُستفاد.
(الخامس): قال أبو مصعب الزبيري: سمعت مالكا يقول: لا تَحمِل العلم عن أهل البدع كلهم، ولا تَحمِل العلم عمن لم يُعرَف بالطلب، ومجالسةِ أهل العلم، ولا تحمل العلم عمن يَكذِب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عمن يكذب في حديث الناس، وإن كان في حديث النبي صلى الله عليه وسلم صادقًا؛ لأن الحديث والعلم إذا سُمع من الرجل، فقد جُعل حجةً بين الذي سمعه وبين الله تعالى، فلينظر عمن يأخذ دينه.
وقال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: ينبغي في صاحب الحديث أن يكون فيه خصال: أن يكون ثَبْتَ الأخذ، ويَفهَم ما يقال له، ويَتَبَصَّر الرجال، ثم يتعاهد ذلك.
وقال ابن مهدي: قيل لشعبة: مَنِ الذي يُترك حديثه؟ قال: إذا رَوَى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون، فأكثر، طُرِح حديثه، وإذا أكثر الغلط طُرح حديثه، وإذا اتُّهِم بالكذب طُرح حديثه، وإذا رَوَى حديثًا غلطًا مجتمعًا عليه، فلم يَتَّهِم نفسه عليه طُرح حديثه، وأما غير ذلك فارْوِ عنه.
وقال ابن مهدي: الناس ثلاثة: رجلٌ حافظٌ متقنٌ، فهذا لا يُختَلف فيه، والآخر يَهِم، والغالب على حديثه الصحة، فهذا لا يُترَك حديثه، ولو تُرِك حديث مثل هذا لذَهَب حديثُ الناس، والآخر يَهِم، والغالب على حديثه الوَهَم، فهذا يُترَك حديثه.
قال الحافظ: هذا أقسام الصادقين، أما من يتعمد الكذب فلم يتعرض له ابن مهدي في هذا التقسيم.
وقال ابن المبارك: يُكتَب الحديث إلا عن أربعة: غَلّاط لا يَرجِع، وكذّاب،
(1) المصدر السابق.
وصاحب هَوىً يدعو إلى بدعته، ورجل لا يحفظ فيحدث من حفظه.
وقال الإمام أحمد: ثلاثةُ كتبٍ ليس لها أصول، وهي المغازي، والتفسير، والملاحم.
قال الحافظ: ينبغي أن يضاف إليها الفضائل، فهذه أودية الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ إذ كانت العمدة في المغازي على مثل الواقدي، وفي التفسير على مثل مقاتل والكلبي، وفي الملاحم على الإسرائيليات، وأما الفضائل فلا تُحصَى، كم وضع الرافضة في فضل أهل البيت؟ ، وعارضهم جَهَلة أهل السنة بفضائل معاوية، بدأوا بفضائل الشيخين، وقد أغناهما الله، وأعلى مرتبتهما عنها.
وقال ابن قتيبة في "اختلاف الحديث": الحديثُ يدخله الثبوت والفساد من وجوه ثلاثة: منها الزنادقة، واحتيالهم للإسلام، وتهجينه بدس الأحاديث المستبشعة والمستحيلة، والقُصّاص فإنهم يُمِيلُون وجوهَ العوامّ إليهم، ويَستَدِرّون ما عندهم بالمناكير والغرائب والأحاديث، ومن شأن العوام ملازمة القُصّاص ما دام يأتي بالعجائب الخارجة عن نظر العقول. انتهى (1).
(السادس): قال ابن أبي خيثمة: قلت لابن معين: إنك تقول: فلان ليس به بأس، وفلان ضعيف، قال: إذا قلت لك: ليس به بأس فهو ثقة، وإذا قلت: هو ضعيف فليس هو بثقة، ولا يكتب حديثه.
وقال حمزة السهميّ: قلت للدارقطني: إذا قلتَ: فلان لَيِّن أَيْشٍ تريد به؟ قال: لا يكون ساقطًا، متروكَ الحديث، ولكن مجروحًا بشيء لا يُسقطه عن العدالة. انتهى (2). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
6 -
(بَابُ صِحَّةِ الاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمُعَنْعَنِ، إِذَا أَمْكَنَ لِقَاءُ الْمُعَنْعِنِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُدَلِّسٌ)
فال الجامع عفا الله تعالى عنه: في هذه الترجمة مسائل:
(المسألة الأولى): في تعريف "المعنعن":
"المعنعن": اسم مفعول من عَنْعَن الحديث: إذا رواه بـ "عن" من غير بيان للتحديث، أو الإخبار، أو السماع. أفاده السخاويّ (3).
(1)"لسان الميزان" ج: 1 ص: 12.
(2)
"لسان الميزان" ج: 1 ص: 12.
(3)
"فتح المغيث" 1/ 189.
ثم إن لفظة "عن" صيغة أداء، استُعملت في الأسانيد المتّصلة، كما أنها استُعملت في الأسانيد غير المتّصلة، وهي لا تفيد الاتصال، ولا عدمه، بل هي تستعمل فيهما معًا، إلا أن ورودها للانقطاع أكثر، فقد كثُر ورودها في الأسانيد المدلّسة والمنقطعة، واستعملها المدلّسون، والمرسِلون، قال الإمام الخطيب البغداديّ رحِمَهُ الله تعالى: وقول المحدّث ثنا فلانٌ، قال: ثنا فلان أعلى منزلة من قوله: ثنا فلان عن فلان؛ إذ كانت "عن" مستعملة كثيرًا في تدليس ما ليس بسماع. انتهى (1).
وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحِمَهُ الله تعالى في معرِض كلامه عن المدلّس-: "ومن شأنه أن لا يقول في ذلك: "أخبرنا فلان"، ولا "حدّثنا"، وما أشبهها، وإنما يقول: "قال فلان"، أو "عن فلان"، ونحو ذلك.
فالإتيان بلفظة "عن" فيما لم يُسمع من الأسانيد المرسلة والمنقطعة معروف، ومشتهر عند المحدثين، وهو من عادتهم في الرواية بالعنعنة (2). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في قبول الإسناد المعنعن:
(اعلم): أن الذي يتّضح اتصاله من الحديث هو الذي قال فيه ناقله: "سمعت فلانا"، أو "حدثنا"، أو "أنبانا"، أو "نَبّأنا"، أو "أخبرنا"، أو "خَبَّرنا"، أو "قرأ علينا"، أو "قرأنا"، أو "سمعنا عليه"، أو "قال لنا"، أو "حَكَى لنا"، أو "ذَكَر لنا"، أو "شافهنا"، أو "عرض علينا"، أو "عرضنا عليه"، أو "ناولنا"، أو "كَتَب لنا"، إذا كتب له ذلك الشيء بعينه، وكان يَعرِف خط الكاتب إليه، وفي اعتماده على إخبار الْمُوصِل الثقة بأنه خطه وكتابه، -ثم الأصح جواز إلغاء الواسطة، وإن كان الأحوط اعتبارها، وتبيين الحالة كما وقعت- أو ما أشبه ذلك من العبارات المثبتة للاتصال النافية للانفصال.
فهذه كلها لا إشكال في اتصالها لغةً وعرفًا، إذا كان الطريق كله بهذه الصفة، وإن خالف بعضهم في بعضها.
وهذا كله قبل أن يَشِيع اختصاص بعض هذه الألفاظ بالإجازة المعينة أو المطلقة، على ما هو معلوم من تفاصيل مذاهب المحدثين في ذلك، ومن تخصيص بعض هذه الألفاظ ببعض الصور تمييزًا لأنواع التحمل، وتحرزًا من الراوي تَظهَر به نَزَاهته على ما هو مفسر في مواضعه.
(1)"الكفاية في علم الرواية" ص 325 - 326.
(2)
"السنن الأبين" لابن رُشَيد ص 22، و"النكت على ابن الصلاح" لابن حجر 2/ 584.
ثم يتلو ما تقدّم ما شاع استعماله لدى الْمُسنِدين، وذاع في عرف المحدثين، عند طلب الاختصار من استعمال "عن" في مَعرِض الاتصال، وهو الذي قصدنا تحقيقه الآن. (1).
قال أبو عبد الله بن رُشَيد رحِمَهُ الله تعالى:
(اعلم): أن الإسناد المعنعن، وهو ما يقال فيه: فلان عن فلان، مثل قولنا: مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المنقول فيه عن المتقدمين أربعة مذاهب، وحدث للمتأخرين فيه مصطلح خامس.
(فالمذهب الأول): مذهب أهل التشديد، وهو أن لا يُعَدّ متصلا من الحديث إلا ما نُصّ فيه على السماع، أو حصل العلم به من طريق آخر، وأن ما قيل فيه: فلان عن فلان فهو من قبيل المرسل أو المنقطع حتى يتبين اتصاله بغيره. حكاه الإمام أبو عمرو ابن الصلاح رحمه الله، ولم يُسَمِّ قائله، ولفظ ما حكاه:"فلان عن فلان، عَدَّه بعض الناس من قبيل المرسل والمنقطع حتى يتبين اتصاله بغيره".
قال ابن رُشَيد: وهذا المذهب وإن قَلّ القائل به بحيث لا يُسَمّى ولا يُعلَم فهو الأصل الذي كان يقتضيه الاحتياط، وحجته أن "عن" لا تقتضي اتصالا لا لغةً ولا عرفًا، وإن توهم مُتوهِّم فيها اتصالا لغةً فإنما ذلك بمحل المجاوزة المأخوذ عنه.
تقول: أُخذ هذا عن فلان، فالأخذ حصل متصلا بالمحل المأخوذ عنه، وليس فيها دليل على اتصال الراوي بالمروي عنه، وما عُلم منهم أنهم يأتون بـ "عن" في موضع الإرسال والانقطاع يَخْرِم ادعاء العرف، وإذا أشكل الأمر وجب أن يُحكَم بالإرسال؛ لأنه أدون الحالات، فكأنه أخذ بأقل ما يصح حمل اللفظ عليه.
قال ابن رُشَيد: وكان ينبغي لصاحب هذا المذهب أن لا يقول بالإرسال، بل بالتوقف حتى يتبين لمكان الاحتمال، ولعل ذلك مراد هذا القائل، وهو الذي نقله مسلم عن أهل هذا المذهب أنهم يَقِفُون الخبرَ ولا يكون عندهم موضعَ حجة؛ لإمكان الإرسال فيه، وإن هذا القصد ليلوح من قول هذا القائل حتى يتبين اتصاله بغيره، ولكن صدر الكلام يأباه لقوله عَدّه بعض الناس من قبيل المرسل والمنقطع، وكأن في ربط العجز بالصدر تنافرا ما إلا أن هذا المذهب رفضه جمهور المحدثين، بل جميعهم، وهو الذي لا إشكال في أن أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار -كما قال مسلم رحمه الله ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها، مثل أيوب السختياني، وابن عون، ومالك، وشعبة بن
(1) راجع ما كتبه ابن رُشيد رحِمَهُ الله تعالى في رسالته "السنن الأبين" ج: 1 ص: 43.
الحجاج، ومن سَمَّى معهم لا يَشتَرطه، ولا يَبحَث عنه، ولو اشتُرِط ذلك لضاق الأمر جدّا، ولم يتحصل من السنة إلا النزر اليسير، إلا أن الله تعالى أتاح الإجماع عصمةً لذلك، وتوسعة علينا -والحمد لله-.
