الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(75) ذكر [حوادث] سنة ستين وستمايه
النيل المبارك فى هده السنه: الماء القديم سته ادرع وسبعه اصابع. مبلغ الزياده ثمانيه عشر دراعا فقط.
ما لخص من الحوادث
الخليفه الامام الحاكم بامر الله امير المومنين بحكم وصوله الى الديار المصريه سابع عشر ربيع الاخر من هده السنه. واحتفل السلطان الملك الظاهر للقايه احتفال (6) كبير، وانزله البرج الكبير، ورتب له راتبا يكفيه، ووصل معه ولده. (7)[وأقام بقيه هده السنه بغير مبايعه حتى دخلت سنه احدى وستين وستمايه، حسبما ياتى من ذكر ذلك فى تاريخه](9). وكان هدا الامام الحاكم بامر الله لمّا اخدوا (9_) التتار بغداد فى سنه ست وخمسين-حسبما تقدم-اختفا (10) ببغداد الى اوايل سنه سبع وخمسين، وخرج صحبة ثلث نفر، وهم الدين وصلوا معه الى الديار المصريه، وقصد حسين بن صلاح (11) بن خفاجه واقام عنده الى هدا التاريخ.
وقيل انه لما قتل المستعصم بيد التتار اختفى كوكبا (13) فلم يظهر حتى ظهر الحاكم بامر الله هدا، فضجت العرب لدلك وتعجبوا منه. ثم بعد ايام وصل اليهم من بغداد جمال الدين المختار المعروف بالشرابى، فعند وصوله قالوا له:«نجمع بينك وبين الامام الحاكم» .
قال: «ليس بمصلحة، بل انكم تجهزوه الى الشام» . فوصل، كما دكرنا، الى حلب الى عند الامير شمس الدين البرلى، ومعه شيخ من مشايخ عباده يقال له نعيم. وكانوا اولا قد نزلوا
(6) احتفال كبير: احتفالا كبيرا
(7 - 9) ما بين الحاصرتين مكتوب فى الهامش
(9_) اخدوا: أخذ
(10)
اختفا: اختفى--وخرج: فى الأصل «خرج» --ثلث: ثلاثة
(11)
صلاح: كذا فى الأصل وفى م ف؛ فى اليونينى ج 1 ص 484 «فلاح»
(13)
كوكبا: كوكب
عند نور الدين زامل بن سيف الدين على ابن حديثه (1). ثم عمل عليه شرف الدين عيسى ابن مهنا، وطلع به الى الملك الناصر، صاحب الشام، قبل اخد التتار حلب. ثم حصل من التتار ما ذكرناه، فعاد [الحاكم](76) الى الامير عيسى بن مهنا، ولم يزل عنده الى أن خرج الملك المظفر سيف الدين قطز-رحمه الله-وكسر التتار على عين جالوت وملك الشام، فحضر اليه الامير عيسى واخبره خبر الامام الحاكم. فقال [قطز]:
«ادا رجعنا الى مصر، انفده الينا لنعيده انشا الله تعالى» . ثم قتل الملك المظفر، وملك السلطان الملك الظاهر، وحضر اليه المستنصر المدكور، وكان من امره ما تقدم من دكره.
رجعنا الى سياقه الكلام؛ ثم ان السلطان الملك الظاهر جدّد [البيعة](8) للامام الحاكم بامر الله فى تاريخ ما ياتى دكره انشا الله تعالى.
وفيها وردت الاخبار ان الخلف وقع بين التتار بسبب موت جكز خان وتفرقت كلمتهم، وان بركه انتصر على هلاوون وكسره كسرة عظيمه. ثم وقعت الاراجيف فى الشام، بدمشق وغيرها، فى النصف من رمضان المعظم، بسبب التتار وتحركهم نحو البلاد.
وفيها جرّد السلطان الملك الظاهر العساكر من الديار المصريه الى الشام يقدمهم الامير علا الدين الدمياطى والحاج علا الدين الركنى، فوصلوا الى دمشق فى شهر ذى القعده، وخرج اليهم الامير علا الدين طيبرس الوزيرى، وهو يوميد النايب بها. فمسكوه وسيروه الى السلطان، واحتاطوا على جميع ماله واخده السلطان. وسبب دلك انه كان ظلم فى دمشق وعسف، ومنع العربان من شيل الغلال الى دمشق، فوقع الغلا فيها بسبب دلك.
