الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(326) دكر سبب تقفيز الامراء الى غازان
ودلك لما كان يوم السبت خامس ربيع الاخر من هده السنه ورد مرسوم السلطان لاجين على الامير سيف الدين بكتمر السلحدار، وهو مجرد على حلب، بان يسيّر طلبه الى طرابلس، ويتوجه بنفسه على البريد المنصور الى عند السلطان ليوصيه بما يعتمده فى امر طرابلس ويكون نايبا بها. وقرى المرسوم بسوق الخيل بحلب المحروسه، وفرح بذلك. وكان قد ورد مرسوم فى الباطن الى الطباخى نايب حلب وللامير سيف الدين كجكن يتضمن مسك بكتمر السلحدار والفارس ألبكى. فلما كان الليل ركب كجكن والطباخى وايدغدى شقير مملوك لاجين السلطان، ومعهم جماعه من الامراء، وسيروا خلف بكتمر السلحدار والبكى يقولوا لهم (9):«قد وقعت بطاقه من البيره يخبروا (10) فيها ان التتار قد غارت عليهم، فتحضروا للمشوره» . وكان الامر قد سبق اليهم (11) بما يراد منهم، فقالوا للرسول:«ارجع، فنحن واصلين خلفك» .
وركبوا من ساعتهم (12) وساير من يلود بهم، وتوجهوا نحو حمص. وكان الامير سيف الدين قفجق على حمص بعسكر دمشق، فراسلوه وحلفوه انه لا يوديهم (13). فحلف لهم على دلك، وركب والتقاهم وانزلهم، ثم انه استحلف جميع الناس للسلطان ومن بعده له، وانهم سامعين مطيعين (15). ثم انه سير الامير سيف الدين بلغاق الى السلطان، فعبر دمشق فى طريقه وخبر الامير سيف الدين جاغان-وكان نايب قلعه دمشق- وقال له ان الجيش كله مختلف، على حمص. ثم توجه الى الديار المصريه.
(9) يقولوا لهم: يقولون لهما
(10)
يخبروا: يخبرون--فتحضروا: فاحضرا-- للمشوره: فى المتن «للموسره» والكلمة مصححة بالهامش
(11)
اليهم: إليهما-- منهم: منهما--فقالوا: فقالا--واصلين: واصلان
(12)
وركبوا من ساعتهم: وركبا من ساعتهما--يلود: يلوذ--بهم: بهما
(13)
يوديهم: يؤذيهم
(15)
سامعين مطيعين: سامعون مطيعون
وفى يوم الاثنين سابع ربيع الاخر قدم علا الدين الجاكى (1) الى دمشق من عند قبجق الى جاغان يطلب منه ان يسيّر اليه خلع ومال (2) لاجل العسكر. فلم يجبه الى دلك وسير يقول له: «كيف تجير (327) اعداء السلطان، وانت قادر على مسكهم» .
وكدلك بعث اليه كجكن [والطباخى](4) وايدغدى شقير يقولوا: «متى لم تمسكهم حضرنا اليك ومسكناك معهم» . فعند دلك علم انه تشوش بسببهم، وانه قد حلف لهم، ومتى لم يمسكهم مسكوه معهم. وعاد عسكر دمشق يتسحّبوا (6) اولا فاولا، ويدخلوا (7) دمشق، فيشكرهم جاغان على دلك. وعاد قبجق يسيّر الى جاغان يقول له:
«لم يبق عندى عسكر. فترسم عليهم وتنفد بهم اليّه (8)، وتسيّر نفقه بسببهم» .
وجاغان يتغلظ به (9)، ويسوّف بالجواب.
فلما راى قبجق هده الاحوال الناقصه، وبلغه ان عسكر حلب طالبينه (10) ليمسكوه، وابطا عليه جواب السلطان، ركب يوم الثلثا ثامن شهر ربيع الاخر، وصحبته الامرا المدكورون، وهم: بكتمر السلحدار، وبزلار، والالبكى، وبنغار (12)، وهم فى عده خمس مايه فارس تقدمهم الامير سيف الدين قبجق. وطلبوا طريق سلميّة نحو الفراه (14). فتبعه عز الدين بن صبره والملك الاوحد مع جماعه مشايخ من الامراء ومقدمين، على انهم يسترضونه، فلم يقبل منهم بل ركب هواه لامر اراده الله عز وجل.