فهذا المذهب المجهول قائله لا يُعَرَّج عليه، ولا يُلتَفتُ إليه.
وقد تولى الإمام أبو عمرو بن الصلاح رَدَّ هذا المذهب الذي حكاه، وقال: إن الصحيح، والذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل، قال: وإلى هذا ذهب الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم، وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم فيه، وقَبِلُوه (1).
وقد نقل أيضا هذا المذهب مبهما لقائله أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرّامَهُرْمُزِيّ ت (360 هـ) في كتاب "المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي"، فقال: قال بعض المتأخرين من الفقهاء: كلُّ مَنْ رَوَى من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم خبرا، فلم يقل فيه:"سمعته"، ولا "حدثنا"، ولا "أنبأنا"، ولا "أخبرنا" ولا لفظة توجب صحة الرواية، إما بسماع أو غيره، مما يقوم مقامه فغير وأجب أن يُحكَم بخبره. وإذا قال:"نا"، أو "أنا فلان عن فلان"، ولم يقل:"نا فلان أن فلانا حدثه"، ولا ما يقوم مقام هذا من الألفاظ، احتمل أن يكون بين فلان الذي حدثه وبين فلان الثاني رجل آخر لم يسمه؛ لأنه ليس بمنكر أن يقول قائل:"حُدِّثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا"، و"فلان حدثنا عن مالك والشافعي"، وسواء قيل ذلك ممن عُلِم أن المخاطب لم يره، أو ممن لم يُعلَم ذلك منه؛ لأن معنى قوله:"عن" إنما هو أَنَّ رَدَّ الحديث إليه، وهذا سائغ في اللغة، مُستَعمل بين الناس. قال: وهذا هو العلة في المراسيل. قال: وقد نظم هذا بعض المتأخرين شعرا، فقال [من الخفيف]:
يَتَأَدَّى إِلَيَّ عَنْكَ مَلِيحٌ
…
مِنْ حَدِيثٍ وَبَارِعٌ مِنْ بَيَانِ
فَلِهَذَا اشْتَهَتْ حَدِيثَكَ أُذْنَايَ
…
وَلَيْسَ الإِخْبَارُ مِثْلَ الْعِيَانِ
بَيْنَ قَوْلِ الْفَقِيهِ "حَدَّثنَا سُفْـ
…
يَانُ فَرْقٌ وَبَيْنَ عَنْ سُفْيَانِ
انتهى كلام ابن خلاد (2).
قال ابن رُشيد: وقد رددنا هذا المذهب بما فيه الكفاية، وإذ بان أنه قول لبعض الفقهاء المتأخرين، فهو مسبوق بإجماع علماء الشأن. والله الموفق.
(1)"مقدّمة ابن الصلاح" ص 83 بحاشية "التقييد والإيضاح".
(2)
"المحدّث الفاصل" ص 450.
وقد بَيّن ذلك أبو عُمَر بن عبد البر بما حكاه من الإجماع، بعد أن ذكر بإسناده عن وكيع قال: قال شعبة: "فلان عن فلان" ليس بحديث، قال وكيع: وقال سفيان: هو حديث. قال أبو عمر: ثم إن شعبة انصرف عن هذا إلى قول سفيان (1).
قال ابن رُشَيد: وما نقله مسلم رحمه الله عن العلماء الذين سَمَّى، ومن جملتهم شعبة من أنهم لا يتفقدون ذلك يدلك -أيضا- على رجوع شعبة كما ذكر أبو عمر.
فقد بان أنه لا يُعلَم لمتقدم فيه خلاف إذا جَمَعَ رواته العدالة واللقاء والبراءة من التدليس، وأن شعبة رجع عن قوله:
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى رجوع شعبة تحتاج إلى بيّنة، ولم يذكر ابن عبد البرّ، ولا غيره لذلك دليلًا، فإن تشديد شعبة في البحث عن السماع مشهور، فقد أخرج ابن أبي حاتم في "مقدمة الجرح والتعديل" عن شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته"، قال شعبة: قلت لعبد الله بن دينار: أنت سمعته منه؟ ، قال: نعم سأله ابنه عنه. ثم أخرج أنه قيل لسفيان: إن شعبة استحلف عبد الله بن دينار، قال سفيان: لكنا لم نستحلفه، سمعناه مرارًا (2).
وأخرج الخطيب في "الكفاية" من طريق أبي داود الطيالسيّ، وقراد، أنهما سمعا شعبة يقول: كلّ حديث ليس فيه "سمعت"، فهو خلّ وبقل (3).
فرجوع شعبة عن هذا المذهب يحتاج إلى بيّنة واضحة. والله تعالى أعلم.
وقال الحافظ أبو عمرو المقرىء: وما كان من الأحاديث المعنعنة التي يقول فيها ناقلوها: "عن، عن" فهي -أيضا- مسندة متصلة بإجماع أهل النقل، إذا عُرف أن الناقل أدرك المنقول عنه إدراكا بَيِّنًا، ولم يكن ممن عُرِف بالتدليس، وإن لم يذكر سماعا، إلا أن قوله:"إدراكا بينا" فيه إجمال، وسنستوفي الكلام عليه في ذكر المذهب الثالث بحول الله تعالى.
(المذهب الثاني): وهو أيضا من مذاهب أهل التشديد، إلا أنه أخف من الأول، وهو ما حكاه الإمام أبو عمرو بن الصلاح قال:"وذكر أبو المظفر السمعاني في العنعنة أنه يُشترط طول الصحبة بينهم"(4).