(1) ابن حديثه: بن حديثة؛ فى ذيل مرآة الزمان ج 1 ص 485 «ابن حذيفة» ، انظر ما سبق ص 82 حاشية 2
(8)
البيعة: مضاف من م ف
وفيها قصدوا (1) التتار الموصل ومقدمهم صندغون، وكان معهم الملك المظفر قرا ارسلان صاحب ماردين بعسكره، وشمس الدين يونس المشد، وشمس الدين امير شكار. وكان فى الموصل مع الملك (77) الصالح ركن الدين اسمعيل ابن (3) بدر الدين لولو سبع مايه فارس. ونصب عليها خمس وعشرين منجنيق (4)، ولم يكن بها سلاح يقاتلون به، ولا قوت فغلابها السعر حتى بلغ المكوك الغله اربعه وعشرين دينار (5). فاستصرخ الملك الصالح بالامير شمس الدين البرلى من حلب، فخرج اليه وسار الى ان وصل الى سنجار. فلما اتصل بالتتار وصوله عزموا على الهروب، واتفق وصول الزين الحافظى الى التتار من عند هلاوون، وعرّفهم ان الجيش الدى مع البرلى شردمه يسيره، ورسم لهم ان يلاقوهم. فسار صندغون بطايفه من كان معه على الموصل، وعدّتهم عشره الاف فارس، وقصد سنجار.
وكان عده الجيش الدى مع البرلى تسع مايه فارس من حلب، واربع مايه تركمان، ومايه عرب. فخرج اليهم والتقاهم يوم الاحد رابع عشر جمادى الاخره، فكانت الكسره عليه، وانهزم جريحا. وقتل ممن كان معه: علم الدين الزوباشى، وعز الدين ايبك السليمانى، وبها الدين (14) يوسف، وحسام الدين طرنطاى، وكيكلدى الحلبى، وسنجر الناصرى. وأسر واعلم الدين جلم وولده، وبكتوت الناصرى. ونجا البرلى فى جماعه يسيره من العزيزيه والناصريه، فوصلوا الى البيره، ففارقوه (16) اكثرهم ودخلوا الديار المصريه. ثم بعد دلك سيّر اليه هلاوون وهو يطلبه ليقطع له البلاد من جهته. فعند دلك سير [البرلى] يطلب الادن من السلطان الملك الظاهر فى دخوله الشام، فأدن له فى دلك. فخرج من البيره تاسع عشر رمضان، ثم دخل الى الديار المصريه فى العشر الاول من دى القعده. فانعم عليه السلطان بالمال والخلع والخيول، وامّره سبعين فارسا.
(1) قصدوا: قصد
(3)
ابن: بن
(4)
خمس وعشرين منجنيق: خمسة وعشرون منجنيقا
(5)
دينار: دينارا
(14)
وبها الدين: وبهادر، م ف
(16)
ففارقوه: ففارقه
وكان (78) عند خروج الامير شمس الدين البرلى الى الديار المصريه بعد كسرته من صندغون، عاد صندغون الى محاصره الموصل. وادخل بعض الاسرا من عسكر البرلى من النقوب الى الموصل؛ ليعرّفوا الملك الصالح اسمعيل بكسره البرلى وانهزامه، ويشيروا عليه بالدخول فى طاعتهم. ثم استمر القتال والحصار الى مستهل شعبان من سنه احدى وستين وستمايه، فسيروا اليه رسولا يطلبوا (5) منه ولده علا الدين، واوهموا ان قد وصل اليهم كتاب من هلاوون مضمونه: ابن الملك الصالح ما له عندنا دنب، وقد وهبناه دنب ابوه (7)، فسيّر ابنك الينا نصلح أمرك مع القان.
وكان الملك الصالح قد ضعف حاله عن القتال وعجز، وغلبوا (8) المماليك على رايه، فاخرج اليهم علا الدين ولده. فلما وصل اليهم اقام عندهم اثنا (9) عشر يوما، وظنّ الصالح انهم نفدوه الى هلاوون. ثم كاتبوه بعد هده المده يطلبو (10) تسليم البلد، وإن امتنع لا يلوم الى (11) نفسه، «فنحن إن دخلنا بلدك بالسيف قتلناك وقتلنا جميع من فيه» . فجمع الصالح اهل البلد وشاورهم مع كبار دولته وساير الامرا والاجناد، فاشاروا كلهم عليه بالخروج اليهم. فقال:«هم لا شك يقتلونى ويقتلوكم (13) باجمعكم بعدى» .
فصمّموا على خروجه اليهم، فخرج اليهم يوم الجمعه خامس عشر شعبان بعد الصلاه، وقد ودّع اهله والناس ولبس البياض. فلما وصل اليهم احتاطوا به وبمن معه.
ثم امروا شمس الدين الباغشيقى (16) بالدخول [الى] البلد، فدخل ومعه الفرمان.
ونادى فى الناس بالامان، وظهر الناس بعد اختفايهم، وشرعوا (17) التتار فى خراب الاسوار. فلما اطمانوا (18) الناس واباعوا (79) واشتروا، دخلوا التتار الى البلد ووضعوا فيهم
(5) يطلبو: يطلبون
(7)
ابوه: أبيه
(8)
وغلبوا: وغلب
(9)
اثنا: اثنى
(10)
يطلبو: يطلبون
(11)
الى: الا
(13)
يقتلونى ويقتلوكم: يقتلوننى ويقتلونكم
(16)
الباغشيقى: فى الأصل «الباغسقى» --الى: مضاف من م ف
(17)
وشرعوا: وشرع
(18)
اطمانوا: اطمأن--دخلوا: دخل
السيف تسعه ايام، وكان دخولهم فى السادس والعشرين من شعبان. وهدموا السور، ووسطوا علا الدين بن الملك الصالح على الجسر وعلقوه. ثم رحلوا، فقتلوا الملك الصالح اسمعيل فى طريقهم قبل وصولهم الى هلاوون. وكان الملك المجاهد سيف الدين اسحق صاحب الجزيره، والملك المظفّر علا الدين علىّ صاحب سنجار، لما نزلوا (4) التتار على الموصل، خرجا من ملكهما وتوجها الى الديار المصريه لخدمه السلطان الملك الظاهر. فاحسن اليهما واقطعهما الاقطاعات الجياد (6) ولاولادهم ولاخوتهم ومماليكهم (7).
