الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يَظلمه، ولا يُسلمه". رواه البخاريّ. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من غشّنا فليس منا" إلى غير ذلك. انتهى (1).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أشار الشيخ المعلّميِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى إلى أن احتجاج المصنّف بهذا الحديث لغرضه من إلزام الخصم غير مسلّم؛ لأن هذا الحديث ليس تصحيحه لما ادّعاه، بل لما احتفّ به من الشواهد، فلا يتمّ به الاستدلال، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنّف رحمه الله تعالى:
(وَأَسْنَدَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا).
إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:
ضرب رَحِمَهُ اللهُ تعالى أيضًا مثالًا آخر لإلزام خصمه أيضًا -حسبما رآه- وذلك أن سليمان بن يسار روى حديثًا معنعنًا عن رافع بن خديج رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو حديث صحيح عند أهل العلم، مع أنه لم يثبت سماع سليمان من رافع رضي الله عنه، وهو في نظر المنتحل ضعيف؛ لما سبق. هذا خلاصة ما أشار إليه، وسيأتي الجواب عنه قريبًا -إن شاء الله تعالى-.
إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:
(وَأَسْنَدَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ) الهلالي، أبو أيوب، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو عبد الله المدني، مولى ميمونة، ويقال: كان مكاتبا لأم سلمة، روى عن ميمونة، وأم سلمة، وعائشة رضي الله عنها، وفاطمة بنت قيس، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وعبد الله بن عباس، وغيرهم.
وروى عنه عمرو بن دينار، وعبد الله بن دينار، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وأبو الزناد، وبكير بن الأشج، وجعفر بن عبد الله بن الحكم، وغيرهم.
ذكر أبو الزناد أنه أحد الفقهاء السبعة، أهل فقه، وصلاح وفضل. وقال الحسن ابن محمد بن الحنفية: سليمان بن يسار عندنا أفهم من ابن المسيب، وكان ابن المسيب يقول للسائل: اذهب إلى سليمان بن يسار، فإنه أعلم من بقي اليوم. وقال مالك: كان سليمان من علماء الناس بعد ابن المسيب. وقال أبو زرعة: ثقة مأمون، فاضل عابد. وقال الدوري عن ابن معين: ثقة. وقال النسائي: أحد الأئمة. وقال ابن حبان في
(1) راجع "رسالة المعلمي" ص 373 - 374.
"الثقات": وهبت ميمونة ولاءه لابن عباس، وكان من فقهاء المدينة وقرائهم. وقال العجلي: مدني تابعي، ثقة، مأمون، فاضل، عابد.
وقال ابن سعد: كان ثقة، عالما، رفيعا، فقيها، كثير الحديث، مات سنة سبع ومائة، وهو ابن (73) سنة. وكذا أرّخه غير واحد. وقيل: مات سنة (94). وقيل: سنة (100). وقيل: سنة (3). وقيل: سنة (4). وقيل: سنة (109). وقال في "التقريب": ثقة فاضلٌ، أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة. انتهى. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(22) حديثًا.
(عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) بن رافع بن عدي بن تَزِيد بن جُشَم بن حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الحارثي، أبو عبد الله، ويقال: أبو خَدِيج، شهد أحدًا، والخندق، وروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعن عمه ظهير بن رافع، وعم آخر لم يسمه، وعن أبي رافع ولعله عمه الآخر، وروى عنه ابنه عبد الرحمن، وابنه رفاعة على خلاف فيه، وحُفَداؤه: عباية بن رفاعة، وعيسى، ويقال: عثمان بن سهل، وهرير بن عبد الرحمن، وابن أخيه يحيى بن إسحاق، وابن عمه، ويقال: ابن أخيه أسيد بن ظهير، وثابت بن أنس بن ظهير، ومولاه أبو النجاشي، والسائب بن يزيد، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وغيرهم.
قال يحيى بن بكير: مات أول سنة (73). وقال الواقدي: مات في أول سنة (74)، وحضر ابن عمر جنازته. وكذا أرخه خليفة، وابن نمير. وقال البخاري في "تاريخه": مات في زمن معاوية. وذكره في "التاريخ الأوسط" في "فصل من مات من الخمسين إلى الستين". وأرخه ابن قانع سنة (59)، فالله أعلم. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم"(25) حديثًا (1).
(عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا) هو ما أخرجه مسلم في "البيوع" برقم (1548) فقال:
وحدثني علي بن حجر السعدي، ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا إسماعيل -وهو ابن علية- عن أيوب، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن يسار، عن رافع بن خديج، قال: كنا نُحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنكريها بالثلث، والربع، والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي، فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا، نهانا أن نحاقل بالأرض، فَنُكريها على الثلث،
(1) وذكر ابن الجوزيّ أنه روى (78) حديثًا، اتفقا على خمسة، وانفرد مسلم بثلاثة أحاديث. فالله تعالى أعلم.