قال ابن رُشيد: وهذا بلا ريب يتضمن السماع غالبا لجملة ما عند المحدث أو
(1) راجع "التمهيد" 1/ 13.
(2)
"مقدّمة الجرح والتعديل" 1/ 163 - 164.
(3)
"الكفاية" ص 283.
(4)
"مقدمة ابن الصلاح" ص: 88. و"صيانة صحيح مسلم" ص: 131.
أكثره، ولا بُدّ مع هذا أن يكون سالما من وَصْمَة التدليس.
وحجة هذا المذهب هي الأولى بعينها، ولكنه خَفّف في اشتراك السماع تنصيصا في كل حديث حديث؛ لتعذر ذلك، ولوجود القرائن المفهمة للاتصال، من إيراد الإسناد، وإرادة الرفع بعضِهم عن بعض عند قولهم:"فلان عن فلان" مع طول الصحبة.
(المذهب الثالث): اشتراط ثبوت السماع، أو اللقاء (1) في الجملة، لا في حديث حديث.
قال ابن رشيد: وهو مذهب متوسط، وهو رأي كثير من المحدثين، منهم: الإمام أبو عبد الله البخاريّ، وشيخه أبو الحسن علي بن المديني، وغيرهما. نقل ذلك عنهم القاضي أبو الفضل عياض (2) وغيره، وهذا هو الصحيح من مذاهب المحدثين، وهو الذي يَعضِدُه النظر، فلا يُحمَل منه على الاتصال إلا ما كان بين متعاصرين يُعلَم أنهما قد التقيا من دهرهما مرة فصاعدا، وما لم يُعرف ذلك فلا تقوم الحجة منه إلا بما شهد له لفظ السماع، أو التحديث، أو ما أشبههما، من الألفاظ الصريحة، إذا أخبر بها العدل عن العدل.
وحجة هذا المذهب أيضا ما تقدم من إجماع جماهير النقلة على قبول الإسناد المعنعن، وإيداعه في كتبهم التي اشترطوا فيها إيراد الصحيح، مع ما تقرر من مذاهبهم أن المرسل لا تقوم به حجة، وأنهم لا يُودعون فيها إلا ما اعتقدوا أنه مسند.
قال أبو عمر بن عبد البر الحافظ الإمام: "وجدت أئمة الحديث أجمعوا على قبول المعنعن، لا خلاف بينهم في ذلك، إذا جمع شروطا ثلاثة: عدالتهم، ولقاء بعضهم لبعض مجالسةً ومشاهدةً، وبراءتهم من التدليس".
قال أبو عمرو بن الصلاح الإمام الناقد: "والاعتماد في الحكم بالاتصال على مذهب الجمهور إنما هو على اللقاء والإدراك".
قال ابن رُشيد: ولقد كان ينبغي من حيث الاحتياط أن يُشتَرط تحقق السماع في
(1) هكذا عبارة بن رُشيد بـ "أو"، لكن الذي يقتضيه سياق كلام مسلم رحمه الله أن هذا المذهب يشترط اللقاء مع السماع، وهو الذي يقتضيه تحقيق ابن رُشيد في كلامه الآتي، فعلى هذا الأولى أن تكون "أو" هنا بمعنى الواو. والله تعالى أعلم.
(2)
قال في "إكمال المعلم": والقول الذي ردّه مسلم هو الذي عليه أئمة هذا العلم: عليّ بن المدينيّ والبخاري وغيرهما.
الجملة، لا مطلق اللقاء فكم من تابع لقي صاحبا، ولم يسمع منه، وكذلك من بعدهم.
وينبغي أن يُحمَل قولُ البخاري وابن المديني (1) على أنهما يريدان باللقاء السماع.
وهذا الحرف لم نجد عليه تنصيصا يُعتَمد، وإنما وُجدَت ظواهرُ محتملة أن يحصل الاكتفاء عندهم باللقاء المحقق، وإن لم يُذكَر سماع، وأَن لا يحصل الاكتفاء إلا بالسماع، وأنه الأليق بتحريهما، والأقرب إلى صوب الصواب، فيكون مرادهما باللقاء والسماع معنى واحدا.
وفي قول مسلم حاكيا للقول الذي تولى رده ما يقتضي الاكتفاء بمجرد اللقاء، حيث قال في تضاعيف كلامه:"ولم نجد في شيء من الروايات أنهما التقيا قط أو تشافها بحديث".
فظاهر هذا الكلام أن أحدهما بدل من الآخر، وأن "أو" للتقسيم، لا بمعنى الواو، وقد أتى به أيضا في أثناء كلامه بالواو، فقال:"وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا، ولا تشافها بكلام"، وكرره أيضا بالواو، فقال:"ثم أدخلت فيه الشرط، فقلت: حتى نَعلَم أنهما قد كانا قد التقيا مرة فصاعدا وسمع منه شيئا". وهذا أبين ألفاظه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كون "أو" في كلام مسلم بمعنى الواو هو الحقّ؛ لأن من تأمل كلامه من أوله إلى آخره بإنصاف وإمعان يتبيّن له أنه يريد بـ "أو" معنى الواو.
والحاصل أن المواضع التي وقع فيها الاقتصار على اللقاء فقط محمولة على لقاء معه سماع، فتبصّر بالإمعان، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وملجأ العنيد. والله تعالى أعلم بالصواب.
وقال الحافظ أبو عبد الله المعروف بابن البَيِّع الحاكم في كتاب "معرفة علوم الحديث" له في (النوع الحادي عشر) منه: "المعنعن بغير تدليس متصل بإجماع أهل النقل، على تورع رواته عن التدليس".
وقال الفقيه المحدث أبو الحسن القابسي: "وكذلك ما قالوا فيه: "عن، عن" فهو أيضا من المتصل إذا عُرف أن ناقله أدرك المنقول عنه إدراكا بَيّنا، ولم يكن ممن عُرف بالتدليس.