وانقضت دوله اولاد بدر الدين لولو من الموصل والجزيره وسنجار ونصيبين وقلاعها، بالوصا، والجزيره العمريه واعمالها، والبوازيج (9)، وعقر شوش ودارا، وجميع تلك الاعمال مع القلاع العماديه، وكواشى (10)، وبلادها، وسنجار واعمالها، مع قلعه الهيثم. ثم انقضت تلك السنون واهلها فكانها وكأنهم ما كانوا.
وفيها غار عسكر سيس ورجاله من انطاكيه على الفوعه من بلاد حلب وسرمين ونهبوا وافسدوا. فركب اليهم الامير علا الدين الشهابى، نايب السلطنه بحلب، وصحبته عسكر حلب فكسر الارمن، واخذ منهم جماعه وسيرهم الى مصر فوسطوهم بها.
ودكر الشيخ شهاب الدين ابو شامه فى تاريخه (16)، ان فى هده السنه سابع وعشرين ذى القعده، وصل الى دمشق من عسكر التتار ما يتى فارس وراجل بنسايهم
(4) نزلوا: نزل.
(6)
الجياد: الملاح، م ف--ولا ولادهم ولا خوتهم: ولأولادهما ولإخوتهما.
(7)
ومماليكهم: فى الأصل «ومماليكم» .
(9)
والبوازيج: فى الأصل «والبوايح؟؟؟» .
(10)
وكواشى: فى الأصل وم ف «وكولى» ؛ انظر مختارات من ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ص 44، واليونينى، ذيل مرآة الزمان، ج 1 ص 495.
(16)
انظر الذيل على الروضتين لأبي شامة (ط. القاهرة 1947) ص 220.
واهاليهم وصغارهم وافدين على الاسلام (1). ودكروا ان عسكر هلاوون كسره ابن عمه بركه، وهربت جيوش (80) هلاوون من جيوش بركه، فكان كما قيل <من الرجز>:
لكلّ شئ آفة من جنسه
…
حتّى الحديد سطا عليه المبرد
وتفرقت جيوش هلاوون فى اقطار الارض، وتمزقوا كل ممزق، وهربت هده الطايفه منهم الى بلاد الاسلام. ففرح المسلمون بدلك، وزال عنهم ما كانو يحسبونه من دخول جيوش هلاوون الى الشام. واخبروا (7) هولاء الوافدين ان ملك التتار الكبير-يقال له منكوقان-توفى، وقام مكانه بالملك اخوه الاصغر يسمى عرى منكو (9). وكان الاخ الكبير، يقال له قبليه خان، غايبا. فلما بلغه موت القان، وان اخاه ملك مكانه، انف دلك وقصد اخاه بعساكره واقتتلوا؛ ونصر بركه لعرى منكو (11)، فكسروا عسكر قبليه خان.
فلما بلغ هلاوون دلك، عزّ عليه وكره سلطان (12) عرى منكوا، وجمع العساكر وقصد بركه. وسار ايضا بركه اليه، فنزل فى ارض الكرج (13)، ونزل هلاوون بصحراه سلماس (14). ثم كان الملتقا بارض شروان، فقتل من الفريقين خلق كثير، ووقعت الكسره على هلاوون، وعمل فى عسكره السيف اثنا (15) عشر يوما. وهرب هلاوون الى قلعه تلا، وهى فى وسط بحيره ادربيجان (16)، فدخلها، وقطع الطريق اليها، وعاد كالمحبوس بها.
(1) وافدين على الاسلام: فى أبو شامة وم ف «هاربين إلى المسلمين»
(7)
واخبروا: وأخبر--الوافدين: الوافدون
(9)
عرى منكو: عرى مكو، م ف: فى أبو شامة «لعرى بكو» : انظر حاشية 3 لبلوشيه فى P .O .Xll ص 443
(11)
لعرى منكو: لعرى مكو، م ف
(12)
سلطان: سلطنة، م ف--منكوا: منكو
(13)
الكرج: فى الأصل «الكرخ» ، انظر أبو شامة ص 220 - -بصحراه: بصحراوات
(14)
سلماس: فى أبو شامة «سلماس وخوى» --الملتقا: الملتقى
(15)
اثنا: اثنى
(16)
فى وسط بحيره ادربيجان: فى أبو شامة «ببحيرة بآدربيجان»