الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر [حوادث] سنة اربع وثمانين وستمايه
النيل المبارك فى هده السنه: الما القديم (2). . . مبلغ الزياده سبع عشر دراعا واحد عشر اصبعا.
ما لخص من الحوادث
الخليفه الامام الحاكم بامر الله ابى (5) العباس امير المومنين. والسلطان الشهيد الملك المنصور، سلطان الاسلام. والملوك بحالهم حسبما سقناه من دكرهم.
وفيها سافر السلطان الملك المنصور طالبا للشام.
(238) دكر فتح حصن المرقب
دخل السلطان المنصور-رحمه الله-الى دمشق يوم السبت ثانى عشرين المحرم من هده السنه المباركه بجميع العساكر المصريه، ورسم بخروج عسكر دمشق الى نحو حصن المرقب. ثم نفد المناجنيق، ونزل عليها بالجيوش جميعها. ووقع الحصار والحرب، وقاس (12) الناس عليها شده عظيمه. ولم يزل الامير كدلك ثمانيه وثلثين يوم حتى يسر الله تعالى فتحها يوم الجمعه ثامن عشر ربيع الاول. وورد البشاير الى ساير القلاع والحصون.
وورد الى دمشق المحروسه كتاب الى الامير شمس الدين، ما هدا نسخته:
«بسم الله الرحمن الرحيم. هذه المكاتبة إلى المجلس السامى الأمير شمس الدين- أدام الله عليه ورود التهانى، وخصّه من المبشّرات ما تعود بالسبع المثانى، وأسمعه من
(2) القديم. . .: بياض فى الأصل--سبع: سبعة
(5)
ابى: أبو
(12)
وقاس: وقاسى--يوم: يوما
البشاير ما يستوعب وصفه الألفاظ والمعانى-نعلمه بفتح المرقب الذى طال ما طاولته الهمم فقصرت، وحاولت على عقده التى نفث فيها كفرهم فعسرت. فما زلنا نحصرهم بكلّ منجنيق رماهم من حجارته بكلّ صاعقة، ونتبعه بكلّ سابقة ولا حقة، وبكلّ صايبة لأنفس تتلوا (4) عند معاينها {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ [الْمَوْتِ]} . واحتاطت بأردافه النقوب حتى انقلب (5) خصره من كثرة العلايق، وثقلت عن إسرار أسواره ما ظهر للخلايق. فما زالت السهام تشافههم بأسنّة النصول، وتكلّمهم حيث لا يوجد من غيرها للكلام وصول.
فلما تعلقت أسوارها، وسلبت من معصم (8) أبراجها من الشرفات سوارها، وطرقتها طارقات الطوارق (9) ففتحت (239) أبوابها، وأبدت المعاول من عويل سكّانها، ما شققت عليه القلوب قبل أن تشقّ أثوابها. وزحفنا عليها، ولكن قياما على ظهور الخيل، وطاف بها من عساكرنا طوفان، لا قوة لمقاومة، ولا حيلة ولا حيل.
وتسوّرنا أسوارها، فكان اندفاع الأسنّة فى النحور كما يندفع فى المسير السيل.
وكان أنجاهم من الحى إلى القيد أسيرا، وأرجأهم من أعمل إلى طلب الأمان مسيرا.
وكتابنا هذا وقد فتح الله علينا من هذا الحصن الفتح الأسنا (14)، والمنح الذى أنام العيون وسنا (15). لأنّ الإسلام المجاورين له كانوا من كفره فى اليم من الجور. وطال ما سرت سراياه فغدت وعادت على الفور. وما زالت الفرنج تطمعهم آمالهم انه لا يقصد لبعده، ولا ينازل لتحصّنه (17) بجبله الذى كمرسل صارم كيده من غمده، ولا يسلك غوره الوعول، ولا تعطى دحّاله لذوى الدخول إذنا فى الدخول، حتى جينا فافترشت
(4) تتلوا: تتلو--معاينها: معاينتها. انظر الجزرى، حوادث الزمان، مخطوطة جوتا 1560، ق 33 آ--القرآن 3:185؛21:35؛29:57
(5)
انقلب خصره: كذا فى الأصل، فى الجزرى «اثقلت حصره»
(8)
معصم: فى الأصل «بعضهم» ؛ انظر الجزرى ق 33 ب
(9)
الطوارق: كذا فى الأصل، فى الجزرى «الحوادث» -- المعاول: فى الأصل «المعاون» ، انظر الجزرى
(14)
الأسنا: الأسنى
(15)
وسنا: وسنى
(17)
لتحصنه: فى الجزرى «لتحصينه»
سنابك جيادنا جباله، وافترشت فوارسنا أسده وأشباله. وملكنا أقطاره ملك استحقاق، وأدار (2) عليه بانتظامه فى ثغور الإسلام من صدق نطاق. وبعد أن كان يخشى ويرهب، أصبح بحلول الإيمان يرصا (3) ويطلب.
فليأخذ من هذه البشرى حظه، ويتلوا (4) سور آياتها على المنابر، ليعلم خبرها كل باد وحاضر، والله الموفق بمنّه وكرمه».
وكان النايب بالديار المصريه الامير علم الدين سنجر الشجاعى. فلما فتح المرقب كتب اليه القاضى المرحوم فتح الدين بن عبد الظاهر فى جمله مكاتبه يقول <من البسيط>:
أصدرتها والعوالى فى الطلى تردوا (9)
…
فى موقف فيه ينسا الوالد الولد
(240)
وما نسيتك والأرواح سايلة
…
على السيوف ونار الحرب تتقّد
ثم كتب اليه اخره بعد هدا التصدير يقول <من الكامل>:
ولقد ذكرتك والحياة كريهة
…
والموت يرقب تحت حصن المرقب
والبيض من خلل السهام كأنها
…
برق تألّق فى غمام صيّب
والحصن من شفق الدروع كأنّه
…
عذراء ترفل فى رداء مذهب
ساما (15)
…
السماء، فمن تطاول نحوه
للسمع مسترقا رماه بكوكبى
والموت يلعب بالنفوس، وخاطرى
…
يلهوا (16) بذكر حديثك المستعذب
(2) وأدار: فى الجزرى ق 33 ب «ودار» --صدق: فى الجزرى «حدق»
(3)
يرصا: يرصى، فى الجزرى «يرجى»
(4)
ويتلوا: ويتلو--سور آياتها: كذا فى الأصل، فى الجزرى «آيات سورها»
(9)
تردوا: ترد--ينسا: ينسى
(15)
ساما: سامى--بكوكبى: بكوكب
(16)
يلهوا: يلهو