(1) اقتصاره في عزو هذا القول إلى البخاريّ وابن المدينيّ فقط محلّ نظر؛ إذ لا يخصّهما، بل غيرهما ممن سبقهما، أو عاصرهما قائل به، وإن كان كلام مسلم يدل على خلافه، لكن الصواب أنه رأي جمهور السلف، بل لا يبعد -كما قال ابن رجب- أن يكون إجماعًا منهم، فتبصّر.
قال ابن رُشيد: وقولهما معا لا يخلو من إجمال، إذ لا بد أن يكون مراد الحاكم ثبوت المعاصرة أو السماع، إذ لا يقبل معنعن من لم تصح له معاصرة، فلا بد من قيد. وكأنه اكتفى عنه بقوله:"على تورع رواته عن التدليس".
وقد سبق له في كتابه هذا في (النوع الرابع) منه في معرفة المسانيد من الأحاديث تقييد ذلك بما نصه: "والمسند من الحديث أن يرويه المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه بسن محتملة، وكذلك سماع شيخ من شيخه إلى أن يصل الإسناد إلى صحابي مشهور، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
إلا أن هذا الموضع من كتاب الحاكم فيه اضطراب بين رواته، فرُوي كما ذكرناه بـ "سن محتملة"، وعند ابن سعدون "بسن يحتمله". والمعنى واحد: أي أنه يُكتفَى في ظهور السماع بكون السن تحتمل اللقاء، ومعنى هذا يُكتَفَى بالمعاصرة، وإلى هذا المعنى ذهب مسلم رحمه الله حيث قال: "وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا: أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثًا، وجائز ممكن له لقاؤه، والسماع منه؛ لكونهما جميعا كانا في عصر واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا، ولا تشافها بكلام، فالرواية ثابتةٌ، والحجة بها لازمة، إلا أن تكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يَلْقَ مَنْ رَوَى عنه، أو لم يسمع منه شيئًا، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبدًا، حتى تكون الدلالة التي بَيّنّا. انتهى.
وإلى هذا المعنى أيضا ذهب الحافظ أبو عَمْرٍو المقرىء الداني في جزء له، وضعه "في بيان المتصل والمرسل والموقوف والمنقطع"، فقال:"المسند من الآثار الذي لا إشكال في اتصاله، هو ما يرويه المحدث عن شيخ يَظهَر سماعه منه بِسِنٍّ يحتملها، وكذلك شيخه عن شيخه، إلى أن يصل الإسناد إلى الصحابي، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
فهذا موافق ظاهره لهذه الرواية. وقد يحتمل أن يكون مراده بقوله: "يظهر سماعه بسن تحتمله" أي أنه يُعلَم السماع بقوله، وتكون سنه تُصَدِّقُ ذلك. والله أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاحتمال -إن صحّت النسخة- هو الأولى، والأقوى. والله تعالى أعلم.
ويروى أيضا كلام الحاكم: "يَظهَر سماعه منه، ليس يحتمله". قال ابن رُشيد: وهكذا قرأته بخط خَلَف بن مُدبر في أصله، وذَكَر في صدر كتابه: أنه رَوَى الكتاب عن الباجي والعذري. قال: وهذه الرواية عندي أظهر، وعليها يدل كلامه بعدُ عند التمثيل.
وظاهر الكلام أيضا مُشعر بذلك من حيث قرينة المطابقة، حيث قال:"يَظهر سماعه"، فهذا إثبات لظهور السماع، ثم أكّد ذلك بقوله:"ليس يحتمله"، فنَفَى أن يُكتفَى بمجرد الاحتمال من حيث المعاصرة، بل لا بدّ أن يكون السماع ظاهرا معلومًا، والتمثيل يدل على صحة هذا، فإنه قال:"ومثال ذلك ما حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ببغداد، قال: نا الحسن بن مكرم، قال: نا عثمان بن عمر، قال: نا يونس، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه: أنه تقاضى ابن أبي حَدْرَدٍ دَينًا كان عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج حتى كَشَفَ سِجْف حُجرته، فقال: "يا كعب ضَعْ من دينك هذا"، وأشار إليه: أي الشطر، قال: نعم، فقضَاه.
قال الحاكم أبو عبد الله: وبيان مثال ما ذكرته أن سماعي من ابن السماك ظاهر، وسماعه من الحسن بن مُكرَم ظاهر، وكذلك سماع الحسن بن عثمان بن عمر، وسماع عثمان من يونس بن يزيد، وهو عالٍ لعثمان، ويونس معروف بالزهري، وكذلك الزهري ببني كعب بن مالك، وبنو كعب بأبيهم، وكعب برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبته. انتهى ما أردناه من كلام الحاكم.
قال ابن رُشيد: وأما لفظ القابسي فيمكن أن يريد به ثبوت المعاصرة البينة، وهو أظهر احتماليه فيه، ويمكن أن يريد طول الصحبة، فيكون موافقا لما ذكره أبو المظفر السمعاني.
وحَكَى ابنُ عبد البر عن جمهور أهل العلم "أنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ، وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة". (1).
قال ابن الصلاح: يعني مع السلامة من التدليس.