ولما وصل الخبر الى جاغان مع جمال الدين المطروحى امر لابن النشّابى-متولى دمشق يوميد-بالحوطه على دار قبجق من غير قبض لكن احترازا على اهله وولده واتباعه.
(1) الجاكى: بن الجاكى، ز ت
(2)
خلع ومال: خلعا ومالا
(4)
ما بين الحاصرتين مكتوب بالهامش--يقولوا: يقولون
(6)
يتسحبوا: يتسحبون
(7)
ويدخلوا: ويدخلون
(8)
اليه: الىّ
(9)
يتغلظ به: فى الأصل بدون تنقيط؛ فى ز ت «يغالظ»
(10)
طالبينه: طالبوه
(12)
بنغار: فى الأصل «ببغار» ، والصيغة المثبتة من ز ت
(14)
الفراه: الفرات--بن صبره: كذا فى الأصل وز ت؛ فى ابن تغرى بردى، النجوم، ج 8 ص 96 «بن صبرا»
واما قبجق فانه سار لا يلوى على شئ الى ان وصل الفراه (1). وكان كجكن وايدغدى شقير قد توجهوا (2) من حلب ليدركوهم، فوجدوهم قد قطعوا الفراه. ولحقوا بعض اثقالهم، فاخدوه (3). وفى دلك الوقت وصل الخبر بقتلة السلطان لاجين رحمه الله، (328) فعند دلك انحلت عزايمهم عن اللحوق بهم.
ولما وصل قبجق الى راس العين وبلغ شحانى التتار بوصوله، وكان المقدمين عليهم يوميد بولاى وجنكلى ابن (6) البابا فى الف من المغل، فخافوهم. ثم تحققوا امرهم، فالتقوهم واحسنوا نزلهم. وكدلك صاحب ماردين، فانه التقاهم ملتقا (7) حسنا، وقدم لهم اشياء كثيره خوفا منهم لا ينهون (8) عليه انه يكاتب صاحب مصر فصانعهم. ثم ان بولاى اراد ان يسيّرهم على خيل البريد الى غازان، فلم يوافقوه على دلك وقالوا:
«ما نسير الا على خيلنا مطلّبين على ما نحن عليه» . فتنافسوا فى الكلام، وخشى بولاى ان يعمل معهم فتنه بغير مرسوم من غازان، فاحتاج يوافقهم، وساروا مطلّبين. وعبروا على الموصل والتقاهم اهلها. ثم دخلوا ايضا بغداد كدلك، فالتقتهم عساكر المغل وخواتينهم.
ثم توجهوا الى غازان، وهو مقيم يوميد بالاردوا (14) بارض سيب من اعمال واسط.
فتلقاهم ملتقا (15) حسنا واكرمهم، ووعدهم الاحسان ومنّاهم، وانعم على كل امير منهم بعشره الاف دينار، وصرف كل دينار اثنا عشر درهم (16) قازانيه. وانعم على مماليكهم كل نفر الفومايتى (17) درهم، وللصغار مع الغلمان ستمايه درهم. واقطع لقبجق همدان، فلم يقبل وقال: «ليس لى قصد سوى خدمة القان، والنظر الى وجهه
(1) الفراه: الفرات
(2)
توجهوا: توجها--ليدركوهم: ليدركاهم--فوجدوهم: فوجداهم--الفراه: الفرات--ولحقوا: ولحقا
(3)
فاخدوه: فأخذاه
(6)
ابن: بن
(7)
ملتقا: ملتقى
(8)
ينهون: ينبهون، ز ت
(14)
بالاردوا: بالأردو-- سيب: فى الأصل «ست» والصيغة المثبتة من ز ت وابن تغرى بردى ج 8 ص 97 (حاشية 2)
(15)
ملتقا: ملتقى
(16)
درهم: درهما
(17)
الفومايتى: ألفا ومائتى