قال ابن رُشيد: هذا ما حضرنا من النقل عن أئمة هذا الشأن، وأما من حيث النظر فكان الأصل -كما قدمنا- أن لا يُقبَل إلا ما عُلِم فيه السماع حديثا حديثًا، عند من لا يقول بالمرسل لاحتمال الانفصال، إلا أن علماء الحديث رأوا أن تَتَبُّع طلب لفظ صريح في الاتصال يَعِزّ وجوده، وأنه إذا ثبت اللقاء (2) ظُنّ معه السماع غالبًا، وأن الأئمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم فمن بعدهم استغنَوا كثيرًا بَلفظ "عن" في موضع "سمعت"، و"حدثنا"، وغيرهما من الألفاظ الصريحة في الاتصال اختصارًا، ولَمّا عُرِف من عرفهم الغالب في ذلك، وأنه لا يَضعُها في محل الانقطاع عمن عُلِم سماعُهُ منه
(1)"التمهيد" 1/ 26 وتمام كلامه فيه: فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحًا، كان حديث بعضهم عن بعض أبدًا بأيّ لفظ ورد محمولًا على الاتصال، حتى تَتَبَيّنَ فيه علّة الانقطاع. انتهى.
(2)
الحقّ أن حوار مسلم مع من يشترط اللقاء، والسماع، لا اللقاء فقط، فتنبّه.
لغير ذلك الحديث بقصد الإيهام إلا مُدَلِّسٌ يوهم أنه سمع ما لم يسمع أَنَفَةً من النزول، أو لغير ذلك من الأغراض التي لا يخلو أكثرها من كراهة، فانتهض ذلك مُرَجِّحًا لقبول المعنعن عند ثبوت اللقاء (1).
لا يقال: إن غير المدلس قد يقول: "عن" في محل الإرسال، ولا يُعدّ بذلك مدلسا؛ لأنه قد عُلم من مذهبه أنه لا يدلس.
لأنا نقول في الجواب: إن غير المدلس لا يفعله إلا فيما عُلِم أنه لم يسمعه لتحقق عدم المعاصرة، كما يقول التابعي أو تابعه أو من بعدهما:"روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا"، فهذا معلوم أنه بلاغ، فلا يوهم ذلك سماعا، فعَدَل عن العرف إلى عام اللغة، مكتفيا بقرينة عدم اللقاء والسماع، كما عَدَل هناك إلى خاص الاصطلاح، مكتفيا بقرينة معرفة السماع.
[فإن قيل]: قد وُجِد الإرسال من الصحابة رضي الله عنهم، وممن بعدهم، ممن يُعلَم أو يُظَنّ أنه لا يدلس عمن لقيه، وسمع منه.
[قلنا]: أما حال الصحابة رضي الله عنهم في ذلك الذين وجبت محاشاتهم عن قصد التدليس، فتحتمل وجوها:
منها: أن يكونوا فعلوا ذلك اعتمادا على عدالة جميعهم، فالمخوف في الإرسال قد أُمِنَ، يدل على ذلك ما قاله أنس بن مالك رضي الله عنه، ذكر أبو بكر بن أبي خيثمة في "تاريخه" قال: نا موسى بن إسماعيل وهدبة قالا: نا حماد بن سلمة، عن حميد: أن أنسا رضي الله عنه حدثهم بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رجل: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغَضِبَ غضبًا شديدًا، وقال: والله ما كل ما نُحدّثكم سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كان يُحدِّث بعضنا بعضًا، ولا يَتّهِم بعضنا بعضًا.
قال ابن رُشيد: ولذلك قَبِلَ جمهور المحدثين، بل جميع المتقدمين، وإنما خالف في ذلك بعض من تأصّل من المحدثين المتأخرين مراسيلَ الصحابة رضي الله عنهم، وعلى القبول محققو الفقهاء والأصلين.
ومنها: أن يكونوا أَتَوْا بلفظ: "قال"، أو "عن"، ولفظ "قال" أظهر؛ إذ هو مَهْيَع الكلام (2) قبل أن يَغلِب العرف في استعمالهما للاتصال.
(1) قد عرفت أن حوار مسلم مع من يشترط اللقاء والسماع، لا اللقاء فقط، فتنبّه.
(2)
"المهيع" بفتح الميم، وسكون الهاء، وفتح الياء التحتانيّة بوزن مَقْعَد: البَيّن، يقال: طريق مهيعٌ: أي بيّنٌ. أفاده في "القاموس".
ومنها: أن يكونوا فعلوا ذلك عند حصول قرينة، مُفهِمة للإرسال، مع تحقق سلامة أغراضهم، وارتفاعهم عن مقاصد المدلسين، وأغراضهم.
ومنها: أن يكونوا أَتَوا بلفظ مُفهم لذلك، فاختصره مَنْ بعدهم؛ لثقة جميعهم، ولعل قول كثير من التابعين عمن يروون عنه من الصحابة:"يَنمِي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" أو "يَبلُغ به النبي صلى الله عليه وسلم "، أو "يَرْفَعُه"، أو ما أشبه هذا من الألفاظ عبارةٌ عن ذلك.
وأما مَن سوى الصحابة فإنما فَعَلَ ذلك من فعله منهم بقرينة مُفهمة للإرسال في ظنه، وإلا عُدَّ مدلسًا.
وأما المعاصر غير الملاقي إذا أَطلَق "عن" فالظاهر أنه لا يُعَدُّ مدلسًا، بل هو أبعد عن التدليس؛ لأنه لم يُعرَف له لقاء ولا سماع، بخلاف مَن عُلِم له لقاء أو سماع.
وبالجملة فلولا ما فُهِم قَصدُ الإيهام بالإفهام من جماعةٍ من الأعلام ما جاز أن يُنسَبوا إلى ذلك، ولَعُدُّوا مُرسِلين كما عُدَّ مَن تُحُقِّق منه أنه لا يُدَلِّس إذا أرسل. ورَحِم الله إمام الأئمة، وعالم المدينة، أبا عبد الله مالك بن أنس، حيث استعمل لفظ البلاغ، وجانب الألفاظ الموهمة، فلله دَرُّهُ، ما أجمل مقاصده، وأرضى مذاهبه.
قال ابن رُشيد بعد ذكر ما تقدّم: هذا تقرير دليل هذا المذهب وتحريره، وهو أرجح المذاهب، وأوسطها.
فَلا تَغْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَمْرِ وَاقْتَصِدْ
…
كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمُورِ ذَمِيمُ
وقرر الحافظ أبو عمرو بن الصلاح هذا الدليل بما لا يَسْلَم معه من الاعتراض، فإنه قال:"ومن الحجة في ذلك أنه لو لم يكن قد سمعه منه لكان بإطلاقه الرواية عنه ذكر الواسطة بينه وبينه مدلسًا، والظاهر السلامة من وصمة التدليس، والكلام فيمن لم يُعرَف بالتدليس". انتهى.
قال ابن رُشيد: وهذا الذي قرره ينتقض بأقوام عنعنوا مرسلين، ولم يُعَدُّوا مدلسين، كما ذكر مسلم رحمه الله من "أن الأئمة الذين نقلوا الأخبار كانت لهم تاراتٌ يُرسلون فيها الحديث إرسالا، ولا يذكرون من سمعوه منه، وتارات ينشطون فيها فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا، فيخبرون بالنزول فيه إن نزلوا، وبالصعود إن صعدوا".
فإذا قرر هذا الدليل كما قررناه نحن انزاح قول من قال: إنه لا يُقبَل إلا ما نُصَّ فيه على السماع رجلا رجلًا، وحديثا حديثًا، محتجا بأنهم يأتون بـ "عن" في موضع الإرسال والانقطاع، واضمحلت شبهته بما بيناه من أن غير المدلس إنما يفعله حيث
يُعلَم منه، أو يفهم عنه أنه بلاغ لا سماع، ومتى أَبْهَم، فأوهم قصدًا منه لذلك عُدَّ مدلسًا.
ولا يُخَلِّص الإمامَ أبا عمرو الاحتراسُ بقوله: "والكلام فيمن لم يُعرَف بالتدليس"؛ لأنا نقول: وكذلك فَرْضُنا نحن الكلامَ إنما هو فيمن لم يُعرَف بالتدليس، أما من عُرف بالتدليس فمعرفته بذلك كافية في التوقف في حديثه، حتى يتبين الأمر.
وإنما اعترضنا قَوْلَهُ: "أنه لو لم يكن قد سمعه منه لكان بإطلاقه الرواية عنه من غير ذكر الواسطة بينهما مدلسًا"، فإن هذا لا يلزم؛ لإمكان وسط بينهما، وهو كونه مرسلا، فليس بمجرد العنعنة من غير ذكر الواسطة يُعَدُّ مدلسًا، بل بقصد إيهام السماع فيما لم يسمع، وكأن الإمام أبا عمرو استشعر النقض، فَرَامَ الاحتراسَ منه بقوله:"والكلام فيمن لم يُعرَف بالتدليس".
ومع ذلك فيصح أن يقال: لا يلزم من قوله: "لم يُعرَف بالتدليس" أن يُعرَف بالسلامة منه، بل الأمر محتمل، لكن حُمِلَ على السلامة؛ لأنها الغالب، وهو الذي أراد الإمام أبو عمرو بقوله:"والظاهر السلامة من وصمة التدليس".
هذا هو الفيصل في هذه المسألة، وهذه نكتة نفيسة تَكشِف لك حجاب الإشكال، وتوضح الفرق بين من عنعن فَعُدَّ مُرْسِلًا، ومن عنعن فَعُدَّ مُدَلِّسًا.
(المذهب الرابع): أنه لا يشترط في الحكم بالاتصال في الإسناد المعنعن إلا المعاصرة فقط، والسلامة من التدليس، عُلِم السماع أو لم يعلم، إلا أن يأتي ما يُعارض ذلك، مثل أن يُعلَم أنه لم يسمع، أو لم يلق المنقول عنه، ولا شاهده، أو تكون سِنُّهُ لا تقتضي ذلك.
قال ابن رُشيد: وهذا المذهب الرابع هو الذي ارتضاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج رحمه الله في مقدمة كتابه "المسند الصحيح"، وهو المذهب الذي استدل عليه، وادعى فيه الإجماع، وعُرْفَ المحدثين، وأنكر قول من خالفه إنكارًا شديدًا بألفاظ مخشوشنة، ومعان مستوبلة، وجعل القائل به خارقًا للإجماع، ظنّا منه رحمه الله أنه خلاف في موضع الإجماع، وموضع الإجماع لا يُسَلَّم له إنه يتناول محل النزاع، حسبما يتبين بَعْدُ- إن شاء الله تعالى.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: "وأنكر مسلم بن الحجاج في خطبة "صحيحه" على بعض أهل عصره، حيث اشترط في العنعنة ثبوت اللقاء والاجتماع (1)، وادَّعَى أنه
(1) بل زاد ثبوت السماع أيضًا، كما أسلفناه، فلا تغفُل.
قول مخترع، لم يُسبَق قائله إليه، وأنَّ القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثًا، أنه يَكفِي في ذلك أن يحبت كونهما في عصر واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها". قال:"وفيما قاله مسلم نظر"، ثم قال: "وقد قيل: إن القول الذي رده مسلم هو الذي عليه أئمة هذا العلم: علي بن المديني، والبخاري، وغيرهما (1). انتهى.
قال ابن رُشيد: وقد تبع مسلما على مذهبه فرقة من المحدثين، وفرقة من الأصليين، منهم: القاضي الإمام أبو بكر بن الطيب الباقلاني المالكي -فيما حكاه القاضي أبو الفضل عنه- وأبو بكر الشافعي الصيرفي -فيما حكى ابن الصلاح عنه- أنه قال: "كل من علم له سماع من إنسان، فحدث منه فهو على السماع، حتى يُعلم أنه لم يسمع منه ما حكاه، وكل من عُلِم له لقاء إنسان، فحدث عنه فحكمه هذا الحكم"، قال:"وإنما قال هذا فيمن لم يظهر تدليسه".
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا نقل ابن رُشيد كلام الصيرفيّ، وعدّه ممن تبع مسلمًا في مذهبه، لكن من أين له ذلك؟ ، فإن هذا الكلام صريح فيمن له سماع أو لقاء، لا فيمن عاصر فقط، فليُتَنبّه. والله تعالى أعلم.
قال ابن رشيد: ولا شك أنه مذهب مُتَساهَل فيه، نعم لو علمنا من كل واحد واحد من رواة ذلك الحديث أنه لا يُطلِق "عن" إلا في موضع الاتصال، ولا يُجيز غير ذلك، أو صح فيه إجماع من الرواة كلِّهم، وعُرِف لا ينخرم ضبطه، ولكن ذلك لم يثبت، نعم قد يُسلّم المنصف أنه كثير، ولا يلزم من كثرته الحكم به مطلقا؛ لوجود الاحتمال.
قال الجامع: قوله: "مذهب مُتساهَلٌ فيه" إن أراد به ما نقله عن مسلم ومن قال بقوله فمسلم، وإن أراد ما نقله عن الصيرفيّ، ففيه نظر لا يخفى؛ لأنه هو المذهب الذي عزاه إلى البخاريّ ومن معه، إذ عزا إليهم اشتراط اللقاء، وهو عين ما نقله عن الصيرفيّ، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
(المذهب الخامس): اصطلاحٌ حَدَثَ عند المتأخّرين.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: وكَثُرَ في عصرنا وما قاربه بين المنتسبين إلى الحديث استعمال "عن" في الإجازة، فإذا قال أحدهم:"قرأت على فلان عن فلان"،
(1) وقد سبق هذا الكلام للقاضي عياض، فلا تنسَ.
أو نحو ذلك فَظُنَّ (1) به أنه رواه عنه بالإجازة. قال: "ولا يُخرجه ذلك من قبيل الاتصال على ما لا يخفى.
قال ابن رُشيد: وهذا اصطلاحٌ تواضع عليه قومٌ فلا نحتاج له إلى تكلف احتجاج، وكأن هؤلاء استشعروا أن الإجازة آخذة بشوب من الانقطاع، إذ لابد في الإجازة المجردة عن المناولة لذلك الشيء بعينه، أو كتابته بعينه من الاعتماد على الوجادة، أو بلوغ ذلك إليه بنقل الآحاد العدول، أو الاستفاضة، أو التواتر، فكأنهم رأوا أن إلغاء الْمُبَلِّغ يُدخِله شوبًا من الإرسال، فلذلك استعملوا فيها "عن" التي قد تستعمل في الإرسال، على أن الإمام أبا عمرو بن الصلاح أبي أن يكون في الإجازة انقطاع، وقال:"ليس في الإجازة ما يَقدَح في اتصال المنقول بها، وفي الثقة به".
قال ابن رُشيد: وما اختاره هو الذي لا يَتّجِه غيره عند مُجِيزي الإجازة المطلقة، وجاعليها إخبارا في الجملة، وهو الذي اعتمده الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، فإنه يقول -فيما يروي بالإجازة-: أخبرنا مطلقا من غير ذكر إجازة؛ لأنه يراها إخبارا في الجملة زَمَنَ الإجازة، ثم يحصل العلم له بالتفصيل في ثاني حال. انتهى المقصود من كلام ابن رُشيد رحِمَهُ الله تعالى (2).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: بعد أن قدمنا مذاهب أهل العلم في حكم العنعنة، كالتمهيد لبيان كلام المصنّف رحِمَهُ الله تعالى، فلنورد كلامه في ذلك مفصّلًا مشروحًا، فنقول: قال رحِمَهُ الله تعالى:
(وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ مُنْتَحِلِي الْحَدِيثِ، مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا، فِي تَصْحِيحِ الْأَسَانِيدِ، وَتَسْقِيمِهَا، بِقَوْلٍ لَوْ ضَرَبْنَا عَنْ حِكَايَتِهِ، وَذِكْرِ فَسَادِهِ صَفْحًا، لَكَانَ رَأْيًا مَتِينًا، وَمَذْهَبًا صَحِيحًا، إِذِ الْإِعْرَاضُ عَنِ الْقَوْلِ الْمُطَّرَحِ أَحْرَى لِإِمَاتَتِهِ، وَإِخْمَالِ ذِكْرِ قَائِلِهِ، وَأَجْدَرُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لِلْجُهَّالِ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّا لَمَّا تَخَوَّفْنَا مِنْ شُرُورِ الْعَوَاقِبِ، وَاغْتِرَارِ الْجَهَلَةِ بِمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، وَإِسْرَاعِهِمْ إِلَى اعْتِقَادِ خَطَإِ الْمُخْطِئِينَ، وَالْأَقْوَالِ السَّاقِطَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، رَأَيْنَا الْكَشْفَ عَنْ فَسَادِ قَوْلِهِ، وَرَدَّ مَقَالَتِهِ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الرَّدِّ أَجْدَى عَلَى الأَنَامِ، وَأَحْمَدَ لِلْعَاقِبَةِ -إِنْ شَاءَ اللهُ-)
(1) أمر بالظنّ: أي ظُنّ أيها المحدث بذلك الإطلاق أنه أراده الإجازة.
(2)
راجع رسالته "السَّنَن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن" 41 - 72.